إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    القصرين: اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية    الجامعات الغربية تخاطب النظام العالمي الأنغلوصهيوأميركي.. انتهت الخدعة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    بجامعة لوزان..احتجاجات الطلبة المؤيدين لفلسطين تصل سويسرا    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    حالة الطقس ليوم الجمعة 3 ماي 2024    القبض على منحرف خطير محلّ 19 منشور تفتيش    وزير الداخلية يدعو لانطلاق أشغال اللجنة المشتركة لمراقبة العودة الطوعية للمهاجرين    منزل جميل.. تفكيك شبكة مختصة في سرقة المواشي ومحلات السكنى    ساقية الزيت: حجز مواد غذائية مدعّمة بمخزن عشوائي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    ماذا في لقاء لطفي الرياحي بمفتي الجمهورية؟    النادي الافريقي يراسل الجامعة من أجل تغيير موعد الدربي    منوبة: مشتبه به في سرقة المصلّين في مواضئ الجوامع في قبضة الأمن    قيس سعيد: الامتحانات خط أحمر ولا تسامح مع من يريد تعطيلها أو المساومة بها    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    انتخابات جامعة كرة القدم.. قائمة التلمساني تستأنف قرار لجنة الانتخابات    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة للمشاركة في القمة العربية    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    عاجل/ إستقالة هيثم زنّاد من ادارة ديوان التجارة.. ومرصد رقابة يكشف الأسباب    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    اليوم: جلسة تفاوض بين جامعة الثانوي ووزارة التربية    إرتفاع أسعار اللحوم البيضاء: غرفة تجّار لحوم الدواجن تعلق وتكشف..    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    بنزيما يغادر إلى مدريد    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    وزارة التربية على أتم الاستعداد لمختلف الامتحانات الوطنية    حادث مرور قاتل بسيدي بوزيد..    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    هذه حقيقة فتح معبر رأس وعودة حركة العبور..#خبر_عاجل    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    تونس:تفاصيل التمديد في سن التقاعد بالقطاع الخاص    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاوضون حائرون وأعداءٌ واثقون ووسطاء منحازون:د. مصطفى يوسف اللداوي
نشر في الفجر نيوز يوم 31 - 08 - 2010

جولةُ مفاوضاتٍ جديدة ستشهدها العاصمة الأمريكية واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة، بمشاركة وحضور ومباركة قادةٍ وزعماءٍ عرب، إلى جانب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذين سيعملون معاً على توريط رئيس السلطة الفلسطينية أكثر ما هو متورط، وسيدفعونه نحو تقديم المزيد من التنازلات لصالح العدو الإسرائيلي، إذ من المقرر أن تعقد جولة المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في مكانٍ ما في واشنطن، وسيترأس الوفدين كلٌ من رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الحكومة الإسرائيلية، الذين تسابقا في إعلان مواقفهما قبل الشروع في هذه الجولة، وستنظم هذه الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة إلى أخواتها السابقات من الجولات التي عقدت برعاية الإدارة الأمريكية في واشنطن وكامب ديفيد وأنابوليس، والتي لم يتحقق منها شئ، ولم تنجح أيها في التوصل إلى أي نتيجة ترضي الفلسطينيين، وتحقق رغباتهم، وتقيم لهم دولة، ولم تستجب إلى أيٍ من مطالبهم العادلة والمشروعة، كما لم تحقق الرؤية الأمريكية التي ورثتها الإدارة الأمريكية وتمسكت بها، بضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة.
المشاركون في مفاوضات واشنطن المباشرة ثلاثة أطراف، الراعي الأمريكي والمشجعون العرب، الذين سيمارسون دورهم المعهود في تسيير المفاوضات واستضافتها، وتذليل العقبات واجتراح الحلول، وتشجيع الطرفين الآخرين على الجلوس معاً على طاولة المفاوضات والحوار المباشر، وهو ذات الدور الذي دأبوا على لعبه منذ سنوات، ولكن دورهم في تسيير المفاوضات، وإزالة العقبات، ليس نزيهاً، ولا يتصف بالمصداقية التي ينبغي على الوسطاء أن يتحلوا بها، إذ يتمثل في ممارسة المزيد من الضغط على الوفد الفلسطيني فقط، ليدفعوه نحو تقديم المزيد من التنازلات والقبول بالشروط والمواقف الإسرائيلية، وعدم فرض شروط جديدة، أو وضع عقبات أمام عجلة السلام، في الوقت الذي يعجزون فيه جميعاً عن فرض أي شروط على الجانب الإسرائيلي، ويترددون في الطلب منه التراجع عن بعض الإجراءات الحكومية التي عقدت عملية التفاوض، وجعلت من اللقاء المباشر أمراً صعباً، وهدفاً صعب المنال، وأصبح غاية ما يتمنونه من الحكومة الإسرائيلية هو التفرغ لعدة أيامٍ في مكانٍ ما في واشنطن، لذر الرماد في عيون العرب والفلسطينيين، لتبدو أمام الرأي العام الدولي بأنها جادة في سعيها للسلام مع الفلسطينيين، ولتظهر الإدارة الأمريكية أنها جادة في رعايتها للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وأنها جادة في تحقيق رؤيتها بقيام دولتين، فلسطينية وإسرائيلية.
أما الطرف الثاني على طاولة المفاوضات فهو الجانب الإسرائيلي، الذي سيصل إلى واشنطن وهو واثق من مواقفه، ويعرف ماذا يريد من جولة الحوار المباشرة، ويدرك الغاية والهدف من هذه الرحلة التي سيقطع مسافتها الطويلة رئيس الحكومة الإسرائيلية ومستشاروه المفاوضون، الذين يعرفون تفاصيل كل قضية، ويعرفون دقائق كل مسألة، ويحملون معهم أجندة المفاوضات التي لن تنتهي، فهم يريدون مفاوضاتٍ مارثونية، لا تؤدي إلى أي نتيجة، ولا تقود إلى أي حل، ويتطلعون فقط إلى صورةٍ تجمعهم مع رئيس السلطة الفلسطينية إلى جانب الرئيس الأمريكي وبعض الرؤوساء العرب، لتبدو إسرائيل أمام الرأي العام العالمي بغير صورتها الحقيقية البشعة، التي كشفت عنها ممارساتها العديدة، وآخرها هجومها الدموي على قافلة الحرية، فمرادهم صورة جميلة لدولتهم، وتمسكٌ واضح وحاسم وقاطع بثوابتهم، التي يرونها حقاً لهم، لا ينازعهم أحدٌ عليها، ولا يقاسمهم بها أحد، فلا لدولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة، ولا انسحاب إلى حدود الرابع من حزيران، ولا لتقسيم مدينة القدس، ولا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، ولا لحرية الأسرى والمعتقلين، ولا توزيع عادل للمياه بين الأطراف، ولا سيادة للفلسطينيين على أرضهم، ولا سيطرة لهم على معابرهم، ولا سلطة لهم على مياههم الإقليمية، ومجالهم الجوي، ولكن مفاوضاتٌ ولقاءات تغطي الأنشطة الاستيطانية، وتجمل الإجراءات التعسفية الإسرائيلية، وتدفع بالسلطة الفلسطينية للاعتراف بهودية الدولة العبرية، بعد أن سبقت بالاعتراف بشرعية الدولة الإسرائيلية.
أما الطرف الفلسطيني فهو الطرف الأضعف والأقل حيلة، رغم أنه بحقه وثوابته كان ينبغي أن يكون الطرف الأقوى، فلو أنه ركن إلى مقاومة شعبه، وخيارات الصمود التي أبدتها الأمة تضامناً مع القضية الفلسطينية، لما استطاعت الحكومات الإسرائيلية أن تتمادى في غيها وعدوانها، ولكن الطرف الفلسطيني المفاوض، الذي أعلن تخليه عن كثيرٍ من الثوابت، وأبدى استعداده للتنازل عن كثيرٍ من الحقوق، وانبرى للدفاع عن الحكومة الإسرائيلية، لتحسين صورتها، وإعادة البريق الذي فقدته بسبب سياساتها، وخضع للشروط والإملاءات الأمريكية، وقدم فروض الطاعة للإدارة الأمريكية التي تراجعت عن مواقفها ووعودها، الأمر الذي جعل من الطرف الفلسطيني المفاوض أداةً طيعة في يد الإدارة الأمريكية، وقبل أن يكون خرقة القماش البالية التي تمسح بها الحكومة الإسرائيلية ما شاب صورتها من قذى، وما علق بها من قذارة، ليفقد بذلك المفاوض الفلسطيني احترام شعبه، وتقدير أهله، وينزلق أكثر في حمأة الانقسام والفرقة والاختلاف، فكان بجدارةٍ هو الطرف الحائر التائه الضائع الذي لا يعرف ماذا يريد، ولا ماذا سيحقق من هذه المفاوضات، فهو بسعيه للحصول على بعض الفتات من العدو الإسرائيلي على طاولة المفاوضات، أوقع شعبه وأهله في دائرة الخلاف والخصومة، فحاله أشبه بالغراب الذي عندما حاول أن يقلد مشية الآخرين فنسي مشيته، فلا هو نجح في تقليد الآخرين، ولا هو استطاع أن يعود إلى طبيعته.
الحقيقة المرجوة من المفاوضات المباشرة، أن الإسرائيليين يبحثون عن هدنةٍ مع المجتمع الدولي، وعن صورةٍ زائفة مع السلطة الفلسطينية، وإشاعة كاذبة بحرصهم على السلام، ليتمكنوا من تنفيذ المزيد من أحلامهم، بتهويد مدينة القدس، وطرد أهلها، وسحب الهوية المقدسية من سكانها، ومصادرة المزيد من أراضي الضفة الغربية، لبناء المزيد من المستوطنات عليها، وتوسيع المشاد فيها، والسيطرة على المياه الجوفية في الضفة الغربية، بينما الجانب الفلسطيني سادرٌ ضائع وحائر، لا يعرف ماذا يريد، ولا إلى أين يؤدي هذا المسار، بل ينكر أن يعترف بحقائق مسار المفاوضات مع العدو الإسرائيلي، أنه مسار التيه، ودرب الضياع، وطريق الخسارة، لا نجاة لسالكه، ولا فوز لعابره، ولا غاية مرجوة من المؤمنين به، والمعتمدين عليه.
دمشق في 31/8/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.