"دولة يهودية ديمقراطية ودولة فلسطينية قابلة للحياة" تصريح للمبعوث الأمريكي ميتشل يحدد سقف الآمال والطموحات التي تسعى إليها كافة الأطراف المعنية ، الوسطاء والشركاء والرعاة ، وهو تصريح متعدد الأوجه والخلفيات ، الوجه القريب عنصري استعماري يسعى لنزع حق أصحاب الأرض في الوجود والحياة ، يهدف لطرد قرابة المليون ونصف المليون من عرب 48 من فلسطينالمحتلة إلى غزة أو بعض مربعات الضفة أو خارج الوطن الفلسطيني ولو بمقابل مادي مغري ، كما يحرم ملايين الفلسطينيين في الشتات من حق العودة للوطن الأم وهذا الحق يمثل كابوساً يؤرق واقع ومستقبل الاحتلال ، فضلاً عن وجود كيان يهودي صهيوني عنصري في قلب العروبة والإسلام ، والوجه الآخر يتفق والسياق العام للحالة النفسية المتردية للكيان الصهيوني جيشًا وحكومةً وشعبًا، الكل يعاني فوبيا زوال الدولة، خاصةً بعد الصمود الرائع لشعب فلسطين البطل وتيار المقاومة المسلحة ، فوبيا زوال الدولة تزداد يومًا بعد يوم، ولِمَ لا وقد انهار المقوم المعنوي التي قامت عليه أكذوبة الكيان بأن "إسرائيل قدر لا فكاكَ منه" أكذوبة استسلمت لها الأنظمة العربية ، وقاومتها الشعوب المؤمنة بحقوقها التاريخية مها طال الزمن ، يهودية الدولة في العام شأن يخص حكومة الاحتلال لا يحتاج إلى طلب الاعتراف الدولي كما يقول ناحوم برنيا كاتب افتتاحية صحيفة يديعوت احرونوت الذي اتهم نينياهو بأنه يريد المزيد من المناورة وإطالة الوقت وتحميل سلطة عباس مسئولية فشل المفاوضات لأنه يعي جيداً استحالة موافقة السلطة على هذا المطلب لأنه سيكون نهاية السلطة إن لم يكن نهاية أشخاصها ، يهودية الدولة وقبول دولتين لشعبين من حكومة يمينية متطرفة - طالما عارضت أي تنازلات بل كان التشدد هو الورقة الرابحة لجمع أصوات الناخبين - لا يعني المناورة بقدر ما يعني التخلي بصدق عن حلم 'إسرائيل الكبرى'"،كما صرح الاختصاصي في علم السياسة ايتان غلباو بأن "العمر، والخبرة والظروف" دفعت نيتنياهو إلى اعتماد خط سياسي "براغماتي" على خطى أسلافه ايهود باراك، وارييل شارون وايهود اولمرت الذي أكد أن حلم "إسرائيل الكبرى" وهمًا وخدعةً تروِّج منذ زمن(تصريح في 15/9/2008م)، وأننا إذا كنا مصمِّمين على بقاء إسرائيل دولةً يهوديةً وديمقراطية؛ فإنه لا بد أن نتخلى عن أجزاء منها، وكذلك عن أحياء عربية في القدس، والعودة إلى حدود عام 1967م مع إجراء بعض التعديلات (تصريح في 10/11/2008م) بل القديم الجديد ما أكده مفكرو الصهيونية منذ عقود ، لكننا لا نقرأ!! وتحديدًا سنة 1956م وحديث بن جوريون أحد أهم رجالات الحركة الصهيونية، وأبرز من لعب دورًا في إنشاء الكيان الصهيوني وأول رئيس لوزرائها، إلى ناحوم جولدمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، قائلاً إن "الدولة اليهودية ستستمر في العشر أو الخمس عشرة سنة القادمة، ولكن احتمالات وجودها بعد ذلك هي 50% وبعدها أكد ناحوم جولدمان مقولة بن جوريون، وهو يكتب مقالته التي نشرها في مجلة (الفورين أفيرز) سنة 1975م؛ إذ نبَّه جولدمان إلى أنه "لا يوجد للكيان مستقبل على المدى الطويل دون تسوية سلمية مع العرب"، واعترف بأن "مطالبة الصهاينة بدولة يهودية، كانت تتعارض بشكل تام مع كل مبادئ القانون الدولي والتاريخ الحديث". هذا ما يعتقده قادة الكيان الصهيوني ومفكروه في الوقت الذي يصرّ قادة أنظمة الحكم في بلدان العرب أن الكيان الصهيوني قدرٌ لا فكاك منه ويجب أن تحكمنا الواقعية السياسية ، وأن التسوية السلمية هي الخيار الأوحد، بينما توقن المقاومة بأن جميع الخيارات ممكنة، وأكثرها فاعليةً ضد المحتل هو الخيار المسلح؛ لأن ما أُخذ بالقوة لن يُرد بغيرها. مدير المركز المصري للدراسات والتنمية*