الرباط تصاعدت المواجهات الاعلامية بين حزب العدالة والتنمية الاصولي المغربي ووزارة الداخلية على خلفية تصريحات الامين العام للحزب يشكك فيها برواية السلطات عن هجمات انتحارية استهدفت الدارالبيضاء في 2003 وطالب الدولة بالكشف عن الجهات الحقيقية التي كانت وراء تلك الهجمات وحمل ما اسماه بالتيار الاستئصالي بالدولة مسؤوليتها لمواجهة تحقيق الحزب تقدما ملحوظا في تشريعيات سنة 2002. واتهمت وزارة الداخلية عبد الاله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ب'التشويش على الجهود التي تبذلها بلادنا في مواجهة الارهاب، واستصغار ذكاء المغاربة وعدم احترام مشاعرهم الوطنية، خاصة مشاعر أسر شهداء وضحايا هجمات الدارالبيضاء. ودعت الوزارة الحزب الذي يحتل المرتبة الثانية في البرلمان الى 'أن يختاروا موقعهم علانية وبكل وضوح عوض الترويج للشكوك، وأن ينخرطوا كليا في الإجماع الوطني الذي يدين الإرهاب بكل أشكاله، وكيفما كان موقع وصفة مرتكبيه، بعد ان قامت الدولة بكل مؤسساتها ومكوناتها بواجبها في هذه القضية'. ووصف عبد الله باها، نائب الأمين العام للعدالة والتنمية، ما جاء في بيان وزارة الداخلية بأنه ''كلام لا أساس له ولا معنى له''، مؤكدا أنه ينطوي على ''منطق مغرض''. ونقلت صحيفة 'التجديد' المقربة من الحزب عن باها قوله إن الحزب ''يسأل عن الجهات التي كانت وراء أحداث 16 ايار/مايو الإرهابية، وليس عن المنفذين الذين تمت معاقبتهم''، وأن ''وزارة الداخلية، بدل أن تجيب عن السؤال، اتجهت نحو التشكيك والتعريض بالعدالة والتنمية''. وقال ''لقد تم توظيف تلك الأحداث الإرهابية ضد حزبنا أساسا''، ولذلك ''تهمنا معرفة الحقيقة كاملة''، خاصة وأن ''الحكومة حينها طالبت بكشف حقيقة ما وقع'' من أعمال مدانة ذهبت بأرواح مواطنين أبرياء، وابدى استغرابه من موقف وزارة الداخلية وردّ فعلها على تصريحات بن كيران وقال أن ''العدالة والتنمية اختار موقعه الحقيقي منذ أول يوم، وإذ يدين الإرهاب فلأنه أول المتضررين منه''، و 'كلما طالب الحزب بالشفافية والوضوح إزاء ما وقع من حدث إجرامي خطير، تخرج وزارة الداخلية لتشكك وتطعن'' في نوايا الحزب. وهاجم مصطفى الرميد، رئيس الفريق البرلماني للحزب وزارة الداخلية واتهمها بالمزايدة الرخيصة على حزبه وتصيد خطابات قياديي الحزب مؤكدا أن خطاب بن كيران الأخير متوافق عليه من طرف كل أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مما يضفي عليه طابع التصريح الرسمي. وقالت صحيفة 'الصباح' ان الرميد ذهب إلى تحميل وزارة الداخلية مسؤولية تقديم عدد من الأبرياء ارتباطا بهجمات الدارالبيضاء وانها هي من صنعت ما يسمى شيوخ السلفية وزجت بهم في السجن ظلما وعدوانا وأصدرت بحقهم أحكاما قضائية ظالمة. وقال: 'إن أجهزة الدولة تريد أن تجعل من أحداث 16 ايار/مايو هولوكوست لا يقترب منه أحد' وإن حزب العدالة والتنمية 'يدفع ثمن استقلاله عن الدولة واعتدال مواقفه'، مضيفا أن 'من حق الحزب طرح الأسئلة لأنه في الديمقراطية الحقيقية كل شيء محل نقاش وتداول الرأي وأن وزارة الداخلية ليست من تمنح هذا الحق لمن تشاء.' ونقلت 'التجديد' عن المحلل السياسي محمد ضريف ''إن المطالبة بالكشف عن الجهات التي خططت لأحداث 16 أيار/ مايو لم يعبر عنه بن كيران وحده، بل هو مطلب جمعيات حقوقية وباحثين مختصين أيضا''. وقال ان وزارة الداخلية 'كان عليها أن تحسم الجدل بشأن من خطط لتلك الأحداث، خاصة وأن تباينا داخل السلطات الأمنية كان طفا على السطح ابتداء من سنة 2004، حيث صرّح احميدو لعنيكري مسؤول المخابرات في حينها بأن القاعدة كانت وراء تلك الهجمات لكن جهات أخرى، تحدثت عن مسؤولية الجماعة المغربية المقاتلة، في حين أرجع ادريس البصري، بتصريح مضاد، يؤكد أن ما وقع لا علاقة له بالخارج، بل هو نتاج عوامل داخلية. قالت خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ''إن الجهات التي كانت تقف وراء أحداث 16 أيار/مايو وكل الأحداث التي جاءت بعدها، كان يمكن أن يُكشف عنها لو كان القضاء مستقلا''. وقالت ان الجمعية لا تثق في التقارير التي تدونها الضابطة القضائية، لكونها منفلتة من أية رقابة برلمانية، ولأنه لم يتم تفعيل توصيات الإنصاف والمصالحة بخصوص ترشيد الحكامة الأمنية، وبالتالي فإن المحاكمات التي تمت تحت مسمى الإرهاب هي محاكمات غير عادلة، وطالبت بإعادة محاكمة كل المعتقلين والمختطفين باسم الإرهاب، حتى يعرف الشعب المغربي حقيقة ما جرى منذ هجمات 16 أيار/مايو الإجرامية إلى اليوم، والجهات التي خططت ودبرت لها، وليس المنفذين فقط''. 'القدس العربي' من محمود معروف: