الرباط:قال مدير مجلة مغربية مثيرة للجدل انه قرر التوقيف النهائي لمجلته بعد خسائر مالية تكبدتها تجاوزت المليون دولار نتيجة مقاطعة الشركات الكبرى في اطار ما وصف بحرب الدولة على الصحافة المستقلة.وقال أحمد رضا بن شمسي، المدير العام لمؤسسة 'تل كيل' التي تصدر اضافة الى مجلة 'نيشان' باللغة العربية مجلة 'تل كيل' باللغة الفرنسية، أن مجلته 'نيشان' كانت 'ضحية مقاطعة أهم مجموعة اقتصادية بالمغرب والمتمثلة في الهوليدينك الملكي 'أونا' قبل أن تشمل هذه المقاطعة شركات كبرى توقفت عن وضع إعلاناتها بالمجلة'. وقال في بيان ارسل للصحف ان مقاطعة الشركات الكبرى تسببت في خسائر مادية بلغت 10 ملايين درهم (مليوناً و150 الف دولار)، مما جعل المجموعة توقف المجلة تفاديا لمزيد من النزيف المالي بسبب 'المواقف التي كانت تعبر عنها المجلة في افتتاحياتها والتي اختارت الدفاع عن 'الحداثة والعلمانية'. واشار في بيانه الى تعرض المجلة للعديد من المضايقات والرقابة كما حدث مع الاستطلاع الذي نشرته في صيف 2009 عن 10 سنوات من حكم محمد السادس بالتعاون مع صحيفة 'لوموند' الفرنسية، والذي بسببه صودر عدد المجلة ومنع من التداول كما حكم على بن شمسي في وقت سابق بالسجن 3 سنوات موقوفة التنفيذ. وتبنت المجلة التي تصدر منذ 4 سنوات مشاكسات اعتبرت مسا بقيم المغاربة ومقدساتهم مثل الدين والملكية والوحدة الترابية. ودافعت المجلة التي تعتبر نفسها صوتا للحداثة عن المثليين ودعاة حق الافطار العلني بشهر رمضان، كما وجهت انتقادات شديدة للقصر الملكي ودوائره واحيانا للملك شخصيا، وقدمت ملفا حول تدبير الملك لشؤون البلاد تحت عنوان 'فين غادي فينا يا خويا فين غادي بينا؟' (الى اين تأخذنا يا اخي؟) وهو عنوان مأخوذ من اغنية مشهورة لفرقة 'ناس الغيوان'. كما المح في العدد ما قبل الاخير من التوقف إلى انفراد الملك في تدبير شؤون الدولة وتعطيل كل المؤسسات الاخرى. وقام رضا بن شمسي قبل سنتين بزيارة لمخيمات تندوف حيث التجمع الرئيسي للاجئين الصحراويين وجبهة البوليزاريو التي تسعى لانفصال الصحراء الغربية واقامة دولة مستقلة عليها، والتقى هناك بقادة جبهة البوليزاريو بمن فيهم محمد عبد العزيز الامين العام للجبهة. وهو الصحافي المغربي الوحيد الذي قام بمثل هذا العمل الصحافي دون ان يتابع او تشن عليه حملة اسوة بنظيره المغربي علي المرابط الذي قام بمهمة مماثلة في اطار عمله الصحافي بصحيفة 'الموندو' الاسبانية والذي شنت عليه حملة اعلامية وحزبية عنيفة واصدرت محكمة بحقه منع الكتابة بالمغرب لمدة 10 سنوات. وقال بيان رضا بن شمسي ان مقاطعة المعلنين شملت العديد من الشركات الحكومية أو الشبه الحكومية العاملة في القطاعات الرئيسية للاقتصاد المغربي (العمل المصرفي والعقارات والهاتف - بما في ذلك إحدى الشركات التابعة لمجموعة فيفندي الفرنسية - النقل الجوي وشركات السيارات، والغذاء..) وهو ما تسبب في انخفاض عائدات الإعلانات بالمجلة بنسبة 77' بالاضافة الى الخسائر التي تكبدتها المجلة من خلال مصادرة العديد من أعدادها وما تلا ذلك من خسائر مالية كبيرة تكبدتها المجموعة. وقال البيان أن السلطات المغربية تبدو مصرة على اتباع النموذج التونسي بعدم التسامح مع الصحف التي لا تخدم السلطة. وتعرف العلاقة بين الدولة المغربية والصحف التي تقول انها مستقلة علاقات توتر منذ اكثر من 3 سنوات وتوبع عدد من الصحافيين بتهم متعددة وقضت احكام صدرت بمحاكم مغربية بتوقيف عدد من الصحف او مصادرة ممتلكاتها او غرامات باهظة او السجن بحق الصحافيين. وتنفي الاوساط الرسمية هذه الاتهامات وتقول ان كل هذه الملفات تعود للقضاء وان عددا من الدعاوى القضائية رفعها اشخاص ذاتيون وتبرز الدولة اجواء الحريات العامة التي عرفت خلا حكم الملك محمد السادس انفتاحا ملحوظا. وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أنّها ترفض الحَجْب الذي طال مجلّة 'نيشان' المغربية النّاجم عن حملة مقاطعة إعلانية استجابت لها عدة شركات مقرّبة من 'المخزن' كردّ فعل على خط التحرير الدّاعم للحرّيات والمُناهض للفساد. ونقل موقع 'هسبرس' عن الشبكة العربية أنّها تحذر من الضغوط التي تمارس على صحف ومجلاّت وأكد أنّ حقوق المواطنين باتت مهدّدة بإقدام صحف مدافعة عن الحريّات على الإغلاق' وان 'المقاطعة الإعلانية لمجلة نيشان أفضت إلى إخراس صوتها الصّادق بعد 14 شهرا من المعاناة المالية'. وقال محمد الخضيري الكاتب باسبوعية 'نيشان' أن هناك 'الكثير من طرق الاغتيال من بينها الشنق، والرمي بالرصاص أو الكرسي الكهربائي. في بلد كالمغرب يحاول ما أمكن اللعب على الحبال ورسم صورة البلد الديمقراطي في الخارج، قررت الدولة قتل المجلة الأسبوعية، ومن قبلها يومية 'الجريدة الأولى' التي كانت أكثر الجرائد اليومية استقلالية، بطريقة أخرى. قطع موارد الإشهار عنها بكل الطرق الممكنة.' واضاف الخضيري على صفحة 'اوقفوا الحرب على الصحف' على موقع الفايسبوك ان 'عبثية قرارات الدولة لم تتوقف عبر مقاطعة 'نيشان' إشهاريا من لوبيات اقتصادية مقربة من القصر، بل خلال صيف 2009، تم منع المجلة وإتلاف 100 ألف نسخة منها، ما كبدها خسارة قيمتها مليون درهم. ما الذي كان يتضمنه العدد لتلقى هذا المصير؟ المضحك، أو المبكي، أنها تضمنت استفتاء رأي أجرته المجلة رفقة كل من شقيقتها الفرنسية 'تيل كيل' وجريدة 'لوموند' الفرنسية 'حول عشر سنوات من حكم الملك محمد السادس، أنجزته شركة استطلاعات دولية بين المغاربة. الاستطلاع قال إن 93 في المئة من المغاربة راضون عن حكم ملكهم. أما قرار المنع فقال إن شخص الملك لا يمكن التساؤل حوله لأنه مقدس. هل يعقل في مغرب القرن الواحد والعشرين أن نتحدث عن قدسية الملك، وأن لا نناقشه بوصفه رئيسا للدولة؟'. وضمن نفس الموقع قال الصحافي مصطفى حيران أن مجلة 'نيشان' هي 'مطبوعة إعلامية أخرى في مقبرة المخزن، حفار قبرها كتب على الشاهدة ألا مكان لكلمة، ولو كانت ظريفة كصاحبها بن شمسي، في البلاد إلا كلمتي'، وقال 'احسبوا عدد المطبوعات ضحية القتل المخزني وستجدون أن المقبرة امتلأت ولا ناه لا منته'. وتوبع مصطفى حيران صيف 2008 بتهمة نشر خبر زائف بسوء نية حول صحة العاهل المغربي الملك محمد السادس وحكم عليه بسنة سجنا موقوفة التنفيذ. ويتساءل حيران ان كان توقّف مجلة 'نيشان' مؤخرا 'بالإكراه تحت ضربات المخزن الاقتصادي وباطرون صحافة الماس في العهد الجدِيد.. رشيد نيني يُعد العدة لإصدار مجلة بالعربية بنفس شكل الفقيدة (نيشان) وبمضمون أكثر ظرافة.. هل هي صدفة؟'. ونقل الصحافي علي المرابط عن مصادر موثوقة أن أوامر 'من الرباط' قد أنذرت كبار وكالات الإشهار وطالبتها بقطع التمويل الإشهاري عن مجلة 'نيشان' المصدرة لأعداد وصفت ب'غير الموقّرة للملك محمد السادس'.. وأن 'موجه هذا الإملاء هو منير الماجدي.. الكاتب الخاص للملك'. القدس العربي محمود معروف