يسعى الاتحاد الأوروبي إلى خفض اعتماده على الغاز الروسي, ويقول محللون إن موسكو نجحت أكثر من مرة في التغلب على هذه المساعي.وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروسو الأسبوع الماضي إن الاتحاد على وشك التوصل مع العراق إلى صفقة للغاز على أمل أن يتدفق الغاز العراقي في يوم من الأيام مباشرة إلى دول الاتحاد الأوروبي بعد استعادة الاستقرار إلى العراق. وقد أصبح اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي يشكل هاجسا لصناع السياسة الخارجية بعد نزاع روسيا مع أوكرانيا, الطريق الرئيس للغاز الروسي إلى أوروبا. ويحاول الاتحاد منذ نوفمبر 2006 بناء شراكات مع أذربيجان وكزاخستان وإعادة بناء علاقاته مع ليبيا والعمل على اتفاق مع الجزائر. لكن فرانسيس بيرين رئيس تحرير صحيفة أرب أويل أند غاز في باريس أكد أن تلك المحاولات لم تزد عن كونها إرادة سياسية, فلم يتم التوقيع حتى الآن على أية عقود. وكان التقدم الحقيقي حتى اليوم الوعد الذي قطعته الشهر الماضي تركمانستان بمد الاتحاد الأوروبي بعشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا ابتداء من 2009 عبر خط نابوكو. ويقع نابوكو -الذي سيمد الاتحاد الأوروبي بالغاز من منطقة بحر قزوين ابتداء من عام 2012-2013 متجنبا روسيا- في قلب إستراتيجية الاتحاد لتنويع مصادر الطاقة. مشروع معطل وتقول المحللة سوزان نييس في فرع المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في بروكسل إن المشروع قد توقف بشكل كامل في غياب ضمانات بوجود إمدادات كافية لتشغيله. وأعربت عن شكوكها إزاء إمكانية تحقيق وعود الرئيس التركماني برديمو خاميدوف بأنه سوف يمد الخط بالغاز. أما بيرين فقال إن وعود الرئيس التركماني كانت بمثابة أول خطوة لدعم المشروع بالنظر إلى التقديرات التي تم تحديثها عن احتياطات الغاز في حقل شاه دينيز التركماني الضخم. لكن المحللين يتفقان على أن الاتحاد الأوروبي يحاول جاهدا الابتعاد عن السيطرة الروسية فيما تلعب موسكو وشركة غازبروم العملاقة دورا لاستخدام ما لديهما من قدرة مالية للرد في أماكن مختلفة من العالم. ويوضح بيرين أن روسيا تتفاوض مع الجزائر وليبيا ونيجيريا بشأن مشروعات لإمداد الغاز إلى أوروبا بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي يعتبر هذه الدول ضمن إستراتيجيته لتنويع مصادر الغاز. ويضيف "إن هذه طريقة لسحب البساط من تحت أقدام الاتحاد الأوروبي". " يحاول الاتحاد الأوروبي جاهدا الابتعاد عن السيطرة الروسية فيما تلعب موسكو وشركة غازبروم العملاقة دورا لاستخدام ما لديهما من قدرة مالية للرد في أماكن مختلفة من العالم. " كما استطاعت موسكو إحاطة مشروع نابوكو بالشكوك بخططها إنشاء خط ساوث ستريم الذي من المفترض أنه سينقل الغاز من القوقاز إلى بلغاريا متفاديا البحر الأسود. صوت واحد وقالت نييس إن إيطاليا هي إحدى الشركاء في هذا الخط, ما يعنى أن الاتحاد الأوروبي لا يتحدث دائما بصوت واحد إلى موسكو بشأن الطاقة. ونفس النظرية تنطبق على خط نورث ستريم بين ألمانياوروسيا الذي من المفترض أن ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا تحت مياه بحر البلطيق، ما يثير قلق دول البلطيق والسويد. وتقول نييس إن هناك خططا لربط ساوث ستريم مع نابوكو لمد نابوكو بالغاز, ما يقوض الهدف الأساسي وهو تجنب روسيا. وتضيف إنه بناء على التقديرات الحالية فإن الاتحاد الأوروبي لن يستطيع تجنب اعتماد أكبر على الغاز الروسي -الذي مثل في عام 2005- 46% من مجمل وارداته. لكن بيرين قال إن المشكلة التي تواجهها أوروبا هي ليس تقليل الاعتماد على الغاز الروسي ولكن خفض الضرر عن طريق عدم زيادة هذا الاعتماد بشكل كبير.