يبدو أن مسلسل الكشف عن تورط الجيش الأمريكي في عمليات تعذيب- ممنهجة- مازال يحمل لنا الكثير من المفاجآت. النسخة الجديدة في هذا المسلسل كشفت عنها صحيفة واشطن بوست التى نشرت خبرا مفاده أن أحد المواطنين الألمان قام برفع قضية على الحكومة الأمريكية نظرا لتعرضه للاعتقال والتعذيب بواسطة القوات الأمريكية في أفغانستان عام 2001. وذكرت الصحيفة إن هذا المواطن الألماني يدعى «مورات كورناز» هو ألماني مسلم من أصل تركي وتعود ملابسات اعتقاله عندما سافر إلى باكستان لدراسة الدين الإسلامي عام 2001 إلا أن البوليس الباكستاني ألقى القبض عليه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وسلمه للقوات الأمريكية التى عذبته وحبسته في قندهار، حيث تعرض لأبشع صور التعذيب على أيدى ضباط قاموا بتقييد يديه بقيود حديدية «كلبشات» وربطه من قدميه ثم قاموا بتعليقه في سقف أحد مهاجع الطائرات «الهناجر» في جو شديد البرودة. وطبقا لرواية كورناز ومحاميه كان الجنود الأمريكان يقومون بإنزاله من سقف الهنجر كل ساعتين ويستدعون طبيبا من العسكريين لفحصه ومن ثم يعطيهم شارة المضي في تعذيبه من جديد حيث كانوا يقومون بضربه ووضع رأسه في برميل ملئ بالماء لحد الاختناق ومن ثم يقومون بتعليقه مرة أخرى في السقف. وأوضح كورناز إن القوات الأمريكية كانت تريد انتزاع اعتراف منه بالانتماء للقاعدة والاعتراف بأنه كان يعرف محمد عطا المتهم بتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. وأضاف كورناز «ظنوا أنهم وقعوا على صيد ثمين لمجرد أننى ألماني مسلم وأدرس الإسلام - قاموا بممارسة العديد من صنوف التعذيب لإنتزاع اعتراف بانتمائي للقاعدة ومعرفتي بمحمد عطا ومساعدتي له وأنا لم أره مطلقا في حياتي- كان المحققون العسكريون في قندهار يقومون بصعقي بالكهرباء بوضع أقطاب كهربائية في أقدامي». وعن سبب إلقاء القبض عليه يقول «محامي كورناز» ثبت بالدليل القاطع إن القوات الأمريكية في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر رصدت مبالغ طائلة لمن يرشد عن إرهابيين أو منتسبين للقاعدة في أفغانستانوباكستان وكانت تتراوح هذه المبالغ ما بين ألفين وخمسة آلاف دولار ل«الرأس الواحد» وقد تنبه عدد من الضباط الباكستانيين الفاسدين لهذه النقطة وقرروا استثمارها بصورة بشعة حيث ألقوا القبض على المئات من مختلف الجنسيات وقاموا ب«ببيعهم» للجيش الأمريكي وقبضوا ثمن تسليم أبرياء، منهم من قضى نحبه خلال التعذيب ومنهم من قضى سنوات في غوانتاناموا قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن تبين عدم وجود أية صلة بينهم وبين القاعدة، أو حتى بينهم وبين الإسلام. ويتساءل كورناز «هل يمكن أيضا محاكمة الباكستانيين الفاسدين المتورطين في تجارة الأبرياء». الجيش الأمريكي- الذي وقع في شرك الضباط الباكستانيين الفاسدين- قام بنقل كورناز من أفغانستان إلى غوانتانامو إلا أن المخابرات الألمانية أكدت للسلطات الأمريكية أن عدم وجود أية صلات إرهابية أو شكوك من أي نوع في كورناز الذي اتضح احتجازه بالخطأ ومن ثم قامت السلطات الأمريكية بالإفراج عنه وتسليمه إلى بلاده. خمس سنوات من عمر كورناز- البرئ- قضاها ما بين اعتقال وتعذيب وإكراه كانت كفيلة بأن يؤلف كتابا بعنوان «خمس سنوات من عمري» كشف فيها عن صنوف التعذيب الذي تمارسه القوات الأمريكية التى تتخذ من «حقوق الإنسان» ساتراً لها، كما يكشف في فصول الكتاب عن شهادة على التاريخ عندما كان يتابع عمليات تعذيب لأحد الأفغان المعتقلين وصوت تعذيبه وتوسلاته وألمه على مدى أيام قبل أن يرى الجنود الأمريكيين يحملونه بلا حراك ولم يظهر بعدها. وفي تعليق رسمي على قضية كورناز قال بريان وايتمان المتحدث الرسمي باسم البنتاجون «ليس هناك دليل على إدعاءات السيد كورناز، وما جاء في كتابه. إن ما يدعيه السيد كورناز من تعرضه للإساءة هي إدعاءات لا تصدق وغير موثقة ومستهجنة». إلا أن محاميه يفند بعضا من ردود البنتاغون عندما يشير إلى مقالة نشرت في «نيو إنغلاند غورنال أوف ميديسين» التى أكدت أن أطباء من العاملين في الجيش الأمريكي والقوات الأمريكية الموجودة في تلك المناطق قد خرقوا وخالفوا اتفاقية جنيف عندما ساعدوا ضباط المخابرات الأمريكيين في القيام بعمليات استجواب مسيئة وشائنة في مراكز الاعتقال العسكرية».