من حقك أن تكون ما تريد وليس من حقك استدراج الأطفال إلى ما تريد... مُثقفون عديدون يُزيّنون الإختلاف ويُضمرون ائتلافا على ما يشتهون... يقولون إنهم يستحون من الحقيقة لا يُحرمون ولا يُحلون ولا يحكمون... لقد حكموا بأنه لا وُجودَ لثابت ... ذاكَ مدخل لتأسيس المفاهيم الجديدة...وتلكَ مخاتلة تغري الصغار بعدم الإنضباط ... لا ثابت غيرُ الحيرة الكامنة في النوايا المسبقة : تعويم المُصطلح وتهويم المُتضح... كلامُ الله لا يعلمُ تأويله إلا هُوَ وما استنبطهُ المُستنبطون لم يجلب للناس غير "الألم" ولم يُقم إلا بحدّ السيف يقولون ... وكل من قال فيه إنما قال برأي لا يُعْتدّ به... ومن قال بالمعرفة فقد أشركَ ... والعالمُ كلهُ بين يدي الله يُصرفه كما شاء وكل الساسة زيف يقولون دائما يغري الأطفالَ مثلُ هذا الكلام إذ يُشفق على كبت الشهوة فيهم فيدعوهم إلى "التساؤل" عن مدى حِلية ما يستحون من البوح به... إذ ليس فيه نص يُحرمُ أو يُبيح وإنما عنهُ سكوت يُغري باستفتاء الغريزة وبالتمرد على فتاوى الفقهاء... لا يجوز لأحد إفتاءٌ ولا إصغاءٌ لمنتصبين على باب المعاني الخفية لا يرشح بها نص وإنما هي في اللوح المحفوظ يقولون ... سيفرح الصغار لإزاحة شبح الكبار يُكرهونهم على ما يكرهون ويحرمونهم مما يشتهون ... تلك الثقافة الناعمة "الجديدة" يُسربها الناعمون مُبتسمين وَمُحتشمين: يستحون من الله يخشون مُشاركتهُ أحكامًا لا يَعْلمُها إلا هوَ...كلامٌ في الإيمان من فيض الصوفيين وكلام في الأحكام من شك اللاأدرية وسُكوت عن السياسة لا يقتحمها الا مثقفون ُمُستقلون مُتحررون "فما أجرأهُمْ على الله" .. وقدْ أمكنهم أن يكونوا ما يشتهون لا يُضايقهم أحدٌ ولكنهم يريدون اقتحامَ نوايا ومعتقدات غيرهم يتهمونهم بما يُريدونه لأنفسهم... لا يُكفرهم أحدٌ ولا يأبهُ بما يبتدعون ولكنهم يتمنونهُ في قرارتهم لإقامة الحُجة على شيوع التعصب وضرورة كسر المصطلحات فلا يصطلحُ الناسُ ولا يُجمعون ... كذا يكون "الإختلاف" مدخلا لتدويخ الشباب وفاقدي السند المعرفي يلجأون إلى الحضانات البارقة. لا كلام في النوايا ولكن لا سكوت عن المخاتلات والحيل الثقافية يحترفها ذو لسان مبين... للنوايا أكثرُ من أداة وللبلاغة تصاريف شتى وليس كل بلاغة مُستساغة... تدركُ الفطرة الإنسانية السوية كثيرًا مما لا يُدركُهُ العقلُ وترْفضُ كثيرًا مما تجتهدُ "العقلانية" المُحترفة في تصريفه... يخجلُ الطفلُ قبلَ أن يتعلمَ كونَ الخجل "عقدة نفسية" ... ويسكت عن المطالبة بما لا تطلبهُ الفطرة قبلَ أن يُقال لهُ بأن الشرعَ قد سكت عن ذلكَ..... للحقيقة ملامحها الكبرى فلا نتهمُ القائل بها بالتعصب . هل هي "المُخاتلة" الماكرة لخلخلة الأعمدة وتشريد المُقيمين يَهيمون على فوضى ويستبيحون النص بذريعة حق الإختلاف وحق التأويل .لا ديموقراطية في المعرفة يقولون أوْ"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ... لا مانع قانونيا من التفكير والإجتهاد والتأويل، إنما هو مانعُ الأخلاق المعرفية حين لا يُجادلُ أحدٌ في الله بغير علم ولا كتاب مبين. لا وُجود لسلطة دينية، ولا وجودَ لرجال دين يحتكرونهُ ، وكذلكَ لا وُجودَ لحرية رأي بغير رأي ، تلك مقتضيات العقلانية حين تعلي من شأن المعرفة والعارفين وتقرن الحرية بالمسؤولية والكفاءة ... خطاب اللاأدرية ماكرٌ مُتهرب من كل التزام ، يزين الشكّ يقول: "معرفي" ويُحرض على الفوضى يقولُ:" حُرية"... كلامٌ في الأفكار وليس في النوايا... كلامٌ في المنهج وليس في التشريع ، ومن شكّك فقدْ شرّعَ... البلاغة صناعة والفكرُ اتقادٌ وبينهما العامة يُغريها خطابٌ مُستحلبٌ من الشهوات تزينهُ الثقافة الماكرة.. مُثقفون ذوُو كلام يستدرجون العوام لمنطقة "الحرام" برخوانية بديعة ...مُثقفون رخوانيون أسميهم دائمَا لم تؤلمهم آلامُ ضحايا الإحتلال"الحداثي" والاستبداد "الديمقراطي" وفقراء الفوائض البنكية... ويتألمون لمَوْبُوئي نفايات الحضارة من الهالكين من قبُل ومن دُبُر... يحيا الباحثون المُعاصرون تُمَولُ أبحاثهم من قوت المُعولين عليهم ينتظرون أن يُبصروهم بمواطن حقوقهم وحيل الجلادين ... يحْيا المُفكرون لم يجدوا ما يتأملونهُ غيرَ ما لا يحتاجُ فيه العاطلون منظرين ولا مجتهدين وهم أعلمُ به منهم . تلكَ ثقافة الخثار الإجتماعي إذ تدخل عليه تلوينا وتعليبًا تجيدُ تسويقهُ للغافلين... وإن كان لا بُدّ من القول في "السرير" نبحث في الكوابيس والأوهام وفي الموت السريري لمجتمعات تحاصرُ العولمةُ مقومات وجودها ومدخرات عيشها ومخزون تاريخها ... وإن كان لا بُد من إقرار حرية التفكير والبحث ، نقرّ حُرية النقد وحق السخرية من الساخرين يستغفلون من لم يَعُدْ غافلا ممن أجهدَهم الإستغلال والإستبدادُ في مساحات من العالم الإسلامي كثيرة ... يقولُ هؤلاء: نحتاج من يدفعُ عنا الأذى أو يُبصّرنا به وليس من يؤذي ذواتنا بذاتية تطمحُ أن تكون بجرنا إلى ما لا نريدُ أن نكون . الوطن