img width="120" height="100" align="left" title="إذاعة "كلمة" تنجح في اختراق التعتيم الإعلامي التونسي" alt="إذاعة "كلمة" تنجح في اختراق التعتيم الإعلامي التونسي" class=" " src="/images/iupload/elbgal2010_.jpg" /تونس:تضاربت الأنباء حول عدد القتلى الذين سقطوا يوم أمس في المدن التونسية. فقد اعترفت الحكومة التونسية بسقوط أربعة عشر قتيلاً، بينما تقول بعض المنظمات الحقوقية ومن بينها المجلس الوطني للحريات في بين له "إن عدد القتلى وصل إلى خمسين قتيلا"، وهو ما جعل أحمد نجيب الشابي القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي يبرق للرئيس زين العابدين بن علي، طالبا منه وقف النار فورا. وأصدرت مجموعة من الأحزاب، والهيئات السياسية بيانا مشتركا، أدانت فيه ما وصفته ب "المذبحة"، مطالبة بالكف الفوري عن إطلاق النار على "المواطنين العزل". وهذه الأحزاب هي، الحزب الديمقراطي التقدمي، وحزب العمال الشيوعي التونسي والمؤتمر من أجل الجمهورية، وحركة النهضة وحزب تونس الخضراء، والوحدويون الناصريون، وحركة البعث واللجنة الوطنية لمساندة أهالي سيدي بوزيد، ومنظمة حرية وإنصاف والجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، والجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين واتحاد الشباب الشيوعي التونسي، ورابطة الكتاب الأحرار.
قتل خارج القانون
وفقا للناشطة الحقوقية، والإعلامية التونسية سهام بن سدرين، الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني للحريات، فإن عدد القتلى يوم أمس في تونس وصل إلى خمسين قتيلا، كما تم اكتشاف خمس جثث في مدينة تالة، التي شهدت في اليومين الماضيين مواجهات عنيفة. وكانت الجثث قد ألقيت في الوديان، وفي أماكن جبلية خالية من السكان، وفقا لشهود عيان وناشطين حقوقيين، تقول بن سدرين أن وحدات أمنية خاصة تابعة للرئاسة، هي من تطلق النار على المواطنين، سواء كانوا متظاهرين أو غير متظاهرين، كما أنهم يقومون باقتحام البيوت والقبض على الشباب، وبعد أن يطلقوا النار عليهم يلقون بجثثهم في الوديان والعراء. كما تؤكد بن سدرين أن قوات الجيش لم تتدخل حتى الآن، ولم تشارك في قمع المظاهرات والاحتجاجات، وهي تقوم فقط بحراسة المنشاءات والأماكن العمومية، كما فرضت قوات الجيش في مدينة القصرين حظرا للتجول منذ السادسة مساء وحتى الصباح. وبالرغم من كل هذه الدماء التي سالت تتوقع سهام بن سدرين أن تتواصل الانتفاضة، لأن ردود الفعل العنيفة والدموية من طرف السلطات، ستزيد من غضب الأهالي، وخاصة أن قوات الأمن منعت الناس من دفن الجثث، وتؤكد بن سدرين أن وحدات الأمن أطلقت النار على الجنازات، مما أضطر الناس إلى ترك التوابيت على الأرض والفرار بجلودهم، وتعتبر بن سدرين أن ما قامت به أجهزة الأمن "جرائم موصوفة ضد الإنسانية". وتتساءل لماذا لم يتدخل الاتحاد الأوروبي حتى الآن، وتضيف قائلة: "الشيء الذي لاحظناه إن العنف ازداد، وأطلقت الأيدي على المواطنين، بحيث يمكن لقوات الأمن أن تقتل كما تحب، جاءت مباشرة بعد لقاء بين وزير الخارجية التونسي، ووزير خارجية فرنسا يوم السبت في باريس، وبعد هذا اللقاء ازداد عنف قوات الأمن، وكأن اللقاء أعطى الضوء الأخضر لتقتيل الشعب التونسي. في إيران حدث أقل من هذا وأقاموا القيامة، أما ما يحدث في تونس فليس إلا الصمت المطبق".
الصمت الأوروبي
وترى بن سدرين أن بن علي نجح في إقناع الأوروبيين طوال سنوات، بأن البديل له هو التيار الإسلامي، لكنها تؤكد أن هذا غير صحيح، وأن البديل هو مزيد من الديمقراطية، وأن الاهانات التي وجهت للناس من طرف أجهزة الأمن، والاعتداء على الكرامة البشرية هي التي فجرت الانتفاضة، بالإضافة إلى التعذيب الذي يمارس بشكل مستمر وممنهج حتى اليوم، وتعتبر بن سدرين أن حكومات الاتحاد الأوروبي بصمتها هذا هي شريكة في الجريمة. وحول دور إذاعة كلمة في الأحداث الجارية، والتي تديرها من برشلونة سهام بن سدرين، تقول إن لديهم فريقا شجاعا في الداخل، والذي تعرض للتعذيب بدون استثناء، فهناك أربعة زملاء ألقي عليهم القبض، وأطلق سراحهم فيما بعد مضيفة: "آخر واحد أطلق سراحه هو معز الجماعي، الذي تعرض للتعذيب في مقر الداخلية بتونس العاصمة، وهو مراسلنا في قابس حيث ألقي عليه القبض، أو في الحقيقة أختطف من الشارع، واستخدموا ضده الغاز المشل للحركة، ونقل إلى العاصمة حيث عذبوه، وهددوه بأنه إذا واصل نشاطه الإعلامي فقد يتم اغتياله".
حصار الكلمة وتؤكد بن سدرين أن الفريق الذي يتكون من 12 صحافيا يواصل نشاطه، كما هناك عدد من المتعاونين من الأهالي في المناطق المحاصرة، والتي يمنع التجول فيها، حيثيتصلون بالهاتف على مدار الساعة، وبهذا تمكنت إذاعة كلمة من تغطية الأحداث ساعة بساعة. ويبث راديو كلمة برامجه على القمر الصناعي والانترنت. وقبل شهر من الآن قامت شركة ايوتل سات بمنعهم من البث على قمرها، بحجة أنهم لا يملكون ترخيصا. وتؤكد بن سدرين أن من يقف وراء المنع هو الحكومتان التونسية والجزائرية، اللتان ضغطتا على الشركة، خاصة وأن رخصة البث غير مطلوبة في أوروبا، كما أن لإذاعة كلمة شراكة مع إذاعة فرنسية يسمح لها بالبث على موجاتها لمدة ساعتين في الأسبوع على الموجة القصيرة من فرنسا. في عام 2009 تأسست إذاعة كلمة في تونس، ولكن في نفس العام قررت الحكومة إغلاقها، حيث هاجمت قوات الأمن المقر واستولت على كل ممتلكات الإذاعة، كما اعتقلت كل الصحافيين العاملين بالإذاعة، وهو ما جعلهم ينقلون نشاطهم إلى أوروبا، حيث تتوزع النشاطات والمسئوليات على رقعة واسعة من أوروبا، فرئاسة التحرير في برشلونة، والجانب التقني في ميونيخ، وقسم الأخبار في بون، والتحرير في فرنسا، كما يوجد متعاونون مع الإذاعة في بلجيكيا. وفي عام 2009 نجح الأمن التونسي في اختراق إذاعة كلمة، وعن هذا تقول بن سدرين: "اشتروا ضمائر ثلاثة من أعضاء الفريق، واستخدموهم ضدنا حيث نعتونا بالخيانة للوطن، والعمالة وغيرها من التهم، ولكن لا أحد صدقهم هم فقط من صدق رواياتهم". وفقا لوكالة رويترز فقد تحولت الجنازات إلى فرصة جديدة للمصادمات بين الأهالي الغاضبين وقوات الأمن، وخاصة في المناطق الجنوبية المحتقنة، أما في تونس العاصمة وحمام سوسة فقد تظاهر الطلاب بشكل سلمي، إلا أن قوات مكافحة الشغب حاصرتهم، ومنعتهم من الابتعاد عن أماكن الدراسة، وتقول السلطات أن قوات الأمن اضطرت لفتح النار في الهواء دفاعا عن النفس، بعد أن هاجمتهم مجموعات كبيرة من الشباب الغاضبين، وينتظر أن يلفي الرئيس بن علي خطابا على الهواء مساء اليوم الاثنين، فهل سيتمكن من إطفاء حريق الاحتجاجات، أم سيزيده تأججا؟ تقرير: عمر الكدي- إذاعة هولندا العالمية http://www.rnw.nl/