توزر: حملات مراقبة مشتركة تستهدف التثبت من مصادر المواد الغذائية الحساسة    تقدّم موسم جني الطماطم الفصلية بولاية القصرين بنسبة 90 %    تونس تسجّل أرقامًا قياسية في السياحة وتلتحق بنادي الوجهات العالمية المزدهرة    أحمد الجوادي: "إستقبالي من قبل رئيس الجمهورية رسالة تحفيز على مزيد التألق"    الشبيبة القيروانية: تحديد طاقة إستيعاب ملعب حمدة العواني طيلة الموسم الرياضي    إنتقالات: ثنائي جديد يعزز صفوف النادي الصفاقسي    عاجل/ ايقاف "تيكتوكور" معروف من أجل نشر فيديوات فاضحة وخادشة للحياء..    الحماية المدنية: إخماد 115 حريقا خلال ال24 ساعة الماضية    زيادة بنسبة 16,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها خلال النصف الأول من 2025    عاجل: هذه الدولة تستعد لموجة حرراة جديدة تبدأ السبت.. والسخانة قد تصل إلى 45 درجة    بعد انصافه وتوجيهه لكلية الطب بالمنستير: التلميذ محمد العبيدي يوجه هذه الرسالة لوزير التعليم العالي وكل من سانده..#خبر_عاجل    فظيع/ مقتل زوجين في حادث مرور مروع بهذه الطريق..#خبر_عاجل    بطولة فرنسا: الأمريكي تيموثي وياه ينضم لمارسيليا على سبيل الاعارة    عاجل/ معركة بين مغني "راب" بالأسلحة البيضاء في سكرة..والنيابة العمومية تتدخل..    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    هاو وين تمشي فلوسك... 26٪ من شهريّة التونسي تمشي للمواد هذه    عاجل : فرصة عمل للتونسيين في السفارة الألمانية: شهرية محترمة وظروف عمل مميزة    برنامج الأغذية العالمي: نصف مليون شخص في غزة على شفا المجاعة    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    وفاة والدة براد بيت عن عمر 84 عامًا    تاكل برشة من الغلة هذي؟ راك تعرّض في صحتك للخطر    52% من مكاتب التشغيل تستعمل المنصة الإلكترونية.. تعرف كيفاش تسجل من دارك!    عاجل: هذه الدولة تسحب شوكلاطة ''دبي'' من السوق بسبب شبهة تلوّث بالسالمونيلا!    عاجل : الحاضر يعلم الغايب ...الصولد يبدا ليوما يا توانسة    عاجل: قرار صارم ضد الحكم حسام بولعراس بعد مباراة الترجي والملعب    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    عاجل/ تواصل البحث عن الشاب الذي غرق في الهورية منذ يومين..والغواص ختام ناصر يكشف تفاصيل جديدة..    وزارة الداخلية: صفحات تعمدت ترويج مغالطات ضد المؤسسة الامنية و يجري تتبعها قضائيا    ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    "عربون" لعماد جمعة على ركح مهرجان الحمامات: عرض كوريغرافي يرقص على جراح الفنان التونسي في ظل الوجع والتهميش    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    طقس مستقر وارتفاع طفيف في درجات الحرارة بمختلف الجهات    تونس وجهة صحية إقليمية: اجتماع وزاري لدعم السياحة العلاجية وتصدير الخدمات الصحية    الجزائر.. مقتل 4 أشخاص في سقوط طائرة بمطار جيجل    5 دول إفريقية تدفع ثمن سياسات ترامب بشأن "وسائل منع الحمل"    رئيس الجمهورية يقلد بطل السباحة العالمي أحمد الجوادي بالصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الرياضة    رئيس الجمهورية يستقبل رئيسة الحكومة في جلسة خصصت للتداول حول عدد من المواضيع التي تتعلق بسير عدد من المرافق العمومية    استشهاد 41 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال    الخطوط الجوية الفرنسية تعلن عن اختراق أمني لبيانات المسافرين... وتحذر من رسائل مشبوهة    رئيس الجمهورية يستقبل البطل التونسي أحمد الجوادي    قيس سعيّد: الشعب التونسي سيُحبط محاولات التنكيل به وتأجيج الأوضاع    تعرض لأزمة صحية شديدة.. نقل الفنّان المصري محمد منير الى المستشفى    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    المهرجان الصيفي «مرايا الفنون» بالقلعة الكبرى .. عبد الرحمان العيادي في الإفتتاح وسنيا بن عبد الله في الإختتام    20 ألف هكتار مهددة: سليانة تتحرك لمواجهة آفة 'الهندي'    في دورتها الثلاثين... تتويج مبدعات تونسيات بجائزة زبيدة بشير... التفاصيل    مكانة الوطن في الإسلام    مدنين: فتح تحقيق في ملابسات وفاة شاب أثناء شجار مع عدد من الأشخاص    توننداكس يسجل تطورا ايجابيا قارب 31ر16 بالمائة خلال النصف الأول من سنة 2025    فتح باب الترشح للطلبة التونسيين للتمتّع بمنح دراسية بمؤسّسات جامعية بالمغرب وبالجزائر    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    بعد اقل من اسبوعين من تعيينه : مستقبل القصرين يفك علاقته التعاقدية مع المدرب ماهر القيزاني    الرابطة المحترفة الاولى : شبيبة العمران تعلن عن تعاقدها مع 12 لاعبا    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : نظام "التلوث الصوتي" يتجه للسقوط
نشر في الفجر نيوز يوم 12 - 01 - 2011

img width="120" height="100" align="left" alt="تونس : نظام "التلوث الصوتي" يتجه للسقوط" title="تونس : نظام "التلوث الصوتي" يتجه للسقوط" class=" " src="/images/iupload/tunis-polizei2011.jpg" /ما كادت أنفاس الثائر محمد البوعزيزي تفيض إلى باريها حتى انتفضت تونس من جديد وهذه المرة لا يبدو أن الانتفاضة ستعود لنقطة البداية بسهولة، وقيل في الحكمة "من احترقت بدايته أشرقت نهايته" فما كاد ثقاب البوعزيزي يُشعِل جسده الغض حتى اشتعلت تونس كلها وما كادت روحه تفيض حتى فاضت معها أنفاس الكثيرين. فقد وصل عدد القتلى لأكثر من خمسة وثلاثين قتيلا رغم
التعتيم الشديد وتدخل الجيش وإغلاق العديد من المدن والقرى والبلدات في تدخل قمعي غير مسبوق لجيش لا وظيفة له إلا حماية شخص الجنرال الأرعن الذي تطرف في القمع من أجل التشبث بالكرسي.

بصاق يغرق البلاد
احرق البوعزيزي نفسه "احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها، بعدما منعته من بيع الخضار والفواكه دون ترخيص من البلدية، ولرفض سلطات الولاية قبول تقديمه شكوى ضد الشرطية" وقد جاءت مبادرة البوعزيزي بإحراق نفسه تصرفا غير مفهوم للكثيرين الذين تعودوا على أن تونس بلد المعجزة التنموية وأحد النمور الاقتصادية الناجحة التي لا تصنف في العالم الثالث رغم أن لعنة الجيولوجيا الطبيعية وضعتها في شمال القارة السوداء ذلك هو الانطباع الذي يخرج به المراقب الساذج من بعيد.
لكن أي متأمل لما يحدث في هذه البلاد يدرك بسهولة أنها البلد المغاربي الذي تغير دستوره أكثر من مرة ليتيح بقاء جنرال الغدر والخيانة الانقلابي، لا بفاعلية الأداء وإنما بحيل المكر والخديعة الميكيافلية التي تشربتها نخبة الحزب الدستوري المهترئة؛ إذ سرقت جهود الحركة الوطنية وتعاونت مع سياسات المسخ الاستعماري للسيطرة على مقاليد الأمور دون بذل جهد حقيقي في "التنمية والتحديث" الذين رفعتهما شعارا.
واليوم يقول الشعب التونسي كلمته ويطلق عقيرته التي لم تسكت مطالبة بالحرية بعد عقود من طرد أصحاب الفكر النير من أمثال الطبيب الموهوب منصف المرزوقي، وشيخ الاعتدال وفيلسوف الحريات في العالم الإسلامي الشيخ راشد الغنوشي، فضلا عن مئات الآلاف من الشعب التونسي الذين وجدوا ظروف العسف والاستبداد تقذف بهم في المنافي محرومين من خدمة تجديد "جواز السفير" عند سفارات نظام دولة يصفها إعلامها ب"دولة الحداثة"!!.
لم تكن تلك الشرطية المسكينة تدري أن بصاقها على البوعزيزي سيغرق البلاد في وحل أزماتها المؤجلة باستمرار، عبر تناول أقراص المهدئات والإجراءات الروتينية من حين لآخر ولكن نفسية البوعزيزي التي نالت حظا من اسمها غيرت المعادلة وأغرقت النظام في أزمة من المتوقع أن تقود نتائجها لوضع حد لكثير من سياسات النظام إن لم تجرفه الهبة الشعبية المشتعلة إلى مزبلة التاريخ إذ هو المكان المناسب لنظام شاوشيسكو التونسي.
نار الدجال أفضل ...

أطل بن على خلال هذه الأزمة مرتين مستخدما آليتي "الوعد المخلوف" و"الوعيد المتجاوز" فما عاد الشعب التونسي يرهب جانب هذا الجنرال الذي قرر هذه المرة ألا يلقي بالاً لوعده ووعيده.
في خطابه الثاني جثا الجنرال الممتلئ ذو القامة الممشوقة واعترف بالأزمة التي أنكر وجودها في أول إطلالة له وأعطاها تفسيرا يكشف عن حقيقة واحدة هي أن الجنرال لم يعد مطلعا بما فيه الكفاية على ما يجري في البلاد، فقد وصف عشرات الآلاف من المتظاهرين بأنهم عصابات ملثمة، وعاد لقاموس يمتاحه من ذاكرة مثقلة بالهموم والجرائم، وقفزت على لسانه جمل تعبر عن أشباح الظلام التي كثيرا ما طاردته في "نومه الكثير" غير أن المخاطبين اليوم ليسوا فئة محايدة في الصراع، بل هم شعب قرر أن يضع حدا لظلم جنرال أرعن وحثالة من سراق المشروعية القانونية يتترسون بها لتنفيذ جرائمهم السياسية والاقتصادية والأمنية.. المتواصلة منذ عدة عقود.
لم تعد وعود الجنرال تغري الشعب التونسي الذي اكتشف أن برق الرئاسة خلب ووعدها مكذوب ووعيدها كنار الدجال أفضل من جنته فكيف سيفي النظام بعهوده وعصاه السحرية بطل مفعولها وأكلتها الأرضة وسيني الدعاية الجوفاء.
لكن بن علي المتمرد على نواميس الكون والاجتماع لم يدرك بعد بغرائزه التي هي نافذته الوحيدة على العلم أن ما يجري ببساطة هو سكرات موت سلطانه ونهاية دولته، وكيف يدرك وهو يكره الموت بقدر حبه لحياة الملاهي والمواخير .. كلا كلا.. إنه لن يكتشف الحقيقة المستقرة إلا بعدما تلقي به هزات البركان المشتعل هناك في أرض قوم أحبهم ولعنوه، وأخلص لهم وفضحوه ليحشر معهم في دار الحق بخزي مكتسب بخسارة.
نظام التلوث الصوتي
ترتبط أزمة النظام التونسي الحالية ارتباط وثيقا بنقمة إلهية مشهودة، فقد ارتفعت مقبولية هذا النظام من قلوب وعقول ومشاعر التونسيين الذين صبروا عليه لعدة عقود أياما قليلة بعد تصريحات بثتها قناة تونس 7 ووصف فيها وزير الشئون الدينية أبوبكر الأخزوري الأذان بأنه تلوث صوتي، كما اشتكى من كثرة المساجد وتقاربها وأكد أن وزارته أصدرت منشورين تطالب فيهما مصالح البيئة بتحديد سقف للصوت، ورغم أن الدراسة الفنية سمحت ب( 100 دي زي بال ) ولكن - يضيف الوزير- "نحن نصرّ على( 70 دي زي بال) لأننا نعرف جيدا تأثير التلوث الصوتي على جسم الإنسان وعلى نفسيته، لذلك نحن نتمسّك وندعو كل تونسي إلى احترام هذا الإجراء" .
إن أحداث تونس اليوم تأتي ردة فعل من شعب سُلب كافة الخصائص التي يتمتع بها هوية وحضارة، ويبدوا أن الشعب التونسي لا يريد هذه المرة غير التخلص من هذا النظام الذي يعبر وجوده واستمراره عن فصام نكد في شخصية تونس التاريخية والمستقبلية.
وكشفت وثائق ويكيليكس قبل أقل من شهر من الآن إدراك السفارات الغربية للهوة التي أقامها حكم الجنرال مع الشعب والهوية، ووصفت الوضع بأنه أشبه بسيطرة مافيا تتصدرها زوجة الرئيس بن علي وبعض أقاربه خصوصا صهره رجل الأعمال الشاب محمد صخر الماطري.
ويقول العديد من المراقبين إن الوضع في تونس هذه الأيام يفرض على الجنرال بن علي تنازلات واسعة في مجال الحريات يجب ألا يقل سقفها عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني تستوعب المعارضة وتتجه لإرساء قواعد انفتاح سياسي واسع، ولا يعتقد أن نظام الجنرال الصلف مستعد لتقديم هذه التنازلات ومعالجة الأمور بعقلانية، خصوصا وأنه مريض وربما غير قادر على تصور حلول تستجيب لحلول المشاكل القائمة خصوصا وأن الرجل ذو مستوى ضعيف في قدرات المناورة، وحلفاؤه الغربيون ربما لم يعودوا مقتنعين به وربما يبحثون الآن عن بديل وطبخة أنسب للتغيير في هذه البلاد التي سنتزلق نحو العنف الأعمى إن لم تتداركها العناية الإلهية والعقلاء من أبنائها وأصدقائها.
السراج
بقلم: محمد الحافظ الغابد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.