عاجل/ التشكيلة المحتملة للترجي أمام صانداونز    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    جلسة بين وزارة الصناعة وشركة صينية لتعزيز استخراج الفسفاط    رسميا: زياد التلمساني يودع ترشحه لإنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم    رئيس جمعية القضاة يتّهم وزارة العدل بالتنكيل به    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    اليوم غلق باب الترشحات لإنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    بطولة إفريقيا للتنس: التونسيتان لميس حواص ونادين الحمروني تتوجان بلقب الزوجي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    يستقطب قرابة نصف اليد العاملة.. مساع مكثفة لإدماج القطاع الموازي    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس : نظام "التلوث الصوتي" يتجه للسقوط
نشر في الفجر نيوز يوم 12 - 01 - 2011

img width="120" height="100" align="left" alt="تونس : نظام "التلوث الصوتي" يتجه للسقوط" title="تونس : نظام "التلوث الصوتي" يتجه للسقوط" class=" " src="/images/iupload/tunis-polizei2011.jpg" /ما كادت أنفاس الثائر محمد البوعزيزي تفيض إلى باريها حتى انتفضت تونس من جديد وهذه المرة لا يبدو أن الانتفاضة ستعود لنقطة البداية بسهولة، وقيل في الحكمة "من احترقت بدايته أشرقت نهايته" فما كاد ثقاب البوعزيزي يُشعِل جسده الغض حتى اشتعلت تونس كلها وما كادت روحه تفيض حتى فاضت معها أنفاس الكثيرين. فقد وصل عدد القتلى لأكثر من خمسة وثلاثين قتيلا رغم
التعتيم الشديد وتدخل الجيش وإغلاق العديد من المدن والقرى والبلدات في تدخل قمعي غير مسبوق لجيش لا وظيفة له إلا حماية شخص الجنرال الأرعن الذي تطرف في القمع من أجل التشبث بالكرسي.

بصاق يغرق البلاد
احرق البوعزيزي نفسه "احتجاجا على تعرضه للصفع والبصق على الوجه من قبل شرطية تشاجر معها، بعدما منعته من بيع الخضار والفواكه دون ترخيص من البلدية، ولرفض سلطات الولاية قبول تقديمه شكوى ضد الشرطية" وقد جاءت مبادرة البوعزيزي بإحراق نفسه تصرفا غير مفهوم للكثيرين الذين تعودوا على أن تونس بلد المعجزة التنموية وأحد النمور الاقتصادية الناجحة التي لا تصنف في العالم الثالث رغم أن لعنة الجيولوجيا الطبيعية وضعتها في شمال القارة السوداء ذلك هو الانطباع الذي يخرج به المراقب الساذج من بعيد.
لكن أي متأمل لما يحدث في هذه البلاد يدرك بسهولة أنها البلد المغاربي الذي تغير دستوره أكثر من مرة ليتيح بقاء جنرال الغدر والخيانة الانقلابي، لا بفاعلية الأداء وإنما بحيل المكر والخديعة الميكيافلية التي تشربتها نخبة الحزب الدستوري المهترئة؛ إذ سرقت جهود الحركة الوطنية وتعاونت مع سياسات المسخ الاستعماري للسيطرة على مقاليد الأمور دون بذل جهد حقيقي في "التنمية والتحديث" الذين رفعتهما شعارا.
واليوم يقول الشعب التونسي كلمته ويطلق عقيرته التي لم تسكت مطالبة بالحرية بعد عقود من طرد أصحاب الفكر النير من أمثال الطبيب الموهوب منصف المرزوقي، وشيخ الاعتدال وفيلسوف الحريات في العالم الإسلامي الشيخ راشد الغنوشي، فضلا عن مئات الآلاف من الشعب التونسي الذين وجدوا ظروف العسف والاستبداد تقذف بهم في المنافي محرومين من خدمة تجديد "جواز السفير" عند سفارات نظام دولة يصفها إعلامها ب"دولة الحداثة"!!.
لم تكن تلك الشرطية المسكينة تدري أن بصاقها على البوعزيزي سيغرق البلاد في وحل أزماتها المؤجلة باستمرار، عبر تناول أقراص المهدئات والإجراءات الروتينية من حين لآخر ولكن نفسية البوعزيزي التي نالت حظا من اسمها غيرت المعادلة وأغرقت النظام في أزمة من المتوقع أن تقود نتائجها لوضع حد لكثير من سياسات النظام إن لم تجرفه الهبة الشعبية المشتعلة إلى مزبلة التاريخ إذ هو المكان المناسب لنظام شاوشيسكو التونسي.
نار الدجال أفضل ...

أطل بن على خلال هذه الأزمة مرتين مستخدما آليتي "الوعد المخلوف" و"الوعيد المتجاوز" فما عاد الشعب التونسي يرهب جانب هذا الجنرال الذي قرر هذه المرة ألا يلقي بالاً لوعده ووعيده.
في خطابه الثاني جثا الجنرال الممتلئ ذو القامة الممشوقة واعترف بالأزمة التي أنكر وجودها في أول إطلالة له وأعطاها تفسيرا يكشف عن حقيقة واحدة هي أن الجنرال لم يعد مطلعا بما فيه الكفاية على ما يجري في البلاد، فقد وصف عشرات الآلاف من المتظاهرين بأنهم عصابات ملثمة، وعاد لقاموس يمتاحه من ذاكرة مثقلة بالهموم والجرائم، وقفزت على لسانه جمل تعبر عن أشباح الظلام التي كثيرا ما طاردته في "نومه الكثير" غير أن المخاطبين اليوم ليسوا فئة محايدة في الصراع، بل هم شعب قرر أن يضع حدا لظلم جنرال أرعن وحثالة من سراق المشروعية القانونية يتترسون بها لتنفيذ جرائمهم السياسية والاقتصادية والأمنية.. المتواصلة منذ عدة عقود.
لم تعد وعود الجنرال تغري الشعب التونسي الذي اكتشف أن برق الرئاسة خلب ووعدها مكذوب ووعيدها كنار الدجال أفضل من جنته فكيف سيفي النظام بعهوده وعصاه السحرية بطل مفعولها وأكلتها الأرضة وسيني الدعاية الجوفاء.
لكن بن علي المتمرد على نواميس الكون والاجتماع لم يدرك بعد بغرائزه التي هي نافذته الوحيدة على العلم أن ما يجري ببساطة هو سكرات موت سلطانه ونهاية دولته، وكيف يدرك وهو يكره الموت بقدر حبه لحياة الملاهي والمواخير .. كلا كلا.. إنه لن يكتشف الحقيقة المستقرة إلا بعدما تلقي به هزات البركان المشتعل هناك في أرض قوم أحبهم ولعنوه، وأخلص لهم وفضحوه ليحشر معهم في دار الحق بخزي مكتسب بخسارة.
نظام التلوث الصوتي
ترتبط أزمة النظام التونسي الحالية ارتباط وثيقا بنقمة إلهية مشهودة، فقد ارتفعت مقبولية هذا النظام من قلوب وعقول ومشاعر التونسيين الذين صبروا عليه لعدة عقود أياما قليلة بعد تصريحات بثتها قناة تونس 7 ووصف فيها وزير الشئون الدينية أبوبكر الأخزوري الأذان بأنه تلوث صوتي، كما اشتكى من كثرة المساجد وتقاربها وأكد أن وزارته أصدرت منشورين تطالب فيهما مصالح البيئة بتحديد سقف للصوت، ورغم أن الدراسة الفنية سمحت ب( 100 دي زي بال ) ولكن - يضيف الوزير- "نحن نصرّ على( 70 دي زي بال) لأننا نعرف جيدا تأثير التلوث الصوتي على جسم الإنسان وعلى نفسيته، لذلك نحن نتمسّك وندعو كل تونسي إلى احترام هذا الإجراء" .
إن أحداث تونس اليوم تأتي ردة فعل من شعب سُلب كافة الخصائص التي يتمتع بها هوية وحضارة، ويبدوا أن الشعب التونسي لا يريد هذه المرة غير التخلص من هذا النظام الذي يعبر وجوده واستمراره عن فصام نكد في شخصية تونس التاريخية والمستقبلية.
وكشفت وثائق ويكيليكس قبل أقل من شهر من الآن إدراك السفارات الغربية للهوة التي أقامها حكم الجنرال مع الشعب والهوية، ووصفت الوضع بأنه أشبه بسيطرة مافيا تتصدرها زوجة الرئيس بن علي وبعض أقاربه خصوصا صهره رجل الأعمال الشاب محمد صخر الماطري.
ويقول العديد من المراقبين إن الوضع في تونس هذه الأيام يفرض على الجنرال بن علي تنازلات واسعة في مجال الحريات يجب ألا يقل سقفها عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني تستوعب المعارضة وتتجه لإرساء قواعد انفتاح سياسي واسع، ولا يعتقد أن نظام الجنرال الصلف مستعد لتقديم هذه التنازلات ومعالجة الأمور بعقلانية، خصوصا وأنه مريض وربما غير قادر على تصور حلول تستجيب لحلول المشاكل القائمة خصوصا وأن الرجل ذو مستوى ضعيف في قدرات المناورة، وحلفاؤه الغربيون ربما لم يعودوا مقتنعين به وربما يبحثون الآن عن بديل وطبخة أنسب للتغيير في هذه البلاد التي سنتزلق نحو العنف الأعمى إن لم تتداركها العناية الإلهية والعقلاء من أبنائها وأصدقائها.
السراج
بقلم: محمد الحافظ الغابد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.