القدس (ا ف ب)الفجرنيوز:بعد جمود استمر ثماني سنوات اعلنت "اسرائيل" وسوريا رسميا الاربعاء انهما تجريان مفاوضات سلام غير مباشرة برعاية تركيا. واتى الاعلان عن هذه المفاوضات بداية على لسان "اسرائيل" قبل ان تسارع سوريا الى تأكيد الخبر. واكدت وزارة الخارجية التركية في بيان قيام انقرة بوساطة بين الطرفين مشيرة الى انهما "اعلنا انهما سيجريان تلك المفاوضات في اجواء انفتاح وحسن نية" من اجل التوصل الى سلام شامل طبقا للاطار المحدد في مؤتمر مدريد الدولي للسلام. واضاف البيان ان "الطرفين قررا (مواصلة المفاوضات) بحزم ومثابرة للتوصل الى سلام شامل". ومساء اعلن رئيس الوزراء" الاسرائيلي" ايهود اولمرت خلال اجتماع في تل ابيب ان "اسرائيل" مستعدة للمضي بعيدا في التنازلات" للتوصل الى اتفاق سلام مع سوريا. وقال اولمرت في خطاب نقلته القناة العامة في التلفزيون" الاسرائيلي "نحن مستعدون للذهاب بعيدا في التنازلات مع سوريا والتي ستكون بالضرورة مؤلمة". ولم يحدد اولمرت طبيعة التنازلات التي اشار اليها لكنه اعرب عن ترحيبه بان تكون "اسرائيل" وسوريا قد عادتا للحديث عن السلام بدلا من تبادل اطلاق النار بعد ثماني سنوات من الجمود" في عملية السلام. واضاف ان "المفاوضات ستستمر طويلا (...) هذا لن يكون سهلا وليست لدينا تهيؤات (بما يتعلق بسوريا)". ولكنه اردف قائلا "انا متأكد من ان احتمالات نجاح (المفاوضات) تفوق احتمالات" فشلها. ومن جهة اخرى شدد اولمرت على المخاطر الامنية التي تواجهها اسرائيل على حدودها الشمالية مع سوريا ولبنان محذرا من انها ارتفعت "خلال سنوات تعليق المفاوضات". وبالمقابل اشاد اولمرت بدور تركيا في استئناف المفاوضات كاشفا عن وجود اتصالات سرية "تجري منذ اكثر من عام". وفي نيويورك اشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في بيان "بالاعلان الذي اكد ان سوريا و"اسرائيل" استأنفتا المفاوضات برعاية تركيا بهدف التوصل الى سلام شامل استنادا الى مقررات مؤتمر مدريد". واضاف البيان ان بان اشاد بالرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء" الاسرائيلي" ايهود اولمرت "لقيامهما بهذه الخطوة المهمة وشكر رئيس الوزراء (التركي) رجب طيب اردوغان على الجهود التي يبذلها". وكان مارك ريغيف الناطق باسم اولمرت اعلن في وقت سابق ان" اسرائيل" وسوريا باشرتا "مفاوضات سلام غير مباشرة برعاية تركيا". واوضح مسؤول كبير في مكتب اولمرت لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه ان "اولمرت زار تركيا في شباط/فبراير 2007 للقاء نظيره التركي رجب طيب اردوغان. وتم الاتفاق يومها على ان تقوم تركيا بوساطة بين ا"سرائيل" وسوريا". واضاف ان "اثنين من مستشاري رئيس الوزراء هما شالوم ترجمان ويورام توربوفيتش زارا مؤخرا انقرة مرات عدة بالتوازي مع زيارات لمسؤولين سوريين". واضاف ان "الحكومة الاسرائيلية" تأمل في التوصل الى سلام شامل مع الفلسطينيين والسوريين". واكد مكتب اولمرت في بيان ان "الطرفين اعربا عن نيتهما اجراء هذه المفاوضات في اطار من الصراحة والجدية والانفتاح للتوصل الى سلام شامل طبقا للاطار المحدد في مؤتمر مدريد للسلام" في 1991. وفي دمشق اكد مسؤول في وزارة الخارجية السورية وجود محادثات غير مباشرة مع اسرائيل برعاية تركيا. وعلى الاثر اكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم لوكالة فرانس برس خلال زيارة الى المنامة ان بلاده حصلت في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل تتم عبر وساطة تركية على التزامات بانسحاب من الجولان "حتى خط الرابع من حزيران/يونيو 1967". وقال المعلم على هامش منتدى التعاون العربي الصيني في المنامة "بالفعل بدأت في تركيا محادثات غير مباشرة بوساطة تركية لايجاد الارضية الصالحة لاستئناف المفاوضات المباشرة لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة وفق مرجعية مدريد". واضاف "لقد تلقينا التزامات بالانسحاب من الجولان الى خط 4 حزيران/يونيو 1967". وتوقفت مفاوضات السلام بين "اسرائيل" وسوريا التي جرت برعاية واشنطن في العام 2000 بعد ان بلغت طريقا مسدودا في موضوع هضبة الجولان التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وضمتها عام 1981. وتطالب سوريا باستعادة الجولان كاملا حتى ضفاف بحيرة طبريا خزان المياه العذبة الرئيس في" اسرائيل". واتى الاعلان رسميا عن هذه المفاوضات غير المباشرة بعد نحو تسعة اشهر على غارة جوية استهدفت في ايلول/سبتمبر 2007 موقعا سوريا تؤكد مصادر اميركية انه كان يضم منشآت نووية وقد نسبت هذه الغارة الى سلاح الجو "الاسرائيلي". كما يأتى بعد زيارة قام بها الرئيس الاميركي جورج بوش الى "اسرائيل" والذي على ما قالت الاذاعة الاسرائيلية اعطى موافقته على اجراء هذه المفاوضات. ولكن الاعلان عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين" اسرائيل" وسوريا حصل في وقت يواجه فيه اولمرت قضية فساد جديدة مفترضة. الا ان داني ياتوم النائب في حزب العمل "الاسرائيلي" العضو في الاكثرية هاجم عبر الاذاعة الاسلوب "الدعائي" الذي ينتهجه اولمرت معتبرا انه "من الاجدى له ان يتفاوض مع شهود الادعاء والمدعي العام". من جانبه قال النائب يوفال شتينتز من حزب الليكود (يمين معارضة) "من المؤسف ان يتسرع رئيس الوزراء في التخلي عن هضبة الجولان للافلات من توجيه الاتهام اليه". من جهة اخرى اعتبر ممثل مستوطني الجولان ايلي مالكا الاربعاء ان رئيس الوزراء ايهود اولمرت "يعرض" اسرائيل" للخطر عبر التخلي" عن هذه الهضبة السورية. كما اظهر استطلاع للراي نشرت نتائجه مساء الاربعاء ان اكثر من ثلثي" الاسرائيليين" يعارضون تقديم "تنازلات" لسوريا في ما يتعلق بالانسحاب من هضبة الجولان المحتلة منذ 1967. وافاد الاستطلاع الذي نشرته القناة الثانية الخاصة في التلفزيون "الاسرائيلي" ان 70% من" الاسرائيليين" قالوا انهم يعارضون تقديم "تنازلات" مقابل 22% ايدوا ذلك. وكان نائب رئيس الوزراء" الاسرائيلي" شاوول موفاز من حزب كاديما (وسط) الذي يتزعمه اولمرت اعلن نهاية نيسان/ابريل رفضه اعادة الجولان الى سوريا معتبرا ان من شأن هذا الامر ان حصل ان يوصل ايران العدو اللدود للدولة العبرية الى هذه المنطقة الاستراتيجية. وقد التقى رئيس الوزراء التركي في 26 نيسان/ابريل في دمشق الرئيس السوري بشار الاسد الذي اعلن استعداده مواصلة التعاون مع تركيا بهدف استئناف مفاوضات السلام مع "اسرائيل". و"اسرائيل" وسوريا هما رسميا في حالة حرب منذ 1948 ولكنهما وقعتا عددا من اتفاقيات الهدنة ووقف اطلاق النار.