لم يعد قتل المواطن العربي أو المسلم على يد القوات الأمريكية و حلفائها, في أفغانستان والعراق وفلسطين والصومال, أمرا يستحق التوقف عنده من قبل وسائل الاعلام في الدول المتحضّرة, كما يحلو للبعض تسميتها. فنحن, بالنسبة لدعاة المساواة وحقوق الانسان في أمريكا والغرب, لسنا أكثرمن أرقام مجردة, تتناقلهاالنشرات الاخبارية للحظات معدودات ثم يتم نسيانها وإقصاءها من الذاكرة. لكن حتى هذه الأرقام, والتي هي في المحصّلة, ترمز لبشرمن لحم ودم ومعظمهم أبرياء, يتم التعامل معها وكأنها نفايات ينبغي التخلّص منها باسرع وقت ممكن. لأنها تتعلّق بقوم وضعت أمبراطورية الشرالأمريكية عليهم, قبل عملية قتلهم وإبادتهم, ماركة"إرهابي" التي تنتجها مخابراتها ومؤسساتها العسكرية الأخرى. فعلى سبيل المثال تقوم القوات الأمريكية في أفغانستان, وبشكل شبه يومي, بعمليات عسكرية اقلّ ما يُقال عنها إنها جرائم حرب, مستخدمة كلّ أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا, كما فعلت وما زالت تفعل في العراق المحتل, ثم تعلن على الملأ وبالأرقام عن إنتصاراتها المزعومة. وكعادتها في تضليل وخداع الناس ترفق تلك القوات بياناتها العسكرية بالجملة التالية التي أصبحت لا زمة لكلّ جرائمهم:" لقد تمّ قتل 30 ثلاثين مسلّحا وإعتقال عشرة آخرين يُشتبه بصلتهم بحركة طالبان وتنظيم القاعدة". وقد تبيّن للكثيرمن المتابعين للشأن الأفاني والعراقي, وإستنادا الى شهود عيان من مسرح الجريمة وكذلك تقاريرمنظمات محلية ودولية, بان معظم ضحايا برابرة أمريكا هم مواطنون أبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والعجزة, تمّ قتلهم بدم بارد لمجرّد الشبهة أو الوشاية. لكن ما يثيرالغضب الحنق هو إن مسلسل قتل الناس لأتفه الأسباب وبطرق وحشية لم يتوقّف يوما واحدا. وكأنه أصبح نوعا من التسلية وقتل الفراغ بالنسبة لقوات الاحتلال الأمريكية. وإستنادا الى أرقام الضحايا التي تعلنها القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو, فان هناك حملة إبادة منظمة ضد الشعب الأفغاني المسلم. لأن الغالبية العظمى من هذا الشعب, كما هي حال الغالبية العظمى من الشعب العراقي, تقف بكل صمود وتحدّي في وجه أكثرالحضارات بربرية وهمجية رغم كلّ تقدمها العلمي المادي والأقتصادي. بل إن هذه الشعوب, التي لها تاريخ طويل وملهم في مقارعة الغزاة ودحرهم, لم تتردد أبدا حتى للحظة واحدة في إحتضان مقاومتها الباسلة ومدّها بسبل الاستمرار والأبداع والتطوّر. وعندما تعلن أمريكا بانها قتلت عددا من"الارهابيين" وتعطي رقما ما, فان هذا الرقم, مع كل ما يحيطه من شكوك ونفي وغموض, هو الشيء الوحيد الذي يمكنها أن تتفاخر به أمام بعض السذج من مواطنيها, وتعتبره جزءا من إنتصارها المستحيل في حربها على ما يُسمى بالارهاب. متجاهلة إن غالبية الشعب الأمريكي والكثيرمن ساسته باتوا على قناعة تامّة بان إدارة الأحمق والمجرم جورج بوش خسرت وبشكل مذل وباهض الثمن تلك الحرب,.خصوصا وإن أسود العراق في فصائل المقاومة المسلّحة قصّوا مخالب الوحش الأمريكي وأفقدوه القدرة على التركيز والمبادرة والتخطيط, وجعلوا أحلامه تموت تباعا وتُدفن تحت رمال العراق الملتهبة. لكن هذا لا يعني إن الادارة المتصهينة في واشنطن سوف تستسلم للأمرالواقع دون أن تريق المزيد من دماء العرب والمسلمين. وتدقّ أسفين من الحقد والكراهية بين مكونات شعوبهم. فجرائم أمريكا في العراق وأفغانستان وفاسطين والصومال لا تقتصرفقط على إستخدام الأسلحة الفتاكة وبشكل مفرط للغاية في قتل الناس بشكل مجاني, بل ثمة ما هو أمرّ وأخطر من ذلك. فلدى إدارة بوش المجرم من الخطط والمشاريع الجهنمية ما يكفي لتدميرالعالم باسره. ويكفينا للدلالة على ذلك ما يجري من قتال ونزاعات وخصومات بين أبناء الشعب الواحد في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والسودان وباكستان وغيرها. وهناك دولة عربية ومسلمة مدرجة على لا ئحة الاتهام الأمريكية, لكنّ دورها لم يحن بعد. وعليه ينبغي إتحاذ أقصى درجات الحيطة والحذرمن حِيل وألاعيب وفخاخ أمريكا. فقد يتوّهم البعض منّا بانها مستعدة للتفاوض, ولو بشكل غيرمباشر, مع حركة طلبان أو مع بعض فصائل المقاومة العراقية. فهذه الامبراطورية المتوحّشة لا تفهم لغة الحوار ولا تؤمن بقيم أو مبادديء أو أخلاق. وإن أهدافها هي تفكيك وتجزئة وشرذمة الشعوب. وليس من الحكمة الاغراق في التفاؤل لكون أمريكا تعاني من أزمة مالية خانقة قد تؤدي الى إنهيارها. فالحيوان الجريح يصبح أكثرخطورة وشراسة. ولا يُستبعدأن يطبّق المجرم جورج بوش, قبل خروجه من البيت الأسود ملعونا مذموما, سياسة يمغرّب خرّب. [email protected]