لم تنتظر بعض الأحزاب والشخصيات الوطنية إتمام الإجراءات الدستورية الجديدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة حتى شرعت تباعا في إعلان عدم مشاركتها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما يعني أن رغبة بوتفليقة في تمديد فترة حكمه سدت الشهية وسط العديد من المنافسين المحتملين. كان يكفي أن يعلن رئيس الجمهورية عن تعديل دستور 96 حتى تسارع عدة أحزاب وشخصيات وطنية إلى إعلانها المبكر لعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. لقد خرجت في ظرف أقل من أسبوع واحد من ترسيم قرار بوتفليقة لتعديل الدستور، أكثر من شخصية وطنية لتعلن أنها غير معنية بالانتخابات الرئاسية، في إشارة إلى أن أوراق اللعبة الانتخابية ''مغلقة '' لفائدة مرشح السلطة. فبعد المرشح السابق لرئاسيات 99، عبد الله جاب الله، الذي اعتبر الرئاسيات المقبلة ''نتائجها مرتبة سلفا''، قرر رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، هو الآخر، عدم الترشح للرئاسيات القادمة، وأعلن بأنه يعتبر نفسه خارج المعترك الانتخابي المنتظر قبل خمسة أشهر. وموازاة مع رفضه الدخول كمرشح للرئاسيات، شدد بن بيتور أنه يعكف على التحضير ل''بناء بديل في هدوء وحزم، جدير بالجزائر وفي مستوى الجهود المبذولة من أجلها''، في إشارة إلى استمراره في معارضة النظام الحالي. بدوره لم يكتف الأفافاس بانتقاد بشدة قرار الرئيس بتعديل الدستور من خلال ما وصفه ب''شراء ذمة النواب''، بل اعتبر كريم طابو، السكرتير الأول، أن حزب آيت أحمد لن يشارك في ''المهزلة السياسية الثالثة التي ستشهدها الجزائر''. وبرر ذلك، كما أوضح، بقرار الرئيس بوتفليقة غلق لعبة الرئاسيات بصفة نهائية. وفي منظور كريم طابو، ستكون الرئاسيات القادمة ''بغلق أبواب الترشح والحملة الانتخابية والرئاسيات وأن الرئيس لم يدع أي محفز للمشاركة فيها''. واعتبر المتحدث أن تعديل الدستور يعد جريمة سياسية لأنه جاء ليكرس مبدأ ''التداوم'' في السلطة بدلا من ''التداول'' عليها، وأن ذلك صدم الجزائريين الذين تأكدوا من غياب أدنى إرادة للسلطة في التغيير. رغم غيابه كلية عن الساحة السياسية منذ رئاسيات 99 التي قرر بمعية المرشحين ال6 الانسحاب منها، صرح رئيس الحكومة الأسبق، مقداد سيفي، على هامش متابعته لمجريات الانتخابات الرئاسية الأمريكية بسفارة هذه الأخيرة بالجزائر، أنه ''غير متحمس للترشح للسباق الرئاسي المقبل''. وحسب سيفى ''ليس هناك أي شخصية بإمكانها أن تنافس عبد العزيز بوتفليقة''، في إشارة إلى أن اللعبة حسمت لفائدة تمكين الرئيس من الفوز بعهدة ثالثة، فقد ذكر سيفي أن ''الضحية الأولى لتعديل دستور بوتفليقة سيكون حتما الشخص الذي يتولى منصب الوزير الأول''، في تلميح منه إلى أنه يفتقد لكل الصلاحيات. ولم يخف عبد السلام علي راشدي هو الآخر انسداد شهيته للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بعدما كان متحمسا لها في 2004 وذلك لكونه يرى أن سنه تجاوز 65 عاما، وفي ذلك انتقاد صريح للرئيس بوتفليقة الذي يريد البقاء في الحكم لعهدة أخرى. وتعد هذه المواقف المتعددة مؤشرا على أن عدد المرشحين المحتملين سيكون أقل عدد عما كان عليه في 99 وأقل حجما ووزنا من رئاسيات .2004