تدنيس مسجد المركب الجامعي بتونس بحسب ما كشفت عنه فضائية الجزيرة مساء السبت المنصرم 18 أيلول فضلا عن محطات اليوتوب والمواقع الإلكترونية بالصوت والصورة.. التهديد بحرق المصحف الشريف من لدن قس جاهل متطرف في بعض ولايات أمريكا.. بل أحرق بعضهم المصحف بالفعل أو بعضا منه في المكان المعد لبناء مسجد .. إمتهان المصحف الشريف من قبل ذلك بسنوات في معتقلات بأفغانستان والسجن الشهير قوانتانامو من لدن الجنود الأمريكيين بحسب ما روى شهود عيان من المساجين الذين أطلق سراحهم وأدلوا بشهاداتهم لفضائية الجزيرة.. إعتماد عصابة النهب والسلب والإفساد في الأرض في تونس للخطة الماسونية المعروفة بخطة تجفيف منابع التدين التي كشف عنها الصحفي المصري المعروف فهمي هويدي عام 1989 في بعض مقالاته الدورية .. بناء مجلة الأحوال الشخصية في تونس على أساس مخالفة الإسلام مخالفة صحيحة صريحة فيما يتعلق بالتبني بمقتضياته النسبية والمالية ( أي نسبة المتبنى إلى عائلة المتبني رسميا في الوثائق المدنية من جهة وإعتباره بذلك ولدا يرث ويورث وما إلى ذلك مما هو معروف من أحكام الإسلام في الأحوال الشخصية ).. إنقلاب مصطفى كمال ضد الخلافة العثمانية وإلغاء الأذان وفرض التقاليد الأروبية الإفرنجية على الشعب التركي المسلم في اللباس والتحية وغير ذلك مما هو معروف من محاولة تغريب تركيا وعلمنتها بالكلية.. إنقلاب بورقيبة ضد الإسلام في الدائرة العربية على غرار إنقلاب مصطفى كمال بدء بتجميد جامع الزيتونة وإتهام القرآن الكريم بالتناقض والإزراء بعصا موسى سخرية وإستهزاء والدعوة إلى إفطار أيام رمضان تقديما للجهاد التنموي على الجهاد لكبح هوى النفس وتأهيلها بالصيام لبناء الإرادة و الشعور بمعاناة الجوعى و منعه المرأة المسلمة الإختمار بقانون معروف ونزعه الخمار بيديه هو في شوارع العاصمة التونسية من رؤوس النساء وإتهام محمد عليه الصلاة والسلام بالهذيان .. إنقلاب القذافي ضد الإسلام في السنوات الأولى من إنقلابه ضد المرحوم السنوسي ودعوته إلى حذفه بعض الكلمات من المصحف الشريف من مثل قوله سبحانه :“قل” في أزيد من ثلاثمائة موضع فيه وتطاوله على مقام النبوة وختم الرسالة وإدعاؤه بأن الصلاة والسلام عليه عبادة له وأنه ند له في الإصلاح والتغيير .. حرب سفاح العصر بوش دبليو ضد الإسلام بما إعتبر من لدن المتحذلقين والمتمحلين والمعبئين بالهزيمة زلة لسان في إثر كارثة سبتمبر التي دبرتها الإدارة الأمريكية الإستخباراته وأوقعت القاعدة في فخها المسموم .. تنقية المناهج التربوية والتعليمية الإسلامية في عدد من البلدان العربية والإسلامية سواء من لدن خبراء صليبيين وصهاينة أو من لدن أذيالهم المقطوعة وأذنابهم المخلوعة من مثل الراحل محمد الشرفي في تونس لما كان وزيرا للتربية .. مما إعتبر خصيما للتحضر المعاصر والتمدن الحاضر وإفتعالا للعداء بين الشعوب ومخالفا للمواثيق الدولية المبرمة في إثر حط الحرب العالمية الثانية لأوزارها.. تشجيع العدو الصهيوني المحتل لثالث الحرمين وأولى القبلتين وأرض فلسطين .. سواء بالسر أو بالعلن .. سواء بالتطبيع بأي وجه من وجوهه أو بالصمت المخجل من لدن من بيده السلطان والقوة والنفوذ.. سواء بالتعاون مع العدو بمثل ما يفعل الخائن دحلان ومن معه أو بالرضى بإقتسام فلسطين بيننا وبين العدو مترا بمتر وشبرا بشبر .. سواء بخنق المقاومة من الحدود التي أمنها العدو لنفسه بالعصا الأميريكية التي تغدق في مقابل ذلك على حاكم مصر بمليارات الدولارات سنويا جزاء على صمته وخنقه أو من الحدود التي أمنها ملك الإردن أو بقطع المأكل والمشرب والدواء وأسباب الحياة عن الفلسطينيين في غزة.. كل ذلك لا يزيد الإسلام ودعوة الإسلام وحركة الإسلام وصحوة الإسلام ومقاومة الإسلام إلا رسوخا في الصدور وفي الأفئدة وفي سواعد المقاومين من كل صنف من أصناف المقاومة العسكرية والمدنية سواء بسواء.. لم؟ لأن الإسلام قوامه الإبتلاء إبتداء حتى إن فصل الإسلام عن ناموس الإبتلاء إنما هو فصل للروح عن جسدها ثم يكون الموت الزؤام.. لأن الإسلام مزود بمركب دفاعي ذاتي عتيد وعنيد في الآن نفسه.. لأن التاريخ أثبت ذلك إثباتا لا ينكره حتى الجاحد.. أثبت ذلك في إثر الهجمة البربرية التترية ضد العاصمة العباسية بغداد فإحتاج القانون الخلدوني الشهير والكبير إلى تعديل : المغلوب مولع أبدا بتقليد غالبه.. عدل القانون الخلدوني الإجتماعي بما يناسب ذلك الإستثناء فأصبح القانون هو : المغلوب مولع بتقليد غالبه أبدا إلا إذا كان المغلوب مسلما والغالب غير مسلم فإن الغالب سيولع يوما بتقليد مغلوبه ولكنه تقليد عقلاني .. لم يكن ذلك حبيس بغداد والمغول الذين إعتنقوا الإسلام دين المغلوب ولكنه آل إلينا نحن اليوم ولكنه بالتفصيل وليس بالجملة كما وقع في بغداد من جهة وهو مسكوت عنه لا يعمد الإعلام إلى إبرازه من جهة أخرى بسبب أن أهل الإعلام اليوم من المعسكر الغالب وهو مسخر بأمضى وأحد من السيف لخدمة هزيمة الإسلام دينا وحضارة وإذلال أمة الإسلام ..
لأن الوعد الرحماني قائم لا يخصم ولا يتأخر : „ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله “.. وعد تكرر مرات في الوعد الحق الصادق ليزداد تأكدا وتزداد الصدور به يقينا.. وعد باهر ظاهر في كل يوم .. ألا ترى أن حركة الردة مذ ظهر الإسلام حتى يومنا هذا هي في إتجاه واحد : إتجاه الإسلام فرارا من جحيم الدين الآخر وجور الثقافة الأخرى وسعار الحضارة الأخرى.. الإتجاه واحد ودعك من إستثناءات قليلة جدا أثبتت الأيام أنها مكر وحيلة وليست عزوفا عن قيم الإسلام بعدما تبين رشدها .. مكر أنبأنا سبحانه به وذلك في قوله : „ وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار وأكفروا آخره لعلهم يرجعون “.. لأن الإسلام يتقدم في أشد الساعات حرجا وعسرة وضنكا.. يتقدم مقاومة في فلسطينوغزة.. ويتقدم مقاومة للإستبداد في البلاد العربية والإسلامية ( آخرها تركيا قبل أسبوع واحد) .. ويتقدم حجة وبرهانا جعل فلاسفة الغرب وأروبا يختارون الإسلام من مثل : روجي قارودي ومراد هوفمان فضلا عمن يكون أخفى إسلامه من مثل : المستشرقة الألمانية أني ماري شيمل وسغريد هونكة والإعلامية الشهيرة المسلمة الألمانية : كريستيان باكر..
ليست سوى قصة فئران مذعورة أو حمر مستنفرة كأنها فرت من قسورة.. فئران خلفتها شراذم اليسار العربي المتهافت والمتهالك بعدما خسر معركة الفكر والثقافة فلجأ إلى العصا الغليظة إنتقاما حقودا من الإسلام وحركة الإسلام بينما أهلها في السجون ( الدكتور الصادق شور رئيس حركة النهضة الأسبق) أو في المنافي في أوطانهم وخارج أوطانهم.. فراعين جديدة وهوامين جديدة وقوارين جديدة وجنود مجندة جديدة وسحرة جدد..
تلك هي قصة الإسلام مع خصومه..
لو لم تكن تلك هي القصة لكان القرآن متاعا قصصيا يتسلى به المتسلون من خلال قصة آدم وإبليس والشجرة ثم من خلال قصة نوح وقصة إبراهيم وقصة موسى وقصة عيسى وقصة محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين.. لو لم يكن في عصرنا فراعين وهوامين وقوارين وسحرة وجنود مجندة لما كان للقرآن من معنى.. لو لم يكن في عصرنا ظاهرة إسرائيلية لما كان له من معنى.. أي معنى يبقى له إذا ذهب كل ذلك ولكن الحق الذي لا مراء فيه هو أن موسى عليه السلام وقومه ذهب كما قال بحق أهل الذكر بالقرآن الكريم كله أو كاد.. ولكنه ذهب به إلينا نحن الذين نؤمن بموسى وعيسى ومحمد والنبيين كلهم أجمعين لا نفرق بين أحد منهم.. أقول في نفسي دوما : نحن أهل هذا الجيل بل هاته الأجيال التي شهدت عربدة الإحتلال الصهيوني لفلسطين وقدسها و غطرسة أمريكا ومن قبلها البلاشفة الشيوعيون ضد الشرق الإسلامي فيما عرف من بعد ذلك بالجمهوريات المستقلة والإستعباد المنظم والإسترقاق المعاصر الذي يشكل حجر الزاوية لإستراتيجيات الدول العربية والإسلامية أو بعضها على الأقل ضد الأمة نحن أهل تلك الأجيال أولى بالإيمان بالإسلام وكتابه ورسوله ثورة إصلاحية تحريرية جامعة متكاملة متوازنة معتدلة وسطية عبر عنها واحد من أنجب المدرسة المحمدية بصيحته التي لن تزال ترن في آذان المقاومين : „ جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة”. نحن أهل تلك الأجيال أولى بالصيحة الفاروقية التي لن يزال الكون يردد صداها شرقا وغربا يتمثلها كل رقيق ينشد الحرية : „ متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.
أين ذهب أصحاب الأخدود؟
ماتوا ومات الأخدود وماتت النار التي شوت أجسادهم لحمة لحمة وعضلة عضلة وعصبا عصبا حتى تفحموا.. ماتوا وإندثرت أجسامهم وأطلالهم .. ولكن بقيت القصة مثار عبرة ومآل درس في التاريخ لا ينسى.. درسا يزود المؤمنين بالقوة واليقين والثقة في أن الإسلام معطاء جواد كريم سخي خصب لا ينفد.. وأنى ينفد وكتابه لا تنفد عجائبه ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق من كثرة الرد..
العدوان على الإسلام لا يزيدنا إلا يقينا ورسوخا وثقة وجهادا ومقاومة.
ذلك هو درس العدوان على مسجد المركب الجامعي بتونس والعدوان على الإسلام ورموزه في كل مكان و في كل زمان.. درس نستوعبه بحمد ولي النعمة العظمى أن جعلنا مسلمين وأن هدانا إلى رسالة الإسلام جامعة غير مبتسرة بعالمانية لا جزئية ولا كلية شاملة.. درس يعرفه أهل المقاومة سواء من يقاومون الإستبداد السياسي أو من يقاومون الإحتلال الصهيوني وكلهم في خندق واحد وجبهة واحدة..
درس لن يزيدنا الا أملا و رجاء في الإسلام وفي رب الإسلام وفي رسول الإسلام وفي كتاب الإسلام وفي أمة الإسلام وفي كل إنسان قابل لهداية الإسلام وكل إنسان عندنا قابل لهداية الإسلام بإذن من بين إصبعيه سبحانه قلوب العباد يقلبها كيف يشاء..