الجلسة العامة السنوية للشركة التونسية للبنك: مؤشرات مرضية و آفاق واعدة    كأس تونس للكرة الطائرة: الترجي الرياضي من أجل الفوز بالثائي .. والنجم الساحلي لإنقاذ موسمه    سعيّد والدبيبة يتباحثان إعادة فتح معبر رأس جدير    ذهبت للحج وكلّفت زميلتها باجتياز الامتحان بدلاً منها !!    قيس سعيد : يجب احترام كل أحكام العملية الانتخابية    وفاة رائد الفضاء وليام أندرس في حادث تحطم طائرة    رئيس الجمهورية يثير مجددا ملف الشيك دون رصيد    بخلفية ثأرية: المنتخب الوطني في مواجهة قوية امام نظيره الناميبي    موعد جديد لنزال تايسون و'اليوتوبر' جيك بول    طقس: بعض الامطار المتفرقة بعد الظهر على المناطق الغربية بالشمال والوسط    نحو 11 ألف تونسي يستعدون للحج .. الثلاثاء آخر الرحلات باتجاه البقاع المقدسة    عاجل/انتشال 11 جثة مهاجر غير شرعي من البحر قبالة سواحل ليبيا    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    جندوبة تحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "تأهّب لغير المتوقع "    خلال لقائه بالحشاني..سعيّد يطلع على نتائج مشاركة تونس في القمة الكورية الإفريقية (فيديو)    وزارة التربية توضّح مسألة تمتيع المتعاقدين بالتغطية الصحية    تداول صور فضائية لآثار قصف "انصار الله" لحاملة طائرات أمريكية    جيش الإحتلال يبحث عن متطوعين للقتال معه في غزة    بداية من الإثنين.. المبلغون عن الفساد في اعتصام مفتوح    من أعلام تونس .. الشيخ إبراهيم بن الحاج معمر السلطاني ..أوّل إمام لأوّل جامع في غار الدماء سنة 1931    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    الفنان والحرفي الطيب زيود ل«الشروق» منجزاتي الفنية... إحياء للهوية بروح التجديد    في صالون الرواق جوهرة سوسة .. معرض «مشاعر بالألوان» للفنان التشكيلي محمود عمامو    مدرب البرتغال يكشف للملأ انطباعه عن رونالدو    بعد 17 عاما في السجن.. رجل متهم بالاغتصاب يحصل على البراءة    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    أول تعليق للرئاسة الفلسطينية على ادراج الكيان الصهيوني ضمن قائمة الدول التي تنتهك حقوق الطفل..#خبر_عاجل    خطير/ حجز كمية من التبغ غير صالح للإستهلاك    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    بقيادة مدرّب تونسي: منتخب فلسطين يتأهل الى مونديال 2026    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    الحرارة تكون عند مستوى 31 درجة هذه الليلة بالجنوب    بنزرت: الاحتفاظ بإمرأة محكومة ب 48 سنة سجنا    البكالوريا: 22 حالة غش في هذه الولاية    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    مفتي السعودية: "هؤلاء الحجّاج آثمون"..    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    لرفع معدل الولادات في اليابان...طوكيو تطبق فكرة ''غريبة''    الرابحي: قانون 2019 للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية فرض عدة إجراءات والتزامات على مُسدي الخدمات    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    الحماية المدنية 12حالة وفاة و355 مصابا في يوم واحد.    فظيع/ سيارة تنهي حياة فتاة العشرين سنة..    نابل: اقتراح غلق 3 محلات بيع لحوم حمراء لهذا السبب    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    مديرة الخزينة بالبريد التونسي: عدم توفير خدمة القرض البريدي سيدفع حرفائنا بالتوجّه إلى مؤسسات مالية أخرى    اليوم: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لمترشحي البكالوريا    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    المنتخب الوطني التونسي يصل إلى جنوب إفريقيا    مدنين: رصد حالة غش في اليوم الثاني من اختبارات البكالوريا    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل للحوار.نت طعم ولون وريح وهوية أم هو أغنية لكل مستمع؟
نشر في الحوار نت يوم 17 - 10 - 2010


فريضتان لا بد منهما : التفكير الحرّ والنقد الذاتي


يطيب لأسرة الحوار.نت أن تتفاعل مع ما يكاد يملأ العمود الأيمن للموقع من سجالات حامية في هذه الأيام موضوعها الأصلي : حركة النهضة وما يتعلق بها من كسب وإرث من جهة ومن منافسين أو خصوم من جهة أخرى.
السؤال الشجاع هو : لم لا يخمد هذا البركان إلا ليثور من جديد؟
أي بركان؟ بركان السجالات الحامية مؤججا قضايا تتصل مباشرة بحركة النهضة سواء في علاقتها مع السلطة الحاكمة أو مع نفسها أداء حاضرا أو مع إرثها وكسبها بغثّه وسمينه. سجالات ثبت قطعا بالتاريخ والتجربة أنها لا تخمد إلا لتثور من جديد. رأينا أن السؤال الشجاع هو : لم يكون ذلك؟ رأينا أنه من القرف الذي يثير الإشمئزاز أن ندعي أن هناك أيد خفية سواء كانت أيد صديقة أو أيد مناوئة تحرك تلك السجالات أو تختار لها الوقت المناسب أو غير المناسب. إنما رأينا أنه لا بد من سبر القانون الذي يحكم ذلك الحراك أملا في العثور على قانون يناسب التفاعل الإيجابي مع موضوع السجالات.

هذه مقاربتنا التي نقدمها بين أيدي قرائنا الكرام

1 مقاربة أولى : هناك حاجة شديدة إلى إبداء الرأي في موضوعات حيوية تتصل بالناس عن قرب. تلك حاجة تتنزل منزلة الضرورة .. لا بد لها أن تلبى من لدن أصحابها كلما كانت مساحات الحرية متوافرة. تلك حاجة بكلمة أخرى تستبطن مشكلة لا يستسلم من تؤرقه بين يديها سلبيا أو عاجزا وشروط المحاولة بين يديه : لسانه وقلمه وعقله وتجربته والحرية وشركاء المشكلة وأملا في طي آثارها تفرغا لمشكلة جديدة.
2 مقاربة ثانية : مراوحة الأمور مكانها أو تأرجحها بين أوضاع غير مريحة تأرجح حالة مريض لا هو ميؤوس منه ولا هو مؤهل للحياة خارج قاعة التنفس الإصطناعي. أمور تتعلق بالبلاد بأسرها وليست النهضة سوى مكون من مكوناتها الكثيرة لها الذي لها وعليها الذي عليها.
3 مقاربة ثالثة : إجتياح حالة شديدة من الإصلاح في أوضاع البلاد لعدد غير يسير من أبناء الحركة أو الصحوة أو من المهتمين الإيجابيين بأي معنى من معاني الإنتماء والتفاعل على أساس أن الحركة لم تعد ملكا لأصحابها سيما بعد إعلان 1981 على معنى أنه لا يحق لغيرهم إبداء الرأي فيها بحسب ما يقرؤون من آثارها.
4 مقاربة رابعة : حالة من الغضب والثورة والنقمة لأسباب منها : حالة الإنحباس العامة في الأمة في إثر تسلسلات العدوان الخارجي علينا على أكثر من صعيد وفي أكثر من موطن ومنها تونس. ومنها : حالة عدم فهم تطورات الأوضاع داخل البلاد والمعارضة والحركة على إمتداد العقدين الأخيرين بقطع النظر عن مواقف المساندة أو المعارضة. ومنها : حالة الموات التي عبر عنها السياسي التونسي قبل عقدين كاملين ( إبراهيم حيدر) أي : موت السياسة في تونس.

لا بد من التمييز بين صنفين من تلك السجالات

1 صنف لم يتردد منذ اللحظة الأولى في الوقوع في براثن الإستخبارات التونسية سواء عن عمد أو عن غفلة ولا يهمنا ذلك كثيرا . إنما الذي يهمنا بالنتيجة هو أن ذلك الصنف العدمي حكم على الحركة إرثا وكسبا بالعدم ولم يقف عند ذلك الحد بل باح بأن قبلته هو مشروع بن علي الذي ذكره بالإسم وليس هو مشروع إنقاذ دولة أو حكومة أو تيار إسلامي أو معارضة أو هوية أو أي شيء آخر. لا نظن أنه إذا قلنا أن سجالات هذا الصنف ترتبط بالنتيجة بالإستخبارات التونسية حتى لو سلمنا جدلا بأن مبتدأها سليم الطوية .. لا نظن أن القائل بذلك واهم أو حالم أو جاهل بالواقع التونسي أو لا يريد لمشروع الحركة الإسلامية التونسية أن يتجدد أو يعاد تأسيسه بما يناسب الواقع الجديد.
2 صنف آخر من السجالات لا يمكن إتهامه بالوقوع في براثن الإستخبارات التونسية بأي حال من الأحوال إلا رجما بالغيب ينأى العاقلون بأنفسهم عنه. يمكن تقسيم هذا الصنف من السجالات بدوره إلى صنوف فرعية.
أ صنف من السجالات يركز في خطابه على كسب الحركة وإرثها سيما السياسي منه وخاصة فيما يهم العلاقة بالسلطة التونسية باحثا عن مخرج للإنسداد السياسي الذي ألم بالحركة والبلاد بأسرها على إمتداد عقدين كاملين. ميزة هذا الصنف من السجالات أنه يحمّل الحركة المسؤولية الكبرى مقارنة بالسلطة والمعارضة في تفويت فرص المصالحة أو تعديل الخط السياسي لتجنّب الضربات التي أفضت إلى إبعاد الحركة عن المعادلة برمتها بحسب ما يرى أصحاب هذا الصنف من السجالات. ميزة هذا الصنف من السجالات أنه يتجنب الحديث عن السلطة بسبب ما يرى أن ذلك يعد ماعونا من مواعين المُضيّ على درب البحث عن مخرج يليق بإرث الحركة وكسبها ويتناسب مع معطيات الواقع الجديد دوليا وعربيا ومحليا.
ب صنف من السجالات يشترك مع الصنف آنف الذكر في أشياء تتعلق بالحركة حتى لو كان في الغالب أشد جلدا لكسب العقدين الأخيرين ولكنه يختلف معه في أمر مهم جدا ويثير أكثر الحفائظ وهو : ما يعبر عنه بتتبع إنجازات نظام بن علي سيما في المواطن العمرانية والعلمية وغيرها. هذا الصنف من السجالات بدوره يمكن تقسيمه إلى أكثر من صنف فرعي فبعض السجالات تضخم من تلك الإنجازات وبعضها لا يشير مطلقا إلى مواطن العجز الفاضح من مثل العمران البشري وتدني نسب الخصوبة وفعالية الأسرة والمستوى التعليمي وإنتشار الفساد والإرتشاء والبطالة وغير ذلك. غير أن بعض تلك السجالات طوحت بعيدا عندما ذهبت إلى حد تحميل الحركة مسؤولية الأزمة وحدها ومبرئة السلطة من كل ذلك أو أكثره. ولعل بعضها أثار أكبر الحفائظ عندما إنتهى إلى أن ما أجمع عليه الناس قاطبة في كون النظام الحالي لم يكن سوى إمتداد قهري لخطة تجفيف المنابع لحصد الهوية الإسلامية للبلاد بعصا الشرفي من جهة وعصا البوليس من جهة أخرى .. لم يكن ذلك سوى محض إدعاء أو أنه كان إجتهادا فرديا لهذا المسؤول أو ذاك.
ج صنف ثالث من السجالات قد لا يكون من المناسب حشره هنا ولكن نفعل ذلك تجنبا لكثرة التقسيمات والتفريعات. هذا الصنف الثالث يكاد يحصر مشروعه في القضية الفكرية التي لا تنفصل عن القضية السياسية بطبيعة الحال إلا بما يقتضيه التفكيك وإعادة التركيب لحسن عرض مختلف أجزاء المشروع. عادة ما يهتم بهذا الصنف من السجالات أولئك الذين لهم من منهج الثقافة الفكرية المعاصرة حظ ونصيب. أغلب أولئك يشتركون فيما أضحى من السجالات المطروقة بدأب ، أي : علاقات الوصل والفصل بين الدعوي والسياسي في الحركة سواء بما يكون ذلك عائقا في الكسب الماضي أو بما تكون إعادة النظر فيه بابا من مخارج الأزمة الحاضرة. ربما تجد أن أغلب أصحاب هذا الصنف من السجالات الفكرية إتجاها وليس نتيجة ينأون بأنفسهم عن أكثر السجالات التي تورطت في إتجاهين لا يمكن الدفاع عنهما بأي حال : إتجاه تبرئة الحركة بالجملة والتفصيل من عثرات الماضي ( الغريب أن أعلى مؤسسة فيها أي مؤتمر عام 1995 أنتج كتابا تقويميا خاصا يعترف بمسؤولية جزئية للحركة إلى جانب مسؤولية السلطة والمعارضة ولكن بعضا منهم يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك أو يعودوا بعقارب الساعة إلى الماضي كما يقولون). وإتجاه تبرئة السلطة بالجملة والتفصيل كذلك من حملات القمع المنظمة وخطة تجفيف المنابع وغيرهما.

لا بد من إعتبار ضريبة الحياة الإفتراضية الجديدة

هناك مقولة ربما تصدقها الأيام سيما مع تطورات مدهشة مذهلة لعلوم الإتصال. هي مقولة أن سفينة الحياة الإفتراضية الجديدة التي صنعتها الشبكة العنكبوتية فأضحت غولا أهوج يطارد أنظمة الفساد والدكتاتورية في عقر دارها دون أن تقدر على مجرد إعتقاله بله تعذيبه وسجنه والتخلص منه.. تلك السفينة ربما أبحرت بنا بعيدا جدا على نحو يساهم يوما بعد يوم في تحويلنا إلى كائنات إفتراضية تلتقي على الأثير وتفترق عليه في أعراس صاخبة ثم تنفض دون أن يشعر بضجيجها أحد أو يكاد بسبب أن الحياة الإفتراضية الجديدة ربما تصنع وعيا ولكن هل تصنع حركة تناسب تغول تلك الأنظمة التي تستفيد هي الأخرى من الحياة الإفتراضية الجديدة وتصبح المعركة المحتدمة معها شبيهة بطواحين ( دون كيشوت) وبقدر ما تضيق فضاءات التعبير الحقيقية بأهلها تكتظ فضاءات التعبير الإفتراضية. هي مقولة لها من السداد ما لها وعليها من غير ذلك ما عليها ولكن المؤكد أن للحياة الإفتراضية الجديدة إيجابياتها وسلبياتها معا.
ولكن الذي يهمنا هنا هو أنه لا بد من عدم تجاهل الحقيقة الجديدة التي صنعتها الحياة الإفتراضية الجديدة وهي أن الأنترنت سوق حرة لم تشهد الدنيا في حياتها حتى اليوم سوقا أشد منها حرية. هي سوق حرية يهرع إليها أشدنا أمية بمثل ما يهرع إليها أشدنا علما. سوق لا يشبع منها لا حر ولا شبه حر ولا منزوع الحرية بالكامل. سوق حرة حرية كاملة مطلقة يتعامل فيها الناس بأسماء إفتراضية حتى لا يدرك أحد صديقه من عدوه أبدا إلا رجما بغيب. ما يهمنا هنا أن مجرد التفكير في وضع القيود على هذه السوق أو الضجر مما تحمله من أوهام وأكاذيب ودجل وأفن .. كل ذلك لا يضع صاحبه سوى مع من تنكب سبل التفاعل الإيجابي مع الجديد.

سبيل المنافسة هو السبيل الأوفق والأقل كلفة

لا نظن أن هناك أبلغ من تشبيه السوق الإفتراضية الجديدة بتحدياتها بسوق حرة تعرض فيها البضاعة ويتجول فيها الناس دون أن يتعرف بعضهم على بعض كأنهم كائنات غير بشرية أو كائنات تتمتع بسرعة الحركة تتخطى الزمان والمكان بأقدار لا تتصور. إذا سلمنا أن تلك السوق الإفتراضية الجديدة تستجمع إليها في تونس مثلا أكبر عدد في الأرض كلها بحسب الميزان الطردي تناسبا مع عدد السكان( تونس هي من الأوائل عالميا من حيث الإقبال على الفايس بوك).. إذا سلمنا بذلك وقد نسلم كذلك بأن الأنترنت اليوم تصنع الناس صنعا فإن أي موقف منا غير موقف المشاركة لأجل المنافسة تماما بمثل ما يفعل التجار في أسواقهم .. أي موقف غير ذاك هو موقف العجز أو موقف من طحنته المدنية الحاضرة وأرهقته كدودها فهو مطارد بغول الفضاء الإلكتروني حتى لو عض بالنواجذ على أصل شجرة ينظر الموت ليدركه.

للمنافسة مشروعها

1 أول بند من بنود مشروع المنافسة هو : إلتزام التفكير العقدي الإسلامي بشروطه المعروفة من مثل ( إعتماد النظرة التوحيدية الجامعة لا التجزيئية المبتسرة إعتماد النظرة المقارنة إعتماد النظرة العقلية مبناها السنن والأسباب إعتماد النظرة المقاصدية نبذا للتيه الذي تمزق به الجزئيات المتعارضة إن ظاهرا أو باطنا أو حقيقة أو مجازا عقول الناس فيجمدون على المباني ويهملون المعاني إلخ..).
2 إلتزام التجميع والحشد والتوحيد ونبذ التفريق والتخبيب. كل ما يمكن جمعه إلى نظيره أو مثيله أو قرينه يجمع إليه ولو بوجه واحد من وجوه التجميع فإذا آل الأمر إلى الترجيح يكون الأمر الخارج عن التجميع مرجوحا وليس ملغيا عدميا تهرق دماء أهله ويفعل بهم ما فعله الأرتودوكس في الخاليات مع الكاتوليك.
3 إلتزام إتاحة مساحات التعدد والتنوع والإختلاف ما إتسع الأمر لذلك ولو بوجه واحد من الوجوه أو لزمن من الأزمنة أو لمكان من الأمكنة أو لحالة من الحالات. يجب أن نقر أننا من حيث أننا عرب أو من أصل عربي أو غير عربي كاد البيان العربي أن يقوم منا ألسنة العجمة فشلنا فشلا ذريعا في الماضي والحاضر معا في إحلال قوانين التعدد والتنوع محالها المناسبة بعيدا عن حراب الأسنة. يجب أن نقر أن هذا الداء العضال فينا قديم وليس جديدا. يجب أن نخضع أنفسنا لعلاجات جدية وقاسية وطويلة لعلنا نتقدم على درب الإعتراف بالآخر آخرنا نحن على الأقل إعترافا يليق بالهوية التي ننتسب إليها.
4 إلتزام المراجعات والتقويمات على أساس التمكين لحرية التفكير وتشجيع النقد الذاتي. ما لا يتسع له ذلك لأي سبب لا يعتبر ملغيا عدميا سيما مع إبتلاع الحياة الإفتراضية الجديدة لكل شيء تقريبا. يجب أن نقر هنا كذلك أن الفرق بين إيماننا بحرية التفكير والنقد الذاتي إيمانا نظريا وبين القبول به عمليا هو فرق ما ينبغي الإستماع لنبضاته من صدورنا نحن ولكن من صدور الآخرين. يجب أن نقر أنه ليس هناك مخلوق فوق البسيطة عدا المعصومين ولا عصمة عندنا لبشر بعد موت محمد إبن عبد الله عليه الصلاة والسلام يسعد قلبه ويهنأ فؤاده دوما وبشكل تلقائي طبيعي بالنقد الذاتي الذي يستهدف كسبه هو إذ لو كان ذلك كذلك لما كان لسنة الإبتلاء من طعم ولا مشروعية وجود.
5 حسن مسك ميزان الرّأي الحرّ بين طرفيه : طرف إعتداله على أسسه العلمية الموضوعية المعروفة من جهة وطرف إعتداله على أسسه الأخلاقية الأدبية الجمالية من جهة أخرى. ذاك ميزان صعب مسكه بوسطية ولو كان ذلك غير كذلك لما شدد الإسلام على الأمرين معا تشديدا كبيرا. الأمر ليس يسيرا لكل من هب ودب. ولكن رعاية طرفي الميزان يتطلب صبرا وتربية وتوجيها وإصلاحا ومساهمات بالقول والعمل والمراجعة والتعديل مرة بعد مرة حتى تفنى الحياة فلا نطمع بيوم تنصلح فيه كفتا الميزان دون حاجة إلى إصلاح وتعديل. إذا كان هو مبتلى بتغليب الموضوع على الجمال أو بتغليب الجمال على الموضوع فأنت مبتلى مثله بتغليب التوجيه والإصلاح على اليأس أو على الإتهام. إذا وضعت نفسك في لحظة واحدة من لحظات حياتك خارج دائرة الإبتلاء حتى من أقرب الناس إليك بل من نفسك أنت فإن للشيطان فيك سوقا خصبة.

هل للحوار.نت طعم ولون وريح وهوية أم هو أغنية لكل مستمع؟؟؟

لا نسلم من قارئ كريم يعاتبك بطريقته الخاصة به في العتاب لنشرك هذا المقال أو ذاك التعليق بمثل ما لا نسلم من قارئ كريم آخر يثني عليك بطريقته الخاصة به في الثناء عليك لنشرك المقال ذاته أو التعليق نفسه الذي أجج غضبا. هل يعد ذلك مشكلة؟؟؟ أبدا... ذلك هو السير الطبيعي لكل منبر إعلامي يحترم نفسه ويحترم عقول الناس من حوله. ليس هناك تقدير ضابط لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بحيث يأوي إليه كل الناس. ذلك هو مراد الخالق من خلقه إبتلاء لهم وتدبيرا للحياة والحركة والتدافع والإصطفاء والتمحيص. حتى الإمام العادل إنما يرفع الخلاف الناشئ في المواطن الظنية الإجتهادية التقديرية رفعا عمليا مسكا لوحدة الصف وليس منعا لحرية التعبير فما بالك بموقع إعلامي في أمة لا يسوسها من يسوسها اليوم بالشورى والعدل اللذين يمكنانه من رفع الخلاف عمليا لا نظريا وإنما بالعصا التي تجمد الخلاف وتعطل الحياة في إثر ذلك بما يزيد من فرقة الأمة.
ليس معنى ذلك أن أسرة الحوار.نت لا طعم لها ولا ريح ولا لون ولا هوية... ولكن معنى ذلك هو أن الحدود المرسومة ثابتة رغم قلة عددها ( الهوية الإسلامية + المقاومة + حرّية الرأي) وما بقي من مساحات شاشعة واسعة لا يحكمه سوى التقدير والإجتهاد وهو إجتهاد معرض للخطإ بقدر تعرضه للصواب ولكن لا بد من إعماله حتى لو تبيّن فيما بعد أنه كان خاطئا بسبب أنه إجتهاد في فروع وليس في ثوابت سطرتها أسرة الحوار.نت وتحسب أنها لها وفية رغم الأخطاء التي سنقترفها ما حيينا...

بالتفكير الحر وتشجيع النقد الذاتي نضع مشروعنا على دربه الصحيح

ليس مشروعنا سوى المساهمة في مشروع الأمة الإسلامية بإعتبارها أمة وئدت وحدتها السياسية الجامعة مبكرا جدا إنقلابا على إرث النبوة بسيف السلطان الفاتح فكان ذلك مؤشرا خطيرا جدا على أخاديد أخرى غائرة في الجسم العام للأمة وإنقلابات جزئية أخرى كثيرة سرعان ما تحرر منها الذي تحرر ( من مثل النبوغ العلمي الكوني) وإستغلق منها الذي إستغلق من مثل المساحات التي إستولى عليها الإنحطاط ( جبرية تئد التوكل وفحولة تفضل التأنيث) مما هيأ الأمة إلى التمزق السياسي حتى في ظل وحدة سياسية بسلطان عائلي وراثي ثم إلى ضمور الدنيا مالا وبيضة وشوكة فكانت بالنتيجة فريسة للإحتلال العسكري والغزو الثقافي حتى آل الأمر لأول مرة إلى أكبر تصدع في الأمة أي وأد رمزها السياسي الواحد جملة وتفصيلا من خلال الإنقلاب ضد آخر خلافة ( العثمانيون) وبدأ العد التنازلي يوما بعد يوم وإستبحنا إلى حد إستبدال التشريع الإسلامي الثابت القطعي بتشريع غربي في أكثر من حقل تشريعي وأكثر من موطن عربي وإسلامي ثم كانت الضربة الأخيرة شبه قاصمة وشبه طاحنة لأنها كانت ضربة عقدية ثقافية فكرية ولكن بغطاء سياسي عسكري أي : إحتلال القدس رمز الهوية الإسلامية منذ 62 عاما كاملة ثم ما أثمره ذلك من مماليك عربية بعضها مناوئ لبعض موال لعدو الأمة إن كرها أو طوعا والنتيجة سيان : إستبداد سياسي ألجم الأفواه والأقلام وجمد التجديد ونهب إقتصادي شرس وفرض الموالاة للصهيونية تطبيعا وصمتا مريبا.
مشروع الأمة هو دعوة التحرر من جديد وإستدعاء النهضة من جديد عودة لأصول الإسلام الصافية التي تكفل ذلك بمنهاج يصل ذلك بمقتضيات العصر الجديد إقتباسا لما هو مفيد ونقدا للأوضاع البالية التي حفرت فينا للإنحطاط والإحتلال أخاديد غائرة. مشروع لبه : الوحدة الإسلامية على أسس الحرية والكرامة والعدل والعلم والتعدد والقوة والخير.
ذاك هو مشروع الأمة ولسنا نحن سوى مساهمة مما لا يحصى حاضرا وماضيا من المساهمات بإختلاف مواقع المساهمين وحقول أدائهم وطبيعة إهتماماتهم وتنوع إجتهاداتهم التقديرية الجزئية ضمن التحليل الحضاري العام آنف الذكر.
كل مساهمة قولية أو عملية فردية أو جماعية لها بذاك المشروع صلة هي منا ونحن منها سوى أن التنسيق بيننا مطلوب على درب توحيد عرى الصف الواحد المقاوم : مقاومة أنفسنا عقلا جائعا أو مركبا تركيبا بدويا مضطربا أو قلبا أسود ضاق بالرحمة ومقاومة مظاهر الظلم والحيف والتخلف والجور في محيطاتنا ( أشدها الإستبداد السياسي الحكومي المنظم مستقويا بعصا البوليس وقوة السلطان والمال وتجنيد الميليشيات) ومقاومة العدو المحتل لأرضنا في فلسطين.

هو ميزان في المقاومة لا بد من العدل بين طرفيه

1 طرف نقاوم به أنفسنا نحن بأنفسنا نقدا ذاتيا. هو حقل ملغوم بالضرورة. بل إنه الحقل الأعسر لأنه يقاوم النفس ويقاوم الإنسان به إخوانه ورفقاء دربه ويحاكم به ماضيه وتاريخه بين قائل بأن التاريخ مفترى عليه وقائل بأن التاريخ لطخه السواد حتى ضاق به. هنا بالضبط والتحديد تضيع بوصلة العقلاء إلا قليلا. هنا بالضبط والتحديد يبطش بك هذا وذاك فأثبت أيما ثبات.
2 طرف نقاوم به غيرنا نقدا موضوعيا لحال البشرية التي إستولت عليها إدارات غربية وصهيونية بقوة السلاح والمال فأحلت فينا الجور والقتل والإحتلال ونهب الثروات وتخبيب بعضنا على بعض حتى أصبحنا نشطر أوطاننا من بعد وحدة مع مطلع كل قمر جديد تقريبا.
منّا من يشتغل في حقل المقاومة الأول ومنّا من يشتغل في حقل المقاومة الثاني ومنّا من يجمع بينهما ولكن العدل هو تثمين كل مقاوم في أي حقل كان إذ العبرة هنا بالتكامل من جهة وبتوجه الإهتمام من جهة أخرى ولكن ليس هناك حقل أولى من حقل من هذين الحقلين بل إن الحقل الثاني رهين الحقل الأول “ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”. „ قل هو من عند أنفسكم “.

دعوة إلى ضبط السجالات

1 ضابط حسن الإجتهاد ودقة التقدير قدر المستطاع وذلك من خلال الحرص على المعطى الصحيح والدقيق وهو أمر يتأتى من سعة الإطلاع وسعة الحوار وحسن الإصغاء والإنصات سميا للرأي المخالف. ولا يكون كل ذلك سوى بإلتزام النسبية في كل شيء. ولا يكون كل ذلك سوى بالعكوف على الفكرة والتجرد لها في حركة إغضاء طرف بالكامل عن المؤثرات الداخلية من حب أو كره والمؤثرات الخارجية. لا يكون ذلك سوى بإلتزام الجماع بدل الجزئية والمقارنة ومراعاة فوارق الزمان والمكان.
2 ضابط حسن الخلق وإنتقاء العبارات والتخلص من الكتابة في حالات الغضب أو مباشرة بعد الإطلاع على مقال يثير الحفيظة وربما إعتماد الأسلوب النبوي الأرشد “ ما بال أقوام...“.
3 ضابط موضوعي لمن يحسنه وهو : محاولة فهم الأمر لتفسيره تفسيرا صحيحا فإذا ما فسر الأمر على وجه الأدنى إلى الصحة عرفت إتجاه القالة وإتجاه صاحبها ومحركاته الأصلية إذ كثيرا ما يطغى الشخصي هنا على العام شأن الإنسان في غريزة حب التقدير وتحاشيه السقوط إعتباريا بين أصدقائه وأقرانه.
4 ضابط التمييز بين الفكرة حتى لو كانت مخالفة وبين المزاج أو حالات الإكراه الخفية جدا وقد تكون أحيانا خفية حتى عن أصحابها أنفسهم عندما يتورطون فيما لا يحسنون قراءته منذ البداية.
أما من يطمع في تجفيف منابع السجالات وما تثيره الأحداث المتلاحقة تلاحق نبضات الحياة فهو كمن يطمع في ألا يرسم قلم إلا ما كان صحيحا دقيقا أو أن يصدر لسان عن قلب لا يحمل مقدار حبة خردل من غل وحقد وحسد .. تلك مثاليات لا مكان لها إلا في رؤوس العاطلين عن العمل. العاطل عن العمل وحده هو من يرى الدنيا جمالا متألقا متلألئا أما العامل نقدا ذاتيا لواقعه وواقع أمته أو مقاومة للإستبداد أو للإحتلال فهو من لا يضع عن عاتقه معوله يغرس به فسيلة أو يئد به شجرة تحجب الغابة عن الناس.
ذلك هو الحراك الطبيعي في وضع سياسي وإستراتيجي تونسي ودولي غير طبيعي.
والمنافسة في الأسواق الإفتراضية الجديدة هو الطريق الصحيح.
ولا حجر على الألسنة والأقلام ولكن الدعوة إلى الإصلاح والتربية وإلتزام العدل والإحسان تقديرا وخلقا مطلوبة بقدر ما هو مطلوب ألا يحجر على الألسنة والأقلام حاجر إلا حاجر غياب المعطى الصحيح الدقيق أو الكلمة الطيبة الإيجابية.

الحوار.نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.