يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يتعرّض الى وعكة صحية إستوجبت تدخل جراحي    أنصار قيس سعيد اليوم : ''تونس حرة حرة والعميل على برة''    البنين تعتزم إجلاء 165 من مواطنيها بصفة طوعية من تونس    مسؤول إيراني: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    الحرس الوطني: هذه آخر المعطيات المتعلقة بالهجرة غير النظامية    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    الجمعية النسائية ببرقو تصنع الحدث    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالات منتقاة من صحيفة الوطن التونسية
نشر في الحوار نت يوم 27 - 11 - 2010

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤشرات إيجابية نحو الحلّ بقلم: عبد الفتاح كحولي
شهد ملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تطورا ملحوظا يمكن أن يشكّل "فرصة" لتجاوز الرابطة مأزقها الذي أعاقها عن القيام بدورها الطبيعي في الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر ثقافتها وهو ما يوجب على المعنييين بالشأن الرّابطي المساهمة في فتح حوار جاد ومسؤول ينتهي إلى وضع خارطة طريق واضحة تؤدّي إلى عقد المؤتمر الوطني السادس للرابطة ويهمنا في هذا المقال أن نقف عند التطورات النوعية في هذا الملف وتقدّم ملامح رؤية حول أفق التجاوز.
لقد شكل خطاب رئيس الدولة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين للتحول حدثا بارزا لما تضمّنه من تأكيد على أهمية منظومة حقوق الإنسان في المشروع الحضاري المرتكز على صيانة كرامة المواطن وعلى أهمية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ضمن هذه المنظومة ولما تضمّنه أيضا من دعوة إلى إيجاد حل لأزمة الرابطة في إطار اتفاق بين جميع الأطراف الرابطيّة ومن حرص على المساعدة في تجاوز أزمة الرابطة وفي سياق متصل شكل البيان الصادر عن الهيأة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يوم 11 نوفمبر 2010 حدثا آخر بارزا إذ تضمّن تثمينا للحرص الرئاسي على مساعدة الرابطة لإيجاد حلّ وفاقي للأزمة وهو ما يؤكد على التعاطي الإيجابي مع خطاب رئيس الدولة كما تضمن في كل فقراته وبنوده روحا إيجابية بإزاء الأطراف الرابطية ذات العلاقة بالأزمة وإزاء كل المعنيين بالشأن الرابطي ودعوتهم لمدّ يد المساعدة.
إن ما يمكن استنتاجه من قراءة خطاب رئيس الدولة في فقرته المتصلة بموضوع الرابطة ومن قراءة بيان الرابطة هو وضوح الروح الإيجابية والحرص على تجاوز الأزمة من جهة وعودة الرابطة إلى الاضطلاع بالدور المنوط بها من جهة أخرى وهذه الروح الإيجابية تمثل أرضيّة صلبة للبدء في حوار جاد ومسؤول يشارك فيه كل الرّابطيين والرّابطيات وكل المعنيين بالشأن الرابطي من أجل تجاوز وضع الأزمة.
إن هذه الأرضية الصلبة للبدء في حوار جاد ومسؤول يمكن تبنيها من خلال اتساع دائرة المشترك بين السلطة والرابطة وكل المعنيين بالشأن الرابطي وبين الرابطيين والرابطيات في حدّ ذاتهم ويتشكل هذا المشترك من التأكيد على النقاط التالية:
- اعتبار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مكسبا وطنيا.
- التأكيد على أهمية الدور الذي لعبته الرابطة في دعم حقوق الإنسان ونشر ثقافتها
- التأكيد على وضع الأزمة الذي تعيشه الرابطة
- التأكيد على ضرورة الحوار في تجاوز واقع الأزمة ورفض الإقصاء والاستثناء
- التأكيد على ضرورة تأمين الطريق من أجل أن تقوم الرابطة بدورها الطبيعي في أفق عقد مؤتمرها الوطني السادس.

لا شك أن اتّساع دائرة المشترك وتقليص دائرة الخلاف سيلعب دورا حاسما في تجاوز كل العراقيل لأن هذا المناخ من التفاهم يعدّ حصانة أولية في إنجاح الحوار ورسم خارطة الطريق نحو حلّ تاريخي لأوضاع الرابطة.
وانطلاقا من هذه الأجواء الإيجابية ومن مناشدة الهيأة المديرة للرابطة جميع المعنيين بالمساهمة في إنجاح الحوار ستتقدم معالم رؤية قد تساعد على تواضعها في مزيد بلورة هذا الحوار المرجوّ.
إننا ننظر إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومدى أهميتها من خلال رؤيتنا للعمل الجمعوي حاضرا ومستقبلا فدور منظمات المجتمع المدني دور حيوي في معاضدة المجهود الجماعي من أجل إرساء دعائم مجتمع حديث تضبط سلوكه ثنائية الحق / الواجب بعيدا عن كل أشكال العلاقات ما قبل حداثية.
وفي سياق بلد يتقدّم نحو ترسيخ نظامه الديمقراطي فإن لهذه المنظمات وخاصة الحقوقية منها دورا بارزا في إنجاح هذا المسار كما أن المجتمعات الحديثة في مجملها تبنى على أدوار مستقلة ومتكاملة في نفس الوقت وهيآت المجتمع المدني تلعب دورا حاسما في تنظيم المجتمع وتمثيل بعض مطالبه وحقوقه من هذه الزاوية ننظر إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان باعتبارها مكسبا وطنيا ارتباطا بالدور الذي يمكن أن تلعبه في المجهود الوطني العام.
ولا شك أن اتساع المشترك الذي تحدثنا عنه سابقا يشكل مكسبا لا يمكن التفريط فيه من أجل حلّ تاريخي لوضع الرابطة.
إن التأكيد على وضع الأزمة (ETAT DECRISE) يتطلّب حلا من نمط التسوية (Compromis ) وهو ما يتفق عليه الجميع ولكن أيّة تسوية؟
هنا لا بدّ من التمييز بين التسوية التاريخية (compromis historique) والتسوية الظرفية (compromis conjoncturel) فالتسوية التاريخية تتعلّق بالبحث عن توافق دائم أو طويل الأمد يستند إلى المعايير المشتركة للسلوك وضبطها في مدوّنة يحتكم إليها الجميع أمّا التسوية الظرفية فتقوم على تحالف تكتيكي (alliance tactique) قد لا تعمّر طويلا لتعود أجواء الأزمة من جديد.
وبالنظر إلى تأكيد جميع الأطراف على ضرورة أن تعود الرابطة إلى أداء دورها الطبيعي فإن هذه العودة لن تتم بمجرّد عقد تسوية ظرفية بل لعقد تسوية تاريخية تقطع مع كل أشكال التوظيف السياسوي وتحفظ استقلاليتها الضامنة للقيام بدورها وهو ما يعني أن الحوار بين الرابطيين لا بد أن يتجاوز المسائل الإجرائية على أهميتها من أجل تأمين حقيقي للمستقبل تجد فيه هذه المنظمة الحقوقية نفسها فاعلة في إطار الدور الطبيعي الموكول لها.
لا شك ان المسائل الشكلية ستأخذ حيزا من الاهتمام ولكن يجب أن تكون مجرد وسيلة في خدمة مسار واضح يشارك الجميع في معالمه غايته العودة بالرابطة إلى اشتغالها الطبيعي على الوظائف الموكولة لها في المجتمع .
إنّنا إذ نقف على هذه الروح الإيجابية وعلى اتساع دائرة المشترك وإذ نقدّم هذا الرأي فإننا نناشد من جهتنا جميع الرابطيات والرابطين تغليب روح الحوار والوفاق وتغليب مصلحة الرابطة ومن ثم مصلحة المجتمع والوطن على كل الحسابات الضيّقة فلا طريق إلى الحلّ إلا بعقد التنازلات المشتركة والتفكير المسؤول والجاد في مستقبل الرابطة التي عدّها الجميع مكسبا وطنيا لا يمكن التفريط فيه.

الشباب والعنف بقلم: صالح عطية
ثمة بعض القضايا والملفات التي تحتاج مصارحة وشفافية كبيرة في التعامل معها، لأن محاولة إخفائها أو التعاطي معها "قشريا"، أو التخوف منها، لن يزيدها إلا تعفنا واستفحالا.. وقضية العنف أحد أبرز هذه الملفات..
نجحت الحكومة في القضاء على العنف في صيغته السياسية منذ مطلع تسعينيات القرن المنقضي، وكان الاعتقاد السائد أن ذلك سيكون مثل الشجرة التي تخفي الغابة، فلا عنف بعد العنف بترميزاته السياسية..
لكن السنوات الأخيرة، شهدت عودة العنف في صيغة رياضية واجتماعية وتربوية..
تصاعدت وتيرته في الملاعب، بشكل غير مسبوق، وبدا المشهد وكأنه تجاذب بين شبان محتقنين لأسباب وحيثيات مختلفة، و"محللين" يريدون إقناعنا بأنها "مجرد ظاهرة" ناتجة عن أخطاء تحكيمية أو بسبب غياب ثقافة القبول بالهزيمة لدى المشاهدين من الشباب بوجه خاص..
في المجتمع تفشت "لغة" ينطق بها الذكور وقسم من الإناث، يسميها البعض "كلاما بذيئا" بات يمثل الخبز اليومي الذي تقتات منه شوارعنا ومقاهينا ومدارسنا وجامعاتنا، بل حتى في عديد الإدارات العمومية والخاصة..
ولد شكل جديد من العنف المادي لا يقل خطورة، وهو "البراكاج" بالليل والنهار، وفي الأحياء الفقيرة قبل الغنية..
برزت في معاهدنا ومؤسساتنا الإعدادية علاقة "احترابية" بين الأستاذ والتلميذ.. وباتت المؤسسة التربوية أشبه بحلبة لصراع الثيران، بعد أن كانت تتمتع بهالة وهيبة ورمزية خلال العقود السابقة..
ورغم كل هذه المظاهر، وغيرها مما لا يتسع المقام لعرضها، ما يزال من بني جلدتنا من يحاول أن يقدم لنا توصيفا أثبتت الأيام والأعوام أنه "خارج الموضوع"..
فليس الأمر متعلقا بالتحكيم، ولا بقوانين الكرة، ولا بشباب "طائش" كما يحلو للبعض أن ينعته، ولا ب "هوليغانيزم" تسلل إلى بلادنا بعد أن انسحب من موطنه في أوروبا بالذات..
إنها نظرة أثبتت قصورها وعجزها عن استيعاب المشكل، وبالتالي إيجاد حل له..
فالعنف ظاهرة سوسيولوجية، فيها الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني.. وعندما يتعلق الأمر بهذه الأبعاد، فإن التحليلات "سوبر رياضية" لا يبقى لها معنى..
نحن أمام جيل جديد، متعلم ومثقف، يمتلك قيما جديدة، عنوانها "رفض ثقافة الهزيمة" بألوانها المختلفة، لذلك يركب البحر بحثا عن "رزق ملغوم"، ويرمي نفسه في سموم عديدة لكي لا يركن للفقر والخصاصة، ويتحدى الأستاذ وإن بشكل متعجرف أحيانا، لأنه يرى في ذلك إثباتا للذات، ولا يأبه بالسلطة في معناها الرمزي، لأنه لا يريد أن يكون نسخة من جيل السبعينات والثمانينات، جيل الهزائم العربية والمحلية.. الجيل الذي نجح في جعل الهزيمة ثقافة، وهو ما يرفضه شبابنا الراهن، وهذه هي البوابة التي ينبغي أن ننطلق منها لفهم علاقة شبابنا بالعنف في ترميزاته المختلفة..
خارج هذه الدائرة، سنكون مثل العطشان الذي يلف حول بئر زلال ولا يروي عطشه..

الدّروس الخصوصيّة تهديد للمنظومة التربوية وصمت الأطراف المسؤولة
بقلم : أبو آدم
ما يحدث للأسرة والتلاميذ مع الدروس الخصوصية لهو مؤامرة بكل المقاييس تمارسها عديد الأطراف عن وعي وتصميم ويسكت عنها الجميع مخافة أن يقود طرحها وبحثها إلى إماطة اللثام عن مشاكل وقضايا أخرى يهرب الجميع من تحمل المسؤولية في حلها كل له أسبابه ودوافعه الخاصة .
الظاهرة نمت واستفحلت وأصبحت سرطانا حقيقيا ينهش عقول أبنائنا وشبابنا ويهدد مجمل النظام التعليمي العمومي القائم على المجانية والديمقراطية والمساواة بين كافة أبناء الشعب إلى جانب ما يلحقه بميزانية الأسر والأولياء ضعاف الحال الذين لم يعد أمامهم سوى مجاراة هذا النزيف المفروض عليهم فرضا.
كل هذا صحيح ويعلمه الجميع من سلطة الإشراف وهي المسؤول الأول عن حماية نظامنا التعليمي العمومي إلى الأولياء المغلوبين على أمرهم والمنشغلين بضمان حظوظ أبنائهم في" سوق المنافسة على النجاح العلمي" ولكن الأمر الخطير الذي نريد إبرازه والتأكيد عليه في هذا المجال وننبّه المسؤولين إلى ضرورة الوقوف عنده واتخاذ ما يلزم لمعالجته هو أن تطور الظاهرة يكاد يقود إلى التخلي عن منظومة التعليم الديمقراطي المجاني ويرسي بدلا عنها منظومات جديدة غير ديمقراطية وغير مجانية وهي كما يلي :
1 منظومة تعليمية عمومية خاصة بالمتفوقين من التلاميذ (النموذجيين) القادرين على التميز والإبداع وهي منظومة رغم كونها مجانية إلا أنها أصبحت موضوع استهداف أجنبيّ يستنزف خريجيها وطلابها فلا تستفيد الدولة كثيرا من مخرجاتها العلمية
2 منظومة تعليمية مدفوعة الأجر خاصة بالقادرين على الدفع المكلف لتمكين أبنائهم من بلوغ مراتب عليا في التعليم وبالتالي في الوظيفة
3 منظومة عمومية مجانية لأبناء الفقراء من الذين لم تسعفهم ظروف النشأة والإحاطة الأولية وساهم المحيط العام في تعقيد وضعهم الدراسي فلم تتح لهم فرص الثروة والتفوق العلمي فأصبحوا هدفا لتجار الدروس الخصوصية وبعض أصحاب المدارس الخاصة.
ونحن نرى أن هذا التحول في المنظومة التعليمية أصبح أكثر بروزا في السنوات الأخيرة مع تنامي عدد المدارس النموذجية العمومية (إعدادية وثانوية) والمدارس الخاصة والحرة ذات الكلفة الاستثمارية العالية والمغطية لكل مراحل التعليم من الأساسي إلى العالي والتي يحتاج الالتحاق بها إلى ميزانية ضخمة لا يقدر عليها سوى الأثرياء وفي مقابل تنامي هذين النوعين من المؤسسات نلاحظ ترديا في أوضاع أغلب المؤسسات التربوية العمومية من النواحي البيداغوجية والعلمية والبنية الأساسية ممّا يقود إلى الاعتقاد بأنها لم تعد تختلف عن بعض المدارس الحرة التي وجدت لتنتشل المطرودين ومن خلال ما سبق نرى أن هيكلة جديدة للتعليم باتت ضرورية لمسايرة التحولات التي حدثت على أرض الواقع .
إن ظاهرة الدروس الخصوصية واستفحالها وشمولها لكل مراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي ولأغلب مواد الدراسة تؤشر إلى أن ضعفا هيكليا موجودا في مجمل منظومة التعليم وأن جميع الأطراف واعية بذلك ولكن ساكتة عنه وبدل الانكباب على دراسة هذا الضعف ومعالجته ضمن المنظومة القائمة لجأت إلى منظومات موازية تضرب في العمق المؤسسة العمومية وتساهم بطرق واعية وغير واعية في التخلص التدريجي "من أعباء احتكار الدولة لسوق التعليم" وإرساء منظومة جديدة غير ديمقراطية وغير مجانية تستدرج المجتمع ككل إلى فضاء المضاربة الرأسمالية الجشعة ومجتمع اقتصاد السوق وهو ما يتنافى مع مبدأ العدالة الاجتماعية وسموّ قيمة العلم ومسؤولية الدولة على التعليم.
نحن نصرّ على دعوة كافة المسؤولين على قطاع التعليم من سلطة الإشراف ونقابات التعليم ومنظمات مجتمع مدني إلى ضرورة فتح حوار جدي وعميق هدفه معالجة منظومة التعليم العمومي بشكل تعيد له اعتباره ومصداقيته وتدعّم ثقة المواطن في أدائه فتحول دون تسلل المضاربين على حاجات المجتمع والإنتهازيين الذين ضاقت بهم سبل الكسب الشريف فاتجهوا إلى توظيف رسالة العلم والتربية للتكسّب والإرتزاق.

الشباب والهجرة والارتماء في المجهول بقلم حمزة العويني
لا شك أن ظاهرة الهجرة ظاهرة قديمة قدم الإنسان ويعرف المختصون في الميدان هذه الظاهرة بأنها تتمثل في ترك الإنسان – فردا أو جماعة – لموطنه الذي نشأ فيه والذي من المفروض أن ينشد إليه ويخير الانتقال إلى مكان آخر غريب عنه لم يتعوده وتنتج هذه الظاهرة عن ظروف اقتصادية أو سياسية أو أمنية أو غيرها تجعل الوطن الأصلي طاردا لأبنائه والمكان المقصود جاذبا وهو الذي يعتقد المهاجر أنه سيجد فيه ما يفتقده في موطنه الأصلي.
لقد تفاقمت ظاهرة الهجرة بمختلف أشكالها في السنين الأخيرة من بلدان الجنوب والوطن العربي إلى بلدان الشمال خاصة البلدان الأوروبية التي تعد في نظر الكثير من الشباب العربي بمثابة "الفردوس الموعود"
. و بلغ تفاقم الظاهرة حدا مثيرا للحيرة بالنسبة للسياسي والدارس الاجتماعي على حد السواء إذ أضحت الهجرة خاصة السرية منها تأخذ شكل الموجات البشرية التي ترمي بأرواحها دون دراية لا بظروف البحر والمناخ ولا حتى بالقارب المعتمد في العبور من ضفة الجنوب إلى ضفاف الشمال ولا تكاد تخلو منطقة من قطرنا تونس بها مرفأ بحري من تواجد عصابات تتصيد كل لاهث وراء الحلم المنشود الهجرة و ما أكثر عدد هؤلاء اللاهثين من الجنسين ومن اللونين الأبيض والأسمر .وكثيرا ما تستهوي الرغبة في الهجرة إلى أوروبا بشرا غالبا ما يذهبون ضحية انسياقهم الفراشي الأعمى فيركبون الموجة ولكنهم يصطدمون بالموت الحتمي وكثيرا ما نسمع بموجات من هؤلاء المتهافتين وقد لفظهم البحر إلى هذا الشاطئ أو ذاك.
يعد الشباب مشكلا عالميا نتيجة اختلال التوازن السكاني ففي حين يعاني الغرب وأوروبا القديمة بالتحديد من حالة من التهرم السكاني وبالتالي من شيخوخة مجتمعاتها فإن بلدان كثيرة أخرى وخاصة البلدان الأفريقية والمنطقة العربية تشكو من تزايد عدد شبابها وتشير أرقام "اليونيسيف"- المنظمة الأممية للطفولة –إلى أن نحو 50بالمئة من سكان المنطقة العربية هم تحت 24 سنة وهو ما يعني أن 160 مليون من الشباب العربي من أصل 300 مليون عربي سوف يحتاجون إلى مواطن شغل في سنة 2010 وهو ما يشكل مشكلا للمسؤولين في أقطار الوطن العربي الكبير نتيجة العجز عن استيعاب هذه الموجة الشبابية المتحفزة للعمل وغياب التخطيط والتعاون العربي المشترك مما يولد ظاهرة أخرى تتمثل في شعور عدد كبير من هؤلاء الشباب بالإحباط نتيجة انسداد الآفاق ويتحدث تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا – فيفري 2007 المعنون ب"دور التربية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في مواجهة التحديات وفي تطوير قدرات الجيل العربي الشاب "عن أن الشباب ما بين 15 و24 سنة في المنطقة العربية يقعون تحت ضغط الإحباط الذي يؤدي إلى احتمال ردود فعل متعددة كثير منها غير محمود.
ولئن يخطط الاتحاد الأوروبي إلى التعامل مع الرغبة الجامحة في الهجرة من شباب البلدان النامية ولكن حسب هواه ومصالحه إذ لا يقبل إلا ما يعرف بالهجرة المنتقاة بمعنى إرادة استيعاب الشباب الأدمغة فقط وهم الذين صرفت بلدانهم عليهم الغالي والنفيس من أجل تكوينهم ويريد الأوروبيون أن يتلقوهم في طبق من ذهب هكذا وبدون أي كلفة ، شباب جاهز أو شبه جاهز ليحتل مكانة في الدورة الاقتصادية وتروم أوروبا أن تستوعب قرابة 50 مليون من اليد العاملة الماهرة بحلول سنة 2050 وهكذا يؤبد التخلف على البلدان النامية حسب تعبير "أندري قندر فرانك"في نظرية الشهيرة "تأبيد التخلف"وهكذا سيبقى على مدى عقود مقبلة المركز مركزا – أوروبا والغرب – وتبقى الأطراف أطرافا – البلدان النامية .
هذا ما يريده الأوروبيون ولكنهم ما يزعجهم حقا هي ظاهرة الهجرة السرية من الضفة الجنوبية للبحر المتوسط نحو شماله وبأعداد هائلة جلهم من الشباب وفي ظروف مرعبة بل ومشينة للإنسانية جمعاء و كثيرا ما يبتلع البحر أعدادا منهم تتزايد كل يوم وهناك أرقام تتحدث عن أن نحو 1000 شخص يغرقون سنويا في البحر المتوسط من بين العرب والأفارقة وتقول إحصائيات أخرى أن أعداد المهاجرين بالطريقتين الشرعية وغير الشرعية قد ارتفعت من 175 مليون إلى نحو 190 مليون في العقد الأخير على المستوى العالمي وتقدر بان ما يزيد عن 80 بالمائة من هؤلاء المهاجرين هم من بلدان نامية قاصدين أوروبا وأمريكا وكندا .
إن ما يزعج الأوروبيين أيضا وخاصة الفرنسيين الخوف من تبدلات كبرى بالتركيبة الاجتماعية في البلدان الأوروبية وهو ما قد يجر تبدلات ثقافية .
هذا الانزعاج الأوروبي ترجم في جانب من جوانبه في الحركة المحمومة من قبل المسؤولين الأوروبيين والغرب عموما إلى بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط .
إن الهجرة ظاهرة العصر ولها أوجه كثيرة هذا وجه منها والمتمثل في الهجرة السرية في اتجاه الدنيا وهربا من جحيم الواقع المعاش المتأزم والذي يدعو إلى الخروج منه ولو بشق البحر المتوسط بأية وسيلة كانت .
لغتنا هويتنا بقلم سامية زواغة
رغم أن اللغة العربية هي أهم المرتكزات التي يقوم عليها وجودنا الوطني والمعيار الأساسيًّ لهويتنا والمكون الرئيسًي في تشكيل الوجدان القومي وإقامة المشروع الحضاري العربي. فإنها في المقابل وللأسف الثغرة التي يمكن أن يُصَابَ من خلالها جسد الأمة بسهام المتربصين بها.
فاعتبار اللغة العربية لغة رسمية حسب الدستور والقوانين وفي الخطابات الحكومية و في جانب هام من برامج التربية والتعليم وهو ما يمثل عنصر أصالة واستجابة لحقيقة التاريخ الوطني لا يلغي وجود عناصر أخرى غريبة عن هذه الأصالة من ذلك ما نشاهده اليوم من تجميد و انتهاكات يومية لهذه اللغة في كثير من القطاعات وعلى يد الكثير من المؤسسات والنخب والأفراد وهو ما من شانه أن يفقد المشروع الوطني ركيزة أساسية من ركائز النجاح لمضمونه و تهدد مستقبله بنتائج عكسية لأن الدستور والمناشير تدعو إلى تكريس لغة وطنية رسمية وحيدة وحمايتها والدفاع عنها في حين يعمل الكثير من المختصين والقائمين على البلاد في ممارساتهم اليومية على تحنيطها وعزلها عن الحياة خصوصا حياة الشباب ولعل هذا أخطر بكثير من زحف العولمة ومن كل عامل خارجي .
لقد بات الأمر لافتا للنظر منذ سنوات و مع اعتماد خيارات اقتصاد السوق وإطلاق العنان للقطاع الخاص أن تتنامى ظاهرة لغوية هجينة في فضاءاتنا العمومية والخاصة وفي لغة الإعلام والإشهار والدعاية تتنافى مع الخطاب الرسمي وتطرح أكثر من سؤال حول مستقبل هويتنا اللغوية فاغلب ما يميز برامج قنوات البث الإذاعي والتلفزي و اختيارات الصحف ولغة المؤتمرات والندوات العلمية و لافتات الدعاية والإشهار الخاصة بالمحلات والمركبات التجارية وبرامج المسابقات يبعث على القلق والحيرة بحيث يفاجئ الإنسان في كثير من الأحيان بغياب اللغة العربية والسيطرة شبه الكاملة للغة الأجنبية إلى جانب لهجة أخرى مهجنة، لا هي بالعربية ولا العامية أو الأجنبية. وهذا يعطي الانطباع بأن اللغة العربية تواجه حصارا مدروسا وعدوانا منهجيا يمهد لإفقادها مكانتها و حضورها كخطوة للاستغناء عنها وهو ما يشعرنا بالغربة في بلدنا ويدعونا في أكثر من مناسبة لنطرح السؤال : لماذا هذا الزحف الحثيث للغة الأجنبية والمهجنة في شوارعنا ومركباتنا بل وفي وعينا أيضا ؟ لماذا هذه الغربة اللغوية في زمن يفترض فيه انه زمن الاستقلال والسيادة الوطنية ؟ أين دور النخب الثقافية الحريصة على حق الشعب في الهوية والديمقراطية ؟
لفترة طويلة كان وجود الاستعمار والاحتلال المباشر عدوانا مستفزا للمشاعر الوطنية ومحفزا على المقاومة والثورة و تأكيد الهوية والحفاظ عليها وقد دفعت البلاد أثمانا باهظة لطرد جيوش الاحتلال وبناء الدولة الوطنية وما يعنيه ذلك من تأصيل لبرامج التنمية بما فيها التنمية الثقافية واللغوية غير أن الواقع الوطني وبعد عقود من البناء يبرز وجود قوى ونخب عديدة استبطنت المشروع الاستعماري في ثقافتها وخيارها الحضاري وأصبحت تمثل بؤر عدوان وتخريب للغة العربية رغما عن الدستور والقوانين التي تؤكد على التعريب . ويبدو أن خطر هذه القوى اشد على البلاد من جيوش الاستعمار المباشر نظرا للباسها "الوطني "وانتمائها غير المشكوك فيه للشعب لأن هذه القوى والنخب تتخفى اليوم وراء منطق العولمة الإنسانية وثقافة السوق لتهدم منطق الأمة وثقافة المجتمع وتبرر التخلي عن خصوصياتنا التي هي مصدر وجودنا وهويتنا حاضرا ومستقبلا.
والخطير في الأمران تأثير الثقافة اللغوية التي تحملها بعض القوى الاجتماعية و يروج لها الإعلام و يتلقفها الشارع والوسط الاجتماعي ككل عبر لافتاته وإعلاناته هو الذي يشكل اليوم وعي المواطن وعقل الأمة ومرجعية تربية الأجيال.
لقد أصبح ضروريا في هذا الإطار دعوة الإعلام بالدرجة الأولى والمؤسسات الثقافية و الإدارية والتربوية وجميع هياكل التنمية الجهوية والمحلية إلى تحمل مسؤولياتها في حماية لغة البلاد والنهوض بها و اتخاذ القرارات التي تلزم فيها جميع القائمين عليها والمتعاملين معها باحترام الهوية اللغوية للشعب.
إن حفاظنا على لغتنا هو حفاظنا على هويتنا وعلى ذاكرتنا ومستقبلنا وهو أمر تدركه الأمم الحية فتسعى إلى تجريم العدوان عليها وتسن القوانين التي تحمل الجميع على حماية أصالتها اللغوية و الأكيد أن ضياع اللغة الوطنية كما انه هدد مجتمعات كثيرة في العالم وأفقدها خصوصيتها الثقافية فصارت تابعة لثقافة اللغة التي طغت عليها فان استمرار تراجع اللغة العربية في حياتنا قد يقود إلى ذات المصير‏ وهذا ما يبرر قلقنا اليوم تجاه مصير لغتنا واستقلالنا الوطني.
الصحافة العربيّة الأسيرة في معتقلات الحكّام ورجال الأعمال بقلم عبد الكريم بن حميدة
القضيّة الأولى: المدّعي هو وزير خارجيّة جمهوريّة مصر العربيّة أحمد أبو الغيط..
والمدّعى عليه هو الإعلاميّ حمدي قنديل..
والتهمة هي السبّ والقذف..
القضيّة الثانية: المدّعي هو وزير ماليّة جمهوريّة مصر العربيّة الدكتور يوسف بطرس غالي..
والمدّعى عليه هو الإعلاميّ وائل الإبراشي..
والتهمة هي تحريض المواطنين على عدم الانصياع لقانون الضرائب العقارية الجديد وإثارة الرأي العام ضد القانون.
في القضيّتين نجد أنّ الصدام يحصل بين سلطتين إحداهما قاهرة كلّما تعلّق الأمر بخصومها في الداخل، مقهورة مغلوبة على أمرها في علاقاتها بأعدائها الحقيقيّين في الخارج. أمّا الثانية فإنّها ما تزال ناشئة تتلمّس طريقها وسط حقول من الألغام تزرعها السلطة السياسيّة في طريقها، فتظهر في أشكال متنوّعة من أكثرها شيوعا في بلادنا العربيّة التآمر والغدر والادّعاء الباطل.. وتتشكّل تبعا للغم الذي اصطدمت به في تهم متنوّعة أيضا كالسبّ والقذف ونشر الأخبار الزائفة وإثارة الرأي العامّ.. وربّما نطالع في لائحة الاتّهام ما لا يخطر ببال كاجتياز الحدود خلسة والتخابر لفائدة جهات أجنبيّة.. ولم لا التآمر لقلب نظام الحكم؟!!
ما يحصل الآن مع حمدي قنديل ومع وائل الإبراشي ليس سابقة في تاريخ الصحافة العربيّة، ولا في تاريخ العلاقة المهزوزة بين السلطة العربيّة والصحافيّ أو المثقّف عموما.. وهو ما يؤكّد مرّة أخرى أنّ السلطة السياسيّة الحاكمة في البلاد العربيّة ما زالت عاجزة عن استيعاب الرأي المخالف، ومازال صدرها ضيّقا عن تحمّل نبرة مختلفة. ولهذا فإنّها ظلّت تنظر دائما بعين الريبة إلى كلّ قلم يعلن تباينه مع خياراتها الاقتصاديّة أو السياسيّة أو الثقافيّة أو غيرها، مثلما ظلّت تسعى إلى الإطاحة ب"خصومها" الإعلاميّين حتّى ولو تعلّق الأمر بمقال ينتقد أداء لاعبي منتخب كرة القدم!!!
هل كان مقال الأستاذ حمدي قنديل يستوجب إحالته إلى القضاء؟ وهل إنّ ما ورد فيه يرقى إلى درجة السبّ والقذف مثلما نصّت على ذلك لائحة الاتّهام؟
لنقرأ معا ما كتبه قنديل.. "إن تصريحاً لأبو الغيط يصف إسرائيل بأنها عدوّ، سقط سهواً من فم الوزير الذي عادة ما تسقط من فمه الكلمات كما تتساقط النفايات من كيس زبالة مخروم".
للتذكير فإنّ وزير خارجيّة مصر العربيّة سبق له أن أدلى بتصريحات كثيرة ما زالت الذاكرة تحتفظ منها على الأقلّ بما قاله إثر عبور فلسطينيّي غزّة للحدود مع مصر.. قال الوزير أبو الغيط يومها: "إنّ مصر ستكسر رجل أي فلسطيني يعبر الحدود"، مثلما صرّح بعد مباراة أمّ درمان الشهيرة بأنّ "الحكومة كانت تعلم بمؤامرة الجزائر على الجماهير المصريّة أثناء تصفيات كأس العالم وأنها درست 3 اقتراحات قبل المباراة".
هل يريد السيّد أبو الغيط اليوم أن يكسر كلّ قلم يتجاوز الحدود التي ترسمها السلطة السياسيّة؟
لا عجب.. فهذه التصريحات وغيرها ما زالت عالقة بالذاكرة العربيّة..
لنُضِفْ إذن في سياق نفضنا الغبار عن هذه الذاكرة تلك الوقفة المهينة التي وقفها أبو الغيط (هو لا غيره) في المؤتمر الصحفيّ مع وزيرة خارجيّة الكيان الصهيونيّ تسيبي ليفني، وهو المؤتمر الذي أطلقت فيه هذه الأخيرة تهديدات مباشرة ضدّ غزّة العربيّة المحاصَرة نُفّذت بعد ساعات بعدوان واسع خلّف آلاف الشهداء والجرحى..
هل كان الأستاذ حمدي قنديل مخطئا إذن حينما شبّه كلمات السيّد الوزير بالنفايات ؟ وهل كان تشبيهه لفمه بكيس الزبالة المخروم تجنّيا على الحقيقة أو تطاولا لا يجوز بحقّ أحمد أبو الغيط؟
وهل كان الأستاذ وائل الإبراشي رئيس تحرير جريدة "صوت الأمة" مخطئا حينما حرّض المواطنين على عدم الانقياد لقانون الضريبة العقّاريّة وعدم تقديم إقرارات الثروة العقّاريّة؟ وهل كانت المحرّرة بالجريدة سمر محمد الضوي تمثّل خطرا على الأمن في مصر عندما أجرت تحقيقا صحفيّا بعنوان "صوت الأمّة تدعوكم للمشاركة في حملتها لمقاطعة الضريبة العقّاريّة، لا تقدّموا الإقرار ولا تدفعوا ضريبة بطرس"؟
الإبراشي -الذي يلقّبه كثيرون في مصر ب"نصير الأيتام"- وفي ردّه على أسئلة هيئة المحكمة أكّد أنّه لم يحرّض على عصيان مسلّح وأن كلّ ما في الأمر أنّه استخدم حقّه الذي كفله له الدستور نحو إسقاط "قانون الضريبة العقّاريّة" باستخدام الوسائل السلميّة التي لا تتعارض وصحيح القانون.
لماذا تخشى السلطة السياسيّة العربيّة مجرّد دعوة من صحافيّ؟ هل أنّ صحافيّا مهما بلغ من قوّة التأثير يمكن أن يؤلّب الرأي العام على حكومته؟ وكيف يمكن أن نحترم الحكومات العربيّة التي تحارب حرّيّة الرأي والتعبير، وتطارد الأقلام الحرّة وتضيّق عليهم، وتبتزّهم، وتهجّرهم وتغتالهم؟ وإلى متى تظلّ الصحافة العربيّة رهينة بأيدي الحكام وأصحاب المال والأعمال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.