عاجل/ أحداث عنف بالعامرة وجبناينة: هذا ما تقرّر في حق المتورطين    عاجل/ منها الFCR وتذاكر منخفضة السعر: قرارات تخص عودة التونسيين بالخارج    أي تداعيات لاستقالة المبعوث الأممي على المشهد الليبي ؟    النادي الصفاقسي : تربّص تحضيري بالحمامات استعدادا للقاء الترجّي الرياضي    طقس الليلة.. امطار بعدد من الجهات    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    عاجل/ قطب مكافحة الإرهاب: كل تداول في حيثيات قضية التآمر يترتب عنه تتبّعات جزائية    المهدية: محامو الجهة يُنفّذون إضرابًا حضوريًّا بيوميْن    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    عاجل/ تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    ازدحام و حركية كبيرة بمعبر ذهيبة-وازن الحدودي    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    المنتدى العالمي للطب البيطري يعقد في تونس ...و هذا موعده    طبرقة: فلاحو المنطقة السقوية طبرقة يوجهون نداء استغاثة    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    مدير إعدادية أمام القضاء..التفاصيل    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 8 أشخاص في حادثي مرور    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    هذه الشركة العالمية للأغذية مُتّهمة بتدمير صحة الأطفال في افريقيا وآسيا.. احذروا!    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    عاجل : مبروك كرشيد يخرج بهذا التصريح بعد مغادرته تونس    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    صور : وزير الدفاع الايطالي يصل إلى تونس    الفيفا يكشف عن فرضيات تأهل الترجي الرياضي لكأس العالم للأندية    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    وزير الدفاع الايطالي في تونس    ر م ع الشركة الحديدية السريعة يكشف موعد إنطلاق استغلال الخطّ برشلونة-القبّاعة    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز 08 صفائح و05 قطع من مخدر القنب الهندي..    زلزال بقوة 6.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بطولة إفريقيا للأندية للكرة الطائرة: مولودية بوسالم يواجه الأهلي المصري من الحفاظ أجل اللقب    بسبب فضيحة جنسية: استقالة هذا الاعلامي المشهور..!!    لأول مرة: التكنولوجيا التونسية تفتتح جناحا بمعرض "هانوفر" الدولي بألمانيا    بطولة ايطاليا : بولونيا يفوز على روما 3-1    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    مدنين: حجز 4700 حبة دواء مخدر وسط الكثبان الرملية    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    البطولة الأفريقية للأندية الحائزة على الكأس في كرة اليد.. الترجي يفوز على شبيبة الأبيار الجزائري    مذكّرات سياسي في «الشروق» (1)...وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم .. الخارجية التونسية... لا شرقية ولا غربية    باجة: انطلاق الاستعدادات لموسم الحصاد وسط توقعات بإنتاج متوسط نتيجة تضرّر 35 بالمائة من مساحات الحبوب بالجهة    الكاف: تقدم مشروع بناء سد ملاق العلوي بنسبة 84 بالمائة    تكريم هند صبري في مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة    صادم: كلغ لحم "العلوش" يصل الى 58 دينارا..!!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الخامسة    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس    وزارة الدفاع الوطني تعرض أحدث إصداراتها في مجال التراث العسكري بمعرض تونس الدولي للكتاب    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى أخي العزيز علي محمد مكشر ...هذا خفقان أشواقي...
نشر في الحوار نت يوم 05 - 12 - 2010


رسالة إلى أخي العزيز علي محمد مكشر
هذا خفقان أشواقي...

أخي العزيز : علي محمد مكشر.
سلام من الله عليك وعلى من معك من أهل وأحبة وإخوان.

يمور القلب مورا بما لا يحصيه قلم ولا يعرب عنه لسان. نكأت في جروحا غائرة يعصف بها الأمل وشروخا واهدة تزدحم فيها غربان الألم. قرأت لك حروفا نظمتها نظما بارعا وكلمات رصعتها بجرعات من فؤادك الخفاق قبل أن يقرظها قلمك فشدني ذلك إليك شدا. كلما قرأت لك شيئا إعتلجني طائف أن هذا القلم إنما يتزود من مداد مهجة هاجمتها صروف الزمان المتقلبة بمثل ما تهجم دابرات الغسق الحالكة على النجاد والوهاد لترخي سدولها ويخيم الصمت ثم يأوي كل ذي مأوى إلى مثواه. لا أغازلك بهذه الكلمات ورب الكعبة ولا أعاوضك بها مثل ما ظننت في خيرا ولكنه وحي من مشكاة وحيك التي أسبغت بطرف منها علي وعلى قراء هذا الموقع. قرأت لك منذ شهور فسألت عنك بعضا من الرجال ممن ظلوا مصابرين على جمر سنوات طويلات عجفاوات.. فما ألفيت في إثرك غير ذكر حسن طيب فطوبى لك بعاجل بشرى المؤمن بمثل ما حدث الصادق المصدوق محمد عليه الصلاة والسلام. وأي رساميل أنفس من قالة طيبة في المرء بظهر الغيب. وأي أرصدة أجود من شهادة الرجال في الرجال عندما تستبد بالدنيا من حولنا أسواق النخاسة و النفاق لتباع فيها الكرامات وتهدر الحرمات بثمن بخس زهيد.

لا يهدأ بالي حتى أقول ما أشاء

ذكرني قولك : „ لا يهدأ بالي حتى أقول ما أشاء “ بصيحة فاروقية حدج بها صفوف الناس من حوله فأيقظهم من سبات الصمت. صاح الفاروق في الناس قائلا : „ يعجبني من الرجل أن يقول ملء فيه : لا”. لا أكتمك صديقي العزيز علي محمد مكشر أني لم أتعلق برجل وطئ الأرض بقدميه بعد سيد ولد آدم طرا صلى الله عليه وسلم بمثل تعلقي بالفاروق. صاح في الناس من حوله يوم صاح بما أنف وهو أمير المؤمنين وجيوشه الفاتحة تمخر عباب مشارق الأرض يهدي بها الله سبحانه آلافا مؤلفة ممن إستعبدهم كسرى أنو شروان بجبروته أو هرقل ببطشه. أحب فيك قولك : „ لا يهدأ بالي حتى أقول ما أشاء “. أحب فيك ذاك الهوى الفاروقي الصادق. وهل تنزل الإسلام بغير رسالة مقدسة هي لبه. عنوانها الأكبر : لا إكراه في الدين. إنما ينتصر الإسلام وتنداح دعوته بالثوار الأحرار الذين لا يرقبون رضى ولا يبالون بسخط إلا لدى الواحد الأحد الديان سبحانه. أما من تغلب عليه الحسابات الضيقة الرديئة يسترضي بها هذا أو يستصرف بها سخط ذاك فهو والذنب سيان.

ألا ترى أن كلمة ( لا ) هي مفتاح سعادة الدارين. كان يمكن أن تصاغ شهادة التوحيد جملة كسائر الجمل ولكنها أبت إلا أن تمتشق ثوب الرفض القاطع كأنما هي في معركة طاحنة ساخنة أو حرب ضروس. ( لا إله إلا الله ). إنما يريد أن يعلمنا سبحانه من ذلك درسا في الحياة عنوانه : أنا حر. حريتي إلتزام يبدأ بإشهار سيف ( لا ) في وجه كل من تحدثه نفسه قبل أن يباشر ذلك بجارحته بإغتيال كرامتي أو الدوس على حرمتي. عندما يتحقق لي ذاك ويصرخ به لساني عاليا وتمتلئ به جنبات روحي .. عندها أختار صراطي في الحياة. عندها يتحرر قلبي وعندما يتحرر قلبي يسكب فيه ربي من حلاوة الإيمان قطرات ندية هي سراج صراطي. بها أصول وبها أجول وبها أخاصم وبها أوالي.ألا ما أسعدنا بالإسلام صديقي العزيز علي محمد مكشر وما أسعدنا بالإجتماع تحت دوحته الظليلة.

دعني أروي لك ما خطر اليوم فجرا على بالي. كنت أهم بفتح المسجد لأداء صلاة الصبح وربما تأخرت دقائق معدودات عن الميعاد اليومي فألفيت شابا من شباب المسجد ممن يواظب على صلاة الصبح. ألفيته قائما على عتبة الباب ينتظرني وأديم الأرض من حولنا حولته الثلوج المتهاطلة بغزارة شديدة إلى حقول مترعة بالبياض الناصع. هزني هذا المشهد هزا عنيفا وظل حديث نفسي لا يفارقني. عاودني الحنين الخؤون إلى سنوات الشباب عندما كان الواحد منا لا يبالي بأي شيء في سبيل أداء صلاة الفجر في المسجد النائي. قلت في نفسي معاتبا : هذا شاب أعجمي يرتاد المسجد في هذا الغلس الداجي لا يبالي بزمهرير الثلوج فلم يحجزه عن لذة الإيمان دفء الفراش.. هذا شاب قد لا يحسن قراءة كتاب الله وقد لا يحفظ من الحديث النبوي شيئا يذكر وقد لا يعرف مثل ذلك عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وقد لا يعلم مثل ذلك عن التاريخ الإسلامي في إندياحه وإنحساره. كل ذلك لم يكن حائلا دونه ودون معانقة الإيمان من أنقى أنهاره كأنها العسل المصفى.

أول شهداء الأرض طرا مطلقا أنثى إسمها سمية

ثم حملت إلي ذاكرتي أبلغ مثال لن أزال بين يديه حيران مشدوها. مثال أردده في نفسي وكلما دعيت إلى الحديث أو الكتابة. هو مثال إمرأة عربية إسمها : سمية. إمرأة ذات زوج وأبناء. إمرأة تجوع مثل جوعنا وتظمأ مثل ظمئنا وتهاب مثل هيبتنا وتخاف مثل خوفنا وتأمل مثل أملنا وتجزع مثل جزعنا وترجو مثل رجائنا. إمرأة مثل كل النساء : تحب الذهب والفضة ورياش الدنيا وزينتها. بل تحب أن تكون جميلة في عيون الناس وتحب أن يكون بيتها مرتبا وتحب أن يكون مطبخها كذلك. هل تظن صديقي العزيز علي محمد مكشر أن سمية سمعت من الكتاب العزيز أكثر من صفحة واحدة أي بضع سور مكية قصيرة؟ لم يكن حظهم جميعا يومها من القرآن الكريم إلا سماعا وأنى لهم بالكتابة في مجتمع أمي بالكامل والمؤمنون في حالة حصار ومطاردة وإعتقال وتهجير وتعذيب. هل تظن صديقي العزيز علي محمد مكشر أن سمية سمعت من الحديث النبوي أكثر من الحديث المعروف : „ صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة”.؟ أنى لها بذاك وهي تقضي اليوم مقيدة ترقبها عيون المشركين وتفرض عليها التوقيع اليومي لمرات كثيرات في اليوم الواحد بمثل ما يفرض ذلك في تونس على السجناء المسرحين؟ أقول دوما في نفسي : كيف كان ذلك الحظ اليسير جدا من الكتاب العزيز أو من الحديث النبوي الشريف .. كيف كان ذلك كفيلا بتوضيح خارطة الطريق الإسلامية لإمرأة ذي زوج وأبناء على نحو تختار حريتها بإرادة عجيبة ثم تفرض تلك الإرادة على المشركين الذين يعذبونها ثم تظل على ذلك حتى تفتح لها السماء عروش الشهادة لتطأها من حيث شاءت. أنى لها أن تختار الشهادة أغلى خاتمة وأعلى وسام ترصع به هامة إمرئ وهي لم تظفر من الوحي ( قرآنا وسنة) بعشر معشار ما ظفرنا به نحن اليوم؟ أنظر إلى المجلدات المشبعة علما وفقها في بيتي وفي بيوت إخواني فتستعر حيرتي. أي إسلام هذا وأي إيمان هذا وأي عقيدة هذه وأي سر هذا.. أي شيء هذا الذي غزا أحشاء سمية وهي المرأة العربية التي كانت قبل سويعات قليلات من إسلامها سقط متاع في عرف الجاهلية العربية الجهلاء أي شيء هذا الذي غزا أحشاءها فحولها أسدا هصورا لا تزيده آلام الجراح المبرحة إلا تأبيا على الإستسلام؟

ذلك هو موضع شدهي أخي العزيز علي محمد مكشر . لن أزال أبحث عن السر لعلي أظفر به يوما ولست بيؤوس حتى بعد أن إشتعل الرأس مني والذقن شيبا.

وا أسفي على ذكران تفحلوا بمثل ما تتفحل البغال الخصية شغبت عليهم الجاهلية العربية القديمة بأوضارها البهيمية فظنوا أن الذكورة مظنة شهامة أو مستودع كرامة فكانوا أتياسا قرناء في وجوه نسائهم ولكن .. ولكن حملانا وديعة بين أقدام الطغاة والمستكبرين.

ولكن ما قصة الإعتدال وما حكاية هؤلاء المجرمين...؟

ذاك هو لب قالتك التي أودعتني بها لهيبا لاظيا رامضا إن أخلفني فجرا عادني ظهرا. ما يراودك أخي العزيز علي محمد مكشر يراود بالضرورة والتأكيد كل بشر ومن لا يراوده الذي راودك فهو الكذاب الأفن فإن لم يكن كذابا أفنا فإنه خضع ربما دون أن يعلم لعملية جراحية مؤلمة إستؤصلت فيها منه غريزة الحمية. ألم تقل العرب : من إستغضب فلم يغضب فهو حمار؟ بل ألم يقل سبحانه قبل ذلك : „ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم”.
ألم يبث الصحابة الكرام ما يجدونه في صدورهم عند الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام حتى قال قائلهم : إنشقاق الأرض بي أهون علي مما أجد؟ هل نهرهم بمثل ما يفعل مشايخنا اليوم؟ كلا. بل بش في وجوههم وهش وقال مغتبطا : أوجدتموه؟ قالوا : بلى. قال : ذلك محض الإيمان. إنما الإعتدال وهو ملازمة العدل بين طرفين أي أن تعدل عن هذا وتعدل عن ذاك ثم تفيئ إلى الأيسر والأرفق وليس الأيسر والأرفق إلا لب الموقف الإسلامي الأرشد في كل حركة وكل سكنة إنما الإعتدال إلتزام العدل في العمل. والقول عمل بالضرورة. ألا ترى أن الحبيب محمدا عليه الصلاة والسلام وهو من هو عدلا وقسطا لا يملك أن يعدل بين نسائه فيما يتصل بعواطفه وأحاسيسه ومشاعره؟ إنما كلف بالعدل هو عليه الصلاة والسلام وكذا غيره فيما يتصل بأقواله وأعماله. تلك لقطة من أجمل وأروع لقطات واقعية الإسلام وإعتداله. الإعتدال هو إذن فيما أرى الفيئ بواسطة قوة الضبط العقلية إلى حيث يمنح المرء خصمه وكذا لما يسمى اليوم الشاهد الدولي بل لعله اللاعب المهم في الساحة مسافة أخرى ليثوب أو ليهلك عن بينة ولنفسه فرصة أخرى ليصعد بصبره إلى مراقي أعلى ومصاف أرضى.

صورة من أروع صور الإعتدال النبوي العظيم...

تروي أحداث السيرة أن رجلا مشركا يبدو أنه تورط في إيذاء الدعوة الإسلامية تورطا بعيدا بعدما تبين له رشدها من غي الجريمة الجاهلية جاءه عليه الصلاة والسلام وأغلظ له القول بحضرة أصحابه بغير حق فما نبس النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ببنت شفة ولما قفل الرجل راجعا قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : لم لم تقتلوه؟ قالوا : لو أشرت إلينا بطرف من عينك لفعلنا. قال لهم : ما ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين. ذاك المجرم حقه القتل في شريعة الرحمان سبحانه جزاء وفاقا ولكن لم يكن ليأمر بقتل إمرئ عليه الصلاة والسلام سيما بحضرة أصحابه الكثر والرجل وحيد وبذلك كتب له سبحانه حياة جديدة ولعله يثوب ثوبا يجعله ينافس السابقين من المهاجرين والأنصار على جنات عدن.

الله وحده أعلم بما ترجل به صدورنا...

أجل. أخي العزيز علي محمد مكشر. الله وحده يعلم بما ترجل به صدورنا حنقا وغضبا وكراهية وبغضاء ضد المجرمين من حكام تونس ممن جاؤوا ضد الإسلام بما لم يأت به عتاة المشركين في مكة. أجل. جاؤوا بخطة تجفيف منابع التدين. قرأت ذاك ورب الكعبة في يوم من أيام عام 1989 في مقال للكاتب المصري المعروف : فهمي هويدي. يقول فيه بالحرف الواحد أنه تلقى خطأ على جهاز ( الفاكس لم يكن هناك في تلك الأيام إنتشار للأنترنت) خطة إسمها خطة تجفيف المنابع صادرة عن محفل ماسوني أمريكي ثم أكد أن الوثيقة مرسلة إلى بعض الدول العربية. بل هب أن كل ما رواه فهمي هويدي دجل وهراء .. لنهب ذلك جدلا. ألم تطبق الحكومة التونسية على إمتداد العقدين المنصرمين خطة لتجفيف منابع التدين؟ هي تطبيقات نراها بأم أعيننا حتى ونحن في أروبا فما بالك بمن يتلظى بنارها مع مطلع كل شمس ومغربها. لكم أشفق أخي الكريم علي محمد مكشر على أولئك النفر منا ممن ينكر كل ذلك دفاعا عن عصابة الفساد والنهب والسلب في تونس. إشفاقي عليهم ورب الكعبة ليس له حدود لأنهم سيسألون عن شهادتهم تلك. ها هي وثائق الأمريكان و حلفائهم من النعاج العربية تتسلل إلينا من موقع ( ويكيليكس). بمثل ذلك ستتسلل مكالمات هاتفية ووثائق سرية ومعاهدات مخلة بالكرامة بين من لم يشفق على نفسه منا وبين أولئك الرهط الفاسد من حكام تونس. تلك هي قيامة الدنيا أو القيامة الصغرى. أسأل نفسي في أحيان كثيرة : هل أن بغضي لحركة النهضة أو لقيادتها أو لمشروعها أو للأقدار التي طوحت بي بعيدا عن أهلي ورحمي وموطني.. هل أن كل ذلك يشفع لي يوم القيامة أما في الدنيا فقد لا يزيدني كل ذلك إلا مكرمة بين الناس وإمامة فأزكي المجرمين وأتهم المؤمنين؟ لا يملك المرء إلا أن يدعو بالدعاء النبوي المأثور : اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

أخي العزيز علي محمد مكشر: من قواعدي في الحياة أن الإنتظام في حركات سياسية وكذلك التدين شيء والكرامة والرجولة والشهامة شيء آخر. من قواعدي في الحياة أن من نشأ على النذالة والحقارة ومن تشرب الخساسة وخصيت مروءته مبكرا لا ينفعه إنتظام في حركات مكافحة ولا إنتماء إلى جماعات مجاهدة. حتى التدين لا يزيدك من قيم الشهامة والكرامة والمروءة إلا شيئا قليلا إذا لم تكرع ذلك من مناهل أبيك ومن تحت أقدام أمك. ربما أكون شاذا في ذلك ولكن تعلمت منك حكمة لن أنساها ما حييت : „ لا يهدأ بالي حتى أقول ما أشاء”. ومن أروع ما قال الشيخ المرحوم الغزالي أن الله سبحانه إختار العرب لرسالته بسبب خلقي الكرم والشجاعة فجاءهم بالدين لغرضين : أولهما لتحقيق مقصده المعروف أي التوحيد والإيمان وغير ذلك وثانيهما : لتهذيب خلقي الكرم والشجاعة من أدواء البطر والكبر والعجب والغرور فإذا تهذب فيهم ذلك إكتملت الشخصية

الإسلامية : دين + كرم + شجاعة...

ولكن حماس متربعة على عرش الإعتدال.

الإعتدال عندي أخي العزيز علي محمد مكشر هو إعداد المواد التالية : الموقف الشرعي الإسلامي الصحيح + حسن قراءة الإمكانات الذاتية + حسن قراءة إمكانات العدو وكذا الصديق وسائر مكونات المشهد الدولي + تصور حال مستقبلية من بعد إنجاز ما أهم به.أي بتعبير الأصوليين ( نص + مقصد + واقع + مآل + شورى). إذا فعلت ذلك حالفك التوفيق بإذنه سبحانه سواء ربحت الجولة أو خسرتها.

الجهاد العسكري اليوم في فلسطين لأنها محتلة وليس لأنها فلسطين ولا حتى لأن الذي يحتلها يهود أو صهاينة بل حتى لو إحتلها المصريون مثلا أو أهل الشام أو أهل تونس هو عين الإعتدال.

بل إن العمليات الإستشهادية التي يسميها عبيد أمريكا إنتحارية وكثير منهم يعتقد بجدواها ولكن الخوف من أمريكا أعماه فلا يجرؤ على تسمية الأمور بأسمائها هي عين الإعتدال في فلسطين المحتلة بسبب أنها محتلة وليست بسبب أنها فلسطين ولا بسبب أن الذي يحتلها يهود أو صهاينة.

بل إن الإمام القرضاوي قال ما معناه في بعض كتبه بأن لأهل تونس أن يختاروا ما ينسجم مع حالة مقاومة الإستبداد عندهم وأكد أن تونس إستثناء وهو في معرض الحديث في كتابه عن ضرورة إلتزام الخط السلمي المدني في المقاومة الداخلية أي مقاومة الإستبداد في البلدان العربية والإسلامية غير المحتلة عسكريا بسبب أن الحكام فيها بالغوا في الشطط الأعمى مبالغات عجيبة وذلك من خلال ما ثبت لديه أنهم يعتمدون خطة لتجفيف منابع التدين. الكتاب عندي ولك إن شئت كلامه حرفا حرفا.

إليك هذه الصورة من الإعتدال النبوي العظيم...

أنت تعرف ما هو حكم الله ورسوله عليه الصلاة والسلام في الخونة من بني قريظة. أنت تعرف أن بني قريظة إقترفوا أكبر خيانة يمكن أن يقترفها إمرئ فوق الأرض. رضوا غير مكرهين بأن يكونوا طرفا وطنيا حرا مستقلا في دستور المدينة شأنهم في ذلك شأن المهاجرين والأنصار وبقية الطوائف اليهودية وكل مكونات المدينة وظلوا كذلك لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم آمنين مسالمين ( بفتح اللام ) يصرفون شؤونهم الداخلية بمثل ما يشاؤون عبادة وعقيدة وتدينا وأكلا وشربا وفرحا وترحا ( نظام إداري شبيه جدا بالنظام الفدرالي المعاصر) فلما جاءت الفرصة التي ظنوها مواتية للإنقلاب ضد المسلمين أي في عدوان الخندق .. إهتبلوها وهم الذين ثبت أنهم حرضوا قريشا وغطفان على هجوم المدينة وظلوا يقومون بأخبث دور في الإستخبارات القذرة. ولما رأوا أن الحصار من لدن التحالف العربي قد أحكم قبضته على المدينة بادروا بفسخ إلتزاماتهم الوطنية التي وقعوا عليها قبل ذلك بسنوات مختارين مريدين دون أي شاغبة إكراه ظنا منهم أن ذلك النقض الخائن لحصن المدينة من لدنهم في ساعة عسرة هي الأشد في حياته عليه الصلاة والسلام ( ناهيك أن الذكر الحكيم لم يقل سوى فيها : „ وبلغت القلوب الحناجر”).. سيمكن للتحالف العربي الأوسع أن يقتحم المدينة وأن يستسلم صاحب الرسالة محمد عليه الصلاة والسلام سيما أنه أدرك أن الخطر محدق فعلا ولذلك بادر بفك الحصار بإغراء غطفان بثلث تمر المدينة أي ثلث ميزانية الدولة.. ولكن جرت رياح الأقدار الربانية بما لم يكن في حسبان الخونة من بني قريظة وإنحل عقد التحالف العربي وعندها قال عليه الصلاة والسلام : „ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة”. أي لتأديبهم على خيانتهم العظمى في أشد ساعات العسرة. ورغم ذلك نزل على رأيهم وحكم فيهم سعدا إبن معاذ بسبب علاقة ولاء بينهما قبل الإسلام وهي صورة من صور الرحمة النبوية في خونة مثل هؤلاء. ولكن حكم سعد بحكم ربه من فوق سبع سماوات. حكم بقتل الرجال واحدا من بعد الآخر. ولم يقتل منهم إمرأة واحدة بالرغم من أنه يعسر جدا أن تجد إمرأة يومها كارهة لما يدبر زوجها أو لم تشترك في فتح حصون المدينة في وجوه الغزاة ومن باب أولى وأحرى أنه لم يقتل منهم صبيا واحدا ولا ولدا واحدا.
تلك صورة من صور الإعتدال النبوي العظيم.

وإليك صورة أخرى ولتكن هي الخاتمة...

أنت تعرف أنه لما فتح له ربه سبحانه مكة دون إهراق قطرة دم واحدة قال نداءه الشهير منا على مشركي مكة الذين أخرجوه منها عدوانا وظلما وزورا قبل ثماني سنوات فحسب :“ إذهبوا فأنتم الطلقاء”. هل يعقل أن يطلق سراح أولئك الذين ظلوا يطاردونه وهو إبن عشيرتهم الذي يعرفونه كما يعرفون أنفسهم بل كانوا ينادونه قبل البعثة الصادق الأمين على إمتداد عقدين كاملين تقريبا؟ هل يعقل أن يطلق سراح أولئك الذين خرقوا مواثيق الشهامة العربية الجاهلية فقتلوا المرأة سمية وليس من شهامة العرب أن يقتلوا إمرأة حتى فيما هو أكبر من قضية الإيمان والكفر عندهم؟

لنقارن بين صورتي الإعتدال النبوي العظيم...

صورة الطلقاء لمشركي مكة بعد كل الذي فعلوه فيه وفي الدعوة وفي أصحابه والنساء. وصورة القتلى من خونة بني قريظة بعدما كانوا أحلافه في دستور المدينة.

ذاك إعتدال نبوي عظيم.
وهذا إعتدال نبوي عظيم.

الإعتدال إذن ليس صورة حركية نمطية ولكنه محاولة إصابة الحق والصواب والحكمة أو الميزان بالتعبير القرآني الكريم بحسب إجتهاد الناس وبما تيسر لهم من معطيات عن الوضع من مختلف جوانبه وزواياه.

إستخدام القوة في موضعها من غير لوثة كبر وإستعلاء بعد التشاور هو عين الإعتدال.
وإستخدام السلم في موضعه من غير ضعف كنود بعد التشارو هو عين الإعتدال.

ليس هناك في منهج التغيير فيما أرى نمط ثابت محنط لا يحيد عنه مجاهد.
إنما أحيط منهج التغيير في الإسلام بأمرين : أولهما سياج أخلاقي وثانيهما طاقم قشيب من المبادئ والكليات والمقاصد. السياج الأخلاقي ثابت لا يتحول ولا يتأثر بقوة ولا بضعف ولا بقلة ولا بكثرة ولكن إعمال تلك المبادئ وإستخدام تلك الكليات إستخدامها ومعالجتها وليس وجودها في ذاتها هو الذي يخضع للتقديرات والإجتهادات ولا يحسم ذلك إلا بالشورى الملزمة أما الشورى المعلمة فهي الإستبداد المقنع وهي أكذب من قول الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم : „ شاوروهن وخالفوهن”. من يمتنع عن الأمر أو النهي بخائنة عينه حقيق أن يمتنع عن قول مثل تلك السفاسف الإنحطاطية.

أما عصابة الفساد والنهب في تونس فلا تعجل عليهم...

أخي العزيز علي محمد مكشر. أسر إليك بشيء كثيرا ما تحدثني به نفسي. حديث النفس طبعا لا علاقة له بالتشريع الإسلامي ويبقى دوما حديث نفس ولا علاقة له برسم الخطط كذلك. وهو من باب الإستئناس فحسب. تحدثني نفسي دوما أن الذين تولوا كبر خطة تجفيف منابع التدين في تونس لفرط جريمتهم لا بد أن تكون نهايتهم غير بعيدة عن نهاية شارون التي هي بدورها ليست بعيدة عن نهاية فرعون ( فرعون موسى عليه السلام الذي وعد سبحانه بنجاة بدنه عبرة للناس من خلفه والحقيقة أنه يجب أن يرتب الأمر على أن يلبث جثمانه شهرا قبالة مكتب كل رئيس أو ملك أو أمير تناوبا بينهم لعلهم يتعظون سوى أن سنن التاريخ وقوانين الإجتماع أثبتت إلا إستثناءات نادرة جدا أن هناك حدا أعلى من الطغيان إذا بلغه الطاغي فإنه يقطع نفسه بنفسه مع باب التوبة حتى الغرغرة ).. عصابة النهب في تونس مردوا على الجريمة والنفاق مرودا قل نظيره في الدنيا دون أي مبالغة. مردوا وطغوا وتجبروا ودانت لهم الأرض بعدما نشروا الرعب والخوف وسلطوا أذنابهم على كرائم الناس وأموالهم وأعراضهم تنهشها نهشا.. فعلوا كل ذلك ولم يقف في وجههم أحد إلا حركة النهضة التي لقيت ما لقيت حتى جعلوها درسا بليغا لكل من تحدثه نفسه بجريمة المعارضة أو حركات من المعارضة اليسارية الأخرى ولكن عددهم قليل والعدة أقل ومما زاد الطين بلة تشرذم الجميع وتفرق الجميع كما كانت المناخات الدولية والعربية مواتية لعصابة الفساد التونسية وفي النهاية هكذا أراد سبحانه ولا شك أن في الأمر حكمة بالغة ولكن إيماني بالقضاء والقدر هو إيمان محمد عليه الصلاة والسلام ومن بعده الفاروق عمر وعبد القادر الجيلاني وإبن القيم ومحمد إقبال وكل أولئك يكرعون من نهل محمد عليه الصلاة والسلام الذي قال عن الدواء : „ هو من قدر الله”. وقال إبن القيم كلمة لا شك أنه يكفر بها صباح مساء : „ أنا أحارب قدر الله بقدر الله”. وقال الفاروق “ أفر من قدر الله إلى قدر الله”. عصابة الفساد التونسية قدر الله يضل بها سبحانه من يشاء ونحن إن شاء الله تعالى قدر الله كذلك نتصدى لعصابة الفساد ولكن ساعة الإقتران أو قل : ساعة الإشتباك بين القدرين لم تحن بعد أو أنها تعمل عملها في صمت لأن الإشتباك كائن. هما قدران يعتلجان ولكن الله هو وحده سبحانه من يأذن بغلبة هذا أو ظهور ذاك وهو وحده من يقدر ذلك وقتما يشاء وكيفما يشاء وبمن يشاء منا كذلك أو من أعقابنا. قال الشهيد سيد قطب عليه رحمة الله سبحانه وبالمناسبة أسر إليك بأني أحب ذلك الرجل حبا شديدا. أحب فيه قلمه البليغ ولسانه الصادق وجهاده الكبير وفهمه العظيم ولا يشغب عليه بعد ذلك عندي أنه أخطأ هنا أو هناك وليس على ظهرها بعد محمد عليه الصلاة والسلام معصوم ودعك من دعاوى بعض الشيعة قال سيد رحمه الله : لسنا مكلفين سوى بالعمل أما النتيجة فهي عند ربك وحده سبحانه. كلمة إستلها من رحم الإيمان بالقضاء والقدر. ليس معنى ذلك أننا نعمل كيفما إتفق ولكن معنى ذلك أنه إذا بذلنا قصارى الجهد فلم نظفر بالمطلوب ولا بعشر المطلوب فليس لنا أن نندم أو نلعن اليوم الذي إنتمينا فيه إلى حركة النهضة أو إلى المعارضة عامة.

أما إخوانك في تونس فلا تحزن عليهم...

أولئك أسود من الزمن الخالي. أولئك رجال من الطراز الرفيع جدا. لأولئك نسب وصلة بالجيل القرآني الفريد بتعبير الشهيد سيد قطب. أنت واحد منهم حتى لو غمرت نفسك بأثواب قشيبة من التواضع الجم. لبثت في السجن عام 1987 عاما ونصف فحسب فكنت خاصة في سجن برج الرومي أرقب شجرة تبعد عن السجن زهاء ميل وكلما حط عليها طائر بجناحيه طرت لهفة لفرط ما أجد من ضيق السجن. كان ذلك يحدث معي مرة في الأسبوع أي كلما أخذونا لغسل أدباشنا. كلما ذكرت ذلك ثم ذكرت أن الرجال لبثوا في السجن عشرين عاما كاملة أو أقل من ذلك بقليل.. أبكي على نفسي وأحتقر نفسي وأقول في نفسي : إبك على نفسك ولا تبك على إخوانك في تونس. لبثوا كل تلك المدة وكان بإمكان كل واحد منهم أن يخرج من السجن منذ السنوات الأولى بسبب العبء السياسي والحقوقي والإعلامي الذي ينوء به كاهل عصابة الفساد والنهب والتصهين.

قل في نفسك : أين أبو جهل الآن وأين إبن مسعود الآن؟ هذا في الجنة والجلاد في النار. بل قل في نفسك : أين بورقيبة الآن؟ ألم يحكم تونس حتى ظن هو وظننا كلنا معه أنه قدر تونس وليس لتونس قدر سواه. ها قد رحل غير مأسوف عليه. ها قد إستلم التركة من بعده شرذمة من الجهلة حتى إنهم أغلقوا المدارس الإبتدائية ( الأساسية بالتعبير الجديد) التي بناها. أي مستقبل لتونس عندما يحكمها شرذمة من الجهلة الذين لا يقدرون العلم حق قدره. أليس فضيحة الفضائح أن يظل رجل مثل الدكتور منصف بن سالم عاطلا عن العمل لمدة عقدين كاملين وهو في عز عطائه العلمي؟ ورجال آخرون كثر في إختصاصات كثيرة وكبيرة. منهم من هجر ومنهم من سجن ومنهم من قضى نحبه.

تلك هي الدنيا. ( سجن المؤمن وجنة الكافر).
لو كانت الدنيا تزن عنده سبحانه جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء.
ولكن لنا شوط آخر. هو شوط الحيوان.
المهم لنا اليوم أن نظل ثابتين على الإسلام مخاصمين للكفر والطغيان والجريمة واقفين إلى جانب المظلوم حتى ينتصف من الظالم.

عسى أن يختم لنا بخير ختام : ختام المرأة سمية...

تلك هي أمنية العمر. وتلك هي فرحة الحياة الحقيقية. وذلك هو المطلب الأسنى.
هذا دعاء أحبه : اللهم طول أعمارنا وإملأها جهادا وإجتهادا ولا تتوفنا إليك إلا شهداء.
أنوء بأحمال من الذنوب وأثقال من السيئات لا تمحوها عني غير الشهادة في سبيله سبحانه.


وفي الأخير...

تلك هي كلماتي إليك. كتبتها إليك ولم ألقك حتى اليوم. وقديما قال الشاعر : والأذن تعشق قبل العين أحيانا. حقك علي أن أكتب إليك بسبب أنك من القلائل جدا ممن إخترقت أقلامهم فؤادي. قلمك يا رجل لا يقتات من المداد الذي تقتات منه أقلامنا. قلمك يا رجل موصول بقلب جريح وجرحه في الإسلام وليس في غير الإسلام.

عساني ألقاك وحتى ألقاك لا تنس عبيدا حطمت ليالي الغربة الكالحة فيه كل شيء إلا هذا القلم الناتئ لا يملك له إغمادا ليستريح ولا كلمة طيبة يرفعها إليه سبحانه.. لا تنس عبيدا من دعائك بساعات السحر الغالية وإن سألت له شيئا فلا تسل له غير الشهادة في سبيله سبحانه.

والسلام.

أخوك الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.