ماكرون يعلن اجتماعًا قريبًا ل 'تحالف الراغبين' بعد قمة بوتين وترامب    نقل تونس: فتح محضر في حادثة تهشيم بلور إحدى الحافلات الجديدة    كرة القدم العالمية : برشلونة ولامين يامال يضربون بقوة، جميع نتائج اليوم السبت(فيديو):    فحوى مكالمة هاتفية بين رئيس الجمهورية ونظيره الجزائري..    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل.. أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    نقل تونس: فتح محضر في حادث تهشيم بلور احدى الحافلات الجديدة    دقاش توزر: مواطنون يستغيثون: محطات النقل .. معاناة في الصيف والشتاء    مرتضى الفتيتي في حفل بمهرجان سوسة الدولي...فقدت الوعي فعواطفي هي التي غنّت الليلة    كوميديا اجتماعية بلمسة نسائية .. «للاّهم» تُبهر جمهور مسرح قرمبالية    في الصّميم : شطحات السّالمي.. انحراف التّحكيم و«مافيولا» زهمول    عاجل: وفاة مدير تصوير مصري معروف    تاريخ الخيانات السياسية (48) .. انقلاب على المقتدر بيومين    قبلي اليوم: رياح رملية وأتربة    حجز أجهزة تكييف    الجربي: أفكر في الترشح الى رئاسة هيئة المحامين    مع الشروق : «كاف عبّاد» وشقيقاتها    الاتحاد التونسي للفلاحة يعتبر احترام مؤسسات الدولة ورموزها والمحافظة على السلم الإجتماعية مبادئ ثابتة    الرابطة المحترفة الثانية: مستقبل القصرين يتعاقد مع اللاعب جاسر بن عتيق    غليان في السويداء.. مظاهرات تدعو للقطيعة مع دمشق وفتح معبر نحو القنيطرة    فرنسا تندد بمشروع E1 الإسرائيلي في الضفة الغربية    تواصل تهاطل الأمطار الغزيرة بهذه الجهات وتحذير من السباحة    نابل: انتهاء موسم جني وتحويل الطماطم بإنتاج حوالي 260 ألف طن    لكسر الحصار على غزة: أسطول الصمود المغاربي ينطلق من تونس يوم 4 سبتمبر…    عاجل/ جمعية القضاة تدعو إلى الإفراج عن المسعودي..    ناج من حادث الجزائر يروي لحظات الرعب : تفاصيل صادمة    ثلاث حكمات تونسيات يسجلن حضورهن في تصفيات شمال افريقيا المؤهلة لرابطة أبطال افريقيا للسيدات    عاجل/ ارتفاع ضحايا التجويع في غزة إلى 251 شهيدا..    حجز 4 محركات ضخ وقوارير غاز منزلية بمنطقة الزقب بأوتيك..    إلغاء عرض "كي-ماني مارلي" بمهرجان قرطاج وتعويضه بتكريم للفاضل الجزيري    هام/ وزارة المالية تطرح أصنافا جديدة من الطوابع الإلكترونية..    القصرين: أعوان شركة عجين الحلفاء والورق يعيدون تشغيل معدات معطّلة منذ سنوات رغم الصعوبات المالية    عندما تسحر "الزيارة" جمهور مهرجان صفاقس الدولي    الألعاب العالمية شينغدو 2025: منى الباجي تحرز ذهبية مسابقة الرمي بالدقة    تونس تحقق أربع ذهبيات: وفاء المسغوني تتألق في وزن -62 كغ    احذر.. النوم المفرط قد يدمّر صحتك بدل أن يحسّنها!    عاجل/ نواب بالبرلمان يقررون مقاضاة هؤلاء المسؤولين..    طقس الويكاند: ينجم يخلي ''العومان'' ممكن؟    المرصد الوطني للمناخ يُحذّر...نابل، سوسة، المنستير وزغوان الأكثر تأثراً بحالة عدم الاستقرار    علاش ''اللبن الرائب'' حاجة باهية لصحة الجسم في الصيف؟    الرابطة الأولى: تشكيلة النجم الساحلي في مواجهة النادي الإفريقي    تصل إلى 40 مم: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق بعد الظهر    وزارة الصحّة تدفع نحو تطوير الطب النووي وتحقيق الاكتفاء الدوائي    عاجل/ حادث مرور مروع بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    قيس سعيّد: لا تسامح في الفساد ولا تراجع عن المحاسبة    عاجل: قمة بوتين وترامب بألاسكا.. محادثات مثمرة بلا أي اتفاق رسمي    أمل حمام سوسة يعزز صفوفه باللاعب فادي سليمان    اتحاد تطاوين يتعاقد مع اللاعب ريان القديري    حملة وطنية لمراقبة ''الكليماتيزورات'' تسفر عن حجز آلاف الوحدات غير المطابقة...شنيا لحكاية؟    دراسة تحذّر من ظاهرة صحية خطيرة مرتبطة بعطل نهاية الأسبوع    عاجل: نزل البحيرة، رمز تونس المعماري، يواجه الهدم    تاريخ الخيانات السياسية (47) ..وزراء و أمراء زمن الخلافة العباسية يحتكرون السلع    الحملة الوطنية لمراقبة أجهزة تكييف الهواء الفردية تفضي الى حجز أكثر من 3380 مكيف هواء وتسجيل 146 مخالفة    الليلة: أمطار بهذه المناطق والحرارة تتراوح بين 22 و32 درجة    وزارة الاسرة تنظم باليابان فعالية للتعريف بأبز محطات الفعل النسائي على امتداد مختلف الحقبات التاريخية    عاجل: أحلام الإماراتية توضح للتونسيين حقيقة أجرها في مهرجان قرطاج    خطبة الجمعة...التوسّط في الإنفاق ونبذ الإسراف والتبذير    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملحمة التونسية هل هي نهاية عقدة الخنوع العربي أم بداية أفول عصر الطواغيت ؟
نشر في الحوار نت يوم 14 - 01 - 2011

من المؤكد أن الجماهير والشعوب العربية ليست عقيمة وميتة، لكن صبرها الطويل على ساستها الفاسدون كدنا معه نصدق أن الخنوع اختصاص عربي بامتياز ، هل كان من الضروري أن تعاين الجماهير مشهد البوعزيزي وهو يحرق نفسه - بعدما أحرق الفقر والظلم والحكرة قلبه وكبده في محاولة يائسة بعدما لم يعد أمامه ما يخسره- لكي تنتفض ضد أوليغارشيا الفساد ، وتكسر حاجز الصمت مطالبة برحيل الدكتاتور ؟ أم أن صنم الرعب الذي تنسجه الدكتاتوريات البغيضة حول نفسها بات قابلا للانكسار أمام انتفاضة الجماهير الغاضبة ؟
لكن ما يحدث في تونس حاضرة الغرب الإسلامي وبوابة الفاتحين المسلمين تجاه باقي أصقاع المغرب الكبير لا يمكن فصله عن سياقاته ومساقاته ، فالبلد الذي قاد المقاومة والكفاح ضد الإستعمار الفرنسي وسطر ملاحما خالدة من النضال الأسطوري ضد الغزاة ، ومن هناك من أرض القيروان خرج أسد بن الفرات إلى صقلية فاتحا ، وقبله بزمن سحيق قاد هنيبل حملته الأسطورية الشهيرة عابرا جبال الألب لغزو روما أكبر قوة إستعمارية في التاريخ .
فالشعوب التي لها امتداد عبر التاريخ لا تقهر إلى الأبد ، ولذلك ليس مستغربا أن ينتفض التونسيون ضد الطاغية الذي حّول البلاد بخيراتها وكنوزها إلى مزرعة عائلية ، وسعى جاهدا إلى محو الهوية وفصل الشعب عن تاريخه وحضارته .
لقد اعتقد بن علي كما يعتقد كل طاغية جبان أن سياسة القبضة الحديدية ، وإحكام السياسة الامنية ، والإنصياع الأعمى لإملاءات للراعي الدولي الإمبريالي الإستعماري ، يمكنها أن تكون صمام أمان وضمانة لاستمراره الأبدي في الحكم ، لكن صنم الرعب تهاوى أمام ثورة البطون الجائعة ، والأمعاء الخاوية ، ليقف العالم مندهشا أمام دولة يسوِّق ساستها وأوصياؤهم الاستعماريين أنها جنة شمال إفريقيا ، بينما يعيش الناس فيها أوضاعا اجتماعية بئيسة وفقرا مدقعا ، وقمعا منقطع النظير ، كيف يمكن لرئيس دولة يحترم نفسه ان يواجه شعبه الغاضب من أجل حقوق اجتماعية عادلة بالرصاص الحي والبنادق المصوبة للرؤوس والصدور ؟ لكن متى كانت الطواغيت كائنات محترمة وهم الذين ينشدون الحكم من العرش إلى القبر؟
الطاغية كائن جبان بطبعه ، ولذلك عند الجد ليس أمامه سوى الهروب أوإصدار الأوامر بإبادة خصومه من أبناء شعبه ، ولا مشكلة لديه في القضاء على ثلثي الشعب ليستقيم له حكم الثلث الباقي .
لكن شعب تونس بانتفاضته الشجاعة قلب المعادلة، مؤكدا أن الأمة العربية ليس قدرها أن تعيش متأرجحة بين تحكم الطواغيت الفاسدين، وبين صمت الشعوب المريب، فهل هي صحوة مفاجئة أم أنه الغضب المتراكم في ظل نظام بوليسي فاسد يخنق الأنفاس ويصادر كل شيء : حرية التعبير وحرية العبادة...قمع المعارضة والتضييق على الإعلام ...
لا شك أن الطاغية العربي سيعيد حساباته جيدا ، وسيعيد تقييم الموقف إما باتجاه التشديد من أساليب القمع الممنهج ضد كل الحركات الإجتماعية أو باتجاه ضخ المزيد من المسكنات في شكل وعود كاذبة – كما هي عادته- بتحسين الوضع الإجتماعي وتشغيل العاطلين ، كما بادر في كلا الإتجاهين طاغية تونس في محاولة يائسة لاحتواء الأوضاع ، لكن من المستبعد أن نرى حلولا منطقية تتمثل في الاستجابة لمطالب الشعب برحيل الطاغية و زمرته الفاسدة وإعادة تشكيل النظام السياسي وفق قواعد ديمقراطية تحقق للشعب العدالة الإجتماعية والتنمية ، وتعيد الحياة المدنية التي صادرها النظام شبه العسكري .
صحيح أن الأنظمة البوليسية سعت جاهدة إلى فصل المعارضات الجادة في أوطانها عن القواعد الشعبية عبر المحاكمات والتخويف والتخوين ، فكانت النتائج متفاوتة من قطر عربي إلى آخر، لكن في الحالة التونسية حيث أغلب المعارضين إما منفيين أو مغيبين في أقلبية السجون، لكن الجماهير باتت وفجأة تتلقف خطاب المعارضة وبشكل عفوي تعكسه نوع الشعارات التي تطالب برحيل الدكتاتور من قبيل :
- " بنعلي يا جبان شعب تونس لا يهان "
- " تونس حرة حرة وبنعلي على برة " .
– " لادراسة لا تدريس حتى يسقط الرئيس
" ألفين وحداش بعلي ما يبقاش -
بل إن أكبر مأزق لنظام بنعلي في تونس هو عدم وجود محاورين واضحين بالنسبة إليه – على الأقل – يمكن أن يجاورهم في شأن نزع فتيل الغضب الشعبي والوصول لحلول معينة تنهي الاحتقان في الشارع ، لأن الدكتاتور حرص على إفراغ الساحة من الزعامات المعارضة ، لكنه نسي أن في زمن العولمة الإلكترونية تقلصت الجغرافيا ولم يعد للتواصل الإنساني حدود .
قد لا تحقق الإنتفاضة التونسية كل أهدافها وآمالها ، لكنها حتما ستكون لبنة تاريخية تنضاف إلى ذلك المخزون التراكمي لنضال الشعوب العربية وحركاتها التحررية في أفق إنضاج شروط تحرك جماعي يقطع مع ماضي الاستبداد وعبودية الطواغيت ، ويؤسس لبناء جماعي للمستقبل قائم على مسعى تصالحي مع الذات الحضارية ومع قيمنا الأصيلة ، لكن المهم في هذه الظروف العصيبة هو أن تنحل عقدة الخنوع العربي ، ليدرك الطواغيت الصغار المحميون من قبل الإستكبار العالمي أن الشعوب العربية قادرة على أخذ زمام المبادرة ولو بعد حين بدل الخضوع والإنقياد وأن مصير كل طاغية محجوز في طرة التاريخ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.