بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقابة الحكام المخلوعين
نشر في الحوار نت يوم 16 - 01 - 2011

استغرق الخطاب الأخير لبن على حوالى ثمان دقائق ... رأيته يتحدث فيه باسم كل الطواغيت الذين يحكمون بلادنا وان لم يفوضه أحد منهم أن يتحدث باسمه ...
ثمان دقائق من التناقض والارتباك وانفصام الشخصية والكذب والدجل والضعف والخور واللامنطقية ... ثم أسدل الستار وفر فى اليوم التالى بعد أن رفض الشعب وجوده ليس فقط فى سدة الحكم وانما على أرض تونس ...
بدا التناقض واضحا بين حالتين لا تجتمعان فى مثل ذلك الموقف وهما محاولة يائسة للتظاهر بالحزم والسيطرة على الموقف بينما هو يعترف باجرام أجهزته الأمنية ويستدرعطف الشعب ... ثم يعدهم بما حرمهم منه طيلة ما يقرب من ربع قرن فى الوقت الذى أجمع الشارع التونسى على رفضه جملة وتفصيلا ... بل ان هتافاتهم كانت أوضح من أن تناقش أو يختلف فى تأويلها ... ( خبز وماء ...بن على لا )
لقد كان خطابه الاستعطافى حافزا للشعب أعطاه مزيدا من التصيم للمضى فى العصيان المدنى الى اخر الطريق ... فالشعب فى البداية خرج بعفوية وبدون قيادة معارضة أو رأس مدبر وربما لم يكن فى نيته أو طموحه أن يصل الى ازاحة الطاغية لكنه قوبل من طرف السلطة الغاشمة بالقمع والقتل فلم يجد أمامه الا الاستمرار فى التحدى ... الى أن جاءت لحظة الاستعطاف فأدرك أنه لم يخطئ الطريق ... وليس هناك شئ يرد للشعب المستضعف والمقهور اعتباره ويعيد له كرامته أكثر من أن يقف الطاغية مستعطفا ضحاياه ...
1- كيف تسقط الطاغية بدون معلم
فى الماضى القريب انتشرت على الأرصفة كتيبات لتعلم الانجليزية وغيرها من اللغات الأجنبية بدون معلم من خلال بعض الجمل والكلمات التى تعطى معرفة بسيطة بأساسيات تلك اللغات ... لكننا اليوم نقف أمام كورس مكثف لمدة شهر فى اسقاط الطواغيت نجد فيه شرحا وافيا لخطوات محددة وسيناريو متوقع لكل أبعاد مشروع العصيان المدنى ...
ويمكن تلخيص السيناريو فى الخطوات التالية :
1- التجمهر للاعتراض على أى مظهر من مظاهر الاذلال التى تمارسها أجهزة الأمن على الشعوب ... وهى بالمناسبة أكثر كن أن تحصى ...
2- تقوم قوات الأمن بالانتشار السريع وبأعداد كثيفة لقمع الناس وتفريق المظاهرة مستعرضة عضلاتها فى وجه الشعب الذى يدفع رواتبهم لحمايته ...
3- سقوط عدد من الضحايا على أيدى أشاوس الأمن الذين يتكسبون أقواتهم بعرق جبينهم ودماء أبناء شعبهم ...
4 - تبادر قناة الجزيرة وقناة الحوار الى متابعة حية للأحداث مستضيفة عددا من الباحثين والمراقبين والمحللين الذين ترتفع نبرتهم كلما حقق المتظاهرون مزيدا من التقدم والانتشار ...
5 - اعلان حالة الطوارئ ان لم تكن معلنة على الدوام كما هو الحال فى مصر ... ومبادرة مسؤولين غربيين الى عرض خدماتهم الأمنية لاخماد الانتفاضة الشعبية بالوسائل الديمقراطية التى تحدد سقفا لعدد الضحايا المفترض سقوطهم بالوسائل المتحضرة !!!
6 - تعبر المفوضية الأوربية عن قلقها الشديد من الاستخدام ( غير المتكافئ للقوة ! ) وتؤكد متابعتها لعمليات القمع بمزيد من الاهتمام ... والاهتمام هنا يعنى التشجيع والدعاء والصلوات الشيطانية فى كافة المحاريب البرلمانية ...
7 - يلجأ الطاغية الى قيادة الجيش لانقاذ الموقف بعد فشل أجهزة الأمن وميليشيات البلطجة فيرفض قادة الجيش بيع شرفهم العسكرى وتلطيخ أيديهم بدماء الشعب الذى يدافعون عنه ضد أى اعتداء خارجى من أجل جبار مرتعد ولت أيامه وتعفنت رأسه وحان قطافها ...
8 - تتسع دائرة العصيان المدنى حتى تشمل جميع المدن والقرى ويفلت الأمر من أيدى أجهزة الأمن التى تجد نفسها عاجزة عن مواجهة الشعب فيخرج الطاغية ليستعطف شعبه ويطلق تصريحات جوفاء يكذبها تاريخه الأسود ...
9 - تتضح الرؤية للأجهزة الاستخباراتية بأن الشعب قد أراد الحياة وأن الأقدار الالهية قد ردت كيدهم فى نحورهم وجعلت تدميرهم فى تدبيرهم وأن الطاغية قد لاذ بالفرار فيبادر البيت الأبيض بالتصريح باحترام ارادة الشعب التى كان يسعى دوما لتغييبها ...
10 - تظل طائرة الطاغية معلقة فى الهواء أملا فى موافقة طاغوت اخر على استضافته بشرط ألا يفتح فمه بعد اليوم ليقضى ما تبقى من أيامه فى حسرة وشقاء ... بعد أن لفظه أسياده وجمدوا حساباته ...

2- جامعة الدول العربية ونقابة المخلوعين

ظلت جامعة الدول العربية لأكثر من نصف قرن من الزمان تمثل تجسيدا لفشل النظام العربى فى حقبتيه ... حقبة اللاءات الثلاث وحقبة الخيار الاستراتيجى الأوحد ... وعلى الرغم من اعلان عمرو موسى الشهير عن وفاة عملية السلام وبالتالى فشل الخيار الأوحد فانه قد ان الأوان لايجاد دور فعال لهذه الجامعة العتيدة ... لعلها تنجح ولو لمرة واحدة فى حل معضلة من معضلات النظام العربى ...
الكل يعلم أن الحكام العرب لا تكفيهم رواتبهم الرسمية لتشييد القصور وحشد الأعداد الغفيرة من قوات الحرس الوطنى خصوصا فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والحاجة الماسة للتقشف ... فما بالنا ونحن نواجه مشكلة جديدة على النظام العربى وهى مشكلة الحكام المخلوعين ... لقد جاء فرار بن على نذير شؤم على بقية الحكام وبدأ كل منهم يفكر فى مصيره اذا ما نتقلت العدوى الى بلده وتمت تنحيته عن الكرسى وطرده من البلاد ... كيف سيجد قوت يومه وهو الذى تعود على الانفاق ببذخ على نفسه وأسرته وحاشيته ... ويزداد تفاقم المشكلة بعد اعلان فرنسا تجميد الحسابات المشبوهة ...
وبالطبع فلا يتوقع أن تكون أمريكا أكثر انسانية فى معاملة تلك الرؤوس المتدحرجة وهى التى تعانى ديونا تقدر بأرقام فلكية ... فما العمل اذن ... هل ستتخلى الجامعة عن الرجال الذين تحققت كل انجازاتها بأيديهم وتتركهم بلا قوت بعد أن فقدوا كراسيهم ...
لجان الجامعة كثيرة ومتنوعة فهل ستعجز عن انشاء صندوق أو هيئة نقابية للحكام المخلوعين ... وهل سيقف العقيد الذى أصبح عميدا للحكام العرب والأفارقة مكتوف اليدين وهو الذى ما انفك يبحث عن زعامة بأى ثمن لأية جهة ... بالاضافة الى مساعداته لحركات التحرر التى انتهت الى تفكيك مشروعه النووى بنفسه طائعا مختارا ...
من المفارقات العجيبة أن يستضيف النظام السعودى الرئيس المخلوع بينما يمتنع عدوه اللدود القذافى عن توفير ملجأ امن لصديقه الشخصى بن على ... فهل ستتباين مواقف الحكام العرب تجاه كل من يأتى دوره ويلفظه شعبه ... فكيف يجتمعون اذن فى لقاءات القمة وكل منهم يتوجس من أخيه خيفة أن يخذله ان دارت الدائرة عليه وجاء يومه ...

3 - بين الفرحة العارمة والصمت المطبق
بينما تبدو فرحة الشعوب أكبر من فرحة التأهل لنهائيات كأس العالم نلاحظ صمتا مطبقا للحكام العرب والقيادات السياسية الغربية فحتى التصريحات التى تنبئ عباراتها عن القبول بالأمر الواقع واحترام ارادة الشعب التونسى تبدو أقرب الى التعازى منها الى التهانى ...
هيلارى كلينتون تطالب الحكام العرب بمكافحة الفساد قبل أن يصل ( الأصوليون ! ) الى الحكم ... وكأن وصول الأصوليين الى الحكم هو الطامة الكبرى والكارثة المحدقة حتى ولو كان بارادة الشعوب التى يدعون احترامها ...
طيب يا ست هيلارى أنت قبلت بالأمر الواقع بعد فضيحة بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكى فلماذا لا تقبلين بالأمر الواقع حين تطرد الشعوب طغاتها وجلاديها وتستبدلهم بقيادات لها مبادئ وقيم ... وكيف تطالبين أولئك الحكام بمكافحة الفساد وهم من نشروه بتوجيهاتكم وتحت أسماعكم وأبصاركم وبمباركتكم ...
والعجيب أن كلا من الادارة الأمريكية والحكام العرب يستخدم ورقة الأصوليين ضد الاخر ... فالحكام العرب يطالبون أمريكا بالكف عن ممارسة الضغوط عليهم حتى لا تقوى شوكة الأصوليين والادارة الأمريكية تهددهم بنفس الورقة ... بينما نحن نتفرج !
الاسرائيبيون من جانبهم لا يرون فى الثورة التونسية خطرا مباشرا يتهددهم ولكن أكثر ما يخشونه هو امتداد الثورة لتشمل العالم العربى والاسلامى بكامله ويتسع نشاط نقابة الحكام المخلوعين ...
أما ايران فانها ستفقد فرصتها السانحة لنشر بؤر التسلل والتمدد الشيعى من خلال اغراء الفقراء والبؤساء وشراء العقارات والتغلغل الاقتصادى الذى تتيحه لهم أنظمة مشغولة بأمنها ...
الحكومات العربية لا ترى سبيلا لمد فترة بقائها الا فى تخفيض الأسعار وتخفيف القبضة الأمنية الهشة حتى لا تعطى للشعوب فرصة الانقضاض والنزول الى الشارع ... ولا أظن أن مزيدا من المسلسلات والمباريات يجدى بعد نمو الوعى الشعبى وتخطيه لقيادات المعارضة والأحزاب السياسية العاجزة ...
أما تزوير الانتخابات فقد أصبح بين عشية وضحاها وسيلة بدائية لا تحقق استقرارا للكراسى ولا تهيئ أمنا للأنظمة بل لقد أمست برلمانات التزوير عبأ ثقيلا على الأنظمة لا تعرف كيف تتملص من تبعاته الا بحل البرلمان واشراك المعارضة بعد أن مارست عليها الارهاب ومنعتها من الترشح ...
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=47846

وعلى النقيض من ذلك كله نجد الشعوب تقف أمام الحدث بمزيج من الفرحة العارمة والدهشة البالغة ولسان حالهم يقول هل الأمر بهذه السهولة والسرعة ... كيف عشنا عقود الذل والهوان أسارى تحت بطش أجهزة الأمن التى هى أوهى من بيت العنكبوت ومتى تنطلق الشرارة التالية وأين ستقع الثورة التالية وكأن تساقط الأنظمة العربية قد أصبح من بديهيات الواقع السياسى الجديد الذى فرضته الثورة التونسية ...
بعض الأصوات بدأت ترتفع مؤكدة أن أمريكا تقف وراء الثورة التونسية وأنها كانت تسعى للتخلص من بن على بعد انتهاء دوره ... لكنهم لم يوضحوا لنا كيف استطاعت أمريكا اقناع البوزيدى باحراق نفسه وكيف أقنعت الشعب التونسى بمواجهة الرصاص عارى الصدر ... فالشعوب مسلوبة الارادة فى كل الأحوال سواء سكتت على الضيم أو نزلت الى الشارع أو أشعلت النار فى نفسها ... لأن أمريكا كانت ومازالت وستظل صاحبة القرار فى كل ما يحدث على وجه البسيطة فى زعمهم ...
بقيت كلمة أخيرة للعلماء ودور الافتاء ... لقد نجحت الثورة التونسية فى ازالة ذلك الكابوس فهل أخطأت الطريق أم ارتكبت اثما ... واذا كان ما قام به الشعب التونسى حلالا أو مستحبا ان لم يكن فرضا فهل يجوز تكراره فى باقى البلاد أم أنه حلال للتوانسة وحرام على المصريين مثلا ...
أفتونا مأجورين فالشعوب تنتظر فتواكم !!!
------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------
قال : الآن فهمتكم ... لا بل نحن من فهمناكم

بالأمس تابعت خطاب بن على الذى بدا كالفأر المرتعش الى الشعب التونسى ليقول كلمة سيقف الكثيرون من المحللين أمامها طويلا ... قال : الان فهمتكم !!!
- هذا الطاغية الذى ظل جاثما على أنفاس شعبه لأكثر من عشرين عاما بدأ يفهم شعبه
لأن الشعب تكلم باللغة التى يفهمها الطغاة ... فلا برلمانات ولا حملات انتخابية ولا مجالس تشريعية ولا أحزاب ديكورية ... فكل هذه المسميات ليست سوى مواد مخدرة
لارادة الشعوب ... وحلم التغيير السلمى من خلال صناديق الاقتراع لا يتحقق فى ظل أنظمة بوليسية تعانى من مرض الهواجس الأمنية ...
- الأحداث المتلاحقة التى عاشتها تونس خلال الأيام القليلة الماضية تفتح كثيرا من الملفات فى مختلف الاتجاهات لكننا نقف فى عجالة أمام الحدث باشارات سريعة ...
أولها فيما يبدو لى هو أن ذلك الشعب الذى ربما كان الكثيرون يرونه اخر شعب يمكن أن يتحرك قد فاجأ الجميع بأن كان صاحب ضربة البداية فى معركة اسقاط الطواغيت التى تبدو ملامحها الان غاية فى الوضوح ... وكأن أبيات أبى القاسم الشابى كانت نبوءة تحققت بعد عقود من رحيله ...
- لقد ان لشعوبنا أن تتعلم أبجديات أوحروف لغة التغيير الوحيدة من شوارع تونس وأزقتها ... ( خبز وماء ... بن على لا ) ... هذه الحروف البسيطة فى مبانيها عميقة فى معانيها ... قد صاغها الشابى من قبل فى أبيات لكن الشعب التونسى حققها اليوم بالدماء
فالحرية لا تستجدى وانما تنتزع انتزاعا ...
- لقد صاغ الشعب التونسى معادلات سياسية أشبه ما تكون بالمعادلات الرياضية ... قد عبر عنها هاشم الرفاعى فى رائعته ( رسالة فى ليلة التنفيذ ) حيث قال :
دمع السجين هناك فى أغلاله ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى اذا ما أفعمت بهما الربى لم يبق غير تمرد الفيضان
ولقد بدأ تمرد الفيضان من تونس ليضع المعادلة التالية أمام بقية الشعوب :
فقر + قهر = ثورة
فهناك تناسب طردى بين القمع والطغيان وبين مخزون الغضب الذى لابد أن ينفجر فى صورة فيضان متمرد على الجلاد وعلى أسياده فى البيت الأبيض أو فى الأليزيه ...
- لقد أظهرت ثورة تونس حقيقة كل أجهزة الاستخبارات فى صورة كاريكاتيرية مثيرة للسخرية ... فكل أجهزة التحليل الاستخباراتية التى كان الناس يظنونها تعلم ما تخفى الصدور قد أسقط فى يدها ووقفت أمام الحدث مذهولة مشلولة عاجزة عن أى فعل أو رد فعل ... فكل أجهزة قياس نبض الشعوب وضغطها قد توقفت عن العمل !
لقد كانوا يمنون علينا بأنهم يريدون نشر مخدر الديمقراطية فى ربوعنا بينما هم من يحمون جلادينا ويمدونهم بأحدث أدوات التعذيب واذ بهم يرون الشعوب قد انتفضت لتنتزع زمام المبادرة وتطرد الجلاد ذليلا مقهورا بعد أن ألقى اخر ورقة فى يده وهو يستجدى الشعب أن يقبل به الى اخر مدته على وعد بعدم الترشح لمدة تالية ... واخر كلمة ستظل مثلا بين الشعوب : ( الان فهمتكم ) ... فكان رد الشعب العملى : ( لا بل نحن من فهمناكم ) ...
- كل الكراسى والعروش أراها تهتز من وطأة الصدمة ... فالعصيان المدنى لا يستغرق أكثر من عدة أيام حتى يسقط الطاغوت ... والأجهزة الأمنية تبدو غاية فى الضعف على اجرامها وغلظة أكبادها وقسوة قلوب أفرادها وبلادة مشاعرهم ... والمفارقة صارخة فلقد كان وزراء الداخلية العرب عادة ما يجتمعون فى تونس لوضع خططهم التى ما اتفقت حكوماتهم فيما بينها على شئ سواها ( تحت شعار مكافحة الارهاب ! ) وكأنها عاصمة القمع فاذ بالثورة تخرج من هناك فينقلب السحر على الساحر !
- لقد أثبت الشعب التونسى أن الجينات العربية قابلة للثورة على أجهزة القمع والاذلال والقهر وأن ذكاء شعوبنا قد تخطى كل التنظيرات الأيديولوجية والتنظيمات السياسية والحركات التحررية التى لم تكن أقل دهشة أمام وقع الأحداث من الجلادين وأسيادهم !
- وأخيرا فان أقدار الله غلابة ... فمن بطن الضعف تولد القوة ومن بيت فرعون يخرج موسى ومن تونس الخضراء تنبت شجرة الحرية ... ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.