الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    المسرحيون يودعون انور الشعافي    أولا وأخيرا: أم القضايا    بنزرت: إيقاف شبان من بينهم 3 قصّر نفذوا 'براكاج' لحافلة نقل مدرسي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    نابل.. وفاة طالب غرقا    مدنين: انطلاق نشاط شركتين اهليتين ستوفران اكثر من 100 موطن شغل    كاس امم افريقيا تحت 20 عاما: المنتخب ينهزم امام نظيره النيجيري    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    منتخب أقل من 20 سنة: تونس تواجه نيجيريا في مستهل مشوارها بكأس أمم إفريقيا    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    عيد الشغل.. مجلس نواب الشعب يؤكد "ما توليه تونس من أهمية للطبقة الشغيلة وللعمل"..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    كأس أمم افريقيا لكرة لقدم تحت 20 عاما: فوز سيراليون وجنوب إفريقيا على مصر وتنزانيا    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    ترامب يرد على "السؤال الأصعب" ويعد ب"انتصارات اقتصادية ضخمة"    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    كرة اليد: الافريقي ينهي البطولة في المركز الثالث    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    عاجل/ اندلاع حريق ضخم بجبال القدس وحكومة الاحتلال تستنجد    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضد الظلامية .. ضد الوصاية على الشعب التونسي
نشر في الحوار نت يوم 18 - 01 - 2011

تونس تملك الجميع ولا يملكها أحد والشعب أثبت بثورته أنه فوق الأحزاب والنخب وتونس فوق الجميع
عبدالباقي خليفة
ثورة الشعب التونسي، هي ثورة ضد الوصاية ، ضد النظر إلى الشعب أنه قاصر، وهو الذي أثبت بثورته أنه فوق الأحزاب،والنخب، وتونس فوق الجميع . وبالتالي فإن أي محاولات لإعادة فرض الوصاية من جديد على تونس وعلى الشعب التونسي، تعد خيانة عظمى لتونس وشعبها، وآمال الملايين في الحرية والانعتاق من ربقة الاستبداد والديكتاتورية، داخل تونس وخارجها. فلا أحد يملك أن يفرض نفسه على الشعب مجددا، ليحدد له خياراته وتحدياته والأحزاب التي تتنافس على الحصول على تفويضه غيرالمحدد وغيرالمحدود والمطلق. وهو تفويض محدد بزمن ومحدود بقيم المجتمع وثقافته، وغير مطلق. بما يعني أن الشعب سيختبر الأحزاب وطاقاتها المبدعة من خلال توليها مهمة تسيير دواليب الحكم تحت إشرافه ومراقبته ، ويبقى القرار له عند انتهاء مهمتها بعد 4 أو 5 سنوات
حذار من قوى الردة : وما ينطبق على الحكومة ينسحب على رئيس الدولة ، الذي ينبغي أن يبقى منصبه شرفيا، إذا ما اختار الشعب النظام البرلماني النيابي، بدل الرئاسي لقطع الطريق مجددا أمام المغامرين من بقايا الاستبداد حتى وإن تسموا بأسماء الديمقراطية والتقدمية والليبرالية . بينما هم في الحقيقة وحوش مفترسة ذات مخالب وأنياب يكشفون عنها عندما يكونون في مواقع تسمح لهم بذلك، ويخفونها ولا يظهرونها إلا في استيديوات التجميل قبل الظهور على الركع ( البلاطو) . وما يدور في الكواليس وما نلاحظه على التلفزيون الرسمي الذي يملكه الشعب، لا يعبرعن الشعب كما ينبغي، وما يصلنا من أخباريوشي حينا ويفصح أحيانا، بأن قوى الردة تعد العدة للانقضاض على مكسب الشعب الحقيقي، وهو الثورة التي لم تكتمل بعد، وإن خطت ثلاثة أرباع المسافة . فهذه القوى تريد تجيير الثورة لاستمرار التعفن السابق، واقتسام السلطة فيما بينها، بعد فشل محاولاتها حتى الآن في إقناع الجيش بتولي السلطة، أو اقتسامها معه، كما كان في عهد بن علي. أي أن ترسم هي الخطط والمسارات على المستويات التعليمية والثقافية والمجتمعية كما كان في السابق، ويريدون مقابل ذلك من القائد العسكري أن تكون له السلطة والثروة، يلبس البدلة وربطة العنق، في سائر الايام، ويلبسونه الجبة في الأعياد، . وهذا ما عرضه محمد الغنوشي على الجنرال رشيد بن عمار، وفق بعض التسريبات، أما الشعب فلا يهمهم في شئ ، فهو فئران تجاربهم، وموضوع فعلهم لا فعله ، وكفى بها جريمة ضد الشعب والبلاد .
مرحلة صعبة في تونس : ولا شك فإن هدم الديكتاتورية، أقل تكلفة وأكثر سهولة من هدم الديكتاتورية، وبالتالي فإن أمام الشعب مهمة عظمى وهي تفكيك منظومة الاستبداد، وعلى الإسلاميين أن ينسقوا مع جميع الأطراف في هذا الخصوص، حتى لا تتكرر محنة 1987 م والتي تعد لها بعض الأطراف من الآن ، من خلال تأخير إصدار العفو التشريعي العام، والتحدذير من عودة الشيخ راشد الغنوشي، كما صرح بذلك رئيس الوزراء غير المنتخب، وأحد بقايا نظام السابق . كما لا يمكن إكتمال أهداف الشعب، إلا بإلقاء القبض على المفسدين واستعادة الأموال المنهوبة . مع إشادتنا بالخطوات التي تمت حتى الآن ، فإننا نؤكد بأن ديمقراطية الخطوة خطوة، أو القطرة قطرة التي سمعنا بها منذ بدأنا نعي الأشياء من حولنا، ولم نعد نؤمن بها، فالشعب ناضج بما فيه الكفاية ، بل بمستوى يفوق ما عليه الأحزاب السياسية، بقايا الطغمة وبمراحل . لقد أسقط الشعب هذه الكذبة الكبرى، فيجب أن نصدقه، ونكذب كل من يحاول إعادته إلى شباك الاستبداد مرة أخرى .
وعلى الحركة الإسلامية في تونس، أن لا تفوض أحدا من صفوف المعارضة مهما كان مقربا منها للحديث باسمها، وعليها الاتصال بقائد الجيش، وباستمرار، كلما سنحت الفرصة ، فالكثير من قوى الردة وفلول النظام السابق يتصلون به، لتحقيق مآربهم هم وليس مطالب الشعب . وعلى القيادات الإسلامية وعناصرها في الخارج العودة في أقرب فرصة ممكنة للبلاد، دون انتظارالعفو التشريعي العام، الذي لا أهمية شرعية له ، بعد أن سقط النظام غير الشرعي الذي كان وراء مظلمة القرن العشرين في تونس، وهي جريمة استئصال الاسلاميين. ولأن المستقبل للشعب، فإنه يجب الحرص على تفعيل قوانين تجرم الاستئصاليين ومساعي الاستئصاليين ، وكل من ينادي ويشي بالاستئصال في الداخل والخارج . ولا شك بأن الشعب سيتقص لنفسه من كل الذين آذوه وحرضوا على ايذائه ولم يتوقفوا عن ذلك حتى الآن .
الحركة الاسلامية مكسب للعالم : لقد أظهرت الحركة الإسلامية، ممثلة في النهضة، روحا وممارسة ديمقراطية تفوق باشواط كل الذين يدعون وصلا بها، فلم تصدرمن كبار قادتها دعوة لاستئصال واجتثاث الديكتاتوريين الملتحفين بثوب الديمقراطية المخرق بانتهاكاتهم المتواصلة لمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان . وقد سمعت الشيخ راشد الغنوشي، يدافع عن المنتمين للتجمع ، مؤكدا على أن لا أحد يجرم بسبب انتمائه لحزب معين ( التجمع ) وإنما بما جنته يداه ضد الحق العام وبقية أبناء الشعب التونسي . ولسنا في حاجة هنا للتذكير بأن الاسلاميين جزء لا يتجزأ من الشعب التونسي، وهم أبناء هذا الشعب الحر الابي، فمن هذا الذي يملك اقصاءهم، وبأي حق إن ملك ، وعلى أي أسس شرعية يغتصب سلطة الشعب، الذي ينبغي أن يكون الفيصل في هذا الأمر وكل أمريتعلق بالشأن العام.
كما ينبغي التأكيد في هذا الخصوص، بأن الحركة الإسلامية في تونس، مكسب وطني، واقليمي، ودولي، يجب المحافظة عليه. فمن حيث كونها مكسب وطني، بخطابها المعتدل البعيد عن التشنج والمزايدة، وهي بذلك تعد عامل استقرار وتوافق وطني، وبامكانها أن تؤدي دورا مهما في الحياة السياسية التونسية، من خلال التأسيس لثقافة التداول السلمي على السلطة، التي أقرتها في بيانها الأول في 6 يونيو 1981 م . وهي أول حركة اسلامية أعلنت جهارا اعترافها بجميع مكونات المجتمع دون اقصاء أو تهميش، بما في ذلك الذين عملوا على اقصائها وتهميشها. والقبول بهذه الطروحات، ستجنب البلاد مستقبلا هزات هي في غنى عنها، وامكانياتها لا تقدر على مقاومتها، حتى لو تدخلت قوى أخرى من الخارج إلى جانبها. بينما سيكون أبناء الحركة كما أثبتوا في لجان الأحياء الآن أنهم جنودا مجندة لحماية البلاد . فنحن في حاجة لكل مصنع، وفي حاجة لكل مدرسة، وفي حاجة لكل مبنى، وقبل ذلك نحن في حاجة لكل تونسي، فلا أحد يتسبب في مآسي جديدة، إذا ما استمر البعض في توسيد الأمورلأعداء ثقافة الشعب، وتجاهل المكون الاسلامي السياسي للساحة التونسية في أبعادها المختلفة .
ومن نافلة القول، التذكيربأن الحركة الإسلامية، وتحديدا، النهضة، ليست حركة طالبان، ولا هي القاعدة، ولكن بالتأكيد وبأغلظ الايمان ، فإن البديل عن النهضة ستكون على المستوى المتوسط والبعيد وربما الآني حركة عنف لا تعدم العناصر، ولا أسباب الظهور، والاستقواء على مر الزمن . والخيار لمن يملكون اتخاذ القرار، للاجابة على سؤال، أيهما أفضل مساهمة الجميع في البناء والتشييد، أواستمرار معاناة شعبنا، ومكون شعبي أساسي في حياتنا، وانخراط البلاد في حرب أهلية، أو شبه أهلية، أو انصراف جزء كبير من طاقاتنا في مواجهة أعمال عنف تخمد ولكنها لا تموت. وعندما حذرت وزيرة الخارجية الأميركية في الأيام الماضية، الحكام العرب، من مغبة سياساتهم الأنانية ومن شخصياتهم النرجسية ، وأكدت على أن البديل في حالة عدم اجراء اصلاحات سياسية سيكون ما وصفته التطرف المسلح ، فإنها لم تكن تنطق وتتكلم من فراغ، وإنما من استقراء مؤسسات . وليس صحيحا تماما أن لا أحد تنبأ بثورة تونس، فتقارير الخارجية الأمريكية تنبأت بذلك ، وتوقع بعضنا في تقارير سابقة وصفها بعض المعلقين مستهزئا، بأنها كما لو كانت كتبت على أسوار قرطاج ،" أنهم يرونها بعيدا ونراها قريبا " .
إذن الحركة الاسلامية لا تريد أن تفرض شيئا على أحد، أولوياتها هي المساهمة في خدمة الشعب، وتحسين ظروف حياته، والتعايش السلمي بين جميع الأفكار والايديولوجيات والخيارات . وهذا مهم جدا للمحيط الإقليمي، فلا أحد يستطيع التأكيد على أن شعوب المنطقة المجاورة راضين على أوضاعهم السياسية والاقتصادية، سواء كان ذلك في ليبيا أو الجزائرأو المغرب وحتى مصر وموريتانيا ، ومن مصلحة هذه الشعوب تجنب جزائر أخرى، والتي كان سببها نزوة ونزق قادة الجيش آنذاك وبعض النخب والتدخل الأجنبي، فرنسا، تحديدا.
الحركة الاسلامية في تونس والتجارب الأخرى : لقد تحدث البعض عن تجربة تركيا في ثمانينات العشرين، وتدخل الجيش ، ونحن نذكره بأننا في عشرية القرن 21 ، والتجربة التركية الحالية هي الأقرب فلماذا تمد يدك اليمنى إلى أذنك اليسرى . وكان بإمكانك أن تستشهد بالتجربة الجزائرية الدموية التي نقل فيها الجيش الارهاب إلى محيط الشعب، وهو ما حاول بن علي فعله من خلال حرسه الرئاسي الذي بث الرعب والهلع في صفوف الشعب التونسي على مدى ما يزيد عن 4 أسابيع ، ومع ذلك قال له وزير الداخلية الجديد، عفى الله عما سلف، بينما سام النظام السابق الحركة الاسلامية شتى صنوف القتل والتعذيب والتهجير لأسباب سياسية وعلى خلفية أحداث معزولة لم تأمر بها القيادة كما أمر بن علي زبائنه القيام بها .
التجربة التركية الحالية هي الأقرب إلى ذهنية الحركة الاسلامية في تونس، بل سبقت الحركة الاسلامية التأكيد على ما تعيشه تركيا اليوم ، فلا تذهبوا بعيدا ، ولا تخونوا الحقيقة التي تستيقينونها في أنفسكم، فهي تتعبكم نفسيا وصحيا على المدى المتوسط والبعيد. لقد قال الشيخ راشد الغنوشي بوضوح عقائدي وسياسي لا يرقى إليه الشك ، لو كان الاكراه مشروعا لكرسه المولى سبحانه وتعالى، فالله خلق الانسان حرا، ولم يعط لأحد مشروعية الإكراه والفرض" لا إكراه في الدين " وإذا كان الإكراه في الدين محرما وممنوعا فبالدرجة الأولى لا إكراه في الممارسات والاختيارات السياسية والثقافية والمجتمعية إذا أقرها الشعب من خلال الانتخابات أوالاستفتاءات الحقيقية الحرة والنزيهة، فلماذا لا يستفتى الشعب مثلا حول الكثير من القضايا كبقاء أو حل حزب ، التجمع ؟!!! .
الشعب لا الأحزاب من يقرر أجندة البلاد : القوة الوحيدة القادرة على حل الكثير من المشاكل هي الجيش بعد الشعب، وهذه القوة التي أظهرت انحيازا للشعب، يجب أن تحافظ على سياستها التي هي محل إجماع كل التونسيين . ونحن نهيب بقواتنا المسلحة أن لا تستجيب لأولئك الذين يحاولون أن يعيدوا سيرة الديكتاتور السابق، ويعرضوا أنفسهم على الجيش لتحقيق مآربهم الدنيئة ضد الشعب وضد قوى شعبية أخرى . نريد من الجيش أن يكون جيش الشعب، وليس جيش بقايا النظام الحاكم، ولا فلول بائسة معزولة شعبيا، ومنقطعة ثقافيا ، مع احترامنا لخياراتها واستعدادنا للدفاع عن وجودها فاختلافنا معها لا يدفعنا للدعوة لاستئصالها كما تفعل هي مع الاسلاميين جهارا وخفية، ومستعدة للتحالف مع كل شياطين الأرض في سبيل ذلك . فهي دائما تبحث عن دور، وتعرض نفسها للايجار، وتتحين الفرص لذلك، وترقب الساحة عن كثب، ترجو مخرجا، أو تتطلع إلى منفذ كالميكروبات، أو الحشرات، والأعشاب الضارة تماما . كما أنها تتلون بكل لون، وأغلبهم مستعدين ليتحولوا إلى اسلاميين أقحاء لو علموا بأنه سترجح كفتهم ، فما أتعسهم وما أقذع بؤسهم .
ولا بد من التأكيد هنا على جملة حقائق :
1 ) الذين يطالبون بابعاد الاسلاميين ، ليسوا أكثر تمثلا في الشارع منهم
2 ) الذين يطالبون بابعاد الاسلاميين لم يقدموا التضحيات التي قدمها الاسلاميون بينما يكافئ حزب بن علي بدل مساءلته
3 ) الذين يطالبون بابعاد الاسلاميين يواصلون اسعبادهم للشعب لفرض ديكتاتورية جديدة تقمعه من جديد
4 ) هناك اشكالية في تحديد من يمثل الشعب، ولا يمكن لأحد أن يحل هذه الإشكالية إلا الشعب نفسه .
5 ) الاعلام التونسي المملوك للدولة ، وخاصة التلفزيون يواصل اقصاء الاسلاميين لا سيما في الأيام الاولى من سقوط الديكتاتور ، وتمت استضافة المتلونين وبعض ذيول النظام السابق، ولا بد أن يتحمل المسؤولون عن ذلك نتيجة مواقفهم
لقد استطاع الشعب التونسي، أن يحقق لنفسه ولبلاده سمعة طيبة ويرفع أسهمها بين الأمم، وقد قالها لي أصدقاء كثيرون باعجاب شديد" أصبحتم جزءا من العالم الحر" . والعالم الحر ليس أولئك الذين يحترمون إرادة شعوبهم في الداخل، ويدعمون الديكتاتوريات في الخارج . والعالم الحر ليس الذي يقتل النساء والأطفال في العراق وأفغانستان، والعالم الحر ليس من يمنع بناء المساجد ويحظر الحجاب، وإنما العالم الحر هي الشعوب الحرة التي لا يستطيع أي تائق للقرون الوسطى، وعهود الحق الالهي، وعهود الفساد والديكتاتورية أن يفرض عليهم ما لم يستشاروا حوله ولم يستفتوا فيه .
ونريد أن نقول لبعض أبناء تونسن ممن طالت غربتهم فالتمسوا عفوا فرديا، ثم ما لبثوا أن انخرطوا في مشروع النظام أن حواركم مع الديكتاتور، وهو بالتأكيد لم يكن حوارا، ونحن نعلم ذلك ، سقط بلغة الشعب الخشبية، وادخلوا على الفايس بوك، واستمعوا لنداءات شعبكم وستعرفون ذلك " خبز وماء وبن علي لا " حوار خشبي بامتياز، و" يا شعب فيق فيق ، حجامة تحكم فيك " لغة خشبية ولا أمتن منها، و" العمل استحقاق يا عصابة السراق" لغة خشبية بدون شك . و" بن علي ارحل" وبلغة أكثر خشبية "
BEN ALI DEGAGE
وهي لغة البلد الذي عرض على بن علي مساعادات أمنية بالمناسبة، وهناك مرتزقة أجانب في حوزة الجيش، ستكشف الأيام ما إذا كانوا ممن قدموا نفس الخدمات في سنة 1987 م لبن علي حيث شاركت ايطاليا وفرنسا واسبانيا وصهاينة في حملة دعم بن علي ضد الاسلاميين العزل .
هناك قضية أخرى أريد أن أطرحها وأطالب بها وأرجو مساندتها ، وهي وضع نصب تذكارية لشهداء الثورة ، في كل مكان سقط فيه ضحايا، مع أن يكون ما يسمى بشارع الحبيب بورقيبة ، شارع الثورة التونسية المجيدة، ويكون مكان ساعة 7 نوفمبر النصب التذكاري لجميع شهداء الثورة . وهو نصب تذكاري لن يستطيع أحد إزالته كما أزيل حصان بورقيبة ، أو ساعة بن علي .ولا يشترط أن يكون النصب التذكاري صورا للضحايا وإنما رمز له ايحاءات فنية ويمكن لفناني تونس عقد مباراة في هذا الخصوص يفوز بها أفضل تجسيد . ويمكن أن تكون صورة محمد البوعزيزي وهو بالجبس أفضل تجسيد لكل الضحايا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.