ألا يرى العالم المتحضر العالم الذي سن قوانين حقوق الإنسان والمحاكم الدولية وقوانين جينيف والمحاكم الدولية وقوانين ولوائح مجلس الأمن الدولي... ألا يرى هؤلاء أنه أصبح اليوم من الضروري إن كان لهم ذرة من حياء عرض هؤلاء المجرمين من حكامنا وعلى رأسهم الطاغية بن علي وعميد الخونة حسني مبارك (خيانة أمة وخيانة وطن كبير )ومخرب القذافي (الساحر المشعوذ)على قضاء دولي عادل واعتبارهم مجرمين دوليين ، حيث يفوق ويتعدى طغيانهم وظلمهم الحدود الجغرافية لبلدانهم الأمر الذي يجعل خطرهم دولي، قد يطال الجميع. فهم مهربو عملة وجواهر ومعادن نفيسة ومروجو مخدرات ومبيضو أموال ومتحايلون وسفاحون وقتلة وفنانون مختصون في التنكيل بشعوبهم ....كل ذلك وما خفي أعظم (تكشف لنا عمليات التنقيب والأبحاث كل يوم عن جريمة تنسيك في سابقتها: غرف التعذيب في قصور مبارك ....مغارة علي بابا في قصر من قصور فرعون تونس في سيدي بوسعيد، منذ يومين ) كل ذلك يجعل هؤلاء في مرتبة المافيا الدولية التي يتحمل المجتمع الدولي بمنظماته وهيئاته مسئولية القبض عليهم واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاكمتهم بإنزال أقصى العقوبات عليهم... لماذا يفتح الغرب عينيه وأذنيه على قضايا معينة ومحددة ويختفي ويضع رأسه كالنعامة في التراب فلا عين رأت ولا أذن سمعت عندما يتعلق الأمر بكل ما يمس مصالحه وما يمس مندوبيه ونوابه وحراس مستعمراته القديمة ومنابع ثرواته وأسواقه الخارجية...لماذا فتح الغرب عينية على من قتل الحريري، خمس سنوات وهو على قدم وساق من أجل شخص واحد لا أكثر، وأنشأ محكمة دولية كانت سببا في تغذية الصراعات وتأجيج النعرات الطائفية بين مكونات المجتمع اللبناني... ألا يرى العالم الغربي أن الشعب التونسي أو المصري أو الليبي أو غيره، من حقه أن يقتصّ من جلاده ومن سلب حقه في العيش الكريم والحياة الآمنة كغيره من بني البشر، من حقه ومن باب العدل أن يرى من نغص حياته ليس ليوم أو يومين أو سنة أو سنتين، بل لعقود من حقه أن يراه على حبل المشنقة، ولا أرى الشعوب التي خرجت في تونس وفي مصر وليبيا ...ترضى بأقل من ذلك...لا أرى أن هؤلاء ممن قدموا الشهداء، ممن خرجوا وعروا صدورهم، جلسوا على الأرض، في مشهد مهيب نقلته فضائيات العالم، جلسوا وفتحوا أزرار "جكيتاتهم" ولسان حالهم يقول: مرحبا بالشهادة في سبيل الله ....ليس لنا ما نخسره، سنخسر قيودنا وأغلالنا التي كبلنا بها جلادنا لسنين، ف " في ظلكم لم نكتسب الا الهلاك وحده :أجسادنا منهكة أرواحنا منتهكة أوطاننا مفككة لا شيء نخشى فقده حين تحل الدربكة بل إننا سنشكر الموت اذا مر بنا في دربه لنحركم فكل شر في الدنيا خير...أمام شركم وبعد بلوانا بكم كل البلايا بركة " ليس لنا ما نخسره، كل البلايا أمام ما شهدناه وما عشناه وما أصابنا في ظل حكمكم وطغيانكم هي ضريبة ضرورية لكسر القيود وإجلاء الظلمة وتحريرنا من سيف القهر والقمع والنهب والسلب والقتل والتعدي على الأعراض وسرقة الأقوات وتعطيل قاطرة الامة عن السير لتواكب غيرها من الامم في مجالات التطور بمختلف أبعاده.... لن تخمد نيران شعوبنا إلا برؤية هؤلاء أمام قفص الاتهام ورد الاعتبار لهؤلاء واسترجاع أموالهم التي نهبت ورصت في بنوك الدول العظمى في حسابات مشبوهة وشركات خفية الاسم، بالتواطئ مع بعض أجنحة الحكم داخل الدول الغربية، تاركة الشعوب تنهشها مخالب الفقر والظلم والتجهيل . سياسة صناعة الفقر والجهل، صناعة مدروسة وهي نتيجة طبيعية لتلك الخطط التي يراد من خلالها المحافظة على نسق معين ونمط من العيش داخل مجتمعاتنا. نسق يجعلها (مجتمعاتنا) في شغل دءوب وفي شقاء دائم فقط من أجل لقمة العيش فلا تجد الوقت للتفكير في السياسة ودواليبها ، فتتبلد الاذهان وتعمى البصائر والبصيرة فلا ترى السارق ولا السارقة...ولا الوقت للرقي الذي يتطلب التفرغ والراحة الذهنية والنفسية،كل ذلك يجعلها تكتفي بمستوى تعليمي لا يمكنها من الارتقاء إلى مراتب الدول التي تجعل من الكفاءات والكوادر في مختلف الاختصاصات رصيدا لا استغناء عنه بل هو الركيزة والضمانة لإرساء تنمية بشرية متكاملة...سياسات يطبقها الغرب ويسخر كل وسائله لمحاصرتنا وتكبيلنا حتى نظل سوقا مفتوحة لبضاعته المادية والبشرية...حلال عليهم الرقي والازدهار وحرام علينا حتى العيش الكريم، فنحن شعوب في نظرهم لم ننضج بعد كي نمسك بأيدينا وسائل النمو والتنمية المستقلة التي لا تأتينا من وراء البحار... أليس من حق شعوبنا المطالبة رسميا بمحاكمة من ساسوها لعقود بالحديد والنار و أذاقوها كل أصناف الذل والعار، من حقنا أن نجعل منها قضية رسمية ليكون هؤلاء درسا لغيرهم ممن يأتون بعدهم .... أليس من حق أبنا ء الشهداء المطالبة بالقصاص ، القصاص القصاص كما طالب أخو شوقي شهيد من شهداء أحد أرياف الرقاب، هذه المنطقة التي أسكنها أو أقضي بأحد أريافها عطلة الصيف منذ ما يزيد عن تسع سنوات ، سكانها أصحاب همة وأنفة وعزة لا مثيل لها، تركيبة ذهنية لدى هؤلاء كانت وراء صمودهم وتقديمهم ودفعهم لاهم ضريبة للتحرر الا وهي الدم...أقول للغرب وللمنظمات الحقوقية الدولية بمحاكمها وتشريعاتها، أقول كما أن ل"الشيخ" سعد الحريري "مشاعر" و"أحاسيس" فان لابناء سحنون الجوهري وأبناء الرائد المنصوري والهاشمي المكي.... وأبناء شهداء ثورة 17 ديسمبر، ثورة الصبار، أبناء شوقي وأبناء منال علاقي وأبناء كل الشهداء الذين سقطوا في معركة التحرير، تحرير تونس الملهمة...وأبناء ثورة 20يناير لتحرير مصر العظيمة وشهداء أبناء ليبيا الشقيقة ....كل هؤلاء لهم مشاعر وأحاسيس حقيقية وليست كتلك التي جوهرها الخيانة والحسابات السياسية ولو على حساب استقرار الوطن وإرضاء نهم وتعطش الأسياد إلى الفتنة والدماء...هؤلاء أيضا يا سادة يا كرام يطالبون بالقصاص، يطالبون برأس من يتمهم وحرمهم حنان الاب ورعايته.. أقول للغرب وللمنظمات الحقوقية بكل تشكيلاتها وتفريعاتها لأمهات شهدائنا الحق في المطالبة بمحاكمة من قتل أبناءها من حق أم أحمد العمري(شهيد مدرسة المهندسين بتونس) من حقها وبعد عشرين سنة أن تعرف يد الغدر التي امتدت لتقطف زهرة لطالما انتظرتها وقدمت لها العناية والرعاية على أمل أن تقطف ثمارها، بأن ترى ابنها في مراتب الوظيفة كغيره من أبناء الحي...من حق أم حمدة بن هنية أن تطالب بنفس الشيء، من حق أم مصطفى الحجلاوي(ابن سيدي بوزيد) أن تطلب القصاص ممن حرمها فلذة كبدها وهو في سنته الدراسية الاخيرة ،القصاص ممن قتله ولم يكن لا في ساحة حرب ولا قتال ولا مظاهرة بل في غرفته...من حق كل هؤلاء وكل أمهات شهداء الثورة أمهات سيدي بوزيد والرقاب ومنزل بوزيان والقصرين وتالة والوردانين والكاف.. من حق أبناء وأمهات وزوجات وأخوات السجناء، يا من تتباكون عن شاليط وعفاريت الصهاينة ممن قبض عليهم في ساحات القتال، في أرض غيرهم معتدين على الاعراض والحرمات مدججين بالسلاح لينالوا من عزل آمنين في بيوتهم...من حق هؤلاء أن يطالبوا برد الاعتبار بكل أبعاده، من حق أخي (على سبيل المثال لا الحصر فالقائمة طويلة)من حق إخلاص وإبراهيم ونضال (أبناؤه)أن يروا أبوهم كغيره ينعم بالحرية من حقهم أن يروه كما تمنى وتمنت أمي (رحمها الله ، كم تمنت هذا اليوم يوم رحيل من نكل بها وبأهلها ولم يترك الصغير ولا الكبير ولم يفرق يومها في بطشه بين المرأة والرجل: أبناؤها وأصهارها وإخوتها وأبناء أخوتها تتلقفهم السجون. فكانت مقطعة الجسد بين برج الرومي وصفاقس والمسعدين والقيروان وقفصة ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس...السجن ثم البطالة والخصاصة ....ورحلت وفي القلب ألف غصة ....خرج جثمانها من نفس الشارع الذي خرجت منه أول شرارة لتحرير تونس....والحديث يطول وذو شجون ....) قلت كما تمنى أخي وتمنت أمه يوم أن ظلت وراءه بعنايتها ليرتقي في سلم الدراسة كما كان كل أترابه. لكن سيول الظلم الجارفة التي فتح الظالم ينابيعها لتبتلع الشعب حالت دون ذلك ، كان السجن في الانتظار ...اليوم من حق أبناء أخي أن يروا أباهم يأخذ محفظته ليتوجه الى مؤسسات التدريس كما كان توجهه الدراسي لا أن يأخذ كيسا ليجمع القوارير الفارغة لبيعها لمعامل الرسكلة، أو عصا يهش بها على غنمه...ما أقوله ليس حطا من قيمة تلك الاعمال ، أبدا ، بل فرق بين أن ترسم لنفسك طموحا وصورة معينة لمستقبلك ويأتي غيرك ويسرقها منك لا لجرم أرتكبته ولا لذنب اقترفته...هنا يصبح استرداد الحق واجب وليس قضية احتقار لرعاية الغنم. التي أتذكر أن أبي علمنا اياها منذ الصغر وعلمنا أن نضع في يد كراسا وقلما وفي الاخرى عصا نهش بها على الغنم ، نعم كان الامر كذلك وقد نجحنا واليوم كلنا بشهائدنا...كنت بالجامعة وأرعى الغنم وكنت أدرس بالمعهد وأرعى الغنم .... من حق كل هؤلاء من أبناء وطننا تونس وأبناء أمتنا أن يروا جلاد الشعب أمامهم يقتصون منه في الساحات العامة ، في ساحة التحرير بمصر ، في بنغازي ، في ساحة محمد البوعزيزي (سبعة نوفمبر سابقا ) بحضورهم الجسدي في محاكمة شعبية علنية كما من حقهم المطالبة بمحاكمة دولية يشهد عليها العالم وتشهد عليها شعوب الحكومات التي ساندت هؤلاء الطغاة مساندة تتراوح بين المساندة الفعلية والمباشرة والمساندة الخفية ثم المساندة بالتزام الصمت أمام ما اقترف من جرائم بحق شعوبنا...محاكمة تصل الى حد تجريم من شارك وساند وصمت عن هؤلاء، ثم تجريم ومعاقبة من وفر لهم الملجأ والمأوى بعدما قذفت بهم شعوبهم الى ما وراء البحار، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، التي وانا على يقين من ذلك لو استجارها مواطن عربي هاربا من بطش حكامه لما استجارته بل لعلها تقبض عليه لتعيده لجحيم وفرن هؤلاء... في أمان الله مفيدة حمدي عبدولي