لم يكن تمكين حرحة النهضة من التأشيرة القانونية بالحدث العادي وهو حدث لا يمكن أن يفهم مدى أهميته الا من عاشر الحركة في المحارق المتعددة التي عانتها والتي انتهت بخيرة شباب هذا الوطن ما بين القبور والسجون والمنافي. لقد أتعب القمع الحركة كثيرا ومهما بلغت طاقات الفعل توهجها فهي لم تكن قادرة على انجاز الكثير في ضل اضطهاد متواصل وسرية خانقة. واليوم حين تمكن الحركة من حق الوجود القانوني فانها تجد نفسها أمام تحد حقيقي لاثبات جدارتها أمام الله وأمام مناضليها الذين استشهدوا والذين عذبوا وسجنوا وهجروا ومنعوا الحق في الحياة الكريمة، كما أمام شعبها وشباب هذا الوطن الذين قادوا هذه الثورة المباركة و أطردوا الطاغية وفرضوا اسقاط النظام. غير أن ما أريد التنبيه اليه وضرورة الوعي به أن نضال ابناء الحركة الاسلامية لم يكن مقرونا أبدا بالبحث عن السلطة ولم تكن المطالبة بالحق في الوجود القانوني مرتبطا بالبحث عن مشاركة سياسية تؤدي الى كرسي الحكم، وانما كان مبدأ هذا النضال بداية خدمة هذا الوطن والعمل على الارتقاء به في كل المجالات الفكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية. لو كان هدف النهضة من الوجود هدفا سياسيا خالصا يستهدف كرسي الحكم لاتجهت لتحقيق غايتها تلك اتجاهات مغايرة في الممارسة السياسية ولاستعملت العنف والعمل المسلح حين انسدت أمامها طرق العمل السلمي ولكنها لم تنتهج هذا النهج لأنها ما كانت تطلب السلطة وانما كانت تطلب خدمة الشعب. هذا ما يجب أن ينتبه له أبناء النهضة وخاصة الشباب منهم ولا يجعلوا من حصول الحركة على التأشيرة القانونية اختزال وجود الحركة في مجال العمل السياسي ولا حتى جعله أولوية ومدار اهتمام رئيسي. ليس هناك ما هو أخطر على النهضة من مثل هذا السلوك الساذج الذي سينتهي لا قدر الله الى فقدان كل مشروعية شعبية حين يجد الشعب أن النهضة ليست غير حزب مثل بقية الأحزاب التي هدفها السلطة وكل فعلها صراع على السلطة. ان مجال الفعل الحقيقي للشباب الاسلامي انما هو العمل الجمعياتي وهو واجب ومقدم على كل فعل سياسي مباشر دينيا وأخلاقيا ووطنيا وحتى سياسيا. ان عصر الايديولوجيات قد ولى وانتهى والفروقات الايديولوجية بين مختلف الأحزاب والاتجاهات السياسية قد تقلصت إلى حد بعيد فلم يعد الخطاب السياسي المباشر هو أساس التمايز وانما مدى قيمة ما يقدمه كل طرف من فائدة حقيقية وفعلية للمجتمع. اذا كان للشباب الاسلامي رغبة حقيقية في الفعل الايجابي والمثمر يجب أن يتوجه نشاطهم أساسا للعمل الجمعياتي والمدني وأن ينشؤوا وينخرطوا في الجمعيات التي تقدم خدمة فعلية ومباشرة للمجتمع دون أدنى حسابات سياسية مباشرة وانما الدافع لهذا العمل طلبا للخير وافادة لأبناء الوطن، أما المكاسب السياسية فستأتي بطبيعتها ان كان ولا بد من التفكير في مكاسب سياسية. تقدم إذن أيها الشباب واستعن بالله واخلص له النية واخدم شعبك ومجتمعتك وانتظم في جمعيات تفجر من خلالها طاقاتك ولتكن منك المبادرة والفعل. نقلا عن الفايسبوك