سوسة،في8مارس2011 رسالة مفتوحة موجهة الى عناية السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة الانتقالية التونسية السيد الوزير، في هذه الأيام التاريخية التي تعيشها بلادنا العزيزة أقترح على جنابكم مقاسمة آمال وطموحات جسم المدرّسين والباحثين الجامعيين التونسيين بصفتي مدرّسا باحثا أنتمي الى هذا الجسم الغيور على طموحات ومكاسب ثورة وطننا العزيز. لقد قال المجتمع التونسي كلمته الحاسمة فطرد عبر انتفاضته المجيدة الحضارية جلّاده الأمي الذي حكمنا طيلة ثلاث وعشرين سنة بقوة الحديد والنار،وبسلطة الأمر الواقع الكريه،وقد كانت الأضرار الناتجة عن هذه الحقبة المظلمة كارثية:الغاء الحريات العامة الأساسية،منع التجمع والتظاهر،منع حرية التفكير والتعبير،حجب الحريات الدستورية بعد التلاعب بالدستوروتطويعه لنزواته ومخططاته الهادفة الى تأبيد سلطته. وقد انتفض شعبنا وقال كلمته في الأمر واضعا نقطة نهاية لهذه الصفحة المظلمة المرعبة مضطرا الطاغية-اللص على الفرار من التراب الوطني لتطهيره من دنسه،وكان القدر في الموعد لتلبية رغبة الأمة في الخلاص بعد تقديمها ضريبة الدم،دم الشهداء الأطهار فتساوى موعد14جانفي2011 مع مواعيد الاستقلال مع ما تطلبه جميعها من شهداء وتضحيات بطولية.وقد استنشق شعبنا وبصفة مبكّرة عبق الحرية برائحة الياسمين تكريما لهذا الشعب الأبي الذي تعود أصوله الى حوالي ثلاثة آلاف سنة،,الذي أثبت استعداده بكل شجاعة وارادة عميقة للحظات الحاسمة التي تدلل على عشقه واستماتته في طلب الحرية؟؟؟ فعادت الثقة الى النفوس وبدأت الأحلام تطفو الى السطح من جديد آملة في الانتقال الى الواقع الحي ،الأحلام التواقة الى تكريس الحريات والحقوق لعموم أفراد شعبنا ولجسم الجامعيين الذي أعطى ولا يزال يعطي لبناء الدولة التونسية الحديثة. وقد شجعتنا انتفاضة الحرية والكرامة،اتفاضة14جانفي2011على احياء مطالبنا المشروعة التي لم تغادرنا حتى في أحلك ظروفنا خلال العهد البائد،ولعل الاضراب الاداري الذي خاضه قطاعنا سنة2005 والذي تعاملت معه الوزارة أنذاك بكل أنانية وصرامة،وبرغم ذلك فاننا فزنا بتلك المحطة-الرمز باجماع القاصي والداني؟؟؟ ولعل السؤال الذي يتبادر الى ذهنكم الآن:ماذا كانت وماهي أحلامكم التي عادت الى السطح مجددا وظللنا نحميها ونتحلّق حولها،الحلم الأساسي هو وضع مشروع متكامل للنهوض بمنظومتنا الجامعية،مشروع يعتمد تبادل الآراء والخبرات لاعداد أمتنا التونسية للاستحقاقات التاريخية لعل أبرزها النهوض بجامعاتنا والوصول بها الى مصاف الدول المتقدمةعلميا وتكنولوجيا.ونقترح عليكم استعدادا لهذا الاستحقاق الاستراتيجي الدعوة الى انعقاد المجلس الأعلى للجامعات مركزيا وجهويا لارساء حوار ضروري ومتأكد،وحتى ان كانت الحكومة التي تنتسبون اليها انتقالية ومؤقتة فهي تستمد شرعيتها من الثورة لذلك فان عملكم في ما بقي من المدة قبل الانتخابات يمكن أن تشهد وبدعمكم المميز انطلاقة جديدة لحوار جديد على أساس المشروع المنتظر؟؟؟ ويمكن اشراك المدرسين-الباحثين الجامعيين في تصور هذا المشروع عبر الحوارات والمنتديات لضمان أوفر حظوظ النجاح والثبات لهذا المشروع الذي يجب مرافقته بتحسين ظروف عمل وسيرورة الجامعة التونسية،وبترسيخ الممارسات الديمقراطية عبر هياكلها قياسا على الحركية الجديدة ضمن الهياكل الوطنية الناشئة بعد ثورة14جانفي2011. ويمكن أن يتمحور المشروع حول جملة من الركائز والأهداف تتوزع كالآتي: *الزامية الانتخاب الحر لكل المسؤولين الجامعيين من القمة الى القاعدة لترسيخ روح المسؤولية والاختيارالديمقراطي،وكذلك الأكاديمي،وقطع العمل بمبدا التعيين الذي يتعارض مع الأوضاع المستحدثة. *تعميم انتخاب المجالس العلمية التي يجب أن ترتقي من المستوى الاستشاري الى المستوى التقريري،والعمل بمبدأ انتخاب رئيس الجامعة قياسا على المعمول به في البلدان الديمقراطية التي تطمح بلادنا الى النسج على منوالها. *اعتماد مبدأ انتخاب نقيب للجامعات من بين رؤساء الجامعات بانشاء نقابة أو مجمع للجامعات يكون الوسيط المكلف بالتطويروبالتجويد الأكاديمي،وبانتظام عمل الجامعات.وقد تتوفر لبعض الخواص،أو المؤسسات فرصة وامكانية تقديم هبات أوتبرعات لهذه المجامع الجامعية توظف لمزيد تحفيز عمل الكليات أو المعاهد(تقتطع منها المنح الخاصة بالأطروحات والمذكرات المتميزة)تحت المراقبة المباشرة لدائرة المحاسبات. *الترفيع في عدد أعضاء لجان الانتداب الى سبع وصولا الى تطويق ممارسات مرحلة ما قبل 14جانفي والتي تتميز بتوظيف وبتغليب العلاقات الولائية والمجاملات على حساب الجدارة الأكاديمية والبيداغوجية لحماية وصون جهود وكرامة المترشحين،ومواصلة اعتماد مبدأ انتخاب أعضاء لجان الانتداب الوطنية مع ضمان تمثيل الجامعة العامة للتعليم العالي بنسبة الثلث ضمانا للفرص،ووقفا للتلاعب بمصير المترشحين. *الحرص كلّما أتاحت الامكانيات ذلك اللجوء الى انتداب مدرسين حاملين لشهادة الدكتوراه لمزيد الارتقاء بالمستوى العلمي،ولا يقع اللجوء الى العرضيين والمتعاقدين الا في الحالات القصوى؟؟؟ *استكمال الاصلاح الضروري والخاص بالنظام الأساسي لمدرسي التعليم العالي قياسا على ما هو قائم في البلدان الأخرى التي تعتمد منظومة أمد من خلال وجود صنفين لاغير:أساتذة محاضرين حاصلين على الدكتوراه،ومن أساتذة حاصلين على التأهيل، وللوصول الى رتبة أستاذ يستوجب على الأستاذ المحاضر اجتياز مناظرة التأهيل التي يمكن أن توفر الاطار اللازم والضروري لتأطير الطلبة،وبالغاء خطتي المساعدين والأساتذة المساعدين تقيم سلطة الاشراف الدليل على الغاء سوس ناخر يسمى "المحاباة" و"الولاء" اللذان يصنعان ميزان القوى بين الصنف"ب"والصنف"أ" مكرّسا ارتهان الصنف الأول للصنف الثاني،وبذلك يمكن للأستاذ المحاضرأن يبعث وحدات بحث مع الطلبة الحاصلين على الماجستير،ومن الوصول بأفضلهم لمرحلة الدكتوراه،ويتحقق بذلك التواصل السلس،وفي كنف الامتياز لكلا منظومتي التدريس والبحث الجامعي؟؟؟ *بعث معاهد بحث لدفع الامتيازوالجودة الأكاديميين،فهل يعقل أن تحلّ أول جامعة تونسية بعد حوالي5300 مرتبة بعد أ,ل جامعات العالم من مجموع12000جامعة طبقا لترتيب متسامح والقبول بذلك؟؟؟ونحن لا نأخذ بعين الاعتبارطبقا للترتيبين الأكثر تشددا وصرامة وهما ترتيب برلين،وترتيب جامعة شنغاي اللذان لا يعتبران سوى الجامعات الخمسمائة الأولى في العالم.ويمكن لارتفاع عدد مجموعات ووحدات البحث والمخابر حتى مع ميزانيات محدودة أن يحقق تحفيز وشحن المختصين ضمن كل مجال بحثي وصولا الى الارتقاء بمستوى البحث،ومن خلاله مستوى المأطرين طلبة وباحثين مبتدئين.ويتطلب تحقيق ذلك انجاز تقييم،أو تقويم لعمل هذه الوحدات والفرق البحثية مرّة كل ثلاث سنوات من قبل"مجلس حكماء" معترفا بجدارة كل منهم في مجال اختصاصه،اما لتجديد،أ, لوقف العمل طبقا للأهداف المحققة مع ما يصاحب ذلك من منح وامكانيات مادية،عامة أو مختلطة،أ, خاصة،ولا يجب تكرارنموذج"مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية بتونس الذي لا تتوفر فيه معادلة الامكانيات بالانجازات وهو ما لا يخدم المصلحة العليا للمنظومة الجامعية التونسية؟؟؟ *فتح الجامعة التونسية على محيطيها الاجتماعي والاقتصادي لجلب المستثمرين لدعم الشراكة بين الجامعة والمؤسسات توفيرا لا مكانيات الحصول على الخبرات،وعلى منح الامتياز في الداخل والخارج. * اخضاع رئاسة لجنة الدكتوراه والتأهيل ضمن كل مؤسسات التعليم العالي للانتخاب الديمقراطي الشفاف للقطع مع التعيينات المشبوهة،والمتميزة بالمحسوبية والشللية المقيتة؟؟؟ *اختصار مدة تولي العمادة على ثلاث سنوات لغلق الطريق أمام الانتهازية والوصولية مع رجاء تطبيق ذلك على كل الخطط الأخرى مثل رئاسة الجامعة ومجمع الجامعات،ويضمن التداول المستند الى الانتخاب تحقيقا لمزيد حصانة ودمقرطة هياكل المنظومة عبر حلقاتها المختلفة؟؟؟ *الغاء الزامية الحصول على رخص النشر عبر قانون المطبوعات سيء الذكرفي العهد البائد خاصة في ما يتعلق بالمنشورات الجامعية،واعتبار عميد أو مدير المؤسسة المسؤول الوحيد على الاصدار والنشر والغاء التراتيب البوليسية الرقابية على العقول والضمائر وعلى المشاركين في الندوات وزائري المؤسسات من المحاضرين والشخصيات المختلفة وصولا الى تكريس الحرية الأكاديمية وهي مطلب من المطالب الملحة لمكونات الجسم الجامعي. ويطيب لي في الختام سيدي الوزير أن أجدد لكم التزام المدرسين والباحثين بمسؤولياتهم الجسيمة المتجددة انجازا للثورة الثقافية والمؤسسيةالتي تحتاجها وزارتنا العزيزة عبر الاندراج في المشروع التصحيحي المشار الى شروطه سابقا،ونحن في أمس الحاجة من لدنكم الى اطلاق ورشة الحوار الوطني الجامعي ضبطا للتصورات وللأهداف المشتركة تجاوزا للمرحلة الكئيبة المظلمة لعهد الوزيرين السابقين للتعليم العالي اللذين غيّبا طموحات وآمال الجامعيين في الحياة الكريمة جامعيا ومعرفيا ومجتمعيا. وتفضلوا حضرة الوزير والجامعي المحترم بقبول أحر عبارات الاحترام والتقدير راجين أ، يكون تعيينكم على قصر مدته قيامة جديدة للجسم الجامعي التونسي بانطلاق الحوار الجدي لغد جامعي أفضل في كنف دولة القانون والمؤسسات وتكريس الكرامة والحقوق. فريد الخياري/أستاذ محاضر/قسم التاريخ جامعة سوسة/كلية الآداب والعلوم الانسانية