تقع مدينة صفاقس على الساحل الشرقي للبلاد التونسية فهي مدينة منفتحة على البحر تتوسط إقليمي الساحل و الجنوب الشرقي. و قد اثر انفتاحها على البحر كثيرا في تطورها الوظيفي و المورفولوجي . و تعاني هذه المدينة من مختلف أشكال التلوث بما فيها تلوث الهواء الناتج عن تصاعد دخان المصانع، تلوث الشواطئ الناتج عن إلقاء الفضلات الصناعية ( الفوسفوجيبس) و الفضلات الفلاحية ( فضلات معاصر الزيتون). هذا و بالإضافة إلى التلوث الناتج عن المياه المستعملة. و لعل أبرز ما يمكن الحديث في شأنه بعد هذه الثورة المباركة وضعية المنطقة الصناعية بالساحل الجنوبي للمدينة، و الحديث حول «المركب الكيميائي التونسي» المعروف باسم SIAPE قد ملأ الدنيا و شغل الناس لان هذا المركب يمثل كارثة بيئية للمدينة. و في حديث أجريته مع بعض الإخوة حول ستقبل المدينة و مشاغل ما بعد الثورة تطرقنا إلى وضعية هذا المركب الكيميائي و ما أحدثه من أضرار شملت البشر و التراب و الماء و الهواء. و في إطار الحديث عن الأضرار التي لحقت بسكان المدينة ، تم التطرق إلى أن أعلى نسبة للإصابة بأمراض السرطان و أمراض القصور الكلوي عفاكم الله في تونس سجلت في مدينة صفاقس بسبب الغازات السامة المنبعثة من هذا المصنع. وقد رحب سكان المدينة زمن النظام البائد بقرار الرئيس المخلوع المتعلق بإلغاء هذا المركب الكيميائي و إعادة توطينه في منطقة الصخيرة ، و كان الخبر في ذلك الوقت موضع استبشار من الجميع بالرغم من الملابسات التي تبعته لأن البيئة لا تعترف بالحدود الجغرافية . لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما مدى فعالية هذا القرار الآن في مرحلة ما بعد الثورة إذ كان من المتوقع أن يقع إغلاق هذا المصنع خلال هذه السنة أي سنة 2011 ؟ و يجب أن لا ننسى أن هذا القرار كان في السابق بسبب ضغط شعبي و ضغط من مؤسسات المجتمع المدني و خاصة الجمعيات ذات العلاقة بالبيئة. و اليوم بعد هذه الثورة المباركة يعتصم الكثير من شباب المدينة العاطل عن العمل بالمداخل المؤدية لهذا المصنع يطالب بحقه في العمل بهذا المصنع على الطريق الرابطة بين مدينة صفاقس و مدينة قابس. ألا يعتبر هذا تناقض بين المطالبة بالشغل في هذا المصنع الذي يدر أموال طائلة على البلاد من ناحية و قرار إغلاقه من ناحية أخرى ؟ ألا يفسر هذا المطلب بعدم و جود نية في إغلاق هذا المصنع الكارثي بالرغم ما يوفره من أموال طائلة و مواطن شغل هامة؟ فلا بد أن لا ننسى أنه إذا تواصل إشتغال هذا المصنع فإن مستقبل المدينة مهدد ، فهو بمثابة قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة و لا بد للحكومة المؤقتة أن توضح موقفها من هذا الموضوع في أقرب وقت ممكن و تفعيل إجراءات حماية المدينة من مخاطر التلوث و توفير مجال مناسب لعيش السكان . الأستاذ محمد الطرابلسي بئر بن عياد – صفاقس