الدكتور محجوب احمد قاهري / الشيخ عبد الفتاح مورو, أحد مؤسسي حركة النهضة وأحد كوادرها إلى حدود بداية التسعينات, لم يقع استدعاءه في المجلس التأسيسي للحركة بعد عودة راشد الغنوشي, وتم الإعلان عن قائمة المؤسسين ولم يكن اسم الشيخ مورو فيها, ربما كان الكل ينتظر حوارا هادئا تخترق فيه كل الممنوعات وكل المسكوت عنه وكل الشبهات, وبعدها كان عليه أن يقرر بصفته من المؤسسين للحركة, ولكن الشيخ اغتاظ, وفقد حكمة تحلى بها في زمن بعيد ولم يجد طريقا إلا إعلان حرب إعلامية بلا هوادة كان ظاهرها حرية وتقدمية ووراءها تشكيك وعود إلى مربع بن علي الذي ضرب به الحركة وهو ارتباطها بالعنف والإرهاب وعدم الوضوح والانتقام. الهجوم الذي يشنه الشيخ على الحركة في العديد من المنابر الإعلامية, كتلفزة نسمة وصحيفة الشرق الأوسط وغيرها, كان يحمل نفس الكلام وكان الشيخ يكرر نفسه ويصر على بعض النقاط, وقد رافق هذا الهجوم تدخل العديد من الأطراف بإشعال لهيب هذه الحرب, فحتى أقلام يسارية, كانت قد وقفت وراء تشويه مورو بالصورة والصوت في ملحمة لا أخلاقية في بداية التسعينات, أصبحت اليوم هي لسان الدفاع عن الشيخ من ظلم حركة النهضة, وهي تقدم الشيخ على انه الرجل "الناصح التقدمي" في الحركة أمام مجموعة من المتزمتين والإرهابيين, والشيخ يفتخر بذلك ويقدم لهم الدليل بان ابنته لا تلبس الحجاب. ويقول الشيخ بأنه "مستاء من الحركة" لإقصاءه بالرغم من كوادرها قد تواتروا إلى بيته ليردوه إليهم ولكنه لا لن يعود. ثم يقول الشيخ, وكأنه يبحث عن زعامة فقدت منه, "أنا أول من بادر إلى تكوين حركة إسلامية في تونس, وانضم لي بعدها بقية الأخوة ومن بينهم الأستاذ راشد الغنوشي". ثم يعود ليشترط ثلاثة شروط واضحة على حركة النهضة, شروط ربما قد تجعله يقبل دعوات العودة لهذه الحركة, الشرط الأول هو توضيح أحداث "عملية باب سويقة", والشرط الثاني توضيح "عملية ستينقر" التي اتهم فيها الإسلاميين بمحاولة إسقاط الطائرة الرئاسية, والشرط الثالث هو توضيح "عملية المجموعة الأمنية" التي اتهمت فيها النهضة بمحاولة إسقاط نظام بن علي. ويقول الشيخ مورو "إن على حركة النهضة إن تبرئ ذمتها من تلك العمليات إن كانت بالفعل بريئة منها".. ونبرة التشكيك في الحركة كانت واضحة جدا في كل هذه الحرب التي يقودها الشيخ. وقد سارع اليسار واليسار الإسلامي وأطياف أخرى لا تجد مكانا لها في الساحة إلا بسب وشتم حركة النهضة إلى الوقوف حول الشيخ مورو, ومنهم من رجع ليصوره لنا بأنه هو الوجه الحقيقي للإسلام في تونس, وقد ذهب صلاح الدين الجورشي إلى أبعد من ذلك في مقاله الأخير بجريدة القدس العربي ليظهر لنا حتى إعجابه بتمسك الشيخ مورو بجبته التي يمثل بها حضارة تونس وأيضا إعجابه بالبرادات الكثيرة التي تمتلئ بها فيلا الشيخ, وكل هذه الأصوات هي في الحقيقة تجعل من الشيخ مطية لضرب النهضة ولا غير. وقد نسي الكثير وأيضا الشيخ مورو, بأنه في سنة 1991, بعد أحداث باب سويقة قد علق نشاطه مع النهضة, وهو ما يعني عدم ممارسته لأي نشاط وتواصل معها, ونأى بنفسه عن عذابات قواعد وكوادر الحركة, وعاش كريما ومعافى دون أن يتعرض له نظام بن علي. وهو يقول حاليا, بأن الذين قاموا بعملية "باب سويقة" قد قدموا له وتحدثوا معه, في محاولة منه ليقول للآخرين بان لديه الدليل على تورط الحركة في هذه الأحداث, ولكن لماذا قدموا له هو دون غيره من النهضة؟, ربما يريد بان يقول لنا بأنه هو الوحيد في كل حركة النهضة الذي لا يعترف بالعنف. وغريب من أمر الشيخ مورو, ألا يعرف بان من واجبات حركة النهضة وبل من أولوياتها بان تبين للجماهير حقيقة العمليات التي حدث سابقا والتي صنعها بن علي وروج لها مع أقلامه المأجورة, ألا يعلم بان حركة النهضة على قدم وساق من البحث والتقصي والاتصال بقواعدها التي اشتبه في ضلوعها في هذه الأحداث, طبعا اشتبهت من طرف النظام السابق. ثم مالعلاقة الجدلية التي يبنيها بين عودته للحركة وبين هذه الأحداث, هل يريد بان يقول بأنه لا يمكنه الانضمام إلى حركة تتخذ من العنف منهجا؟ أم انه يريد أن يقول بأنه هو الوحيد في حركة النهضة الذي لا يتبنى العنف؟ أم أن الشيخ يريد أن يقول أن لم أكن أنا زعيما للحركة فإنني سأعلن عليكم حربا عنوانها أن النهضة حركة إرهابية؟ ثم أن رفضت يا شيخ العودة للنهضة, وقررت تأسيس حزبا جديدا, هل يعطيك هذا الحق بان تتهجم على هذه الحركة بشبهات, أم إن طريق النجاح والنجومية يجعل دائما من النهضة وقودا يركبها من يشاء وتغذيها الأقلام الحاقدة والغير صادقة. الجماهير تريد معرفة الأحداث التي يتحجج بها الشيخ مورو, والنهضة لا يغيب عنها ذلك, وهي ستقدم كل التفاسير للجمهور وليس لك يا شيخ مورو, إن كنت تطلبه يا شيخ بصفتك مواطنا فردا عاديا فستحصل على الإجابة التي تسهر النهضة على تحضيرها, وان كنت تطلب الإجابة انتقاما من حركة لم تورد اسمك في هيئتها التأسيسية وأنت قد نأيت بنفسك عنها منذ سنوات وانك بصدد حزبا آخر, فذلك ليس من حقك لأنه يدخل في باب الدعاية السياسية اللامشروعة. الشيخ مورو, لقد كنت فاضلا وتملأك مكارم الإسلام وأخلاقه, فالحرب التي تقودها لضرب النهضة, حتى وان كانت عباراتك في بعض الأحيان لينة, تضرب سمومها في كل مكان وهي لن تزيد النهضة إلا تماسكا وقوة. إن النهضة هي التي تطالب نفسها بتوضيح كل الشبهات التي ألحقها بها بن علي حتى وان لم يطلبها الشعب وستفعل, فلماذا عندما ذهب بن علي رجعت أنت لتصطف وراءك بعض من الأقلام التي ألتهمتك بأبشع التهم في سنوات خلت محاولا التشكيك في حركة النهضة, أهذا لأنك لم تكن على رأس الهيئة التأسيسية؟ 24/03/2011