جدد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه التأكيد على أن فرنسا منفتحة للحديث مع أي حركة إسلامية في الخارج تنبذ العنف مشيرا إلى تغير في السياسة في مواجهة الانتفاضات الشعبية في أنحاء الشرق الأوسط، وقال جوبيه، وهو يشرح التغير في سياسة بلاده في تصريحات له الثلاثاء 19/04/2011، إن فرنسا خدعها الزعماء العرب الذي صوروا الحركات الإسلامية على أنها الشيطان. يأتي هذا بعد نحو 3 أيام من دعوة وجهها خلال ندوة نظمتها وزارة الخارجية الفرنسية في معهد العالم العربي في باريس، دعا فيها جوبيه إلى فتح حوار مع الحركات الإسلامية في العالم العربي التي تنبذ العنف وتقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية، والتي أشاد خلالها ما وصفه ب"الربيع العربي"، مؤكدا أن "حركات التحرر" التي ظهرت في عدد من الدول العربية أثارت إعجاب الفرنسيين. علاقات مبكرة وقال جوبيه، وهو يشير إلى بطء رد فعل فرنسا إزاء الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر في أواخر العام الماضي: "صدقناهم والآن يمكننا أن نرى النتيجة، وقال جوبيه لمجموعة من الصحفيين في باريس: "نحن مستعدون للتحدث مع الجميع"، وأضاف "دعونا نتحدث إلى الجميع ودعونا نتحدث إلى الإخوان المسلمين." بحسب ما نقلت رويترز. ويشير هذا التغير في السياسة، الذي يمثل خروجا عن سابقة دعم الزعماء العرب الأصدقاء للغرب كحصن ضد التطرف الإسلامي، إلى أن فرنسا تريد بناء علاقات مبكرة مع جماعات سياسية يمكن أن تتولى السلطة في بعض دول الشرق الأوسط بمجرد أن ينقشع الغبار من الاضطرابات السياسية. وكانت الدول الغربية ومن بينها فرنسا تنظر بريبة إلى الحركات الإسلامية الشهيرة مثل الإخوان المسلمين لأسباب منها تحذيرات من زعماء الحكومات في الدول التي ترسخت فيها تلك الحركات، وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين أكبر قوة معارضة في مصر قبل انتخابات حرة ونزيهة يزمع إجراؤها بعد سقوط الرئيس حسني مبارك في 11فبراير الماضي. و منذ فترة طويلة، كان ينظر إلى فرنسا كصديق للشعوب العربية بسبب انتقاد السياسة الإسرائيلية في عهد الرئيس الراحل شارل ديجول واستضافة ياسر عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ومعارضة غزو العراق في عام 2003، ومؤخرا نأت فرنسا منذ ذلك الحين بنفسها عن هذه الصورة. وكان ساركوزي مؤيداً علنياً لإسرائيل وانتهج موقفاً براجماتياً فيما يتعلق بالزعماء العرب المستبدين مثل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي غالباً ما كان يوصف في فرنسا بالإصلاحي المعتدل، وتوحي اللهجة الدبلوماسية الجديدةلفرنسا بأن ساركوزي يفضل الطموحات الديمقراطية على الاستقرار، على أمل إقامة علاقات مع جيل جديد من الزعماء. بناء صورة إيجابية وقال دبلوماسي فرنسي طلب عدم نشر اسمه "حقيقة إننا فضلنا الاستقرار الذي تجلبه نظم استبدادية اتضح إنه لم يكن خياراً جيداً لأنه في النهاية اختفى الاستقرار"، من جانبه قال باسكال بونفيس الباحث بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية إن "آلان جوبيه يحاول في الحقيقة بناء صورة إيجابية لفرنسا في العالم العربي وفي قلوب وعقل العرب في كل مكان." والتركيز بدرجة أكبر على الطموحات الديمقراطية سيسر على الأرجح الولاياتالمتحدة مادام لا يأتي على حساب دعم فرنسا لإسرائيل، وقال دبلوماسي غربي "إنه يسير في نفس الخط الذي نريد أن نسمعه." وسلط محللون الضوء على الجانب المحلي وراء تصريحات جوبيه قائلين إن ساركوزي، الذي لا تزال شعبيته تبدو مخيبة للآمال قبل عام من انتخابات الرئاسة، يريد أن يمد جسورا مع المهاجرين في فرنسا. وتوجد في فرنسا أكبر أقلية مسلمة في غرب أوروبا حيث يصل عدد المسلمين فيها إلى خمسة ملايين شخص، ويثير التعامل مع المسلمين جدلاً في الأوساط السياسية، وبدأت باريس مؤخرا تطبيق حظر ارتداء النقاب مما أثار انتقادات واسعة في أوساط المسلمين الفرنسيين، وعاد النقاش حول مكانة الإسلام في المجتمع الفرنسي إلى صدارة المشهد السياسي الفرنسي مؤخراً، مع السجال حول تصريحات لوزير الداخلية كلود غيان اعتبر فيها أن "زيادة عدد المؤمنين بالإسلام يطرح مشكلة".