لا أحبذ الحديث عن المؤامرة وتحليل الوقائع انطلاقا من ردها لوجود مؤامرة لأن منطق المؤامرة هو كشف عن عجز حقيقي في الفهم وخاصة عجز عن الفعل والقدرة على التأثير في الأحداث. القول بالمؤامرة هو استقالة بادعاء أن ما يحدث يتجاوزنا بما هو نتيجة قوة خارقة لا ندركها وليس لنا قدرة على مواجهتها. سيكون من المغري أن نجمع الأحداث الأخيرة بداية باشاعة هرب الطرابلسية ثم عمليات الهروب الجماعي من السجون التونسية وعدم الجدية في مواجهة عمليات اقتحامها ثم الاستفزازات التي تقوم بها عصابا المجرم القذافي على الحدود التونسي، كل هذه الحوادث يمكن أن تفهم بما هي تكريس واقعي لخطة كاملة تهدف لخلق حالة كاملة من الفوضى داخل البلاد من أجل الالتفاف على الثورة وكبح مسار الانتقال الديمقراطي وخاصة اكمال فتح ملفات الفساد والاجرام الكبيرة ومتابعة المتهمين فيها. يمكن في هذا الاطار أن نفهم رفض السبسي لمشروع منع التجمعيين من ممارسة النشاط السياسي منذ 23 سنة وحصر مدة المنع في عشرة سنوات وكأن الامر يتعلق بحماية أشخاص بذ1اتهم توكل لهم مهمة حماية الفاسدين، ويمكن فهم التعدي الجبان على حدودنا من طرف عصابات القذافي بما هو تشتيت لجهد وقدرات الجيش الوطني وارباكه بفتح جبهات متعددة ومتنوعة. منطق المؤامرة مغر حقيقة ويمكن بكل يسر أن نجد له مبررات ودعائم لكن ما لا يمكن تجاوزه مع ذلك وما لا يمكن فهمه هو استقالة القوى السياسية من تحمل مسؤوليتها تجاه كل هذا الذي يحدث. كان السبسي محق الى حد كبير بغض النظر عن خلفياته وحقيقة دوافعه حين اتهم الأحزاب بعدم تحمل مسؤوليتها وهي المسؤولية التي يجب أن تتصدر أولوياتها بعد ما حدث اليوم من ضرورة محاصرة الانفلات الأمني والاصرار على الكشف عن خفاياه ومحاسبة المسؤولين عنه. .