22 مؤسسة صينية مستقرة في تونس.. وهذا ما توفّره من مواطن شغل    هل تلجأ تونس لقانون مالية تكميلي هذا العام؟.. وزيرة المالية تحسم الجدل    عاجل: تحطم طائرة في كينيا.. وفاة 11 شخص بينهم ألمان ومجريين!    مونديال تحت 17 سنة لكرة اليد: المنتخب الوطني ينهزم امام نظيره الإسباني    دكتورة مختصّة تكشف طرق معالجة الإطفال من الإدمان    تونس تشارك ب 10 جذافين في البطولة الافريقية للتجذيف الكلاسيكي والتجذيف الشاطئي    عاجل: وفاة مفاجئة لنجم التيك توك...شكون؟    نقل الرئيس الإيرلندي إلى المستشفى إثر "عدوى موضعية"    وزيرة المالية تعلن عن تراجع البطالة وتحقيق نسبة نمو ب3,2%    عاجل/ تحسّن صرف الدينار أمام الدولار والأورو    متوفّر في كل منزل: حبّة واحدة يوميا من هذه النبتة تعزّز صحة القلب وتُنظّم الكوليسترول    أحمد بالطيب : معدل رضا السائح وصل ل7/10 ...و المؤشرات إيجابية    تعرفش سوم الدجاج والسكالوب بقداه اليوم في تونس؟    بشرة خير: نشاط جوي بارد في هذه المنطقة    عاجل: تغيّب لاعبين بارزين في النادي الإفريقي قبل مواجهة مستقبل سليمان    مفاجآت بالجملة في الموسم السادس من برنامج The Voice : شوف شنوا الجديد ؟    أجور ملاعبية تونس : شهريات لاعبي الملعب التونسي كلّها أقل من راتب لاعب واحد في الترجي    صادم/ أكثر من مليون شخص يتحدثون أسبوعيا عن الانتحار مع "ChatGPT"    كيفاش تحمي رضيعك من التهاب القصيبات الهوائية ''Bronchiolite''؟    لكلّ تونسي: 5 نصائح قبل ما تقدّم استقالتك    الحماية المدنية: 422 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل : القبض على صانعة محتوى عربية متهمة بنشر فيديوهات خادشة للحياء    الترجي الرياضي: غيابات بالجملة في مواجهة النادي البنزرتي    نحو صابة قياسية للتمور في تونس    تحذير للنساء: انتفاخ البطن المفاجئ ما هوش مجرد مشكل هضم..حاجات أخطر!    تنبيه عاجل للمسافرين: بعض المسارات الجوية في هذه الدولة مغلقة لساعات محددة!    غدا.. إنطلاق مهرجان الرمّان في تستور    صفاقس: غدا الانطلاق الرسمي لموسم جني الزيتون    رغم مخاوف العمر واللياقة: ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم    تجاوزات في السكن والنقل والتأمين.. موسم العمرة يبدأ بالشكوى!    تنديد بالإرتفاع المُشط في أسعار اللحوم الحمراء.. #خبر_عاجل    عاجل: ''Ciné Jamil'' المنزه 6 تُغلق أبوابها نهائيًا    سيميوني وبايينا يهزان الشباك وأتليتيكو يعزز سجله الخالي من الهزائم    الديوان الوطني للصناعات التقليدية يشارك في معرض دولي بالهند من 31 جانفي الى 15 فيفري 2026    حكم بالسجن لمغتصب فتاة من ذوي الإحتياجات الخاصة    بمنافس جديد.. إيلون ماسك يتحدى "ويكيبيديا"    سعيّد يدعو إلى إصلاح الصناديق الاجتماعية وتطبيق قانون منع المناولة    عاجل: النجم الرياضي الساحلي يرفض استقالة زبير بيّة    إسرائيل تنشر فيديو جديد ليحيى السنوار.. وسط أنقاض الحرب    وزير التجهيز: ينتظر ان تصدر قريبا النصوص التطبيقية لقانون البنايات المتداعية للسقوط    عاجل: عودة الأمطار بداية نوفمبر... وتقلبات منتظرة في الأسبوع الثاني    طقس الثلاثاء: الحرارة بين 19 و30 درجة مع سحب عابرة ورياح قوية    تطورات جديدة في قضية شفيق الجراية    وزارة الصحة : اطلاق خطة وطنية لحماية الأطفال من التهاب الشُعيبات    مدنين: قروض بقيمة 20 ألف دينار لتشجيع الشباب على الاستثمار في السياحة    أولا وأخيرا: خلاص الفاتورة في الدورة    المهدية .. بمشاركة أكثر من 550 مُمرّضا من تونس والخارج ..اختتام الأيام الوطنيّة ال19 للإطارات شبه الطبيّة    ملتقى حول الشيخ الطاهر بن عاشور    الوسلاتية: ضبط شاحنة محمّلة ب21 رأس غنم مسروقة من ولاية منوبة    جندوبة: افتتاح الدورة الأولى للمهرجان الدولي للأثر البيئي بجامعة جندوبة    الليلة.. انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    صدور مجلة "جيو" الفرنسية في عدد خاص بالتراث التونسي    عاجل/ حالة إحتقان بهذه الجهة بعد حادث مرور قاتل    تنشط بين ليبيا وتونس.. تفكيك شبكة إجرامية دولية في مجال ترويج المخدرات    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    برنامج "The Voice" يعود من جديد.. ومفاجأة في تشكيلة لجنة التحكيم    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العهد الجمهوري" في تونس : ماهو فعلي و ما هو مفتعل
نشر في الحوار نت يوم 11 - 05 - 2011


شاكر الحوكي ، جامعي و باحث في العلوم السياسية
يجري العمل على قدم و ساق من اجل وضع ما بات يصطلح عليه بالعهد الجمهوري أو ميثاق المواطنة ، في محاولة مكشوفة لتقييد حركة النهضة بخيارات دولة الاستقلال و نظام بن علي البائد، و كأنها –أي هذه الخيارات- و هي المتعلقة أساسا بحقوق الإنسان و مجلة الأحوال الشخصية، قد فُرضت على الشعب التونسي فرضا و آن أوان انقراضها بمجرد أن تحتّل حركة النهضة موقعها على الخارطة السياسية القادمة .
واضح أن الفكرة تحمل في طياتها تشكيكا في قدرة الشعب على أن يوفق في اختياراته وهي تنطوي على وصاية موروثة من النظام السابق و فيها مصادرة مفضوحة لحرية الشعب و عمل المجلس الوطني التأسيسي القادم .
محاولة التسويق لهذا "العهد الجمهوري" على انه مجرد أرضية لتحديد قواعد اللعبة بين الأطراف السياسية، لا تضفي على ضبابية المشهد إلا ضبابية اشدّ. لم يذهب الماضي بعيدا . انه هنا ليذكرنا بأولئك الذين احترفوا في العهد السابق ، لعبة التكتلات و التحالفات ووضع العهود و المواثيق بغية الاتقاء من شرور الأيام القادمة و حماية البلاد من الوقوع في المجهول ! اللعبة التي كانت تستهدف بالأمس القريب أطراف حزبية معيّنة على اعتبار ميولها الإسلامية، باتت اليوم موجهة لحركة النهضة بوصفها الأصل الذي حلّ مكان الفروع.
ما ستفرزه انتخابات 24 جويلية من نتائج وحدها القادرة على تحديد العهود و ضبط البرامج ، و إذا كان لابدّ ، من هنا إلى ذلك التاريخ ، من ضبط قواعد اللعبة ، فلا بدّ من الاتفاق على العناصر التالية:
أولا : تعهّد جميع الأطراف بقبول نتائج الانتخابات بمجرد صدورها و الالتزام بتجنب التشكيك و الاتهام .
ثانيا : سحب موضوع حقوق المرآة و حريتها من سوق التداول السياسي. مسألة المساواة في الميراث مسألة شائكة و عويصة يتم تأجيلها إلى فترة قادمة بحيث تُحلّ تحت قبة البرلمان أو عبر استفتاء شعبي يدلي فيه الشعب برأيه في الموضوع.
ثالثا: التعهد بالإسراع في وضع دستور البلاد في مدة محدودة لا تتجاوز 6 أشهر و الالتزام بتشكيل حكومة توافقية لإدارة الفترة القادمة بمعزل عما ستفرزه الانتخابات من نتائج مع احتمال الإبقاء على نفس أعضاء الحكومة الحالية على رأس وزاراتهم، ريثما يتم وضع الدستور، ربحا للوقت و تجنبا للمزايدات السياسية الفارغة.
رابعا : نبذ العنف و الابتعاد عن الأحكام المسبّقة و التحلّي بروح المسؤولية و الالتزام بالنقاش الحضاري و الأخلاقي.
خامسا : الكشف عن مصادر التمويل لكل الأحزاب، لاسيما حركة النهضة التي أصبحت في مرمى الجميع و كأن الأحزاب لا تكتسب شعبيتها إلا بعد أن يفعل المال السياسي فعله في الأحداث. هل الشعب غبي ؟. بآي معنى، إذا، نفهم هذه الادعاءات؟ سؤال لن نجيب عليه و لكن متى كانت الحملات السياسية تجري دون تمويل من هنا وهناك؟ لعل في ما في ما صريح به القذافي بخصوص تمويله حملة ساركوزي الانتخابية ما يغني عن كل جواب.
هذه قواعد اللعبة، في رأينا، التي يجب أن يلتزم بها الجميع. أما الحديث عن فصل السياسة عن الدين أو تحييد المساجد ، فهذا الذي يقال عنه هراء ، من ذاك الذي يتوهم أن تحييد المساجد سيؤدي إلى تحييد جمهور المصلين؟ . و هل أن جمهور المصلين في حاجة إلى تأثير الخطب الجمعية حتى يحددّ خياراته السياسية.؟
أما تجنّب الحديث عن السياسة في المساجد، فهذا إلى الهذيان اقرب منه إلى المنطق. متى كان الخطاب الديني غير مسيّس. لو تم الاكتفاء بالدعاء وحده لخرجنا بعريضة سياسة أم على الإمام الامتناع عن ذكر غزوات الرسول و سيرة صحابته و تجاهل فتوحات المسلمين و ألا يذكر من القرآن سوى سورة الإخلاص و المعوذتين.
نعم من اجل الابتعاد عن التحريض و تجنّب مناصرة طرف على حساب طرف آخر و لكن هذه مسألة منهجية و أخلاقية تفترض من الخطيب أو الإمام السمو عن المزايدات السياسية و الحزبية و هذه مسألة أخرى ليس لها علاقة بتحييد المساجد.
تحييد المساجد و فصل الدين عن السياسة لن يجدا طريقهما إلى الحلّ إلا بفتح وسائل الإعلام أمام الجميع، بحيث يفقد المسجد دوره كمنبر للدعاية السياسية، و عندما تتاح الفرصة لجمهور المصليين، أن ينتخبوا أئمتهم (و لما لا بإشراف سماحة مفتي الجمهورية و رعايته)، بكل حرية بما يجنّب المساجد التجاذبات السياسية و يقيها من كل محاولات التدجين التي يمكن أن تمارسه السلطة عبر بث خطاب لا طعم له و لا رائحة.
و نحن على ثقة أن اعتماد الانتخابات في المساجد لن يؤدي بالمصليّن إلا أن يختاروا أفضل من يتولى الخطابة عليهم. الفرصة متاحة للتدرب على الديمقراطية و المشاركة، و إن يكن بشكل غير مباشر، في بلورة الخطاب الديني بعيدا عن التلقي و الإلقاء الذي سطّح عقول المسلمين و حجّر مشاعرهم و جعلهم مثل الأغبياء يسمعون و لا يردّون و يتابعون و لا يفهمون و يقبلون ما يقال ولا يقلبّون منه شيئا.
لا فائدة، حينئذ، من الإلحاح على ضرورة مراجعة الخطاب الديني في المساجد. مراجعة تجعله يستجيب إلى حقائق التاريخ و تنوع الفكر الإسلامي، بعيدا عن الفرز المخادع الذي لم يولّد إلا فكرا مسطّحا، و عقلا مكلّسا و ووجدانا مفلسا و جهلا مقنّنا .
أما مسألة الفصل الأول من الدستور فعلى أهميته بوصفه يكرس الهوية العربية الإسلامية لتونس ، فنحن نعتقد أن الفرصة قد حانت من اجل مراجعة هذا الفصل، الملفّق منذ البداية، و التأكيد على هوية تونس العربية و الإسلامية بشكل واضح دون التفاف أو مواربة، كيف لا و الشعب هو الذي سيفصل في الأمر ! و نحن نعتقد أن الاكتفاء باللغة كعنصر لتحديد هوية تونس العربية لم يعد كاف بعدما تداعت الأصوات المشككة في هوية تونس العربية، معتبرة أن لغة البلاد لا تعني بالضرورة عروبة تونس ، لذلك أصبح لزاما التأكيد على أن تونس دولة عربية و لغتها العربية[1]. كما نعتقد ضرورة مراجعة الفصل الأول في اتجاه التنصيص على أن دين الدولة هو الإسلام و أن الإسلام يقوم على الاجتهاد. إمكانية التنصيص على رعاية الدولة للشؤون الإسلامية وحمايتها لحرية المعتقد و حسب، تبقى فكرة جديرة بالاهتمام. في كل الأحوال هناك نقاش يجب أن يدور حول هذا الفصل و لا نرى فائدة من تجميده أو الاحتفاظ به.
مسألة الالتزام بالنظام الجمهوري و التداول السلمي على السلطة و الحفاظ على مكاسب مجلة الأحوال الشخصية، في نظرنا، مسألة بديهية لا تحتمل النقاش فيها أصلا. أليس مخالفتها من قبل أي حزب هو الانتحار بعينه؟ أم أن قانون الأحزاب الذي على أساسه يتم الحصول على التأشيرة، يفقد مفعوله بمجرد أن ينشأ الحزب . ثم أليس الشعب هو الضامن الأول و الأخير لخيارات تونس المستقبل ؟
البعض لا يخفي تخوفه من العبث بكل شيء بما فيه الشعب و يخيّل له أن مجرد اتفاق بين أطراف معينة كفيل بتحقيق الخلاص. مقاومة العبث عبر العبث. ما أدراني بحال "ميغال سرفانتس"، الكاتب الاسباني الشهير، لو أتيح له أن يطلّ من عالم الغيب على عالمنا الدنيوي ؟ كأنّ "دون كيشوت"، بطل روايته، يخرج من الرفوف ليخوض معركته الأخيرة و الحاسمة ، معركة النصر؟ !. هل المطلوب مستقبلا فصل الأدب عن السياسة.
تبقى أخيرا مسألة المساواة أو حرية التعبير و المعتقد. منذ متى لفئة أن تضمن للشعب حقه في المساواة و الحرية ؟ و متى كانت هذه الحقوق مجالا للمساومة؟ لاشيء في السؤال يثير الاستغراب متى تداخلت الأدوار و حلّ السياسي و الحقوقي في جسد واحد. و لكن أفكار جون لوك مازالت تدوي لتذكّرنا أن حقوق الإنسان طبيعيّة و مقدّسة و ليس لأي طرف أن يقرّها أو يرفضها أو حتى يزكّيها ، إنها حقوق فوق كل الحسابات . متصلة بالإنسان كإتصال الروح بالجسد. أقرتها الطبيعة أولا وقبل كل شيء و أكّدتها الاتفاقيات الدولية. و إذا كان لطرف أن يلتزم بشيء من هذه الحقوق فليس له إلا أن يُلزم نفسه بها دون أن يترتب عن التزاماته، اخلّ بها أو لم يُخل، أي اثر على الأفراد.

------------------------------------------------------------------------
[1] رفعا لكل التباس تجدر الإشارة إلى أن الاعتراف بانتماء تونس العربي ليس فيه إنكار أو تجاهل لأي حقبة تاريخية و ليس فيه إقصاء لأي طرف .فتونس عربية بحكم تجربتها التاريخية التي انصهرت مع العنصر البربري و التركي والتي لم تدون إلا باللغة بالعربية و ترسخت لاحقا عبر العصور. تلك التجربة التي انطلقت من القيروان لتشع على كافة منطقة المغرب و الأندلس و استمرت لقرون في ظل الدولة الفاطمية الشيعية و الدولة الحفصية البربرية السنية المالكية و الدولة المرادية و الحسينية ذات الولاء العثماني و تجلت من خلال كتب ابن رشيق و الحصري و سحنون و ابن الهاني و ابن خلدون و ابن عرفة و ابن منظور و ابن أبي الضياف و غيرهم، كما تجسدت من خلال الزوايا و المساجد و "الأسواق العربي" و الأسوار و القلاع و الرباطات التي لا تخلو منها جهة أو مدينة ، و استمرت منذ ذلك الوقت إلى اليوم دون انقطاع، و على أساسها خاض الأجداد كفاحهم ضد الاستعمار و هي تشكل اليوم روحنا ووجداننا و تراثنا الحسي و الملموس. و على هذا الأساس نقترح صياغة و واضحة لا لبس فيها و لا ارتياب تكون و فيّة لماضيها و حاضرها، "تونس دولة عربية و لغتها العربية" و هي صيغة نعتبرها موضوعية و لا تتضمن إقصاء لأي طرف أو حقبة بما فيها الموروث الفينيقي الذي نعتز به و تجسد عبر اوتيك و قرطاج، و حتى الموروث الروماني الذي جاء غازيا و مستوطنا و لكنه ترك في بلادنا ما لا نملك التفريط فيه بأي ثمن من الأثمان. و نحن نعتقد إن هذا الموروث خاص بتونس و تونس وحدها .
مصدر الخبر : بريد الحوار نت
a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=17795&t="العهد الجمهوري" في تونس : ماهو فعلي و ما هو مفتعل&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.