يقول الرسول عليه الصلاة والسلام:" اياكم و المثلة ولو بكلب "و قديما قالت العرب :"لا يهم الشاة سلخها بعد ذبحها "كناية عن التمثيل بالقتلى مما يدل على أن هذه الظاهرة ليست جديدة عن الثقافة العربية كما عرف التاريخ لها أمثلة في مختلف الحضارات العالمية الا أن العرب شأنهم شأن بقية الأمم قد تخلوا عن هذه الظاهرة منذ زمن بعيد و ان لم يتخلوا كغيرهم من الأمم عن ظاهرة التعذيب و القتل و انطلاقا من ايمانه بالقيم العربية الاصيلة واعتقاده الثابت في بعث عوامل القوة والمجد في الحضارة العربية و انسجاما مع فلسفة حزب البعث العربي الاشتراكي المقاوم الممانع قام بشار الأسد باعادة بعث هذه الظاهرة من قمقمها لمواجهة تحديات المرحلة فالى أي مدى كان له قصب السبق في احياء هذه الظاهرة ؟و هل يمكن لهذا الانجاز أن يمكنه من تركيع الشعب السوري الشقيق؟ ان ما لم يفهمه بشار و ما لم يفهمه القذافي و صالح اليمن الحزين كما لم يفهمه بن علي الا متأخرا أن هذا زمن الشعوب و ليس زمن الحكام وان هذا زمن :"اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر". و ليس زمن :"ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار ".و لكل زمن أدواته و لئن فوجئ مبارك و بن علي بهذا الزمن الجديد الذي أشرقت فيه شمس الحرية من مغر بها لتفاجئ كل المتربصين بها في الداخل و الخارج، الساعين لحرماننا من النور ؛نور الحق و العدل و الحرية :"الى النور فالنور عذب جميل". وها نحن في تونس ننعم بالألوان بفضل النور بعد أن اصبنا بعمى الألوان طوال 55 عاما لم نر خلالها سوى اللون الأحمر حمرة حزب بن علي و حمرة الدم و حمرة الوجوه الخائفة. كم هي جميلة هذه الألوان .فهل يقدر بشار الأسد على حرمان الشعب السوري من هذا النور الجميل؟ اعتمد بن علي في مواجهة الشعب التونسي على القتل فقتل منا 300و لم يفلح و هزم شر هزيمة .و جاء الدور على مبارك و كنا نعتقد أنه استوعب الدرس و لكنه واصل نفس النهج القديم ظنا منه أن العيب في العدد فقتل 800 .ثم خرج مذموما مدحورا .فاعتقد بشار أن العلة في الكيف لا في الكم ، فجاءنا بما يندى له جبين الانسانية و يزيد الأحرار تمسكا بالحرية؛فانتقلنا معه من التعذيب الى التقتيل و من اكرام الميت الى التمثيل به ومن السلخ بعد الذبح الى السلخ قبل الذبح . لاحظوا أن هذا السلوك منهي عنه مع الكلاب و الأنعام فما بالك بالانسان ؟ فما بالك بطفل في عمر الزهور؟ الطفل حمزة ابن 13 ربيعا الذي اختطفته وحوش بشار و نكلت به حد الموت (تذكروا اخواني الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الشهيد محمد الدرة في فلسطينالمحتلة تلك الجريمة التي هزت وجدان كل انسان رآها على شاشات التلفاز واعتبرت آنذاك أبشع جريمة ،و أستحلفكم بالله أن لا تقارنوا و لا تعلقوا بل اكتموا غيظكم حتى ينفجر في وجه هذا السفاح الجديد القديم و زبانيته). ان المتابع للاحداث الجارية في المنطقة العربية منذ سنوات يلاحظ أن هذا الأسلوب انتقل الى سوريا عبر العراق التي شاهدنا فيها أعمالا من هذا القبيل و ان لم ترق الى مستوى ابداعات بشار فانها توحي من خلال خط تنقلها بمكان صاحب هذا الاختراع الجديد في التعامل مع البشر في اتجاهه من الشرق الى الغرب فلم يفلح في ثني الشعب العراقي عن نضاله من أجل حريته وانتصرت ارادته على جميع أدوات البطش فتم تصديره مع مجموعة من الفرق المختصة الى سوريا لعلها تنجح في ما فشلت فيه في العراق و قد تم تطويرهذا الأسلوب لينسجم مع الحقد الكبير و العنصرية التي يكنها هؤلاء البشر للشعب السوري الشقيق. الآن و قد فاق عدد الشهداء في سوريا ألف شهيد وبعد أبشع أساليب التقتيل و التنكيل والتعذيب و التمثيل و الاعتقال و السجن و الحرب المعلنة و المضمرة على الشعب السوري يحق لنا نطرح السؤال على بشار و عصابته الحاكمة :ماذا بعد؟ كما يحق لنا كذلك أن نطرح السؤال على الانسانية جمعاء ماذا تنتظرون لنصرة الشعب السوري؟ لا أظن أن أي انسان أو دولة تحترم نفسها يمكن أن تسمح لبشار بأن يطل علينا من جديد متحدثا الينا عن المؤامرات و العصابات و الاصلاح المزعوم .لا أعتقد أن أحدا يمكنه أن ينصت اليه ناهيك أن يصدقه وقد سبق أن أطل علينا باطلالاته القليلة الفقيرة الى الرغبة الجادة في التغيير و لا أقول الاصلاح لأني أعتقد أن بعد الذي حدث لا بد من الحديث عن التغيير و المحاسبة و العقاب لا الاصلاح فقد فوت بشار الأسد على نفسه فرصة الاصلاح ؛بأي وجه سيقابل بشار عائلات الشهداء ؟و بأي كلمات سيعزي أم حمزة؟ ان الشعب السوري لن يكون بامكانه أن يتحمل بشارا رئيسا بعد الذي حصل و على الشرفاء في هذا العالم أن يفهموا أن الذي حصل يفوق قدرة الانسان على التحمل؛ هذا الرجل مكانه في السجن مع شبيحته و أزلامه و ليس على سدة الحكم فالشعب السوري لن يسمح له بذلك و نحن مقبلون ولا شك على حمام من الدماء نرجو من الله أن يحمي الشعب السوري منها و لكن في نفس الوقت نطالب القوى الحية في العالمين العربي و الاسلامي بالمبادرة منذ الآن بتنظيم مظاهرات و حملات تأييد واسعة في الشوارع و على المواقع الاجتماعية و في مختلف وسائل الاعلام لفضح جرائم النظام السوري التي تعدت على كل القيم الا نسانية كما أدعو أحرار العالم الى عدم السماح لهذا النظام المجرم بالاستفراد بالشعب السوري و التمادي في التنكيل بأبنائه و أختم مقالي بتوجيه تحية الى الشعب السوري الجريح و أدعوه الى الوحدة و الثبات و التمسك بقيمه النبيلة. كما أدعو القيادات العسكرية الشريفة في سوريا الى تحمل مسؤوليتها التاريخية ،وفي نفس الوقت أقول لهؤلاء الاعلاميين و المأجورين المتآمرين على الشعب السوري قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. الأستاذ: مراد الفضلاوي