إن التوجه نحو تأبيد الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وجعلها نظيرا للمجلس التأسيسي. هو في الواقع تعبير عن تمسكهم المبدئي بموعد 2014 وفي غياب الفارس المغوار الذي غادر على حين غفلة ونظرا لكون تونس لا يمكن إدارتها إلا من طرف الفار وحرمه المصون علينا أن نختار سبعة فرسان أشاوس على أحصنة بيضاء علهم ينوبوا عنه وكلنا أمل في أن يعود . لقد أثبتت الأيام انه لا يمكن أن يسوسنا غيره . لقد غادر بن علي وبقيت الأفكار المنادية بالاستقرار على الوضع الذي نكون فيه .إن الثلة الحاكمة في تونس ليس بن علي و أصهاره فحسب وإنما هي عائلات تعد استطاعت المحافظة على الحكم منذ عهد البايات واستطاعت الاستفادة من كل الأوضاع التي مرت فيها البلاد . لقد ذهب بن علي وبقيت كل الأفكار التي كنا نحسبها بنات أفكاره إلا أن الزمن أظهر لنا انه كان داعما لها ولم تكن تنبع منه .كنا ننادي ببقاء بن علي وكنا سننادي ببقاء ليلاه حتى يكبر وريثه وها نحن اليوم ننادي ببقاء اللجنة وغدا سننادي ببقاء الرئيس المؤقت وقد رأينا رئيس الحكومة يحتج على تسميته برئيس الحكومة المؤقتة وقد نقوم بحركة ما لإرضائه . اعتقد أن السيد الباجي قائد السبسي قد تلقى مثل هذا العرض واعتقد انه قد يكون رفض الفكرة . خلاصة القول إن الإحساس بالضعف أمام قوة الطبيعة دفعت الإنسان في ما مضى إلى عبادة تلك القوة وكذلك اليوم إحساس البعض بالضعف السياسي والعزلة الاجتماعية وقلت التأثير في المجتمع دفعت بهم إلى عبادة أشخاص يعتقدون أنهم اقدر منهم على الفعل ورسخ في أذهانهم إن التمسح بهم سيمنحهم القوه لحكم الشعب من وراء آلهة ينحتونها من حجارة و من تراب وحتى من الحلوى فإذا جاع أكل ما يعبد وهذا ما حدث لبن علي ما يعني انه قد يكون أكله صانعه إن الرهان الذي كان يراهن عليه حكام تونس مع بن علي وهو قلة صبر التونسي على أسباب رزقه وانصرافه التام إلى البحث في تلك الأسباب هي نفسها رهانات المتصرفين في شؤون البلاد اليوم . ينتظرون أن يفعل الوقت فعل السحر فينصرف كل إلى غايته الطلاب يعودون إلى دروسهم والعمال ينخرطون في أعمالهم وتدور عجلة الاقتصاد ويستعيد السياسيون ما فرطوا فيه بالأمس و تخل الساحة من الدخلاء ويجتمع شمل سماسرة النفوذ برجال المال عندها فقط يمكن انجاز الانتخابات وتقسيم الكراسي وتوزيع المناصب للأوفياء الذين يحفظون الجميل لأصحاب الجميل إن الهدف الحقيقي من كل هذه المراوحة والمراوغة هو تغييب أولائك الذين صنعوا التغيير ولم يكونوا صناعا بل كانوا مبدعين أولائك الفتية الذين تصعب السيطرة عليهم لان نقاط الاتقاء معهم منعدمة فمجال تواصلهم أصبح من غير الممكن للكثيرين من الكهول استعماله وأحرفهم التي يكتبون بها تختلف عن حروفنا رغم إني اكره تلك الطريقة لأنها تذكرني بما فعله كمال التتورك في تركيا عندما منع استعمال الحروف العربية إن محاولات إدارة العجلة إلى الوراء المستمرة بلا هوادة من عديد الأطراف لم تعد تخفى على احد إلا إن البعض مزال يحاول استغفال الشعب الذي قال فيه الشابي إذا الشعب يوما أراد الحياة , وقد فعل فكان موعده مع القدر. إرادة الحياة تلك قد يجازف البعض بالاعتقاد أنها كانت حلما على إثر غفوة يستفيق على إثره الحالم ليعيش واقعه من جديد , وليس واقعا جديدا . قد يكون للمجازفة تداعيات لا يمكن التكهن بمداها خاصة في ظل الضر وف المحيطة بنا ومنها ما يحدث في ليبيا حيث لا رجوع .هذا لا يعني أن يعتقد البعض أن القافلة ستسير ولن يؤذيها نباح الكلاب لان الشعب الذي أصبح يجزم بقدرته على التغيير لن يرضى بالفتات ويطالب بالمشاركة في الموارد وفي القرار. إن ما ينتهجه القائمون على الأمر في تونس من سياسة التخويف بالانهيار الاقتصادي لن يخيف أحدا إلا أصحاب الاقتصاد أما البقية فلن يخيفهم فقدان الخبز ليوم أو قوت يومين