رسالة إلى الأحزاب السياسية في تونس لقد تجاوز اليوم عدد الأحزاب في تونس الثمانين حزبا ، و هذا الأمر يعتبر طبيعي لأنه نتيجة حتمية لكبت سياسي دام أكثر من ستون عام ، و يجب على الشعب التونسي أن يفهم ظاهرة التحزب فهما إيجابيا لأنها أساس لبناء مجتمع مدني و ديمقراطي ، يجد فيه كل مفكر و سياسي و مواطن مكانا له و منبرا لتبليغ أفكاره · و لكن هذه الرسالة أكتبها لأنتقد فيها هذه الأحزاب و أقول لممثليهم : إن ما تقومون به اليوم في دعايتكم السياسية و في حملاتكم الإنتخابية أمر لا علاقة له بالواقع ، فممثلوكم يقدمون ووعودا إلى الشعب ، هي في الحقيقة وعودا واهية تفتقد إلى الموضوعية و المصداقية ̣فكل حزب يقدم نفسه على أنه يملك عصا سحرية بإمكانه أن ينقذ البلاد من أزمات تعود جذورها إلى العشرية الأولى للإستقلال . كما أن كل حزب يقدم نفسه على أنه قادر أكثر من غيره على الخروج من أزمة التشغيل و توفير الشغل لأكثر من 500 ألف عاطل عن العمل، و يعتبر نفسه قاعدة أساسية لتحقيق تنمية متوازنة و عادلة و شاملة و مستديمة. فكيف يمكن لحزب أن ينقذ البلاد في غضون أشهر فقط ؟ و كيف تسعى هذه الأحزاب إلى إقناع الشعب بأنها تقوده إلى جنات النعيم في مدة قصيرة؟ أنصحكم ممثلي الأحزاب بالموضوعية و الواقعية في أطروحاتكم ، و تقديم بدائل للتنمية الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية تقوم على التخطيط و الدراسة المسبقة للبرامج ، تخطيط يحمل برامج على المدى القريب و المتوسط و البعيد. كما أنصحكم بتشريك الجغرافيين في إعداد هذه الدراسات و الخطط لأنهم هم الذين يمتلكون القدرة على إعدادها وفق نظرة شمولية تأخذ بعين الإعتبار كل الأبعاد الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و البيئية للتنمية و قادرون على إعداد الإستبيانات و الإحصائيات و تشخيص الأوضاع و الوقوف عند الإمكانات المتاحة للبلاد. و لماذا تحاولون إقناع الشعب بأن الثورة ستأتي أكلها في غضون أيام بمجرد التصويت لفلان أو فلان. فالثورة هي عمل مستمر يتطلب الصبر و طول النفس لا التسرع الذي سيغرق البلاد في فقر مستديم. فلا بد لهذه الأحلام أن تتحول لواقع و هذا الخيال إلى حقيقة. أنتم اليوم في قطيعة مع الشعب ، فلا يغركم تهافت بعض الأفراد على الإنخراط في بعض الأحزاب فإن ذلك سيعود بنا إلى الوراء و سيكون أساسا لدكتاتورية جديدة. فالنظام السابق أيضا كلن يقدم ووعودا كاذبة و وهمية،و يبني سياسته على برامج و أرقام زائفة. فلا مجال اليوم بعد هذه الثورة المباركة العودة إلى سياسة الوعود الكاذبة ، و لا بد من تأطير الشعب ليكون قادرا على إستعاب الواقع و فهم معاني الحرية و الديمقراطية لبناء مجتمع موحد و متماسك يكون قاعدة أساسية لتنمية شاملة ومستديمة . عاشت تونس حرة مستقلة .