قناة نسمة تبث الفتنة والفرقة وتدعو إلى الاقتتال بين أبناء الشعب التونسي الواحد المهدي بن حميدة أية مجموعة بشرية على وجه الأرض لها قواسم مشتركة تجعل منها أمة أو شعبا أو دولة أو قبيلة أو حزبا، وكل من خرج عن هذا الإجماع أو شكك في هذه القواسم المشتركة فهو يعتبر خارجا عن الإجماع، وكل مجموعة بشرية في أي وطن من الأوطان يجمع بينها دستور وتنظم حياتها قوانين ضمن حقوق وواجبات المواطنة، فإن ذلك محكوم بقواسم مشتركة تمثل الحد الأدنى من الاجتماع والسلم الاجتماعي. وتونس وطن وشعب ودولة تحكمه قواسم مشتركة تجعل من هذا الشعب يتعايش في استقرار وسِلم اجتماعيين يمنع الاقتتال والتناحر بين أبناء الشعب التونسي، ومن جملة هذه القواسم المشتركة هي انتماء تونس إلى فضاء عربي إسلامي مكن لها من إنجاز حضارة وضعت حدا للحروب والاقتتال منذ عقود. والروم في شمال تونس الذين استعبدوا البربر، الذين كانوا يمثلون السكان الأصليين للبلاد التونسية، وبعد دخول المسلمين العرب الفاتحين إثر حروب وسجال جعل من تونس تستقر وتصبح دولة آمنة في فضاء عربي إسلامي لو حذفت منها عنصرا من عناصر الاستقرار أو أضفت إليها عنصرا آخر غير محل للإجماع لأعاد الاقتتال بين أفراد الشعب وعاد بنا إلى عهود الحروب على أسس عرقية أو دينية ماضية. وكل الصراعات الداخلية المذهبية التي نشبت بين التونسيين عبر تاريخها بعد دخول الإسلام تم القضاء عليها بتوحيد شمال إفريقيا تحت راية المذهب المالكي السني في عهد الإمام سحنون، وما تلا ذلك من ثورات فهو ناجم عن صراعات سياسية أو طبقية ضد الحكام، إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي بجيوشه أو بحملاته التبشيرية (المؤتمر الأفخرستي) الذي مثل تهديدا لهذه القواسم المشتركة بين التونسيين جعل من أبناء الوطن يقومون صفا واحد شاهرين سلاحهم في وجه الغزاة. ولو قامت مجموعة بشرية من وسط جبال الأوراسي من الجزائر مثلا ودخلت تونس تحت راية الأمازيغية أو البربرية (وهم مسلمون) لقاومهم الشعب التونسي ورفع السلاح في وجه الغزاة، كما لو جابت إيران شوارع تونس مبشرة بالمذهب الشيعي لرفع الشعب التونسي السلاح في وجه الغزاة ولقاومهم بنفس المقاومة التي قاوم بها الغزاة الفرنسيين أو غيرهم، لماذا؟ لأن ذلك يهدد القواسم المشتركة التي جعلت التونسيين يتعايشون بسلام بينهم. فتونس منذ عقود من الزمن تعيش تحت قواسم مشتركة ضمن اتفاق أغلبية السكان تراعى فيها حقوق الأقلية، وكل من شكك أو هدد هذه القواسم المشتركة للأغلبية فهو يهدد السلم الاجتماعي بين التونسيين ويدعو إلى الاقتتال بين أفراد الشعب. وبرنامج قناة نسمة الذي تم بثه يوم الجمعة 17 جوان 2011، تحت عنوان " العقد الجمهوري: متطلباته وقيمه الأخلاقية والقانونية" Le pacte républicain: sa nécessite et sa valeur moral et juridique، وبتنشيط ريم السعيدي وسفيان بن حميدة، فإنه يدعو إلى التشكيك في القواسم المشتركة بين التونسيين ويدعو إلى الرجوع إلى ما قبل تحقيق الاستقرار الاجتماعي وذلك بالنبش في العرقية البربرية والرومية والمسيحية والدعوة إلى رفض التسليم بأن تونس تجمعها قواسم العروبة والإسلام، وهذا يمثل دعوة صريحة للاقتتال بين التونسيين وتحريك النعارات القومية والعرقية والدينية التي تعود بتونس إلى أكثر من 14 قرنا إلى الوراء، من شانه أن يجعل من تونس لبنان السبعينيات أو عراق اليوم. فالتسليم بأن تونس لها تاريخ ممزوج بين الفينيقية والبربرية والرومية والمسيحية والإسلام شيء وبين الدعوة إلى التشكيك في القواسم المشتركة لأغلبية التونسيين اليوم هو شيء آخر مخالف تماما، لأن التونسيين يعيشون في أمن وسِلم بينهم في ظل العروبة والإسلام، وانتهت آخر الحروب في تونس بخروج المستعمر الفرنسي آخر الغزاة، والدعوة لنكران هذا القاسم المشترك هو دعوة للحرب والاقتتال، نحذر الحكومة الحالية من السكوت على مثل تحريك هكذا نعارات، وكذلك ندعو الشعب التونسي لعدم السكوت على هذه الدعوات التي في ظاهرها سلمية (حرية الإعلام) ولكن في مضمونها فهي تثير الفرقة وتدعو إلى الاقتسام والاقتتال. فلو بث هذا البرنامج على قناة فرنسية يدعو إلى تمجيد غزو هتلر لباريس أو تمجيد نظام الإقطاع وسلطة الكنيسة في عهد لويس السادس عشر وماري أنتوانيت أو تمجيد حكام روما وحروبهم المتتالية لفرنسا لرأيتم رد الحكومة الفرنسية (العلمانية والديمقراطية) والشعب الفرنسي (الداعي للحرية) على هكذا دعوات، فالشعب الفرنسي قطع مع الإقطاعية ومع حكم الكنيسة وحقق سلمه الاجتماعي والسياسي بقيام مبادئ الثورة الفرنسية سنة 1898 التي تمثل خطا أحمر لا ينبغي الرجوع إلى ما قبله تحت أي لافتة كانت وذلك باتفاق أغلبية الفرنسيين. فالسلم الاجتماعي شرط من شروط الاجتماع البشري، وأي تهديد لهذا السلم الاجتماعي هو تهديد للمجموعة البشرية بكاملها، ونحن في تونس نقر ونعتز بتاريخنا وتعاقب الحضارات عبر تاريخنا ونفخر بكل مكونات هويتنا المتشابكة عبر الأزمان ولكننا لا ندعو لا لعودة حنبعل ولا لعودة الكاهنة ولا لعودة المعز لدين الله الفاطمي الشيعي ولا لعودة المستعمر الفرنسي، ونرفض أي دعوة للوراء، ولكننا ندعم ترسيخ وتمتين الإجماع الوطني الحالي حول وثوابت الوطن الحالية وهي العروبة والإسلام والثورة على الديكتاتورية، وندعو بعد هذه الثوابت إلى الحوار واحترام المعتقد واحترام الأقليات، ونخوض في كل ما يمكن أن يحقق لتونس عزها ومجدها سواء كان ذلك بالعلمانية أو الديمقراطية أو الشورى أو أي مدرسة من المدارس السياسية، وذلك باتخاذ أسلوب الحوار بين مختلف أفراد الشعب وحرية الرأي وتنظيم الأحزاب وغيرها من الوسائل السياسية المعروفة. في انتظار أن تقوم مؤسسات الدولة الحديثة وإتمام الاستحقاقات الانتخابية وإتمام القوانين المنظمة للدولة التونسية الحديثة، فإني كمواطن تونسي شاهد كغيري من أبناء بلدي على تتالي البرامج الداعية للفرقة والتشكيك في ثوابت المجموعة الوطنية من قبل هذه القناة وبتنشيط الصحفيين ريم السعيدي وسفيان بن حميدة، أدعو المجموعة الوطنية والطبقة السياسية والأحزاب إلى: 1- مقاطعة هذه القناة وعدم المشاركة في أي برنامج من برامجها، 2- كما أدعو التونسيين والتونسيات إلى التظاهر في الشارع للتعبير عن رفضنا للمساس بالقاسم المشترك الوطني، 3- كما أوجه دعوة وطنية لرئيس الدولة المؤقت والحكومة المؤقتة إلى التبرؤ من هذه القناة ومما تدعو إليه حتى نعزل هذه القناة عن المجموعة الوطنية ونكتشف الأيادي التي تقف وراء هذه الدعوات الداعية للكراهية والعنصرية وتهديد السلم الاجتماعي.