أدعى رجل النبوءة, فتم طلبه ودعي له بالسيف, فقال: ما تصنعون؟ قالوا: سنقتلك. قال: لما تقتلونني؟ قالوا: لأنك ادعيت النبوءة. قال: لم أدعيها. قالوا: فأي شئ أنت؟ قال: أنا صدّيق. فدعي له بالسياط لضربه. قال: لما ستضربونني؟ قالوا: لأنك تدعي بأنك صدّيق قال: لا أدعي ذلك. قالوا: فمن أنت إذن؟. قال: أنا من التابعين لهم بإحسان. فدعي له بالعصا. قال: ولم ذلك؟ قالوا: لادعائك ما ليس فيك. فقال: ويحكم, أدخل إليكم وأنا نبيّ, وتريدون أن تحطوني في ساعة واحدة إلى مرتبة العوام, اصبروا عليّ إلى غد حتى أصير لكم ما شئتم. هكذا ما فعل السيد محمد الغنوشي, حينما أراد الاستيلاء على الحكم مع زبانيته عند هروب المخلوع, وادعى بأنه كان يحقن دم الشعب, أسقطته اعتصامات القصبة وغضب الجماهير برغم تمسكه بالحكم إلى آخر لحظة.. وبعد ذلك تبين بان السيد الغنوشي مطالب إلى عدة قضايا في الفساد وأشهرها ما يتعلق بالخوصصة. مثله مثل المخلوع الهارب, حينما كان يدعي الكمال وحسن الحال, والتقدم في كل مجال, ولما هبّ الشعب, هرب في يومه بعد إن قال "غلطوني".. وبقت كلمته الشهيرة تفصل ما بين الحقيقة والخيال, واقع كله ألم وخصاصة وحرمان, وخيال رافق الشعب لسنوات عدة و سقط في لحظات. وكم هم كثر الذين يدعون النبوءة, فالسيد عياض بن عاشور, بعد الثورة بدأت خطاباته ثورية, مع انه عيّن من طرف المخلوع على رأس لجنة الإصلاح السياسي, كبر طموحه ليرتقي بهذه اللجنة إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة, هذه الهيئة التي بقت أهدافها غامضة, ومع إصرار الأحرار بالضغط في كل المنابر, تكشف الأمر على مصائب تحوكها هيئة بن عاشور, التي تبحث في القطع مع التراث العربي الإسلامي وعلى التطبيع مع إسرائيل, وسنصبر إلى غد, وقد يورط هذا الرجل وأعوانه تونس بأكملها جملة اتفاقات دولية ووطنية تسقط بها في غياهب التبعية المتخاذلة والطيّعة للغرب وربيبته إسرائيل. ويبقى ادعاء النبوءة الأعظم لدى السيد باجي قائد السبسي, الذين حينما يتحدث ترى الغرور القافز عن الواقع, وإجابات موغلة في العمومية عن أسئلة غالبا ما تكون مركبة ومعدة سلفا, ودائما يعيد ويقول بأنه هو الحاكم الوحيد "ولا قبله في الحكم إلا الله والشعب", ولكن السيد الراجحي كذب نبوءته مرة, وكذبه آخرون مرات, لأن هناك حكومة ظل تحكم من خلف حجاب. السيد السبسي, قد يعرف أو لا يعرف بان الشعب يحاكمه كل يوم على الصفحات الاجتماعية على النت, ويطالبون برحيله وبالرجوع على نبوءته, لأنه وبكل بساطة لم يقدم شئ إلى حد الآن لهذا الشعب الثائر. ومن نبوءات السيد السبسي, انه لا يدخل مرحلة يخسر فيها, وانه قبل بالعمل في هذه المرحلة الحيوية من تاريخ تونس, ولكن القائد السبسي, لم يحقق أي نجاح إلى حد الآن.. وما يرشح كل يوم من أنه يدعم أطراف على أخرى على حساب المطالب الشعبية, وسنصبر عليه أيضا إلى غد, لأننا نعلم علم اليقين بان الشعب سوف لم يمرر كل ما يتعارض مع هويته ومع أهداف ثورته الحقيقية, دولة مدنية وديمقراطية تتسع لكل أبناء الشعب يسارا ويمينا ووسطا. إن هذا الشعب يملك من الذكاء الكثير ومن الجرأة أكثر, وسوف لن يمر مدعي نبوءة مثلما يشتهي, قد يصبر عنه الشعب إلى غد, ولكن لن تنطلي هذه الادعاءات مهما حاولوا.