الكاف: تجميع أكثر من 427 الف قنطار من الحبوب وارتفاع منتظر في نسق موسم التجميع    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ مربي نحل تسبب في حريق غابي..#خبر_عاجل    طقس الليلة    غدا أطول نهار في السنة..    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    وزارة الصحة تؤكد استجابتها لاغلب مطالب الاطباء الشبان وتدعوهم الى القيام باختيار مراكز العمل يومي 23 و24 جوان الجاري    الحرس الثوري: الموجة الأخيرة تتضمن صواريخ بعيدة المدى وثقيلة ومسيّرات    النفطي يشارك في أشغال الدورة 51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول    تسجيل 3،2 مليار دينار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس لكامل 2024 (وكالة النهوض بالاستثمار)    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    اختتام مشروع "البحر الأزرق هود"    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    خبير يوضح: الأمطار تفرح الزياتين وتقلق الحصاد... هذا ما ينتظرنا في قادم الأيام    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يتعاقد مع المدرب "محمد الكوكي" (صور)    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    دعوات لرفع مستوى المبادلات التجارية بين تونس وعُمان وتطوير شراكات استراتيجية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المًهاجرون التّونسيّون: أجيال مظلومة ...
نشر في الحوار نت يوم 29 - 06 - 2011


بقلم: تيسير العبيدي
عن " المنظمة الدوليّة للمًهجّرين التّونسيين" صدر كتاب بعنوان " المًهجّرون التّونسيّون: من هم؟ " للعضو المؤسس في حزب " المؤتمر من أجل الجمهورية" المهندس الأستاذ عماد الدائمي. الكتاب من الحجم الوسط، ويتكوّن من 157 صفحة، سلك فيه المؤلف مسلك التأريخ، ولكن أي تأريخ؟... تأريخ لضحايا عهود الطغيان منذ عهد المستعمر الفرنسي حتى عهد " بن علي".
أشار المؤلف في الصفحات الأولى بكتابه إلى أنّه كان قد أرسل مضامين الكتاب إلى الطباعة قبل اندلاع الثورة التونسية، وفضّل الإبقاء عليها كما هي حتى " تعكس بأمانة المشهد النفسي والسياسي للمنفيين" ص.5. وأهدى الكتاب إلى " بذور الخير التي اقتلعتها الرياح العاصفة من أرضها"، وإلى " أرواح الشهداء الأبرار الذين رفضت سلطات البلاد عودتهم أحياء يرزقون، واستقبلتهم جثامين ملفوفة في علم الوطن" ص.3. ثم توجه بكلمة شكر إلى الذين أعانوه في إخراج الكتاب.
كتبت المقدمة الدكتورة فيوليت داغر، رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان"حيث استعرضت التوترات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية التي تسببها الهجرة في البلدان المًهاجر منها، وإليها، معتبرةً أن هذا الموضوع أصبح هّماً وطنياً ودوليّاً، مما يدعو إلى ضرورة " إيجاد أرضية مشتركة تضمن مصالح الجميع" ص. 12.
تحدث المؤلف في مدخل كتابه عن ظاهرة الهجرة، وحقوق المهاجرين عالمياً وعربياً، وقد خصّ المًهجّرين السياسيين التّونسيين بمعظم الفصول، وروى لنا حكايات مأساوية عما تعرضوا له من ظلمٍ واضطهاد وتشريد وسجون، في ظلّ دولة الاستقلال الذي حكمها بيد من حديد الرئيس " بورقيبة"، والذي أودع في السجون ، والمهاجر، نخبة من رجال السياسة التي مارست الحكم لفترات مختلفة، وعلى رأس هؤلاء الزعيم صالح بن يوسف، وغيره من المهجّرين السياسيين الذين توفيوا في المهاجر أمثال: " محمد البدوي المرزوقي" والد المعارض التونسي البارز الدكتور منصف المرزوقي" ص. 17، ويلفت الكاتب إلى المهجّرين من " ذوي التوجهات الوحدوية العربية" ص. 17. الذين فرّوا من هيمنة " الحزب الواحد" ومشاركتهم في منظمات عربية وعالمية مسلحة "من أجل نصرة القضايا العادلة" ص. 25.
وينتقد بشدة الفترة التي حكم فيها الرئيس " بن علي" التي شهدت موجة قاسية من الإضطهادات، الاعتقالات والتعذيب بحق كل من تجرأ على قول الحقيقة أو ناضل في سبيلها كتاباً كانوا أو رجال أعمال أو طلاباً جامعيين ومصلين يؤمنون المساجد بشكل منتظم.
هنا تحضرني قصيدة طويلة كتبها أحد الشعراء التونسيين المغمورين في سجن " برج الرومي"، تقول بعض أبياتها:
ولكم ليالٍ في "برج الرومي" قد أنقضت وزين العابدين له محيا قد تبدل منظرا
ودوي السياط في الدجى كالرعد يدوي مستمراً في العرا
والسيف يخطب في الرقاب كأنّه الحجاج حين يعلو المنبرا
حتى إذا لاح الصباح ثبتوا فقدان ألفٍ منّا أو أكثرا
ويتابع متحدّثاً عن المهجّرين السياسيين الذين حاولوا إعادة تشكيل بعض البًنى التنظيمية، ومساهمتهم بتأسيس هيئات حقوقية ومنظمات إنسانية "من أجل التعريف بالمظالم" ص.25. وتقديم العرائض إلى الهيئات الدوليّة بهدف شرح حجم الإضطهادات التي تعرضوا لها، وعن دورهم "الرائد في تحسين ظروف الجالية العربية والإسلامية في المهجر" ص.26. كما وجه أقسى انتقاداته اللاذعة إلى المهجّرين السياسيين الذين تخلوا عن عملهم السياسي وواجبهم الوطني.
وتناول النتائج السلبية التي آلت إليها مشاريع العفو العام،، ويكشف عن قوة الرابطة التي تربط بين هؤلاء المهجّرين ووطنهم، وعن صدق الرغبة في العودة إليه، وفشل تمكينهم من العودة لوطنهم دون شروط أمنية " تمسّ بكرامتهم الوطنية".
وبالرغم من مأساوية الكتاب، فإنّه لم يخل من السخرية اللاذعة ، ومن هذا القبيل " القانون الذي يجيز للسلطة محاكمة المواطنين عن سلوكهم خارج البلاد، ولو كان " الجرم" مباحاً في بلد الإقامة" ص. 24 .
أو تلك العبارة التي تجزم على أن المهجّر لو عاد إلى الوطن سيجد نفسه " كأحد أصحاب الكهف في مواجهة واقعه الجديد" ص. 99.
يضم الكتاب أيضاً، تسع استبيانات كًتبت بأسلوب شاعري مؤثر جداً،وجاءت فريدة من نوعها من حيث الشمولية، والدقة في التفاصيل الحياتية للمهجّرين السياسيين التّونسيين. فلا هي إحصاء على ما تنطوي من أرقام ونتائج وشهود، ولا هي يوميّات على ما تضمنته من ضبط أحداث في تواريخ معينة، ولا هي روايات على امتلاكها الكثير من عناصرها، ولا هي عمليات توثيق لشخصيّات حقيقية معروفة في العمل السياسي، والوطني في تونس.
أجرؤ على القول إن الأشكال الفنية المتنوعة في التعبير عن مأساة المهجّرين السياسيين التونسيين هي التي صنعت فرادتها وخصوصيتها ، ولعلها من أهم الاستبيانات التي صدرت في الشأن المهجري التونسي، هذا، إن لم أقل أهم الاستبيانات حتى لا أُتهم بالمبالغة، هذا، بالإضافة إلى أنها تعيد التعايش مع مرحلة مهمة من تاريخ تونس.
نقرأ فيها ما يبكينا عن الأجيال المهدورة التي تخسرها تونس، بينما تتلقاها بلدان المهجر كهدية من السماء لا تقدر بثمن، وفيها ما يؤلمنا عن إصرار المهجّرين للتغلب على مصاعب وأحزان المهجر، وعن مشاكل الاندماج، ونقل جثث الموتى ليواروا التراب في الوطن، وفيها ما يدعونا إلى أن نموت ... نعم، أن نموت حزناً على الشهداء ، مرددين الآية الكريمة: " وما تدري نفسُ بأيّ أرض تموت".
وفيها ما يجبرنا إلى التأمل في الأسباب الحقيقية التي تدفع بالتونسيين إلى الإبحار في مراكب صغيرة آملاً في الحصول على حياة أفضل فيكون مصيرهم الغرق في البحار بدلاً من الحياة، وفيها ما يدعونا أن نصلي لرب العالمين أن يًلهم المفكّرين في الأحزاب التونسية لصياغة مناهج وأساليب سياسية جديدة تحمي المهجّرين من الذين يرون فيهم فريسة دسمة من السهل اصطيادها لمصلحتهم الخاصة.
وأشدد هنا، على المفكّرين في الأحزاب التونسية الجديدة، وما أكثرها، على اعتبار أن الدبلوماسيين الرسميين في السفارات الموصفين بفساد أخلاقهم وماديتهم، غير مهتمين للقيام بهذا الدور على أرض المهجر، بل لأدوار أخرى.
هذه الاستبيانات تجعل القارئ التونسي، مهاجراً كان أم مقيماً، أن يفكر مع المفكّرين في ما هي واجباته تجاه قضايا المهجّرين، والمهاجرين، وكيفية إعادة حقوقهم المدنيّة إليهم، كما يدفعه إلى الإسراع في المشاركة في الأحزاب والجمعيات والنوادي الثقافية التي تسهر على تنيمية، وتعميق صلة المهاجرين بأرض آبائهم وأجدادهم.
كتاب " المًهجّرون التّونسيّون: من هم؟ " يكشف وجه الحقيقة الناصعة للمهاجرين التّونسيين على قسوتها ومرارتها، ويطيح بالأقنعة، لقد استطاع الأستاذ الدائمي أن يستعرض هموم المهجّرين السياسيين، والمهاجرين التونسيين وهواجسهم، أفراحهم وغضبهم، رضاهم وآمالهم، واستطاع أيضاً، أن يستعرض همومه وأحلامه وأهدافه السياسية، الوطنية والإنسانية كاتباً وأكاديمياً، صحفياً ومناضلاً حزبياً.
يقول السياسي والأديب جون دوس باسوس:
" بإمكانكم أن تنزعوا إنساناً من بلاده، سوى أنكم لن تستطيعوا أبداً انتزاع بلاداً من قلب إنسان".
كلمة أخيرة لا بد منها، هذا الكتاب يحتاج إلى قراءة موسعة، متأنية تتجاوز هذه العجالة الموجزة التي تعجز عن إيفائه حقه، لذا، أدعو كل قارئ بلغة الضاد، وكل سياسي، وكل حزبي وإعلامي مهتم بالشأن التونسي أن يقرأ هذا الكتاب ويعطيه ما يستحقه من الاهتمام. إننا اليوم، بعد الانتفاضة المباركة، بحاجة ماسة لإضاءة شعاع المعرفة على الصفحات المهملة من تاريخ شعبنا العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.