من بدائع منتجات ما بعد الثورة ما يقوم به البعض تحت شعار الحرية الفكرية, هو التهجم على الإسلام وليس فقط في بعض رؤاه ولكن وصل الحد إلى التهجم على الله ورسوله والصحابة. والنهضة حزب سياسي مدني مرجعيتها الإسلام, لذلك صار في مفاهيم البعض بان الطريق للتهجم على المقدس في وجدان الشعب يكون حتما مرورا بالنهضة. أسئلة حائرة وأجوبتها واضحة, لكن المتهجمون لا يجترئون على قول نواهم التي فضحتها الأحداث, والسؤال الكبير لماذا هذا التوقيت للهجوم على الإسلام وعلى النهضة في هجمة بربرية خالية من كل أخلاق ومن اعتبار لمشاعر هذا الشعب العربي المسلم الذي صنع بريق الأمل للمضطهدين في كل العالم. السيد الطالبي, ظهر فجأة كأكبر متهجم على المقدس, تكلم البذاءة مباشرة وعلى مسمع من الشعب ولم يوقفه أحدا, تهجم على الرسول الأعظم بما لا يليق أن نعيد كتابته, اتهم الصحابة بالزندقة والخمر, سبّ عائشة وخديجة رضوان الله تعالى عنهم واتهم بما لا يليق, والآن يدعو إلى إلغاء الشريعة. قوة تهجمه على كل المقدسات روج له الأعلام بشكل غير مسبوق. شاعر "أحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد", الصغير أولاد أحمد, أفاق من غيبوبة طويلة لا نحتاج إلى تفسيرها, وهدد بإقامة ثورة أخرى لو تنجح النهضة في الانتخابات, ربما يريد يقول لو يصل الإسلاميين إلى الحكم, وربما حكم الإسلام مستقبلا. وأظهر بأنه يحب البلاد بطريقة أخرى غير تلك التي يتعايش فيها كل أهل البلاد. والمخرجة صاحبة فيلم "لا ربي, لا سيدي", والتي دعمتها وزارة الثقافة بأكثر من 600 مليون, لإخراج هذا الفيلم الذي تجاوز كل الحدود ليعتدي على الذات الالاهية في بلد مسلم, هذه المخرجة التي لم تراعي وجدان أكثر من 10 ملايين مسلم وضربتهم في عقيدتهم, عما كانت تبحث هي والوزارة من هذا العرض المخجل؟ والسيد نوري بوزيد, هذا المخرج الأسطورة الذي كان يدافع عن حقوق الشعب التونسي في زمن المخلوع, وهو يصور لهم النساء عراة في الحمامات, هدد بأنه لو تنجح النهضة في الانتخابات سيقرر الهجرة ومغادرة تونس. فهل يعتقد هذا السينمائي العالمي بان الشعب سيبك من أجله؟ كان عليه طرح السؤال على نفسه أولا حتى لا يقول كلام لا معنى له ضمن واقع الشعب, فقد كان يحارب الأخلاق والترابط الأسري من خلال منتوجه, واليوم يربط مصيره بصناديق الاقتراع ونجاح النهضة, فمما أنت خائف أيها الرجل؟ وأحداث أخرى كثيرة تجري في البلاد في عنوان كبير اسمه "الاعتداء على المقدس" وعلى الإسلام, تجندت له فضائيات وإعلام مكتوب, واكتشف العب بان هذه الهجمة لها هدف واضح ووحيد, استفزاز النهضة لعلها ترد بالعنف, ونسوا بأنهم يعتدون على شعب بأكمله وليس النهضة, لقد اقضوا الكامن في وجدان الشعب في كل البلاد, ألا وهي لا للعب بالثوابت وبالمقدس, ومنتظر في كل الحالات بان هناك من وقع استفزازه من الشعب سيرد عليهم بطريقة أو أخرى, والنتيجة لديهم هو تلفيق التهمة إلى النهضة, وهذه سيناريوهات حفظها الجميع من ممارسات المخلوع وأزلامه. وظهرت حادثة قاعة السينما وكانوا يتوقعون حدثا ما, بان يحتج أي مواطن وهذا متوقع لأن الأمر جلل, الاعتداء على الله بأياد تونسية, وحدث ما حدث, ومنهم حتى من تحدث عن سيناريو جاهز قام به أصحاب الفيلم للاعتداء عنه, لينسبوا بعدها الاعتداء للنهضة. ثم تلت هذه الحادثة حادثة الاعتداء على المحامين, ويتحدث البعض بان ممن كانوا مع المحامين بدؤوا بسب الجلالة والاعتداء اللفظي أمام المتظاهرين في عملية استفزازية أودت إلى الاعتداء عليهم. وكأن كل الأحداث كانت منسقة ومرتبة سلفا, والهدف إلصاق التهمة بالإسلاميين وطرف الأقوى النهضة. وكان من المنتظر أيضا بان تتوالى ردود الأفعال ضد العنف الممارس من هنا وهناك ومن كل الأطراف, لأن العنف ظاهرة ارتبطت بالمخلوع ولا بد وان تنتهي برحيله. النهضة كان موقفها واضحا, لا للعنف مهما كان مصدره, فالاعتداء على الدين والشعب هو عنف سياسي مرفوض رفضا قاطعا, والعنف المادي مرفوض مهما كان نوعه ومن أي طرف. كما لم يصمد الصحفي توفيق بن بريك والذي فاجأ الجميع بوقف في منتهى القوة, وقالها بكل وضوح لا للاعتداء على المقدس ودين الشعب, هذه خطوط حمراء. واستراب الأمر عند منصف المرزوقي, في مقاله بجريدة الشروق, حيث تهجم على المعتدين على المبدعين ونعتهم بشتى النعوت, ولكنه لم يتحدث ولو بإشارة واحدة عن موقفه من المعتدين على المقدس وعلى وجدان الشعب. وتراوحت أصوات أخرى ما بين الصمت والأصوات الضعيفة التي لا تصل إلى أحد. لقد اختار المتهجمون على الإسلام هذا التوقيت, لأن موعد الانتخابات اقترب خاصة وان التوقعات تشير إلى انتصار النهضة, و لأرباك المشهد السياسي لا بد لهم من العمل على خلق مناخات ومقدمات للعنف, وليس أهم من الاعتداء على الدين لأنه سيثير النهضة وتلصق بها كل عملية عنف. وهي عملية مقصودة قد تكون سببا لإلغاء الانتخابات مستقبلا. ونسي هؤلاء, بأنهم قدموا خدمة كبيرة للنهضة, فالشعب قد تبين له من يحارب عقيدته ويتهجم عليها علنا,ومن يريد إسقاط هويتة ودينه. وبذلك فقد أجبروا الشعب على الاصطفاف خلف النهضة حتى وان لم تكن خيارهم الأول. نسى هؤلاء بان النهضة ليست الإسلام, والإسلام ليس النهضة, ونسوا بأنهم صنعوا حفرا كبيرة ووقعوا فيها حينما حاربوا كل الشعب. حرية الرأي واجب مدني وديمقراطي, وأما الاعتداء على المقدسات وعلى دين الشعب, لا يمت للحرية بشئ, انه حرب خاسرة بجميع المقاييس. فمتى يعي هؤلاء الفرق بين هذا وذاك, أم هم عمي لا يبصرون. د.محجوب احمد قاهري