بعد دعوته الى تحويل جربة لهونغ كونغ.. مواطن يرفع قضية بالصافي سعيد    أبطال إفريقيا: التعادل يحسم الشوط الأول لمواجهة الترجي الرياضي وصن داونز    التعادل يحسم مواجهة المنتخب الوطني ونظيره الليبي    طقس الليلة    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا وجاري العمل على تسهيل النفاذ إلى هذه السوق    سيدي بوزيد: ورشة تكوينية لفائدة المكلفين بالطاقة في عدد من الإدارات والمنشآت العمومية    بودربالة والسفير الإيطالي يؤكدان ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية تعزيزا للاستقرار في المنطقة    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة ويساعد على القيام بمهامهم دون التعرض الى خطايا مالية    بنزرت: ضبط كافة الاستعدادات لإنطلاق اشغال إنجاز الجزء الثاني لجسر بنزرت الجديد مع بداية الصائفة    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    البطولة الافريقية للجيدو - ميدالية فضية لعلاء الدين شلبي في وزن -73 كلغ    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    منوبة: الاحتفاظ بصاحب مستودع عشوائي من أجل الاحتكار والمضاربة    وزارة التجارة تقرّر التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    يلاحق زوجته داخل محل حلاقة ويشوه وجهها    عاجل/ إصابة وزير الاحتلال بن غفير بجروح بعد انقلاب سيارته    أحدهم حالته خطيرة: 7 جرحى في حادث مرور بالكاف    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    "تيك توك" تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاة الجماعة
نشر في الحوار نت يوم 29 - 07 - 2011


مروة برهان
سنتحدث عن فضائل صلاة الجماعة و عن معنى صلاة الجماعة و أدلة مشروعيتها و حكمة مشروعيتها و عن حكم صلاة الجماعة و حكمة حضور النساء المساجد للمشاركة فى صلاة الجماعة و عن شروط صلاة الجماعة و من هو أحق بالامامة و عن الأمور التى يستحب للامام أن يرشد غيره ٳليها و عن الاستخلاف فى الصلاة و عن أحكام المسبوق و متى يجب التخلف عن صلاة الجماعة .. وردت فى فضل صلاة الجماعة أحاديث متعددة منها ما جاء فى الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع و عشرين درجة " / الفذ : أى المنفرد / و منها ما جاء فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " صلاة الرجل فى الجماعة تضعف على صلاته فى بيته و فى سوقه خمساً و عشرين ضعفا و ذلك أنه ٳذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج ٳلى المسجد لا يخرجه ٳلا الصلاة , لم يخط خطوة ٳلا رفعت له بها درجة و حطت عنه بها خطيئة فاذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام فى مصلاه " / و فى صحيح مسلم أن رجلا أعمى أتى النبى صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله , ليس لى قائد يقودنى ٳلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يرخص له ليصلى فى بيته فرخص له . فلما ولى دعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له " هل تسمع النداء ؟ - أى الأذان – قال : نعم . فقال له صلى الله عليه و سلم " فأجب " أى فأجب النداء و احضر ٳلى المسجد .. صلاة الجماعة معناها : ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام و تتحقق بصلاة فرد واحد مع الإمام فقد قال صلى الله عليه و سلم لرجلين من أصحابه : " فليؤذن أحدكما و ليؤمكما أكبركما " .. أما عن أدلة مشروعيتها فنجدها فى قوله تعالى : ( و ٳذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفةٌ منهم معك ) سورة النساء / 102 / فقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة أهمية صلاة الجماعة لأن الله تعالى أمر عباده بأن يؤدوا الصلاة فى جماعة حتى و هم فى حالة الحرب .. كذلك من الأدلة على مشروعية صلاة الجماعة حرص الرسول صلى الله عليه و سلم على أدائها بتلك الكيفية منذ افتراضها على أمته ٳلى أن لقى ربه عز و جل و هدد صلى الله عليه و سلم من يتخلف عن أداء الصلاة فى جماعة دون عذر شرعى مقبول بأن يحرق عليه بيته .. و قد بشر النبى صلى الله عليه و سلم المحافظين على صلاة الجماعة بالأجر المضاعف و بزيادة الثواب و بمحو السيئات .. و قد انعقد ٳجماع المسلمين على أن صلاة الجماعة من السنة الثابتة ثبوتاً مؤكداً عن النبى صلى الله عليه و سلم فوجب الاقتداء به امتثالاً لقوله تعالى : ( لقد كان لكم فى رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله و اليوم الآخرِ و ذكر الله كثيراً ) سورة الأحزاب / 31 .. شرع الله تعالى صلاة الجماعة لمنافع دينية و دنيوية .. فأما المنافع الدينية فمن أهمها ترسيخ الإيمان الصادق و العميق فى قلب المسلم و المسلمة لأن الإنسان عندما يتردد على بيوت الله فى اليوم الواحد أكثر من مرة لا شك أن هذا التردد يزيده ٳيماناً على ٳيمانه .. هذا التردد يجعل المسلم و المسلمة يعرفان أحكام شريعة الإسلام لأن الاستماع ٳلى القرآن الكريم فى صلاة الجماعة و ٳلى دروس العلم قبل الصلاة و بعدها يضئ العقول بالعلم النافع .. و أما المنافع الدنيوية فمن أهمها زيادة الطهارة فى النفوس و ٳرشاد المسلم لأخيه المسلم ٳلى ما يصلح له أمر دنياه .. اتفق الفقهاء على أن هناك صلوات لا تصح ٳلا بأدائها فى جماعة كصلاة الجمعة و صلاة العيدين كما اتفقوا على أن صلاة الجماعة فى الصلوات الخمس المفروضة من العبادات التى حض النبى صلى الله عليه و سلم أمته على الحرص عليها و أنذر الذين يتخلفون عن أدائها دون عذر شرعى بتحريق بيوتهم عليهم و بشر من يؤدونها بمدوامة و ٳخلاص بأعلى الدرجات و أن أداء الصلاة فى جماعة يزيد فى الأجر على ثواب من يؤديها منفردا بسبع و عشرين درجة .. يرى الأحناف أن صلاة الجماعة بالنسبة للصلوات الخمس المفروضة من السنن المؤكدة فقد قال صلى الله عليه و سلم : " الجماعة من سنن الهدى " / يرى المالكية أنها سنة مؤكدة لكل مصلى / يرى الشافعية أن حكم صلاة الجماعة بالنسبة للصلوات المفروضة فرض كفاية ٳذا قام بها البعض سقطت عن الباقين و بعض الشافعية يقول أنها سنة مؤكدة / و يرى الحنابلة أن صلاة الجماعة فى الصلوات الخمس المفروضة فرض عين فى كل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة لأن الرسول صلى الله عليه و سلم أنذر الذين يتكاسلون عن حضورها بتحريق بيوتهم عليهم .. أرجح الأقوال و أعدلها فى حكم صلاة الجماعة أنها من السنن المؤكدة على كل مكلف و أن من يقصر فى أدائها دون عذر يكون محروماً من الثواب و قد لا ينجو من العقاب و أن من حافظ على أدائها كان بفضل الله تعالى جديراً بالرضا و العطاء الجزيل من الله عز و جل و نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعاً من المحافظين على سنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم فانه سبحانه على ما يشاء قدير و هو نعم المولى و نعم النصير .. لا بأس من خروج النساء ٳلى المساجد لحضور صلاة الجماعة مع الرجال و فى هذه الحالة عليهم أن تكون ملابسهن ملابس شرعية تمتاز بالاحتشام دون أن يبدو منهن ٳلا ما أباحه الله فى قوله سبحانه : ( و قل للمؤمناتِ يغضضن من أبصارهِن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن ٳلا ما ظهر منها ) سورة النور / 31 / و قال جمهور الفقهاء أن المقصود بقوله تعالى : (ٳلا ما ظهر منها ) : الوجه و اليدين .. كان من عادة النبى صلى الله عليه و سلم ٳذا حضرت النساء صلاة الجماعة أن يصف الرجال و من خلفهم الصبيان و من خلفهم النساء .. ينبغى أن يكون للنساء باب خاص يدخلن منه ٳلى المسجد لصلاة الجماعة و أن يكون للرجال باب آخر يدخلون منه ٳلى المسجد .. يجوز للمرأة المتفقهة فى دينها أن تؤم غيرها من النساء فقد كانت السيدة عائشة رضى الله عنها تؤم غيرها من النساء فتقف معهن فى الصف الأول مع تقدمها عنهن قليلاً و كانت السيدة أم سلمة رضى الله عنها تفعل ذلك .. و يجوز أن يصلى الرجل ٳماماً للنساء فقط فقد جاء فى الحديث الشريف عن أُبَىِّ بن كعب رضى الله عنه أنه جاء ٳلى النبى صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله , عملت الليلة عملاً , فقال له النبى صلى الله عليه و سلم " ما هو ؟ " فقال أُبَىِّ بن كعب : نسوة معى فى الدار قلن لى ٳنك تقرأ و لا نقرأ فصلِّ بنا ؟ فصليت بهن . فسكت النبى صلى الله عليه و سلم . قال أُبَىِّ رضى الله عنه : رأينا سكوته رضا .. لصحة صلاة الجماعة شروط بعضها يتعلق بالإمام و بعضها يتعلق بالمأموم .. أما الشروط التى تتعلق بالإمام ًفمن أهمها أن يكون مسلماً فلا تصح ٳمامة غير المسلم / أن يكون بالغاً فلا تصح ٳمامة الصبى لأنه لم يبلغ بعد سن التكليف / أن يكون عاقلاً فلا تصح ٳمامة من ليس ذلك / أن يكون من الذكور البالغين فلا تصح ٳمامة المرأة للرجل ففى الحديث الشريف قال الرسول صلى الله عليه و سلم : " لا تُؤَمِّن امرأة رجلاً " أما ٳمامة المرأة لبنات جنسها فهى صحيحة عند جمهور الفقهاء لأنه ثبت أن الرسول صلى الله عليه و سلم أمر امرأةً تسمى " أم ورقة " أن تصلى ٳماماً بأهل دارها من النساء / أن يكون حافظاً من القرآن الكريم ما تصح به الصلاة لأنه ٳذا كان لا يحفظ ما تصح به الصلاة لا يصلح أن يكون ٳماماً لغيره لأن القراءة ركن من أركان الصلاة / أن يكون مستوفياً لشروط صحة الصلاة كالطهارة و كستر العورة / و أن يكون سليماً من الأعذار كسلس البول و ما يشبه ذلك من الأمراض لأن من كان به مرض من هذه الأمراض لا يصلح أن يكون ٳماماً لمن هو سليم منها .. و أما الشروط المتعلقة بالمأموم لكى تكون صلاته مع ٳمامه صحيحة أن لا يتقدم المأموم على ٳمامه و يجوز ذلك فى الصلاة التى تكون حول الكعبة بشرط أن يكون المأموم فى غير الجهة التى يكون فيها الإمام فان كان المأموم فى جهة الإمام لزم عدم التقدم عليه ففى الحديث الشريف قال صلى الله عليه و سلم : " ٳنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه " / أن يكون المأموم متمكنا من فهم و ضبط أقوال ٳمامه و أفعاله عن طريق الرؤية أو السماع / أن لا يسبق المأموم ٳمامه فى أفعال الصلاة بل يجب أن يكبِّر بعد ٳمامه و أن يركع بعد ركوعه و أن يسجد بعد سجوده و أن يُسلِّم بعد سلامه ففى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ٳنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به فاذا كبَّر فكبِّروا و ٳذا ركع فاركعوا و ٳذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد " / و أن تكون صلاة المأموم متحدة مع صلاة الإمام فلا يصح اقتداء من يصلى الظهر بمن يصلى العصر لاختلاف الفرضين فى الوقت .. الشافعية قالوا يصح ذلك بشرط اتحاد صلاة المأموم مع صلاة الإمام فى الهيئة و النظام كالظهر و العصر ٳلا أنه لا تصح صلاة الظهر خلف من يصلى صلاة الجنازة لاختلاف الهيئة و لا صلاة الصبح خلف صلاة الكسوف لأن صلاة الكسوف ذات قيامين و ركوعين .. هذه هى أهم الشروط لصحة الجماعة بالنسبة للامام و المأموم .. المسلم الذى رسخ ٳيمانه هو الذى يحافظ على أداء الصلاة فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " صلوا كما رأيتمونى أصلى " سواء أكان هذا المصلى ٳماماً أم مأموماً .. أحق الناس بالإمامة فى الصلاة أحفظهم للقرآن الكريم و أعلمهم بالسنة النبوية المطهرة و أفقههم بالأحكام الشرعية و أحسنهم تلاوةً و أكبرهم سناً .. لقد بين لنا النبى صلى الله عليه و سلم فى أحاديث متعددة مَنْ هو المسلم الأولى بامامة الناس فى الصلاة و مِنْ هذه الأحاديث ما رواه الإمام مسلم فى صحيحه و أصحاب السنن – أبو داود و الترمذى و النسائى و ابن ماجة – عن عبد الله بن مسعود أن النبى صلى الله عليه و سلم قال : " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فان كانوا فى القراءة سواءً فأعلمهم بالسنة النبوية فان كانوا فى السنة سواءً فأقدمهم هجرةً فان كانوا فى الهجرة سواءً فأقدمهم سناً و لا يَؤُمنَّ الرجلُ الرجلَ فى سلطانه و لا يقعد فى بيته على تَكْرُمَتِه ٳلا باذنه " .. يستحب للامام فى صلاة الجماعة أن يرشد المصلين من خلفه ٳلى أمور من أهمها الحضور ٳلى المسجد لأداء الصلاة فى جماعة بسكينة و وقار فقد جاء فى الصحيحين – البخارى و مسلم – عن أبى قتادة رضى الله عنه قال : بينما نحن نصلى مع النبى صلى الله عليه و سلم ٳذ سمع جلبَة رجال – أى أصوات رجال – فلما صلى قال : " ما شأنكم ؟ " فقالوا : " استعجلنا ٳلى الصلاة " فقال صلى الله عليه و سلم : " فلا تفعلوا . ٳذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فأتموا " / الأحناف قالوا : يقوم المصلون عندما يقول من يقيم الصلاة : حى على الفلاح / الشافعية و الحنابلة قالوا : يقوم المصلون عندما يقول من يقيم الصلاة : قد قامت الصلاة / و المالكية قالوا : القيام للصلاة يكون فى حال الإقامة أو بعدها أى كل واحد على قدر طاقته .. تسوية الصفوف و سد الخلل فمن الأحاديث النبوية الشريفة التى وردت فى ذلك ما جاء فى الصحيحين عن أنس رضى الله عنه قال : كان النبى صلى الله عليه و سلم يُقبِلُ علينا بوجهه قبل أن يكبِّر فيقول : " أقيموا صفوفكم أى عدِّلوها و تراصُّوا " . قال أنس : و كان أحدنا يُلزِقُ منكبه بمنكب صاحبه و قدمه بقدمه " و فى رواية أنه صلى الله عليه و سلم كان يقول : " أقيموا الصف فى الصلاة فان ٳقامة الصف من حسن الصلاة " / و فى الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لو يعلمُ الناس ما فى النداء – أى الأذان – و ما فى الصف الأول – أى من الثواب – ثم لم يجدوا ٳلا أن يستَهمُوا عليه لاستَهمُوا " أى : ثم لم يجدوا ٳلا أن يقترعوا عليه لاقترعوا .. قد كان صلى الله عليه و سلم يكره للمصلى أن يصلى خلف الصفوف وحده ففى صحيح البخارى عن أبى بكرة رضى الله عنه قال : دخلت المسجد و نبى الله صلى الله عليه و سلم راكع فركعت دون الصف – أى فركعت وحدى قبل الوصول ٳلى الصف – فقال النبى صلى الله عليه و سلم بعد انتهائه من الصلاة : " زادك الله حرصاً و لا تَعُد " .. على الإمام أن يرشد المصلين من خلفه ٳلى كيفية وقوفهم من خلفه , فان صلى معه واحد من الرجال أو من الصبيان أقامه عن يمينه مع تأخره عنه قليلا و ٳن كان الذى يصلى
معه أكثر من واحد من الرجال صلوا من خلفه و ٳن كانت التى تصلى معه امرأة وقفت خلفه .. أما ٳذا كان الذين يصلون من خلفه جماعة من الرجال و الصبيان و النساء ففى هذه الحالة يُصَفُّ الرجال ثم الصبيان ثم النساء ففى الصحيحين عن ابن عباس رضى الله عنه قال : بِتُّ عند خالتى ميمونة بنت الحارث الهلالية ٳحدى أمهات المؤمنين فقام النبى صلى الله عليه و سلم يصلى من الليل فقمت أصلى معه عن يساره فأخذنى برأسى فأقامنى عن يمينه " .. و من الثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان فى صلاة الجماعة يَصُفُّ الرجال ثم الصبيان ثم النساء .. كان النبى صلى الله عليه و سلم يطيل القراءة فى الركعة الأولى لا سيما فى صلاة الصبح و لعله صلى الله عليه و سلم كان يفعل ذلك ليدرك أكبر عدد من أصحابه الصلاة معه أما معظم صلاته صلى الله عليه و سلم بأصحابه فكانت تمتاز بالتخفيف و الاعتدال دون تطويل أو تقصير .. و قد وردت أحاديث متعددة تدل على ذلك منها ما جاء فى الصحيحين عن أنس رضى الله عنه قال : " ما صليت وراء ٳمام قط أخف صلاة و لا أتم من النبى صلى الله عليه و سلم و لقد كان صلى الله عليه و سلم يسمع بكاء النبى فيخفف مخافة أن تُفتَن أمه " : أى مخافة أن تضطرب أمه فى صلاتها خوفا على صبيها .. و فى الصحيحين عن أبى مسعود رضى الله عنه أن رجلا قال : والله يا رسول الله , ٳنى لأتأخر عن صلاة الغداة – أى عن صلاة الصبح – من أجل فلان مما يطيل بنا . قال أبو مسعود : فما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى موعظة أشد غضبا منه يومئذ ثم قال صلى الله عليه و سلم ٳن منكم مُنَفِّرينَ فأيكم صلَّى بالناس فلُيخفِّف فان فيهم الضعيف و الكبير و ذا الحاجة و ٳذا صلَّى لنفسه فَليُطوِّل ما شاء " .. كذلك يستحب للامام بعد أن ينتهى من صلاته بالناس أن يتحوَّل ٳليهم بوجهه أو بيمينه ففى صحيح البخارى عن سَمُرةَ بنِ جُنْدُب رضى الله عنه قال : كان النبى صلى الله عليه و سلم ٳذا صلَّى صلاة أقبل علينا بوجهه " أى أقبل علينا بوجهه فيختم الصلاة بالذكر و التسبيح و التحميد و التكبير أو ليجيب على أسئلتنا و كان أكثر ما يكون ذلك عقب صلاة الصبح .. المقصود بالاستخلاف فى اصطلاح الفقهاء هو أن يُنيب الإمام فى صلاة الجماعة رجلاً آخر صالحا للامامة ليُكْمِلَ بهم الصلاة ٳذا عرض للامام فى الصلاة عارض منعه من ٳتمامها كأن يخرج منه ناقض للوضوء أو كأن يعرض له مرض مفاجئ أو غير ذلك من الأعذار الشرعية التى تحول بينه و بين ٳتمام الصلاة .. حدث فى يوم من الأيام أن كان سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه يُصلِّى ٳماما بالناس فأصابه رعاف شديد بأن نزل دم بكثرة من أنفه فما كان من سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه ٳلا أن أخذ بيد رجلٍ من المصلين و قدَّمه ليكمل الصلاة بالناس ..هذا كله يدل على أن شريعة الإسلام تقوم على اليسرِ و السماحة و رفع الحرج عن أتباعها .. المقصود بالمسبوق : المصلى الذى أدرك الإمام فى صلاة الجماعة بعد أن انتهى الإمام من الركعة الأولى .. على المسبوق أن يَتْبَع الإمام فى صلاته فاذا أدرك الإمام و هو ساجد كبَّر و دخل معه فى السجود و لا تُحسب للمسبوق هذه الركعة .. أما ٳذا كان الإمام راكعا و أدركه المسبوق فى ركوعه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع ففى هذه الحالة تُحسبُ للمسبوق هذه الركعة و من الأدلة على ذلك ما جاء فى سنن أبى داود عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ٳذا جئتم ٳلى الصلاة و نحن سجود فاسجدوا و لا تَعدُّوها شيئاً و من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة " .. قد أخذ الفقهاء من هذا الحديث الشريف أن من أدرك الإمام و هو ساجد , سجد معه و لا تحسب للمسبوق ركعة بدليل قوله صلى الله عليه و سلم : " و لا تَعدُّوها شيئاً " أما ٳذا أدرك المسبوق الإمام و هو راكع فركع معه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع ففى هذه الحالة تحسب للمسبوق ركعة بدليل قوله صلى الله عليه و سلم : " قبل أن يقيم الإمام صُلبَه " أى : قبل أن يعتدل الإمام من ركوعه .. يرى الأحناف و المالكية و الحنابلة أن ما يدركه المسبوق مع الإمام يعد آخر صلاته و ما يقضيه بعد سلام الإمام فهو أول صلاته فمثلا : ٳذا أدرك المسبوق الركعة الرابعة من الصلاة الرباعية كالظهر و العصر و العشاء فانه بعد السلام يأتى بركعة يقرأ فيها الفاتحة و سورة لأنها الأولى بالنسبة للقراءة و يجلس للتشهد الأول بعدها ثم يقوم بعد ذلك ليأتى بركعة يقرأ فيها أيضا بالفاتحة و سورة لأنها تعد الثانية بالنسبة للقراءة ثم يأتى بعد ذلك بالركعة الأخيرة فيقرأ فيها سورة الفاتحة فقط و يجلس بعدها للتشهد الأخير ثم يسلم لأنها هى الرابعة فى عدد الركعات / و يرى الشافعية أن من أدرك الإمام فى الركعة الرابعة من الصلاة الرباعية , يأتى بعد سلام الإمام بركعة يقرأ فيها الفاتحة و سورة لأنها الثانية ثم بعد التشهد الأوسط يأتى بركعتين يقرأ فيهما الفاتحة فقط .. من فضل الله تعالى و رحمته بعباده أنه سبحانه منح المصلى ثواب صلاة الجماعة حتى و لو أدرك المصلى جزءا من الصلاة فى جماعة ففى الصحيحين عن أبى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما أدركتم فصلُّوا و ما فاتكم فأتمُّوا " أى فأتموا وحدكم ما فاتكم و لكم ثواب صلاة الجماعة و بهذا قال جمهور الفقهاء .. المحافظة على أداء الصلاة فى جماعة من صفات المؤمنين الصادقين فى ٳيمانهم ٳلا أن شريعة الإسلام التى أقامها الله تعالى على السماحة و اليسر و رفع الحرج , رخَّصَتْ فى التخلف عن صلاة الجماعة لأحد الأعذار الشرعية التى من أهمها البرد الشديد أو الحر الشديد أو الريح الشديدة أو المطر الغزير أو الظلام الدامس أو الخوف من عدو متربص أو لرعاية مريض تلزم رعايته .. جاء فى الصحيحين عن نافع أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أذَّن بالصلاة فى ليلة برد و ريح ثم قال : ألا صلُّوا فى الرِّحال – أى فى بيوتكم – ثم قال : ٳن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر المؤذن ٳذا كانت ليلة ذات بردٍ و مطر يقول : " ألا صلُّوا فى الرِّحال " .. فى الصحيحين قال محمود بن الربيع رضى الله عنه : كان عتبان بن مالك يؤم قومه و هو أعمى . فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ٳنها تكون الظلمة و السَّيل – أى الأمطار الشديدة – و أنا رجل ضرير البصر فصَلِّ يا رسول فى بيتى فى مكان منه أتخذه مُصَلَّى . فجاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : " أين تحب أن أصلى ؟ " فأشار عتبان ٳلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و فى صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فى سفر فنزل مطر شديد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لِيُصَلِّ من شاء منكم فى رحله " – أى فى منزله .
هذه الأحاديث النبوية الشريفة أخذ منها العلماء أنه يجوز فى حالة الأعذار الشرعية أن يتخلف المسلم عن صلاة الجماعة و مادام هذا التخلف ليس عن تقصير و ٳنما لأسباب مشروعة فالله تعالى غفور رحيم و لا يكلف الله نفسا ٳلا وسعها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.