تتعرض حكومة رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي هذه الأيام إلى اتهامات بالبطء في الأداء والتهاون في محاسبة رموز نظام بن علي والتردد في معالجة الملفات السياسية والاجتماعية التي تستجيب إلى تطلعات التونسيين. فقد شنت العديد الأطراف التونسية من أحزاب سياسية ومنظمات وتكتلات ما يشبه الحملة ضد أداء الحكومة إلى حد اتهامها بالاستخفاف بتحقيق أهداف ثورة 14 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس بن علي. فقد اتهم المجلس الوطني لحماية الثورة في تونس حكومة الباجي قائد السبسي باستخفافها بتطلعات التونسيين إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية عبر تقاسم عادل لعائدات خيرات البلاد. وأعرب شكري لطيف منسق المجلس الوطني لحماية الثورة عن عدم رضاه عن أداء الحكومة المؤقتة ومدى استجابتها لطموحات التونسيين مشيرا على أنها تواصل "التصعيد في منهجها القمعي والاستخفاف بتطلعات المواطنين وطموحاتهم". وكان قائد السبسي قد دافع عن أداء حكومته في كلمة ألقاها الخميس مؤكدا أنها حققت العديد من الإنجازات على درب ترسيخ المسار الديمقراطي رغم صعوبة الظروف التي تمر بها البلاد. لكن عددا من الأطراف وخاصة الأحزاب السياسية الراديكالية توجه أصابع الاتهام إلى الحكومة المؤقتة فيما يتعلق بمعالجة الملفات التي تشغل إهتمام الرأي العام التونسي وفي مقدمتها محاسبة رموز نظام بن علي وحل مشكل البطالة وتنمية الجهات المحرومة. وقال السياسي التونسي شكري لطيف إن أداء الحكومة المؤقتة "بطيء" بخصوص تحقيق أهداف الثورة وأهمها استقلال القضاء ومحاسبة الفاسدين في مختلف القطاعات كما انتقد قمع الحكومة للمظاهرات السلمية التي تنظمها مجالس حماية الثورة في الجهات. وفي سياق متصل رفض رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي عبد الرزاق الهمامي أي مصالحة قبل المحاسبة داعيا إلى "محاسبة الفاسدين"، وإنصاف عائلات الشهداء بمعاقبة كل من يثبت ضلوعه في قتل المتظاهرين، ودحر أعداء الثورة التونسية من رموز النظام السابق قبل أي حديث عن المصالحة الوطنية. كما دعا إلى ضرورة الفصل بين الدين والسياسة وإلى التحلي باليقظة وعدم الانزلاق وراء ما سماها "بتيارات الردة والتعصب". أما الناطق الرسمي باسم القطب الديمقراطي الحداثي الجنيدي عبد الجواد فقد شدد على "تردد الحكومة في محاسبة ومقاضاة من أزهق أرواح الأبرياء" مؤكدا على ضرورة إصلاح الجهاز القضائي عبر انتخاب مجلس انتقالي للقضاء. وحذّر من المخاطر التي باتت تهدد مكاسب الثورة التونسية بالتراجع والانتكاس داعيا الأحزاب والجمعيات ومكونات المجتمع المدني الى التصدي إلى هذه المخاطر حتى تتم انتخابات المجلس التأسيسي في موعدها المقرر ليوم 23 أكتوبر/تشرين الأول القادم. لكن الباجي قائد السبسي كان قد أوضح أن مسالة المحاسبة هي من مشمولات القضاء وليست من مهام الحكومة مشيرا إلى أنه من الخطأ مطالبة السلطة التنفيذية بالتدخل في مهام السلطة القضائية مؤكدا في هذا الإطار أن حكومته لا تتدخل في القضاء لأنها تؤمن باستقلاليته. وجاءت اتهامات الأحزاب لحكومة قائد السبسي على خلفية الأحكام التي صدرت خلال الفترة الأخيرة ضد أقرباء الرئيس المخلوع بن علي والتي رأت فيها الأحزاب "أحكاما مخففة".