حذّر الرئيس السوري بشار الأسد، القوى الغربية من أنّها تخاطر بالتسبُّب في "زلزال" يَحْرق الشرق الأوسط إذا تدخّلت في سوريا، مشيرًا إلى أنه بدأ في إصلاحات جادّة منذ بدأت الانتفاضة وتعامل بطريقةٍ مغايرةٍ عن الزعماء العرب المطاح بهم. وقال الأسد- في مقابلةٍ مع صحيفة صنداي تليجراف البريطانية-: إنه يدرك أنّ القوى الغربية "سوف تكثِّف الضغوط حتمًا" على نظامه، ولكنه شدّد على أن "سوريا مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن، التاريخ مختلف، والواقع السياسي مختلف". وقال الأسد: إنّ "سوريا هي المحور الآن في المنطقة، وهي خطّ الصدع وإذا لعبتم بالأرض فتتسببون في زلزال". وأضاف: هل تريدون أن تروا أفغانستان أخرَى، مشيرًا إلى أن "أي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بالكامل، وإذا كانت الخطة هي تقسيم سوريا؛ فسيعنِي ذلك تقسيم كل المنطقة". وأكّد الرئيس السوري على أنّ ما تشهده سوريا اليوم هو "صراع بين الإسلاميين والقوميين العرب (العلمانيين)"، مضيفًا: "نحن نقاتل الإخوان المسلمين منذ خمسينيات القرن الماضي وما زلنا نقاتلهم". وأقرّ الأسد بأنّ السلطات السورية ارتكبت "أخطاء كثيرة" في الجزء الأول من الانتفاضة ولكن الوضع تحسّن الآن، وأن القوات الآن تطارد فقط ما أسماهم " الإرهابيين". وقال: إنّ حكومته تعاملت مع ما يسمَّى بالربيع العربي بطريقة مغايرة للطريقة التي تعامل بها الزعماء العرب المطاح بهم (في تونس ومصر وليبيا)؛ حيث "إننا لم نسلك درب العناد". وقال: "لقد أطلقت عملية الإصلاح بعد ستة أيام فقط من اندلاع الاحتجاجات (في مارس الماضي). اعتقد كثيرون أن الإصلاحات التي أعلنا عنها كانت مجرّد مخدِّر، ولكن المشاكل بدأت بالانحسار بعد الإعلان عن برنامج الإصلاح. كان ذلك إيذانًا بتغيّر التيار، إذ بدأ الناس عندها بدعم الحكومة. ويأتِي نشر هذه المقابلة غداة تصاعُد حِدّة المواجهات العسكرية بين قوات الأمن السورية والجيش من جهة، ومنشقين عن الجيش من جهة أخرى، مما أدّى إلى مقتل 30 عنصرًا نظاميًا في كلٍّ من مدينة حمص (وسط) ومنطقة إدلب (شمال)، إضافةً إلى 12 مدنيًا على الأقل برصاص قوات الأمن. وتأتِي هذه التطورات في أعقاب جمعة الحظر الجوي التي قُتِل فيها أكثر من أربعين شخصًا خلال تصدِّي قوات الأمن لعشرات التظاهرات في مختلف أنحاء سوريا، فيما قُتِل أيضًا 17 جنديًا خلال اشتباكات بين الجيش النظامي ومنشقين عنه في حمص. وعقب ذلك وجهت اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية أقوى نداء حتى الآن للأسد يدعوه إلى إنهاء قتل المدنيين. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية عن اللجنة قولها إنها "وجهت رسالة عاجلة الجمعة إلى الحكومة السورية تعبر فيها عن امتعاضها الشديد لاستمرار عمليات القتل ضد المدنيين السوريين". وقالت: إنّ اللجنة "عبرت عن أملها أن تقوم الحكومة السورية باتِّخاذ ما يلزم لحماية المدنيين، وأنها تتطلع إلى لقاء مع المسئولين السوريين يوم الأحد 30 من الشهر الجاري في العاصمة القطرية الدوحة للوصول لنتائج جدية وإيجاد مخرج للازمة السورية". من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السلطات السورية إلى وقف الهجمات التي تستهدف المدنيين. وقالت الناطقة باسمه مارتن نسيركي: إنّ بان طالب أيضًا "بالإفراج عن كل السجناء السياسيين والموقوفين لمشاركتهم في تظاهرات الاحتجاج"، مضيفًا أنّ "العنف غير مقبول ويجب وقفه فورًا" داعيًا السلطات السورية إلى إجراء "إصلاحات طموحة" لتلبية مطالب الشعب.