يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يمكن قلب نظام مسلح بأكوام من الكتب والأوراق ..؟
نشر في الحوار نت يوم 29 - 11 - 2009

زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي ل «العرب»:
كيف يمكن قلب نظام مسلح بأكوام من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟
2009-11-29
أجرى الحوار- نورالدين قلالة
وصف زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت مؤخرا في تونس ب «المهزلة»، مؤكدا أن النهضة قاطعت هذا الموعد الانتخابي حتى تنأى بنفسها عن المشاركة فيما أسمته ب «حفلة تنكرية تهين كرامة الشعب التونسي وذكاءه». كما قال الغنوشي في حوار مطول مع «العرب» إن تونس حظيت بأطول تقارير منظمة العفو الدولية في قضايا حقوق الإنسان وممارسة التعذيب، نافيا في الوقت ذاته الاتهامات التي توجهها السلطات التونسية لحركته بأنها حركة إرهابية، متسائلا: كيف يمكن لحركته أن تقلب نظاما مسلحا بأكوام من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟ وهل يمكن أن تظل في تونس سياحة لو أن النهضة اعتمدت نهج العنف؟ وقال زعيم «النهضة» إن مؤسسات الإسلام في تونس صودرت منذ فجر «الاستقلال». كما تحدث الغنوشي في هذه المقابلة عن الأوضاع والقضايا في بعض الدول الإسلامية كمصر والجزائر وإيران. وفيما يلي نص الحوار..
** قاطعت حركة "النهضة" الإسلامية الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة التي جرت في تونس وفاز بها الحزب الحاكم والرئيس بن علي. كيف تقاطعون انتخابات لا تستطيعون أن تكونوا أصلا طرفا فاعلا فيها بحكم أنكم "حزب محظور"؟
بسم الله الرحمن الرحيم، أحيي جريدة "العرب" الغراء مقدرا جهدها المثابر في خدمة قضايا العرب والمسلمين، والدفاع عن المظلومين، وتنوير الرأي العام بالخبر الأمين والتحليل الرصين، حول ما يجري في المنطقة والعالم، ومنه القطر التونسي المبتلى بدكتاتورية مغلفة -دون إتقان- بحداثة مغشوشة، أخذت ثورة الإعلام تزيح عنها اللثام.
أما ما يتعلق بسؤالك، فقد أفسدت الدكتاتوريات في منطقتنا كل شيء، بدءا باللغة التي لم يعد في استعمالهم لها ما تشير إليه مما يطابقها في الواقع، بل على الضد من ذلك تشير إلى عكس مدلولاتها، ومن ذلك نسفهم للقاموس السياسي، ومنه القاموس الديمقراطي، من مثل "حكم المؤسسات، وفصل السلطات، ودولة القانون والدستور، والانتخابات، والمسؤولية، والشفافية، واستقلال القضاء، وحقوق الإنسان..الخ"، فليس من ذلك شيء له مدلول مطابق في الواقع، بل المدلول ينطبق على عكس الدال بالتمام، لدرجة أنه بقدر ما أجمعت المنظمات الحقوقية المعتبرة المحلية والدولية بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على إدانة الملف الحقوقي التونسي بالتعذيب المنهجي إلى حد القتل والإعاقات المزمنة، تعذيبا يجد -حسب تعبير "أمنستي" المنظمة الحقوقية العلمانية المعتبرة- الدعم من أعلى هرم السلطة، حتى حظيت تونس بأطول تقارير منظمة العفو الدولية -حسب تعبير حازم صاغية- بقدر ما أمعنت هذه السلطة في تتويج نفسها بتاج حقوق الإنسان، حتى أنها أمرت بتدريس الإعلان العالمي في المدارس، بل وتعليقه على أبواب السجون ومراكز الأمن، بينما باطنها يُسلخ فيه الأحرار. فعن أي انتخابات يمكن الحديث الجاد عنها في ظل مثل هذه السلطة؟ هل يصدق أحد به مُسكة من حجى أن تظل نسبة التأييد الشعبي لبشر خلال أكثر من عقدين لم تكد تنزل عن %90 حتى لو كان نبيا؟ وكيف تعد انتخابات بمعنى اختيار شعبي حر بين مُمْكنات، والحال أن صاحب السلطة يتولى في كل "سباق" تغيير القانون بما يقصي المرشحين الأكفاء مثل الشابي وابن جعفر والمرزوقي والهمامي والصادق شورو وحمادي الجبالي وغيرهم؟ هل يعد سباقا والفائز فيه فارس ذاك الذي يقصى منه الفرسان الأكفاء والخيول العتاق، حتى لا يبقى من مسابق غير العرجاء والنطيحة وما أكل السبع؟!
أما دعوتنا لمقاطعة هذه المهزلة فليس لأننا حرمنا من المشاركة، بل لأننا نربأ بأنفسنا أن نشارك في حفلة تنكرية تهين كرامة شعبنا وذكاءه. لقد كان يسعنا أن نزكي لدى شعبنا جهة من الجهات المشاركة لو كان في العملية حد أدنى من المصداقية، ولقد سبق لنا أن فعلنا ذلك في أول انتخابات "تعددية" سنة 1981، إذ طلب منا يومئذ صديقنا الزعيم الأستاذ أحمد المستيري رئيس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، بينما كانت رحى السلطة تدور علينا ونساق إلى محاكم ظالمة -كما سيق ولا يزال كل معارض جاد- فأوعزنا إلى أنصارنا أن يدعموه ففعلوا وحقق فوزا ساحقا، إلا أن حليمة عادت إلى عادتها القديمة، فزورت النتائج لصالح الحزب الحاكم، كما فعلت معنا في أول انتخابات نظمها ابن علي سنة 1989 حيث شاركنا بقوائم مستقلة حققت اكتساحا واسعا للساحة، فلم يتردد عهد التغيير والوعد بالديمقراطية في السير على خطى أسلافه منذ بداية "الاستقلال" معترفا لقوائمنا بحوالي %20 فقط، وهو ما جعلها باعترافه زعيمة المعارضة، بينما مجموع الأحزاب الأخرى المشاركة لم تتجاوز مجتمعة %3. وما تعرضت له النهضة بعد ذلك من أهوال لم يكن سوى نتيجة لذلك الفوز الكاسح. هكذا الفوز في الانتخابات يقود أصحابه -حيث للغة مصداقية- إلى سدة الحكم، بينما يقود حيث تفرغ اللغة من محتوياتها إلى المشانق. وهو الدرس الذي تعلمته وحرصت على إبلاغه لكل إخواني في الحركات الإسلامية: أنكم إذا عزمتم على المشاركة في الانتخابات وكنتم حريصين على السلامة ومواصلة عملكم ولو بالحد الأدنى، ففروا من النجاح الكاسح فراركم من حيوان مفترس.. فصاروا إذا شاركوا حجّموا مشاركتهم إلى الربع أو الخمس أو أقل من ذلك.
** أنتم "حركة إرهابية" في نظر السلطة، وبالتالي من المستحيل السماح لكم بالنشاط السياسي؟
إذا كان المقصود بالإرهاب -رغم أن كبار الوالغين فيه ظلوا مصرين على رفض تعريفه- ترويع الآمنين بالعدوان على أرواحهم أو أموالهم أو أراضيهم، أو مصادرة حرياتهم، أو التنكيل بهم، أو التهديد بذلك، ففعله كله أو بعضه هو الإرهاب. ونحن حركة فكرية سياسية تنطلق من فقه إسلامي استقر عليه جمهور فقهاء أهل السنة، فقه يحظر التقاتل بين المسلمين، ويقصر الجهاد القتالي على دفع العدوان عن دار الإسلام، واستتباب السلم داخلها، فقه يعتمد في إصلاح ما ينجم من منكرات الحكام والمحكومين داخل الأمة -مهما عظمت- على الأساليب السلمية التي تتدرج من الموعظة الحسنة إلى المقاطعة إلى تحشيد الجماهير بزعامة نخبها للضغط سلميا على مقترفي المنكرات وحملهم على التخلي عنها، أو حملهم بذلك على التنحي. ونحن نعتز بما وفقنا الله إليه أننا من السابقين في عصرنا إلى الدعوة لهذا النهج السلمي الديمقراطي والتأصيل له والدعوة إليه في أوساطنا وفي أوساط الحركة الإسلامية في العالم، تشهد على ذلك منشوراتنا وبياناتنا وكتبنا ومسالكنا. ذلك أن العنف ليس مجرد ممارسة في الخفاء، إنه ثقافة قبل كل شيء، تصوغ شخصية المقاتل صياغة معينة تحمله على الإقدام مطمئنا على سفك الدماء وبذل نفسه وماله طيعا في ذلك. فمن يصدق أن حركة تتبنى العنف نهجا لها تدأب في كل منشوراتها على التأصيل لمنهج سلمي مضاد وتبذل الوسع في نشره؟! إن للناس عقولا فاحترموها..
إن دأب السلطة على تجريم معارضيها الأكفاء بالعنف والإرهاب لم يبدأ مع النهضة، وإنما بدأ صبيحة "الاستقلال"، فاتُّهم اليوسفيون -وهم رفاق الدرب لبورقيبة- بالإرهاب، واتهم اليساريون والنقابيون والقوميون والشيوعيون، حتى إذا صعد التيار الإسلامي استجابة لشعور الناس بالخطر على دينهم، استدارت له ماكينة القمع بكل بطشها منذ 1981 حتى اليوم؛ بسبب تصديه لنهج الدولة في سلخ الشعب عن هويته وفرض الكفر والتغرب عليه فرضا. فمنذ فجر "الاستقلال" صودرت مؤسسات الإسلام مثل جامع الزيتونة والأوقاف والقضاء الشرعي واللغة العربية، وانتهكت حرمة الصيام جهارا من قبل الرئيس السابق، ومزق الحجاب على المنصة، ووضعت اليد على المساجد، وتعرض القرآن الكريم ومعجزات الأنبياء للسخرية من قبل أعلى سلطة في الدولة، وتم الترخيص للخمارات والمواخير، وأعفي الزنى بالتراضي من التجريم، ناهيك من استباحة أموال الناس وأعراضهم ودمائهم، وتكميم أفواههم وتزييف إرادتهم في انتخابات مزورة، وسيق عشرات الآلاف من الأحرار من كل الاتجاهات -وبخاصة من دعاة الإسلام- إلى مسالخ التعذيب والمحاكم المزيفة، فضلا عن التجويع بالطرد من الوظائف ومصادرة الأموال، فماذا يمكن أن يدعي فاعل ذلك؟ وهل لو أن ضحاياه رفعوا السلاح في وجهه، أما يكون سلوكهم مفهوما؟ وهو ما فعلته مجموعات ذات توجهات مختلفة نظرت له. أما النهضة فرغم أن حظها من القمع فاق أي حركة أخرى بسبب حجمها حتى بلغ شهداؤها المائة رحمهم الله، فإنها كظمت غيظها واعتصمت بالصبر والمصابرة، حتى أن محاكمات النهضة بالإرهاب والانقلابات تحولت إلى مناسبات للتندر: كيف يمكن قلب نظام مدجج بحوالي 200 ألف حامل سلاح، ومن ورائه حزب أعضاؤه بالملايين، كيف يمكن قلبه بمحجوزات لا تعدو أكواما من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟ وهل يمكن أن تظل في تونس سياحة لو أن حركة كبيرة كالنهضة اعتمدت نهج العنف؟ نحن رفضنا ونكرر رفضنا للعنف سبيلا لفض الاختلافات الفكرية والسياسية، أو سبيلا للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها. وحتى بعض الجماعات من غير النهضة التي مارست قدرا ضئيلا من العنف لا يعد شيئا أمام ما دأبت عليه السلطة منذ الاستقلال، وبخاصة في العهد الأخير من عنف منظم منهجي ضد كل صوت حر. واسألوا المنظمات الحقوقية الإنسانية، واسألوا المحاكم الأوروبية التي تعمل في دول علمانية مشهود لقضائها بالاستقلال، هل جرمت بالإرهاب عضوا واحدا من بين حوالي ألفين من مهاجري النهضة؟ كلا بل متعهم بحق الإقامة، بل بالجنسية، رغم دأب السلطة -شأن سلطة قريش- في ملاحقة من هاجر إلى الحبشة على تجريمهم، ومعلوم أنه لا حق في اللجوء السياسي لمن يتبنى العنف نهجا وفكرا. بل إن كل صحيفة في الغرب غررت بها السلطة فاتهمتنا بالعنف رفعنا أمرها إلى القضاء، فحكم لنا ضدها وغرمها مئات الآلاف من الجنيهات واليوروات لصالحنا.
** في مصر هناك أكثر من 80 نائبا لحركة الإخوان في البرلمان، لكنهم مصنفون في خانة "المستقلين"، ألم تفكروا في خوض الانتخابات على هذا النحو؟
على ما بين النظامين المصري والتونسي من تشابه من فردية وبوليسية وطبيعة عائلية، فالاختلاف بينهما واسع من حيث المساحة التي تمكن كلا من المجتمعين انتزاعها من دولته التي يعالجها. وواضح أن المجتمع المصري قطع في ذلك شوطا أبعد، فهو أجرأ على فرعونه بما لا يكاد يكون له سابقة مع أسلافه. صحيح أن الحركة الإسلامية في كل من القطرين "محظورة"، وهي الهدف الرئيسي لمؤسسات القمع، ولكن في زمنين مختلفين. إسلاميو تونس هم في زمن مصري ناصري من حيث العلاقة مع الإسلاميين (الخمسينيات والستينيات)، الإخوان اليوم محظورون قانونا، ولكنهم واقعا المعارضة الأكبر للسلطة، وكتلتهم في البرلمان تقود المعارضة، ولهم مقراتهم ونفوذهم الواسع في مؤسسات المجتمع الأهلي، رغم الوجود المستمر لعشرات من الإخوان المصريين في مضافات الجمهورية. وهكذا، فهناك ما لا يقل عن ثلث قرن فرقا بين زمني مصر وتونس. إسلاميو تونس بالكاد خرجوا من مرحلة تحدي البقاء والوجود مستأنفين حضورهم ببطء تحت الشمس. وكلما نطق أحدهم بكلمة إلى وسيلة إعلامية مهما كانت لينة، أو حاول تلبية دعوة من حزب معارض رسمي لإلقاء كلمة إلا وتصدت له أجهزة القمع ووجهت له التهديد والوعيد. إذن يجب على قرائكم الكرام في المشرق أن يتنبهوا للفروق الأساسية بين الحالتين المصرية والتونسية، ولئن كان منهاج الإسلاميين هنا وهناك متشابها من حيث الالتزام بالمنهج السلمي الوسطي، فإن فرص الإسلاميين التونسيين في المشاركة السياسية الرسمية هي اليوم معدومة خلافا لمثيلتها المصرية. ولكن الثابت أن مستقبل الحزب الحاكم وراءه، بينما مستقبل النهضة أمامها زاهر بإذن الله تعالى.
** السلطات التونسية تنفي وجودكم السياسي، فماذا بشأن وجودكم الاجتماعي؟ وعلى أي أساس تقيمون قوة الحركة في المجتمع التونسي؟
السلطة التونسية سلطة فردية غاشمة، لم تعترف منذ نشأتها بشعب تونسي، الأصل أن تكون خادمة له معبرة عن إرادته، إلا أنها بحكم تغربها وفرديتها ودكتاتوريتها كان رهانها دائما التسلط عليه وتفكيك مقومات شخصيته العربية الإسلامية. وحتى عندما "اعترفت" في ظروف من اختناقها بالتنازل عن سياسة الحزب الواحد والقبول بالنظام التعددي، فقد كان تنازلا شكليا، إذ ظلت رافضة للاعتراف بالتجمعات السياسية الحقيقية التي أفرزها المجتمع التونسي، مصرة على احتفاظها بحقها دون منازع في أن تهب شهادات الميلاد لمجموعات صغيرة كثيرا ما اصطنعتها اصطناعا، بينما تسلم شهادات وفاة لقوى سياسية أفرزتها حركة المجتمع التونسي تنتمي لتيارات مختلفة، عروبية وشيوعية وإسلامية، هلعا من المنافسة وإصرارا على الاحتفاظ بديكور سياسي ديمقراطي، يختار فيه الرئيس بحرية كاملة الأحزاب والشخصيات التي ستنافسه وقانون اللعبة. وفي غياب صناديق اقتراع شفافة وتنافس سياسي جاد بلا إقصاء، لا يمكن أن نصدق شيئا مما تعلنه السلطة من أرقام سواء في المستوى السياسي أو الاقتصادي. ويكفي شاهدا على طبيعة الغش في كل ذلك ما تفرضه السلطة من تكميم لأفواه الصحافيين وقمع لهم، وحظر للمراسلين الأجانب من غربيين وعرب، و "الجزيرة" شاهد على قطع العلاقات مع قطر بسبب فرص قليلة منحت لمعارضين. كما فشل تفاوضها لاعتماد مراسل في تونس.
** ولكن ماذا يمثل أنصار الحركة في صفوف الشعب التونسي؟
ما الدليل على أن النهضة بعد الأهوال التي سلطت عليها لا تزال موجودة؟ لو أن أحدا صدق أن النهضة التي حصلت منذ 20 سنة على حوالي %20 -وهو الحد الأدنى الذي اعترفت به السلطة والحقيقة أنها حصلت على الأغلبية- قد أجهز عليها القمع نهائيا، فلماذا يظل القمع يلاحقها؟ ولماذا لا يوكل أمر هذا الكيان الميت لحكم الشعب؟ والسؤال ذاته يثار في حق بقية الأحزاب المحظورة، لماذا لا تترك السلطة أمر دفنها للشعب؟ لم تحرص هي على أن تفعل ذلك؟ نحن نزعم أننا وحلفاءنا من الأحزاب الملتقية في حركة 18 أكتوبر (6 أحزاب) الأكثر تمثيلا لأوسع القطاعات الشعبية، فلم لا يقبل الحزب الذي لا يزال يحصل على أكثر من %90 في "الانتخابات" التي ترتبها الأجهزة الأمنية التحدي؟ نحن نزعم أنه يطاردنا لا بسبب ضعفنا وفنائنا، وإنما بسبب يقينه أننا الحقيقة الأعمق في ضمير شعبنا والتي عليها الطلب الأعظم الذي فشلت كل ماكينة القمع في الوصول إليه وتجفيف ينابيعه، فعبر عن نفسه في صحوة أوسع وأعظم هي مستقبل البلاد وأملها في حياة حرة كريمة.
** عديد من الأنظمة وحتى بعض الشعوب أصبحت تخشى من الأحزاب الإسلامية بالنظر إلى ما حدث في الجزائر ومصر وأفغانستان وغيرها من الدول، هل تشعرون أنكم مختلفون؟ وهل ستكونون أكثر ديمقراطية من غيركم إذا ما تسنى لكم الوصول للحكم أو على الأقل المشاركة فيه؟
لئن كانت الحركات الإسلامية تلتقي في المرجعية الإسلامية فهي تختلف سياساتها من قطر لآخر باختلاف ظروفها وفهومها. فينبغي تجنب التعميم، أما عن المثال الجزائري الذي أشرت إليه فإن إسلاميي الجزائر ممثلين بأعظم حركاتهم، أعني الجبهة الإسلامية للإنقاذ، هم مثل حركة حماس مظلومون، فقد فازوا في انتخابات ديمقراطية شهد لها الخصوم، إلا أنه بتشجيع من أعداء الإسلام تم التنكر لحق كل من الحركتين، فاجتمعت كلمة القوى الدولية وأتباعها المحليين على إقصائهما بكل الوسائل المتاحة، فخرجت في الجزائر الدبابات تسحق صناديق الاقتراع وتتحدى إرادة الشعب، زاجة بحكام الجزائر الشرعيين في غياهب السجون، وفاتحة على الوضع الجزائري كله أبواب الجحيم، بما أتاح الفرصة أمام قوى الاستئصال من كل منزع، رسمي وشعبي محلي وإقليمي ودولي، لأن ترمي بحطبها في النيران الملتهبة، بما شوه صورة الإسلام والإسلاميين، وقدم مبررات للمزيد من التسلط على الشعب والتحكم في ثرواته وتأبيد إقصاء الجبهة المظلومة.
وماذا فعل إخوان مصر حتى يكرههم الناس غير أنهم دأبوا على الدفاع عن حقوق الناس وتقديم الخدمات لهم، والوقوف في وجه سلطة غاشمة فاسدة متذيلة للقوى الدولية مطبعة مع العدو، متخلية عن دور مصر التاريخي العظيم في قيادة المنطقة. الثابت أنهم القوة الأعظم في مصر، دليل ذلك الانتخابات التي جرت في أكبر النقابات: الأطباء والمهندسين والمحامين وهيئات التدريس واتحادات الطلبة. ومعنى ذلك أن أوسع قطاعات النخبة المصرية قد ارتحلت في اتجاه الإسلام والحركة الإسلامية. ولا يختلف الحال عن هذا في معظم بلاد الإسلام، بما يؤكد أن الحركة الإسلامية قد كسبت معركة الرأي العام، وهو أمر مهم جدا، وهي في بلاد مشاركة في الحكم بحجمها أو أقل، وفي بلاد أخرى حاكمة، وفي البقية لا يمنعها من ذلك غير القمع، ولن يدوم، فهي بإذن الله حاكمة غير بعيد أو مشاركة في كل بلاد العرب والمسلمين وفي الكثير من بلاد الأقليات الإسلامية ذاتها. ومن خلال الممارسة ستطور فكرها وبرامجها ومناهجها. والنهضة جزء من هذا المسار التاريخي التطوري، نحسبنا في طليعته إن شاء الله.
** تتحدثون في خطابكم السياسي عن الانغلاق السياسي، واستمرار الاعتداءات والمضايقات على الأحزاب والجمعيات والصحف، لكن السلطات التونسية تنفي كل هذه الاتهامات، هل لديكم أدلة على هذه المواقف؟
في المثل: "يمكن لك أن تكذب مرة واحدة على شخص واحد، ويمكن لك أن تكذب على الكثيرين مرة واحدة، ولكنك لا يمكنك أن تكذب على كل الناس في كل الأوقات". منذ أكثر من نصف قرن والبلاد تحكم من حزب واحد ظل يحصل ورئيسه دون انقطاع على أكثر من %90، حتى قرر أن يوزع كوتاً من المقاعد والأصوات على أحزاب قزمية ورؤسائها، اصطنعها، حاجبا بالقوة غيرها، فهل هذا حزب من الملائكة حتى يتوقى سُنّة معروفة في أن السلطة مفسدة؟ ولماذا إذن تداولت القمع والسجون والتعذيب والمنافي كل الاتجاهات السياسية في البلاد ولا يزال الرئيس السابق للنهضة أستاذ كلية الطب د.صادق شورو في غياهب السجون منذ عقدين، إلى آلاف من المعارضين معظمهم من الشباب الإسلامي في غياهب السجون؟
أدعوكم فقط إلى قراءة تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، ومنها المنظمة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة والتي وجهت للسلطة تهم التعذيب لمعارضيها حتى القتل. هل كلهم متآمرون على السلطة لصالح معارضيها؟ ألا يكفي الاحتفاظ بالسلطة دون انقطاع أزيد من نصف قرن والفوز بالنسب التسعينية في كل الانتخابات علامة ثابتة على نوعية هذه السلطة وماركة مسجلة لا تختلط بغيرها؟
** ملاحقتكم أمنيا من طرف السلطة التونسية امتدت إلى ما يقرب 20 عاما، ما عطل وتيرة الحوار بين التيار الإسلامي والتيارات العلمانية. هل هناك تنسيق من أي نوع مع التيارات المختلفة داخل تونس؟ مع حركة "التجديد" اليسارية مثلا التي قال مرشحها للرئاسة أحمد إبراهيم إنه لن يترك الميدان فارغا من المعارضة الجدية رغم كل تضييقات السلطة؟
نعم هناك بدايات تنسيق بيننا وبين أوسع قطاع من الأحزاب والهيئات والشخصيات المعارضة المنضوية من كل الاتجاهات في تجمع 18 أكتوبر. وبعضهم أراد أن يشارك في المنافسة الرئاسية، فتم تكييف القانون الانتخابي بما يضمن إقصاؤه. أما الانتخابات النيابية فقد شارك فيها بعضهم، إلا أنه تم إقصاؤهم أيضا، بما شهد على أن خيار المشاركة في ظل غياب الحد الأدنى من شروط انتخابات حرة هو نوع من المشاركة في حفلة تنكرية وتقديم الشرعية لأوضاع قائمة على الغش والزيف. ورغم أنه صحيح أن إقصاء النهضة باعتبارها زعيمة المعارضة بشهادة السلطة في أول انتخابات اختبارية نظمها ابن علي 1989، أدخل البلاد في بحر من الظلم والفساد لم تخرج منه، إلا أن الأمر أكبر من كونه إقصاء لشخص أو لحزب؛ لأنه يتعلق بالتسلط الدائم -قبل وبعد تلك الواقعة- على إرادة شعب بكامله وحرمانه من حقوقه أن يختار بحرية بم وبمن يحكم.
** قررتم ترك منصب قيادة "النهضة" في المدى المنظور، هل ترون أن هنالك من يستطيع خلافتكم في المنصب؟
رغم أهمية الأشخاص في الحركات فإن الأهمية تبقى للمشروع. النهضة مشروع إصلاحي إسلامي كما قدمنا تبلور عبر الكفاح خلال ثلاثة عقود من الذود عن الهوية الإسلامية العربية لتونس، وانطلاقا من مرجعيتها لتحديث البلد والاندراج به مجددا ضمن سياقه الحضاري العربي-الإسلامي، بما يحقق عزته ورفاهه، هذا المشروع ليس مرتبطا بشخصي، هو بسبيله إلى أن يشكل مسارا عاما هو أكبر من أي حزب، بل أكبر من القطر ذاته. هو مسار تاريخي يعبر عن تطور تاريخي لأمتنا.
** ألا تعتقدون أن قرار ترككم لقيادة "النهضة" قد يكون بوابة للتفاهم مع نظام الحكم القائم في تونس؟
كنا ولا نزال دعاة مصالحة بين الدولة ومجتمعها وقواه الحية دون استثناء ولا إقصاء، ولكن السلطة التي حكمت البلاد هي التي لا تزال ترفض كل نداءاتنا وغيرنا للإصلاح وللمصالحة، ولا تبدي أي مؤشر على استعدادها للنزول من شجرة الزقوم (الدكتاتورية والإنفراد) إلى أرض الواقع والاعتراف بمكوناته على ما هي عليه. ولو أنها فعلت ذلك لوجدت منا ومن غيرنا كل الترحيب والاستعداد للعفو عما سلف، وإذن فما تكون هناك حاجة لإقصاء زيد أو عمرو من هذا الحزب أو ذاك، رشوة أو لقمة تلقى في فوهة الأسد حتى يسكن غضبه. كلنا ماضون، فما ترانا تاركين وراءنا وآخذين معنا؟
** أليس غريبا أن تكون إحدى أكثر الحركات الإسلامية الموصوفة بالانفتاح والعقلانية غير قادرة على التفاهم مع نظام حكم يصف نفسه هو الآخر بالعقلانية؟
لا لا غرابة في الأمر، لو عرف السبب زال العجب، لو كان للسائل الكريم حد أدنى من العلم بالواقع المرير الذي يعيشه شعب تونس وأمثاله منذ زهاء قرنين، أعني منذ بدأ النفوذ الأجنبي يتسرب إليه: سيطرة على موارده وإفسادا لنخبته وتغريبا واستلحاقا لها، بما مهد للاحتلال، قاطعا الطريق عن مشروع إصلاحي إسلامي كان يستهدف نهوض البلاد والحيلولة دون الاحتلال، فتكثف في ظل الاحتلال عمل الاستلحاق والتغريب، ورغم أن الإصلاح الإسلامي استأنف في ظل الاحتلال دوره الإحيائي فأثمر إصلاحا تعليميا ونهضة أدبية وعلمية تبلورت في حركة سياسية وطنية تناضل من أجل الاستقلال، ورغم أنها نجحت بعد تضحيات جسام، فإن الاختراق لبنية المجتمع كان قد تم، إذ انشقت النخبة لأول مرة في تاريخ البلاد بين تيار عربي إسلامي قبلته إلى المشرق وبين تيار تغريبي قبلته الغرب، وتدخل الاحتلال مرجحا كفة الذين تربوا في أحضانه حتى وإن عارضوه سياسيا ليستأمنهم على البلاد، فقامت دولة الاستقلال حاملة رسالة تفكيك لمقومات الشخصية العربية للبلاد وفصم عراها عن جذورها المشرقية لربطها بقوة الدولة بما وراء البحار. ولا يزال هذا محورا أساسيا من محاور الصراع، إلى جانب المحور الاجتماعي والسياسي، فاجتمع في نخبة الدولة تغرب ودكتاتورية وانحياز إلى أصحاب المصالح وتنكب عن المشرق، فأي عقلنة يتحدث عنها السائل الكريم؟ إن ما تعيشه البلاد من صراع على كل المستويات الحضارية والاجتماعية والسياسية هو استمرار مستفحل لمعركة الأمة منذ قرنين مع ميزان القوة الدولي، وما هو بالأمر العرضي العابر. التغرب والدكتاتورية صنوان، العنف هو النقيض للسياسة والعقلانية.
** هل تعتقدون في إمكانية أن تلعب الدول الأوروبية دورا مؤثرا على صعيد حلحلة الوضع الديمقراطي في عالمنا العربي؟
لا أرى ذلك، لأوروبا والغرب عامة مصالح في منطقتنا هي أحرص عليها من كل مبدأ آخر. لا شك أنها تود لو ترى فينا صورة تشبهها في ديمقراطيتها، ولكن بشرط ضمان مصالحها، لقد ساعد غرب أوروبا شرقها على التحول الديمقراطي، فلم لم يساعد شمال المتوسط جاره الجنوبي على ذلك؟ السبب واضح أن الديمقراطية في شرق أوروبا أطاحت بأنظمة معادية وجاءت بأنظمة موالية، بينما الاختبارات الديمقراطية الأولية في منطقتنا أفرزت أوضاعا ليست منسجمة مع مصالح الغرب. في فلسطين أفرزت حماس، وفي الجزائر ومصر وتونس لو مضت الأمور في طريقها فمن الواضح أنها ستغير الأوضاع بشكل لا يتحمله الغرب.
وحتى المسحة الإسلامية الخفيفة لحزب العدالة التركي الحاكم في ظل نظام علماني أطلسي غدت باعث قلق غربي. فمن التوهم تصور ترحيب غربي بعالم إسلامي وبخاصة عربي محكوم بالإسلام والإسلاميين، ولكن الغرب ليس إلهاً يقول للشيء كن فيكون، كثير مما يحصل في العالم لم يتوقعه الغرب ويعاني منه معاناة شديدة، يرفضه اليوم لكن إذا صمد فيمكن أن يعترف به غدا ويتعامل معه، الغرب يكره الإسلام ولكنه عقلاني وواقعي، له مصالح حريص كل الحرص على تحقيقها -وذلك أيسر- مع أتباعه في عالم الإسلام، ولكن إذا حل محلهم غيرهم وفرضوا أنفسهم ولو كانوا من أشد أعدائه فسيتحاور معهم نهاية، كما يفعل اليوم مع إيران ويفكر فعله حتى مع طالبان؛ لضمان مصالح له في بلاد الإسلام لا يمكن له الاستغناء عنها، وما يمكن للإسلاميين أنفسهم أن يستغنوا عنه أيضا. وإذن فأوروبا وهي الأبعد من الولايات المتحدة في علاقتها بالإسلام، بحكم الإرث التاريخي والقرب الجغرافي والتنافس، لا ينتظر منها حلحلة ديمقراطية في المنطقة لاسيما وملامح الوليد إسلامية، ولكنها ستتعامل معه إذا فرض نفسه وأثبت جدارته.
** كيف تشعرون إزاء كونكم واحدا من قلة قليلة من قادة المشروع الإسلامي قررت ترك المنصب الأول بهدوء ودونما ضغط من المناضلين؟
أشعر بالارتياح من نواح عدة، منها التدليل العملي على أن النموذج الإسلامي رغم أنه وريث لقرون طويلة من الحكم الوراثي الملكي فإنه أقرب إلى الحداثة السياسية من الأنظمة الحاكمة التي صدعت رؤوسنا تبجحا بالحداثة والعصرنة، ومع ذلك فكلها تقريبا مشغولة بهمّ التوريث، ولا يترك أحدهم السلطة وفي صدره بقية من نفس. ولا يتركها إلا لذي قربى، بينما قادة الحركة الإسلامية، الممثلون الحقيقيون للحداثة الأصيلة وليست المغشوشة، قد تركوا في جماعاتهم السلطة وهم في تمام شعبيتهم وصحتهم مثل أبي الأعلى المودودي، ونجم الدين أربكان، ومحمد مهدي عاكف، والدكتور الريسوني في حركة التوحيد والإصلاح المغربية، والدكتور سعد الدين العثماني في العدالة والتنمية المغربي، وفتحي يكن، والقاضي حسين أحمد، والبروفيسور غلام أعظم، والزعيم الطيب رجب أردوغان الذي أعلن أنه لن يعيد ترشحه، بينما هو في عز النصر وتمام الصحة. هذه نماذجنا فليأت شانئنا بمثلهم.
** بين نماذج الترابي وأسامة بن لادن ومحفوظ نحناح رحمه الله، أي النماذج ترونها مناسبة لتحقيق المشروع الإسلامي؟
كل يؤخذ منه ويرد.
** هل بن لادن في نظركم مجاهد أم إرهابي؟
لعل الشيخ قد طلب الحق فأخطأ طريقه.
** كيف ترون مستقبل الحكم في تونس باعتبار عدم وجود شخصيات راجحة يمكن لها أن تخلف بن علي؟
تونس ليست محرومة من الكفاءات العالية، ولكن الدكتاتورية حرمت منها المجتمع. وعلى التونسيين وأمثالهم من العرب المكتوين بنار الاستبداد أن يتناسوا إلى حين كل مشاكلهم الأخرى؛ ليتفرغوا صفا واحدا لمواجهة هذا الداء الوبيل الذي جعلهم -رغم ضخامة مواردهم- في ذيل أمم المعمور، فإن لم يفعلوا ذلك فسيزداد وضعهم سوءا، وسينتقل ما تبقى من دولهم قائما إلى دول فاشلة ومنهارة ومفلسة ومعرضة للاحتلال أو المجاعات، ومنها تونس للأسف. حصاد الدكتاتورية لا يمكن إلا أن يكون زقوما مهما بدا الأمر إلى حين على غير ذلك.
** لو قدر لكم المشاركة في الانتخابات المقبلة، هل سيترشح الشيخ راشد الغنوشي للرئاسة في تونس؟
من حق كل حزب أن يكون له مرشحه للرئاسة أو لأي موقع في الدولة يستحقه، بل ذلك حق لكل مواطن إن لم يكن واجبا شرعيا. والنهضة هي الحزب الأهم في البلاد بعدما شبع الحزب الحاكم شيخوخة وفسادا، فمن حقها بل قد يكون من واجبها أن تحكم أو تشارك أحزابا أخرى، إلا أن مثل هذا الحديث سابق لأوانه، ففي ظل الدكتاتورية لا حديث جادا ومشروعا غير العمل على تنحيتها ورد السلطة إلى صاحبها الأصلي: الشعب، ليختار حكامه وبما يحكمون.
** هل لديكم تفسير لما يحدث حاليا من انقسام بين الفلسطينيين؟ وهل تعتقدون أن التفاوض مع إسرائيل يمكن أن يقود إلى تسوية، أم أنكم ترفعون راية الجهاد ضد الاحتلال؟
الانقسام في فلسطين بين قوى المقاومة ممثلة بحماس وقوى التطبيع والمساومة بقيادة عباس هو الأمر الطبيعي والمحتم، بل الإيجابي، وإلا لحكمنا على شعب فلسطين كله بالموات والانقراض على غرار ما آل إليه أمر الهنود الحمر، وليس مستوطنو اليهود بأقل شرا وسوء من المستوطنين الأوروبيين الذين احتلوا أرض الهنود الحمر ليطبقوا شعارهم الأثير: أرض بلا شعب. ولقد أثبت عقدان من المفاوضات التي لا تنتهي أنها لم تسترجع شبرا واحدا من الأرض للفلسطينيين فيه سيادة، بينما حررت المقاومة الجنوب اللبناني تحريرا شبه كامل، وحررت المقاومة تحريرا نسبيا قطاع غزة لدرجة أن العدو من أجل الدخول إليه يضطر لإعلان حرب شاملة يخوضها بكل عنجهيته ثم يرتد عنها حسيرا خاسئا، بينما هو يسرح ويمرح في الضفة الغربية ويقيم فيها الحواجز ويقطع أوصالها ويتجول في أرجائها، يعتقل أو يقتل من يشاء أمام سمع وبصر عشرات الآلاف مما يسمى «الأمن الفلسطيني « و «السلطة الفلسطينية»، بل رئيس هذه السلطة المعرة لا يخجل من نفسه إذ ينتظر إذنا من سلطة الاحتلال حتى ينتقل داخلا أو خارجا. عقدان من المفاوضات البائسة أثبتا لمن يحتاج إلى إثبات أن الجهاد وحده السبيل لتحرير الأوطان من الاحتلال، تلك تجربة أمتنا وبقية أمم الأرض وقوانين الأرض والسماء، فهل يستثنى من ذلك قوم أوسلو؟ إن «سلطة» تحت الاحتلال هي سلطة لا على الأرض، فتلك سلطة المحتل، بل هي سلطة تستمد شرعيتها لا من شعبها بل من المحتل، لضبط الشعب نيابة عن الاحتلال بسلبه الحق والقدرة على المقاومة، فأي لعنة حلت بشعب فلسطين المقاوم من هذه السلطة؟ لعنة حولت أكبر وأغنى حركة مقاومة في المشرق كله إلى سلسلة معقدة من أجهزة القمع والاستخبارات تعمل ليل نهار إلى جانب المحتل لإجهاض كل محاولة لمقاومة الاحتلال.
** هل تعتقد أن إيران تشكل خطرا على العرب والمسلمين أكبر من الخطر الذي تشكله إسرائيل، وما موقفكم من الصراع الإيراني مع الغرب فيما يتعلق بامتلاك النووي؟
للأسف لا يزال العرب الرسميون في معظمهم يكررون ما دأب على اقترافه ملوك الطوائف في الأندلس وعدد من الإمارات في المشرق العربي التي والت أعداء الأمة، فحاربت في صف العدو جهات إسلامية، بما وفر له الفرصة للإجهاز على الجميع، وفي العقد الثاني من القرن الماضي كرر عرب آخرون القصة نفسها، فوقف من يسمون بالأشراف حكام الحجاز يومئذ إلى جانب البريطانيين في حربهم على الأتراك، مخدوعين بوعد كاذب بإمبراطورية عربية بديلا على الخلافة العثمانية التي تمردوا عليها وحاربوها تحت لواء بريطاني، حتى أجلوا جيوشها من بلاد العرب ومنها فلسطين، لتقع هذه تحت الانتداب البريطاني. وتحت حمايته ومساعدته بدأت الهجرات اليهودية، وبدأ زرع السرطان في قلب الأمة. لم يبرأ العرب من داء الخيانة والغباء هذه بإدمانهم الولاء لغير الأمة والحرب بالوكالة لمصلحة العدو، فكانت الحرب المدمرة التي شنها حكام العراق -بدعم غير مجذوذ من دول الخليج ومن مصر- على الجمهورية الإسلامية الوليدة في إيران، وكانت لتوها قد نقلت أعظم أقطار الخليج من قلعة إمبريالية ومرتكز للكيان الصهيوني وشرطي مرعب لأهل المنطقة إلى قوة رئيسية من قوى المنطقة، وشوكة في حلق قوى الهيمنة وقاعدة إسناد رئيسية لقوى المقاومة للصهيوني العدو الألد للأمة، كانت حقا حربا مدمرة لملايين من النفوس والمنشآت. وأخطر من ذلك أنها فجرت أمواجا من الكراهية بين أجزاء الأمة الواحدة بين طوائفها وأعراقها، فهل كان للأمة مصلحة فيها؟ كانت مصلحة خالصة لأعدائها، فكانت –موضوعيا- حربا بالوكالة عنهم. ولقد خرج العراق من تلك الحرب بجيش قوي مسلح تسليحا حديثا، فبدأ الكيد له من أجل تدمير قوته هو الآخر من خلال استغلال أخطائه الشنيعة، فانقلب حلفاؤه بالأمس متعاونين مع أعداء الأمة على تدميره إلى حد إخراجه من توازنات القوة في المنطقة، وهي مصلحة غربية-إسرائيلية نفذت مرة أخرى بيد غربية ومشاركة عربية فاعلة. ولأن إيران قد أفادت مما فعله التحالف الدولي وحلفاؤه العرب من إزاحة حكم العراق المعادي لها وتوفير الفرصة لها أن تتغلغل وتقوي نفوذها داخل العراق وأفغانستان، فقد حرك الأخطبوط الإسرائيلي آلة حربه الممتدة في العالم بكل فعاليتها ونفوذها لشيطنة نظام الجمهورية وتكثيف الضغوط عليه، من أجل عزله وخنقه وحتى تفكيكه من الداخل، كل ذلك من أجل تجريده من قدراته العلمية، وبخاصة تصميمه على امتلاك التقنية النووية القابلة للتحول سلاحا نوويا يجعل من إيران قوة إقليمية قادرة على موازنة الكيان الصهيوني، بما يضع حدا لتفرده بالقوة في المنطقة، وهو خط أحمر ممنوع على أي دولة من دول المنطقة تخطيه. وهكذا كما جردت السياسة الغربية محمد علي حاكم مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر من مشروعه النهضوي الذي أوشك أن يجعل من مصر قوة كبرى في المنطقة، تكرر نفس الكيد الغربي مع مصر الناصرية، وتكرر مع عراق صدام، ومع محاولة القذافي. وها هي السنوات الأخيرة تتكرر في مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية، والكيد لباكستان. إن اكتساب القدرة العلمية التقنية المتقدمة وكذا الوحدة هي خطوط حمراء وسياسة غربية ثابتة منذ القرن التاسع عشر في مواجهة محاولات الأمة النهضوية لإجهاضها، بصرف النظر عن فريق الأمة الذي يقود هذه المحاولة، عربيا أم أعجميا، إسلاميا أم علمانيا، سنيا أم شيعيا. هذه تفاصيل لا يلقي لها بالا الاستراتيجي الغربي الذي يضع على طاولة التخطيط خريطة العالم الإسلامي، فتنصبّ خططه على هدف واحد هو ضمان استمرار وضع يده على موارد المنطقة وعناصر القوة فيها، فكل ما يحقق هذا الهدف مشروع ومطلوب لشل محاولات النهوض والتوحد، والدفع إلى المزيد من التمزق والتخلف. وفي هذا السياق جاء زرع الكيان الإسرائيلي في قلب الأمة لتفتيت الجسم وشل عوامل نهوضه وعناصر المقاومة فيه.
** التصادم الكبير بين الشيعة والسنة في العراق وإيران واليمن وغيرها.. في مصلحة من؟ وهل هو مجرد واجهة لصراعات أخرى؟
نصيحتي لشباب الأمة ودعاتها أن لا يذهلوا لحظة وهم يتعاملون مع الخلافات والتناقضات في صفوف الأمة مهما عظمت عن هذه المخططات الغربية الثابتة في نظرتها الشمولية للأمة. بما يوجب علينا أن نرتفع فوق خلافاتنا ونفكر بمنطق الأمة لا بمنطق الطائفة. منطق الأمة الواحدة هو الترجمة العملية لعقيدة التوحيد التي تنص على أن من نطق بالشهادتين فقد اندرج في سلك الأمة، والباقي تفاصيل. منطق الأمة هو الذي يترجمه مؤتمر الحج، حيث لا يسأل أحد عن طائفته ومذهبه. منطق الأمة على الضد تماما من سكرات المونديال ومعاركه الهامشية. ثم لك أن تقول ما شئت في نقد التشيع، إلا أنك ما ينبغي أن تذهل قط أنه ليس بمذهب حديث ولد البارحة حتى تكد ذهنك في البحث عن فتوى فيه، فقد فرغت الأمة من هذا الأمر.
وفي كل كتب الفرق الإسلامية يحتل التشيع بمختلف مذاهبه مكانا بين فرق الأمة، فهل من حاجة لأن يستفتى فيه أحد؟ قد لا يكون التشيع هو التعبير الأفضل عن الإسلام، ولكنه لون من ألوانه وفرع من شجرته، والدليل القاطع أن أحدا من أئمة الإسلام وحكامه عبر أربعة عشر قرنا لم يتنطع فيصادر حق فرقة من الناطقة بكلمة التوحيد ومنها فرق التشيع من حقها في الانتساب للإسلام وحجها بيت الله الحرام. فلم التنطع اليوم وكأن التشيع مذهب جديد؟ ولم كانت إيران الشاه وهي شيعية مقبولة مرحبا بها بينما إيران الجمهورية الإسلامية الشيعية مرفوضة؟ ألأنها طردت النفوذ الصهيوني الأميركي من إيران؟ أم لأنها دعمت المقاومة العربية الإسلامية ضد الكيان الصهيوني لتحرير أرض عربية، وكانت الحكومات «السنية» العربية أولى بذلك؟ وما الذي يضيرنا من تقنيتها النووية حتى ولو طورتها إلى سلاح عسكري -ويا ليتها تنجح في ذلك-؟ كيف يمكن لحاكم عربي بل لمحكوم أيضا أن ينام قرير العين وفوق رأسه أكثر من 200 رأس نووي إسرائيلي موجهة لكل العواصم العربية، وبدل أن يفعل ما فعل بوتو حاكم باكستان السابق عندما صمم على امتلاك القنبلة النووية للدفاع عن بلده في مواجهة الهند قائلا: «سنفعل ذلك ونحن الفقراء حتى لو اضطررنا لأكل الأعشاب»، نرى هذا العربي المسكين يبذر ثرواته الطائلة في غير موضعها متخذا من إيران عدوا بدل إسرائيل، مشتركا في الضغوط الغربية عليها لتجريدها من مشروعها النووي، بدل أن ينافسها أو يتركها وشأنها. إن هناك فراغا قد تركه الانسحاب العربي من قضايا الأمة الكبرى مثل دعم المقاومة، تقدمت جهات إقليمية ودولية لملئه مثل تركيا وإيران، فلم تلام إيران وهي تتصرف كدولة ذات مصالح قد تتفق أحيانا مع مصالحنا، كما هو الحال في القضية الفلسطينية وفي مواجهة السيطرة الغربية على المنطقة، وقد تختلف كثيرا أو قليلا كما الحال في مسألة العراق. ويبقى اللوم على العرب المستقيلين أو المتواطئين، لم لم يتقدموا لملء الفراغ؟.. إن مصلحة الأمة -ولاسيما وهي تواجه مخططات غربية خطرة جدا قد تولّى كبر وضعها العدو الصهيوني المتغلغل في مراكز القرار والعقل الغربيين- في وحدة صفها من أجل التصدي لمخططات تمزيقها وضرب بعضها ببعض. إن ضرب الإسلام بالإسلام هو الاستراتيجية التي نطقت بها التقارير والمخططات الصادرة عن مراكز الدراسات الاستراتيجية، مثل مركز راند التابع للبنتاغون الذي تولى في أحد تقاريره تصنيف قوى الأمة: صوفية وسلفية سنية وشيعية تقليديين وعصريين، مسديا لصانع القرار في البنتاغون وفي الكونغرس والبيت الأبيض النصح في التعامل مع كل الأصناف من طريق ضرب بعضها ببعض. إن عالم الإسلام بصدد تجاوز مرحلة العلمنة في اتجاه زمن إسلامي، بما يؤكد أن كثيرا من المعارك الجارية في ساحات العالم الإسلامي وما هو قادم أكثر، ليست بين يساريين وليبراليين كما كان الشأن في الخمسينيات من القرن الماضي، ولا بين إسلاميين وعلمانيين كما هي سمة معارك ربع القرن الماضي ولا تزال ذيولها قائمة، وإنما تتجه المعارك للتمركز في الساحة الإسلامية ذاتها بين شيعة وسنة بين صوفية وسلفية. فالأمة تستشرف زمنا إسلاميا، وبسبب ضعف الوعي السياسي والاستراتيجي في أوساط نخبها الإسلامية، وضيق التصور الديني لدى قطاع واسع منهم، فليس عسيرا على القوى الدولية أن تمارس لعبتها المفضلة في ضرب المسلمين بعضهم ببعض ضمانا لمصالحها من أيسر طريق، وهو ما يجعل كثيرا من الحروب الجارية: في الصومال وفي اليمن وفي العراق وفي أفغانستان وفي باكستان وعلى نحو ما في السودان حروبا بالوكالة، تصب نهاية في مصلحة إسرائيل والغرب، يا للعار ويا للأسى. فليتق دعاة الإسلام -خاصة- ربهم في أمة محمد، فلا يكونون فيها معاول هدم وتمزيق وأعوانا للعدو وثغورا يؤتى الإسلام من قبلها، وإنما عوامل توحيد للصف وجمع للشتات وجبر للكسور وإصلاح لذات البين، إبرازا لما يجمع لا لما يفرق، ولعناصر الإلف والوئام والحب والتعاون لا لعناصر التنافر والتعادي والاختلاف، استجابة لنداء الرحمن «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون*واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.