انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    مصالح المراقبة الاقتصادية بولاية تونس تحجز 55.5 طنا من الخضر والغلال بمنطقتي برج شاكير والحرايرية    عاجل/ ايطاليا تتخذ هذا القرار الهام ضد الكيان الصهيوني..    سوسة: جلسة عمل لمتابعة وضعية شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي    عاجل/ حجز مئات الكيلوغرامات من المخدرات داخل حاوية بميناء رادس والنيابة تفتح تحقيق..    المؤتمر الدولي للمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر،"الاستقلال، نضالات ، مفاوضات والبحث عن السيادة" ايام 26و27،و28 مارس 2026    بين البراءة ونقص الأدلة... شنوة الفرق؟    ميلوني: نحن بحاجة إلى مزيد من الحكومات المحافظة في أوروبا    جلسة عمل بوزارة التشغيل حول تعزيز تمويل الشركات الأهلية    عاجل: 238 ألف عائلة باش تستفيد من الدعم المدرسي غدوة... شكون المعنيين؟    درجات الحرارة لهذا اليوم..    بوعرقوب: انتهاء موسم جني الكروم بنسبة 100%    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    عبد الستّار عمامو يعود إلى "الدار الأم" ببرنامجين لتوثيق الذاكرة وإضاءة الوجوه المنسيّة    قريبا انطلاق أشغال مشروعي تهيئة الملعب البلدي بمنزل فارسي وصيانة المحولات الكهربائية بالملعب الاولمبي مصطفى بن جنات بالمنستير    الأستاذ خليل النغموشي رئيسا للفرع الجهوي للمحامين بجندوبة    الموساد تسلّل إلى معقلهه: الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله    إدارة ترامب تلغي المسح الوطني السنوي للجوع    تفاصيل جديدة عن المذنب 3I/ATLAS تثير جدلاً علميًا    "تجردوا من ملابسهم".. مئات الإسبان يشاركون في عمل فني ل"مصور العراة" قرب غرناطة    فيتنام بالمركز الأول في مسابقة إنترفيجن وقرغيزستان وقطر في المركزين الثاني والثالث    لجنة كسر الحصار عن غزة.. أسطول بحري جديد يبحر بتاريخ 24 سبتمبر من ايطاليا    رابطة الأبطال ...الترجي بخبرة الكِبار والمنستير لاسعاد الأنصار    منوبة : انتشال جثتى شقيقين حاولا انقاذ كلبة من الغرق    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    تونس تشارك في بطولة العالم لألعاب القوى لحاملي الاعاقة بالهند من 26 سبتمبر الى 5 اكتوبر ب11 متسابقا    بوعرقوب: انطلاق موسم الهندي الأملس    انخفاض في جرحى حوادث المرور    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    سيدي بوزيد...اجتماع لتدارس وضعية التزود بالأدوية بالمؤسسات الصحية    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    عاجل: إنهيار سقف اسطبل يتسبب في وفاة شاب وإصابة آخر    كرة اليد: منتخب الصغريات يتأهل إلى نهائي بطولة افريقيا    التنس: تأهل معز الشرقي الى نهائي بطولة سان تروبيه للتحدي    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    تحذير هام: تناول الباراسيتامول باستمرار يعرّضك لهذه الأمراض القاتلة    معاناة صامتة : نصف معيني مرضى الزهايمر في تونس يعانون من هذه الامراض    رابطة الأبطال الافريقية: الترجي الرياضي والاتحاد المنستيري من أجل قطع خطوة هامة نحو الدور الثاني    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    بنزرت: حجز أطنان من اللحوم والمواد الغذائية المخزّنة في ظروف غير صحية    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    صرف الدفعة الأولى من المساعدات المالية بمناسبة العودة المدرسية في هذا الموعد    لكلّ من فهم بالغالط: المغرب فرضت ''الفيزا'' على هؤلاء التوانسة فقط    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    أكثر من 100 ألف تونسي مصاب بالزهايمر ومئات الآلاف من العائلات تعاني    اليوم: استقرار حراري وأمطار محدودة بهذه المناطق    عاجل: تأخير وإلغاء رحلات جوية بسبب هجوم إلكتروني    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    عاجل/ البنك التونسي للتضامن: إجراءات جديدة لفائدة هؤلاء..    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هرم السلطة وحساسية الانتماء الجهوي
نشر في الحوار نت يوم 19 - 11 - 2011


محمد بشير بوعلي
مضت قرابة ثلاثة أسابيع على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي انتظرناها نحن التونسيون بشوق على أمل الدخول ببلادنا في مرحلة الجمهورية الثانية، ولم تتضح بعد الملامح النهائية للسلطة الشرعية، وإن كانت المعطيات الشحيحة غير الرسمية تشير إلى توزيع ثلاثية هرم السلطة: الحكومة والرئاسة والمجلس التأسيسي تباعًا بين ثلاثي النهضة والمؤتمر والتكتل. وهو ما نتمناه لمصلحة بلادنا في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخنا التي ستحدد مصيرنا ومستقبل أجيالنا القادمة.
ذلك أن هناك عدة عوامل يجب مراعاتها، قد يبدو بعضها غير مستساغ، ولكن هو في الواقع له أثر كبير، من ذلك العامل الجهوي، فمع تسليم الجميع مبدئيًّا بأن الكفاءة هي العامل الذي يجب اعتباره وتقديمه على غيره من العوامل الأخرى في توزيع المناصب، فإن وضع بلادنا الآن وحساسية التونسيين تجاه الانتماء الجهوي بعد استفراد أبناء جهة الساحل (السواحلية) أوّلاً ثم أبناء العاصمة (البلْدية) ثانيًا، يفرض تقديم شخصيات مناضلة من غير هاتين الجهتين من مناطق الداخل إلى الجنوب الغربي والشمال الغربي. (ولا أقول هذا من منطلق جهوي فأنا من نفس جهة حمادي الجبالي، ولكن لواقع بلادنا حكمه الخاص الذي قد لا يتوافق مع المنطق العقلي المجرد).
لذلك -فمع تسليمنا بأمانة المناضل الكبير المهندس حمادي الجبالي وكفاءته السياسية باعتباره أفضل ما لدى حركة النهضة لتقلد منصب سياسي في هرم السلطة- فإننا كنا نتمنى لو وقع اختيار حركة النهضة على شخصية من إحدى الجهات الداخلية وهم كثرٌ وذوو كفاءة عالية لا تقل كثيرا عن كفاءة حمادي الجبالي، إذ لا نستطيع تجاهل أن الرجل من سوسة قلب الساحل وهي نفس الولاية التي ينتمي إليها المخلوع بن علي، وقبله المقبور بورقيبة وهو من مدينة المنستير الساحلية أيضا.
ولكن طالما أن حركة النهضة قد حسمت أمرها في اختيار الرجل، وهذا من حقها -إذ قدّمت عامل الكفاءة السياسية على عامل الحساسية الجهوية، وهو اجتهاد لا نستطيع تخطئتها فيه- فإن أنظارنا طبيعي أن تتوجه نحو منصب الرئاسة الذي يجب أن تتقلده شخصية مناضلة من الولايات الداخلية أو من الجنوب التونسي، ونحسب أن الدكتور منصف المرزوقي هو الشخصية الأجدر بهذا المنصب، ليس فقط لتاريخ الرجل النضالي الطويل المشرّف، ولا لعلاقاته الممتدة والمطمئنة للجميع داخليًّا وخارجيًّا، بل ولنفس الاعتبار الجهوي سالف الذكر. ذلك أن الرجل تنحدر أصوله من أقصى الجنوب التونسي ووُلد في الوطن القبلي فلا هو ساحلي ولا بلدي، ومِن ثَم فإن تقلّده لمنصب رئيس الجمهورية سيبث طمأنينة في نفوس التونسيين بأن مظلمة التفاوت الجهوي ستنزاح مستقبلا. خصوصا وأن منصب الرئاسة يحظى بالاهتمام الأكبر في أذهان شعب لم يعرف في حياته غير النظام الرئاسي، حتى ولو كان المنحى السياسي يتجه نحو النظام البرلماني في واقع الأمر، ولن يتحسس التونسيون في هذه الحال من وجود المناضل حمادي الجبالي على رأس حكومة قد انطبع في أذهانهم أنها وزارة أولى وليست هرم السلطة.
أما لو لم تسِرْ الأمور على هذا النحو ورضخ المؤتمر والنهضة كلاهما لضغوط التكتل، وسلّما الرئاسة للدكتور مصطفى بن جعفر، فإن الوقوع في محذور الحساسية الجهوية سيكون عائقا نفسيًّا في طريق نجاح السلطة الجديدة إلى جانب العوامل الكثيرة الأخرى المعيقة لها. وإذا كانت العوامل الأخرى ترجع في أغلبها إلى النخبة الإقصائية العلمانية في بعض الدوائر، فإن هذا العامل يرجع إلى عموم الناس ممن نخّبوا للسلطة الجديدة القادمة نفسها.
ذلك أن الدكتور مصطفى بن جعفر، فضلا عن كون رصيده النضالي بعيدا جدا عن مستوى رصيد المرزوقي، ورصيده الانتخابي أيضا متواضع، فإن الرجل من أبناء العاصمة، أو بعبارة التوانسة "بلْدي"، وتقلده لمنصب الرئاسة في حال حصوله -لا قدّر الله- سيرسّخ هاجس شعور التونسيين وخصوصا أبناء مناطق الداخل أن "السواحلية" و"البلدية" عادوا مجددا للانفراد بسلطة البلاد وما يستتبعها من امتيازات...
أما ما عدا ذلك من مناصب وزارية بما فيها وزارات السيادة، فلن تكون فيها حساسية لدى شعبنا، خصوصا لو تم مراعاة التوازن في توزيع الحقائب الوزارية بما يراعي مختلف الانتماءات الجهوية، وهذا هو المفترض، وهو ما نحسبه متحققا لا محالة من خلال الخريطة الواسعة المشكّلة للثلاثي الفائز حتى في حال عدم تشريكها لغيرها من الأحزاب في السلطة، والتي من شأنها أن تتيح مجالا واسعا لتنويع التوزيع الوزاري جهويًّا بما يزيح عقدة الانحياز الجهوي للأبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.