نص المقال : لا أحد ينكر اليوم أن عجلة البلاد والعالم كلّه تدور على الاعلام، وخصوصا الشبكة العنكبوتية وتحديدا المواقع الاجتماعية التي أصبحت وبلا منازع مصدرا للمعلومة. جعلت من الوسائل الاخرى كالقنوات الفضائية والجرائد والمجلاّت المكتوبة في مرتبة متأخرة من حيث عدد متابعيها وقرّائها...بل ان متابعتها تكون عبر مواقعها على الانترنت، لنقل الخبر ونشره من جديد على مواقع التواصل الاجتماعي... نقل الخبر، هنا تكمن المعضلة، أي خبر ينقل؟ أيّ خبر يتصدر المشهد وأيّه يهمش أو يحجب ان لزم الامر؟ كيف ينقل، كلّه أم مبتورا؟ توقيت نشره؟ جملة من الاسئلة. الاجابة عنها ليست بالشّأن السهل، بل غير ممكن تناول كلّ تفاصيلها في مقال صحفي... الثابت وهذا جزء بسيط من الاجابة أن الكلّ ينقل بحسب أجندته وبصورة انتقائيّة. وصلت عند البعض (حتى لا أعمم) الى الحدود اللاأخلاقية التي تتنافى مع الحرفية والاعراف المتعارف عليها في الاعلام... أصبحت المواقع الاجتماعية جزءا من الاعلام كما قلت أعلاه، من مميّزاتها نقل الخبر عبر "الفيديوهات" والصورة المتحركة التي أصبحت هي الآمر الناهي، أكثر من اعتمادها على المقالات...وفي ذلك خطر كبير أوّلا من حيث مساهمتها في تضاؤل المقروئية في ظلّ منافسة الصورة و"الفيديوهات" للمقالات التحليلية المتوازنة، التي تكون متكاملة في تناولها لموضوع ما، ومن شأنها أن تصقل عقولنا لتجعلها بنيوية تحليلية نقدية....ثانيا وهنا المصيبة، أن هذه الوضعيّة التي قلّصت من نسبة الاقبال على المقالات التحليلية البنّاءة، تصبح وسيلة هدّامة اذا نقلت الخبر بصورة غير موضوعية، كنشر فيديوهات تنقل جزءا فقط من تصريح كامل لهذا المسؤول أو ذاك. الضحيّة هو المتلقّي والنتيجة هي عدم فهم ما يقال، هذا في أحسن الاحوال، ان لم يفهم عكس ما يراد تبليغه...هنا تختلط الاوراق وتض يع الحقيقة.... ما أريد أن أشير اليه هو أن أساليب الاستقطاب في بلادنا أصبحت تعتمد أكثر على عالم الصورة الحية والسّريعة، على التصريحات سواء المتلفزة أو ما هو على موجات الراديو. أو ما هو مبادرات فردية حيث أن أدوات التصوير وتقنيات تركيب "الفيديوهات" أصبحت في متناول الجميع...تنقل تلك المادّة بعد ذلك وتنشر عبر وسائل اتصال مختلفة أهمها الشبكة العنكبوتية...الاشكال يكمن في ما يروّج، من هذا الحراك السياسي أو ذاك... وكيف يلعب مقصّ الرّقابة الحادّ والذي أصبح بيد الكلّ دورا محوريّا في طمس الحقائق....في ظلّ غياب التّرويج للتحاليل الرّصينة والموضوع ية والمركّزة التي تساهم في بناء العقول وترويضها بدل تلك الوسائل التي تساهم وبحدّة في الانقسام الرّأسي داخل المجتمع.... المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي، يلحظ أن هذا الاسلوب هو الطّاغي. الصورة أو الفيديو هي الوسيلة المهيمنة على غيرها من وسائل تلقي أو ترويج الخبر. ولكن وللأسف الصورة المبتورة والمنزوعة من سياقها العام الذي وردت فيه، الصورة التي أعدت بتقنيات في أغلب الاحيان لا تسمح لك بالتفكير. الشيء الذي يجعلك تتقبلها كما هي. وهذا فيه خطر كبير على تشكّل وصياغة عقول أجيالنا، الشبابية منها على وجه الخصوص، وعلى ثقافتهم السياسية والحال أن ش بابنا وبحكم ظروف تاريخية، مرّت بها البلاد وعاشتها أمتنا العربية والاسلامية، وبحكم انتمائه الثقافي يعدّ مسيسا بامتياز اذا ما قارنّاه بغيره.... فلنتّق الله في هؤلاء وفي بناء عقولهم...هم أمانة أكيد سيحاسب الله عليها أصحاب الصفحات الكبرى التي مهمتها توجيه الرّأي العام، والذي أرى أنّه يمكن مغالطته لفترة ما. لكنّه في الاخير وب "غرباله الحديديّ" يقوم بالتصفية وبطريقة ناعمة ليبقى في الواد "كان حجروا" وبعدها ان لم يرتدع روّاد الفتنة، فان الشّعب وبطريقة الثّائر المجروح بفعل الخيانة سينهش جلود الخونة مهما كان الانتماء...... أقول ل "متساكني" مواقع التّواصل الاجتماعي أنتم جزء من الاعلام، فلا تهدموا الثقة بينكم وبين الشعب، تلك الثّقة التي شيّدتموها أيّام الثورة. يوم كنتم يدا واحدة في وجه العاصفة، تناسيتم خلافاتكم، كنتم صوت الشعب بامتياز...فما بالكم اليوم كلّ بطبله وبمزماره يغنّي على هواه.... شعبنا يستحق منّا الحقيقة كما هي، نداء أوجّهه لكل اعلامي: لا تكن بوقا لهذا أو ذاك، غير ذلك هو عين الخيانة لأحلام شعبنا وكفاحه من أجل غد أفضل طال انتظاره. قوموا بما يحتمه عليكم الواجب: نقل المعلومة كاملة وبأمانة، بموضوعية ونزاهة وتجرّد...أنتم عين الرّأي العام ليعرف الحقيقة كاملة، فكونوا في خدمته ليكون هو في خدمتكم ضد من تسوّل له نفسه تكميم أفواهكم..... مفيدة حمدي عبدولي