منوبة: إعادة تشغيل محطة الضخ الرئيسية للمياه الخام التابعة لمركب غدير القلة لإنتاج المياه بعد 96 ساعة صيانة متواصلة    الفلاحة العائلية: مكوّن اقتصادي داعم للأمن الغذائي يحتاج إلى الإدراج ضمن مخططات التنمية    غلق وقتي لنفق بئر القصعة يوم الاثنين    عاجل/ الكشف عن مصير سفينة حنظلة بعد اقتحامها من القوات الإسرائيلية..    3 حالات غرق في يوم واحد بشواطئ المهدية.. من بينها امرأة وطفل    عاجل/ سقوط تجهيزات ضوئية على ركح قصر الرباط: إدارة مهرجان المنستير الدولي تصدر بلاغا توضيحيا..    كوكو شانيل: وقت قالت ''الأناقة هي الرفض''...شنوّت تقصد وكيفاش المرأة التونسية تطبّق هذا الشعار؟    التغذية المتوازنة تقي من الإصابة بعدد من الأمراض النفسية (مختصة في التغذية العلاجية )    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وائل جسار في مهرجان الحمامات الدولي: سهرة الطرب والرومانسية (صور)    اعتصام قرب السفارة الأمريكية لمئات المحتجين لمدة 48 ساعة... فيديو    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات: المنتخب النيجيري يحرز اللقب    «شروق» على الملاعب العالمية : لوكاس بريء من تُهمة التلاعب    رئيس إنتر ميامي: ميسي في قمة الغضب    قريبا: تونس تعتمد جهاز تحليل ''اللُعاب'' لكشف السائقين المتعاطين للمخدّرات    وزارة التجهيز تدعو الى الالتزام بالتشوير على الطرقات    ليلة باردة في تالة: 15 درجة في قلب الصيف!    غدا غلق النفق على مستوى محول بئر القصعة بصفة وقتية    مع المتقاعدين .. أبو القاسم حمحوم (ناظر عام للصحة) .. وقتي مقسم بين الوالدة وأشجار الزيتون.. والمقهى    جهة وتاريخ .. عين سبع آبار بالجريد .. منبع وسط الواحة .. واستراحة لقوافل التجارة والحج    على ركح مسرح قرطاج الأثري : الفنان العالمي إبراهيم معلوف يحتفي بالحياة    مهن تنتعش في فصل الصيف ..الحلاقة...فن وفكر وعلم    ردّ فعل زوجة راغب علامة بعد ''القُبلة'' المثيرة للجدل    شركة النقل تردّ: لا تصدّقوا الإشاعات... والحريق تحت السيطرة!    ولاية اريانة: زيارة والي الجهة لعدد من المنشات التابعة للديوان الوطني للتطهير    نادي النصر يدخل كريستيانو رونالدو في قائمة المليارديرات    بلدية تونس تنظم الجائزة الكبرى لمدينة تونس للفنون التشكيلية 20َ25    صفاقس : عرض فيلم "صاحبك راجل " ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    مصادر: فريق ترامب للأمن القومي يعيد النظر في استراتيجيته تجاه غزة    شاحنات مساعدات بدأت بالتوجه إلى غزة قادمة من مصر    القضاء الإيراني ينفذ حكم الإعدام بعنصرين من "زمرة المنافقين"    غلق النفق الواقع على مستوى محول بئر القصعة غدا الاثنين من السادسة صباحا إلى الثامنة ليلا    إصابة عدة أشخاص في عملية طعن بولاية ميشيغان الأمريكية    مأساة تحولت إلى لغز.. اختفاء جثة راكب هندي توفي اثناء رحلة جوية!    القصرين: تراجع إنتاج الهندي    النيابة تأذن بالاحتفاظ بمغني الراب ALA    أعلام من بلادي .. ابن منظور: المؤرخ والأديب القفصي... بالتبني    تاريخ الخيانات السياسية (27) كل يوم خليفة في بغداد    صفاقس: طفل ال 4 سنوات يلقى حتفه غرقا    عاجل/ آخر مستجدات اضراب بطاحات جربة المقرر بداية من يوم 31 جويلية..    عاجل/ الاطاحة بشبكة لترويج المخدرات بهذه الولاية…    مباراة ودية: تعادل الاتحاد المنستيري والترجي الجرجيسي 1 - 1    إيرادات العمل والسياحة    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    استعدادات شركة الستاغ    رقدت درج على يدك...رد بالك من شنوا ينجم يصيرلك    صادم.. دراسة تكشف كيف سرّعت جائحة كورونا الشيخوخة في أدمغة البشر    عاجل/ زعيمها موظف بوزارة: هذا ما تقرّر ضد عصابة لترويج المخدرات    بعد موجات الحرّ: زخّات مطرية خفيفة تُنعش المرتفعات الغربية...هذه الكميات    فوزي البنزرتي مدربًا جديدًا للنادي الإفريقي    فاكهة الموز: قصص حقيقية ومفاجآت لا تُصدّق!    نظيم الدورة الأولى من المعرض الوطني المتنقل للصناعات التقليدية بالمنستير من 07 الى 24 اوت القادم    بطولة العالم للكرة الطائرة تحت 19 عاما - المنتخب التونسي ينقاد الى هزيمته الثالثة امام نظيره الايراني صفر-3    كيفاش نستعملو الفيتامينات؟ الدكتور رضا مكني يوضّح للتونسيين الطريقة الصحيحة    طقس السبت: الحرارة في تراجع    عاجل/ تطور نسق بيع السيارات الشعبية في تونس..وهذه الماركات الأكثر رواجا..    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمّة الهّامي بين التنوير وبول البعير
نشر في الحوار نت يوم 29 - 06 - 2013

حين يستسلم المشتغلون بالسياسة لانفعالاتهم وينساقون وراء أهوائهم بعيدا عن العقل، ترتبك مرجعياتهم وتضطرب مواقفهم ويرتدّون إلى مراهقاتهم يحتكمون إليها وإلى عداواتهم يلوذون بها وإلى خيباتهم يجتهدون في إخفائها تحت عنوان المصلحة الوطنية ولافتة تحقيق أهداف الثورة وشعار الخبز والحرية والكرامة الوطنيّة...
وحين يفشل بعض المناضلين في بلوغ مآربهم بالطرق الديمقراطية وتنكشف لهم أحجامهم المجهرية ويتعرّى سوء تقديرهم ومحدود نظرتهم وفساد فكرتهم تضطرب بهم الخطى وتختلط عليهم الأوراق ويتداخل لديهم "الكوع والبوع".. عند ذلك يرتدّون على أدبارهم وتظهر مضمراتهم وتبدو عوراتهم وينكشف للعيان ما اجتهدوا طويلا في حجبه من قناعاتهم.. وبدل أن يتّجهوا إلى ذواتهم بالنقد ويعملوا على تشخيص مواضع قصورهم ومواطن تقصيرهم يهربون إلى الأمام وتتحوّل ألسنتهم إلى سياط تلهب مخالفيهم وتشتم مناوئيهم.. وتظلّ هزائمهم تستصرخ نَسَبَهُمْ فيحكمون بيتمها.. ألم يقل المتقدّمون "الهزيمة يتيمة"؟.
وحين يحتكم المختلفون إلى الشعب يستفتونه في أمر الوطن والثورة ويُجري الشعب اختباره على هؤلاء فتتقابل نتائج المتنافسين بتفاوت الدرجات التي يسندها إليهم.. أليس من المنتظر،عند ذلك، أن يقول الفائزون والمخفقون للشعب: سمعنا وأطعنا.. رضينا وقنعنا؟ أوليس الأصل أن يستمرّ التنافس وأن يعتصم المخفقون بأسباب النجاح عسى أن يحالفهم في قادم الاستحقاقات؟ على أنّ التنافس لا يعني ضرورة أن يتحول الاختلاف إلى قطيعة ولا يعني أن تستفحل العداوات بين الفرقاء الفقراء إلى الشعب.. ولكنّ سياسيينا اختاروا أفانين العداوات ولاذوا بمناهج الاستبداد يستدعونها وهرولوا باتجاه أعداء الثورة يخضعون لهم بالقول والفعل.. وبذلك تشهد المرجعيات تحريفا على أيدي أنصارها وتحلّ الواقعية السياسية محلّ المبادئ الثورية ويستوي "هذا بهذاك".. ويتحوّل الزعماء إلى "راقصين" يتنافسون في تغيير المواقع وتبرير المواقف وتزوير الأقوال وتأليف الأحوال...
***
حمّه وحمّى التصريحات:
قُدّر للتونسيين أن يشهدوا في كل يوم تقريبا خطابا للزعيم المفوّه حمّه الهمامي.. فالرجل "يحرقه حليب" الثورة والوطن وهو الذي يحمل على كاهله رسالة ثقيلة يتصدّى لها منفردا وقد ذهب الموت برفيق دربه في الجبهة الشعبية القائد الملهَم شكري بلعيد.. خلا المجال للمناضل الكبير الذي علّمته الثورة ومقتضياتها ومنتجاتها أصول البراجماتية السياسيّة وقد كان إلى زمن قريب يعدّها خذلانا وجبنا وتهافتا.. ومن فرط تخمته بثوريته كان من آخر نزلاء وزارة الداخلية قبل سقوطها في قبضة الشعب التونسي يوم الهروب الشهير...
حمّه يقاوم بول البعير:
لقد أتحفنا الرفيق حمّه بتصريح جاء فيه "في السياسة ما ثماش هاظا إيه وهاظا لا... واللي يجي يتفضّل.. لازمنا حنكة كبيرة ولازمنا ذكاء كبير باش انّجموا نتقدمو ما هيشي ساهلة المسهلة.. في المجال الثقافي.. فهمتي.. الواحد يحب يداوي ببول البعير؟ إذا تلقا واحد منوّر.. إيه.. قولّو إيجا معايا..إيجا خانقاومو بول البعير وبعد توّا نتفاهمو.. بالمنجدّ".. انتهت عبارة الزعيم...
إذا استعصى عليك فقه السياسة فعليك بدروس حمّه الهمّامي الميسّرة تتعلّم منها أنّ "في السياسة ما ثماش هاظا إيه وهاظا لا".. لأنّ ذلك نقيض الحنكة والذكاء اللذين يحتاجهما طلاّب التقدّم على الطرق الوعرة "فالمسهلة ما هيشي ساهلة".. ومن سلك إلى التقدّم طريقا وجب عليه أن يرفع لافتة "اللي يجي يتفضّل".. ويكفيك أن تلوّح بلافتتك حتّى "يجيك اللي يجي" وإلاّ أخطأتَ التقدّمَ وأخطأتك التقدّميةُ.. والتمس لك شمعة تنير بها طريقك في مقاومتك بول البعير وإن كان في نهاية الطريق الباجي قايد السبسي أو بعض "مهاريسه المؤمنين بالولية".. والولية جمع وليّ.. وأولئك أحياء يُرزقون يحمون تونس الحاضرة من المتداوين ببول البعير...
وما بالعهد من قدم:
ما ينسخ الرفيق القائد من تصريح يأتِ بخير منه أو مثلِه.. ولقد نسخ الرفيق القائد بتصريحه هذا تصريحا له سابقا أجاب فيه عن سؤال صحفيّ حول ما كان يروج من تحالف الجبهة الشعبيّة مع نداء تونس.. أجاب الزعيم وقتها بجميع أدوات النفي التي يعرفها معلّلا ذلك بأن نداء تونس هو التجمع وبأنه بلا برنامج وليس له مواقف من مسائل عدّة ذكرها عند إجابته تلك...
***
وبعدُ.. لقد فقد الرفيق القائد بوصلته النضالية واضطربت بع الخطى.. أدرك منذ صدمة انتخابات 23 أكتوبر 2012 أنّ الطريق الديمقراطي المعتاد لن يبّلغه آماله.. فهو ورفاقه أعجز عن إقناع الشعب بأطروحاتهم رغم مغادرة الأسماء العتيقة ورغم التلاعب السياسيّ والاحتيال الخطابي والنفاق الثقافيّ الذي يُضطَرّ إليه الشيوعيون كلّما بدا لهم اتساع الهوّة بين الشعب وبينهم..
يصرّ الشيوعيّون في تونس على مواقفهم القديمة في صلف لا تخطئه الملاحظة.. وقد شُغلوا بإخفاء مرجعياتهم على الناس من أجل الإيقاع بهم في حبائلهم.. فهل يمكن للشعب أن يأمن بوائق الشيوعيين وقد أذاقوا الشعوب التي حكموها ويلات كبرى لم تغفرها لهم الذاكرة؟.. ألم يحكم أسلافُهم على الدول التي اختطفوها بأن تظلّ أسيرة الفقر والجوع والمرض في عالم يتنافس فاعلوه على خدمة الإنسان والرقيّ بمنزلته؟
فهل يكفي الرفيقَ حمّه والمعتصمين برأيه أن يحتكروا الثورية حتّى يكونوا مؤهَّلين لتحقيق أهداف الثورة؟ ألس من الإسفاف أن يختزل خصومَه السياسيين في التداوي ببول البعير وأن يحتزل معركة التنوير في مقاومة بول البعير؟ أفي مثل هذا يتنافس المتنافسون؟
نورالدين الغيلوفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.