حث الرئيس التونسي منصف المرزوقي الأطراف السياسية في بلاده على وضع مصالح البلاد الإستراتيجية نصب أعينها في إدارتها للحوار الوطني، الذي يهدف إلى إخراج تونس من حالة التوتر والمواجهة السياسية بين الحكومة والمعارضة. وشدد في تصريحات للصحفيين أمس الأحد خلال زيارته لمدينة سوسة (150 كلم شرق تونس العاصمة)، على ضرورة استئناف الحوار الوطني بين السلطة والمعارضة لإخراج البلاد من الأزمة، وعبّر عن ثقته في قدرة الطبقة السياسية التونسية على التوصل إلى حل مُرضٍ للأزمة التي تعصف بالبلاد. وطالب المرزوقي أعضاء المجلس الوطني التأسيسي بالعمل على إكمال صياغة الدستور والمصادقة عليه في مدة لا تتجاوز الشهر، حتى تكون البلاد جاهزة لتنظيم انتخابات ترجع السيادة إلى الشعب. وأكد أن الديمقراطية ستستمر في بلاده، وقال "مهما تكن الصعوبات في الوقت الحاضر فإن العملية (الديمقراطية) تتقدم إلى الأمام.. صحيح أن هناك بعض الإخفاقات، ولكننا بالتأكيد عازمون على المضي قدما". وقال المرزوقي "إننا في تونس نواجه تحديا ثلاثيا: الأول اقتصادي ويتمثل في السعي لتحقيق التقدم لجيل الشباب، والثاني ديمقراطي ويتمثل في تأسيس دولة ديمقراطية، والثالث أمني لأننا أيضا نواجه الإرهاب". وكان الحوار الوطني بين السلطة والمعارضة لاختيار شخصية وطنية لرئاسة الحكومة المرتقبة، قد سادته الخلافات ووصل إلى طريق مسدود بعد تمسك حركة النهضة الإسلامية بمرشّحها السياسي المُخضرم أحمد المستيري (88 عاما)، وتمسك المعارضة أيضا بمرشحها محمد الناصر (79 عاما). اشتباكات الجيش والشرطة مع مسلحين ألقت بظلالها على الحوار الوطني (الفرنسية) تعليق الحوار وفي ظل عدم قدرة الفريقين على التوصل إلى حل وسط، أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي الأسبوع الماضي باسم المنظمات الوطنية الراعية للحوار الوطني، عن تعليق الحوار إلى أجل غير مسمى. ولم يُحدَّد أيُّ موعد لاستئناف الحوار. وقد أصدرت 14 من أحزاب المعارضة بيانا مشتركا ألقت فيه باللائمة على حركة النهضة الإسلامية في تعثر المحادثات بين الحكومة والمعارضة، واعتبرت موقفها "متعنتا". وشدد البيان على أنه لا يمكن العودة إلى أي حوار إلا على أساس الاتفاق المسبق على شخصية وطنية مستقلة لرئاسة الحكومة من جهة، وإلغاء التنقيحات التي شملت النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي بما يتنافى ومبدأ التوافق من جهة ثانية. وتطالب المعارضة بتنصيب شخصية مستقلة لرئاسة حكومة تحل محل رئيس الوزراء الحالي علي لعريض القيادي البارز في حركة النهضة، وهو الأمر الذي ترفضه الحركة. وأمهلت المعارضة التونسية الحكومة المؤقتة الحالية حتى يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري لإعلان استقالتها أو الدخول في تحركات احتجاجية. يذكر أن عدة اشتباكات اندلعت مؤخرا بين مقاتلين إسلاميين والشرطة التونسية، كما شهدت البلاد أول تفجير استهدف فندقا في سوسة، وهي مؤشرات على صعود تيار "التشدد الديني" في تونس.