هل عشنا لنرى ليبرالية اللّيبراليين المصريين تُمزّق العقد الاجتماعي بين الحاكم و المحكوم وتلقي به في البحر الأحمر..؟ نعم عشنا ورأينا ذلك عيانا.. ولم يعد لهؤلاء اللّيبراليين المدجّنين في مصر في مفهومهم مكان لمقولة: "رضا المحكوم هو مبرّر سلطة الحاكم".. وخرجوا في نهاية الأمر على زعيمهم وزعيمها "جون لوك" وتنكّروا لأسسها الثّلاثة المعروفة الّتي قامت عليها والّتي هي: العدالة بين النّاس، حرّية التّفكير و الاعتقاد والتّنظيم وغيرها من الحرّيات الأخرى و احترام الآخر و قبوله و عدم إقصائه.. في مصر، في هذا العصر، تجلّى لنا اللّيبراليون في أبشع صور الإلحاد، يتآمرون على الدّين؟ فيستأجرون البلطجية ليحرقوا الكنائس، ويستدعون الدّبابات من جحورها لترشّ المساجد بالمدافع وتقتل في داخلها اللّاجئين إليها، مجاهرين بمحاربة فكرة "الله" في وجدان النّاس.. وكأنّ "فولْتِيرِ" وهو أحد منظّري ليبراليتهم لم يقل قولته المشهورة: " لو لم يكن الله موجودا لأوجدناه" في إشارة إلى أهمية الدّين في حياة الإنسان.. أليست اللّيبرالية تحرس القيم الانسانية كالكرامة والحرّية.. فأين الحرّية والكرامة وقد تمّ إطلاق سراح من اغتالهما من السّجون وبُرّئت ساحاتهم وقيل لهم نأسف لقمع الثّورات لقمعكم..؟ كم قيل لنا أنّ اللّيبرالية هي "سيستام" إدارة غايته جمع البشر المختلفين بطبيعتهم وتركيبتهم الذّاتية في منظومة تعدّدية متجانسة، يستمع بعضهم إلى بعض ويعيشون بسلام مع بعضهم البعض، دون المساس بقيمهم المتضادة وأديانهم المتشعّبة وألوانهم المختلفة.. لقد ظهرت في نهاية الأمر "سيستام" قتل بشع و ممنهج و"سيستام" قمع وتكميم أفواه..! كم قيل لنا إنّ الليبرالية حركة وعي تتخذ من القيم الإنسانية، أساسا ومحورا وبداية ونهاية، وليست مذهبا ضد مذهب أو دينا ضدّ دين آخر، بل هي منظومة وفسيفساء تجمع الأديان والمذاهب في حديقة متعدّدة الألوان... لقد تجلّت اللّيبرالية مقبرة، بل مزبلة، يتصاعد منها الدّخان ويفوح منها رائحة لحم الإنسان، بعد أن قُتِلَ وحُرّق وجُرف بالجرّافات، ومنع من النّواح عليه و دفنه كباقي الأموات.. أليست الليبرالية تعدّدية وصناديق وانتخابات واستفتاءات و حوار..؟ لقد رأيناها في مصر، تحريضا مقزّزا وحضْرا مقمعا ومنع تجوّل و شيطنة وتدليس صناديق وحملات إعلامية تشويهية وانقلابات.. لقد اعتَقَلت، ثمّ ساقت، اللّيبرالية المتوحّشة إبنتها الدّيمقراطية، إلى السّاحات، ثمّ ذبحتها على مشهد من النّاس .. وذهبت تحارب الأديان..