عاجل/ 4 فتيات يعتدين على تلميذة..وهذا ما قرره القضاء في حقهن..    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    وزيرة المالية: عودة الانتداب في سنة 2026 وتسوية آلاف الوضعيات الوظيفية    ترامب يخرج على البروتوكول ويسأل الشرع عن عدد زوجاته لتقديم الهدايا لهن    ترامب يوقّع قانونا ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا    وزير الفلاحة يؤكّد الالتزام بمزيد دعم قطاع الغابات وإرساء منظومة حماية متكاملة    النائبة فاطمة المسدي تكشف عن شكاية رفعتها ضد نائبة بتهمة تلقي أموال لتوطين مهاجرين غير نظاميين    كيف تطورت أزمة مقاتلي حماس العالقين في رفح؟    مرصعة بالذهب الأبيض.. كم يبلغ سعر ساعة كريستيانو رونالدو الخرافية؟ (صور)    الإحتفاظ بأربع فتيات سلبن تلميذة وعنّفنها حدّ الإغماء    صفاقس: اتحاد الأعراف يحمّل إتحاد الشغل مسؤولية ما قد يترتب عن أي إضراب غير قانوني    عاجل/ إيداع شكاية لدى محكمة الاستئناف بتونس حول تعرض جوهر بن مبارك "لجريمة تعذيب"…    عاجل: ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض: وفاء محجوب تهدي تونس ميدالية فضية في الكاراتي    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    في ذكرى وفاة عبد القادر بن الحاج عامر الخبو    أولا وأخيرا .. على أكل الحشيش نعيش    في بيت الرواية بمدينة الثقافة .. .جلسة أدبية حول «تعالق الشعر بالسرد»    بنزرت: يوم إعلامي حول السّجل الوطني للمؤسسات    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    أنس بن سعيد تتألّق في "ذو فويس" وتعيد للأغنية التونسية بريقها    استماعات بخصوص مشروع قانون المالية    قبلي: عملية بيضاء لرفع جاهزية فرق الحماية المدنية في مجابهة حوادث المرور    الليلة: سحب قليلة والحرارة بين 10 درجات و15 درجة    العجز التجاري لتونس يبلغ 18,435.8 مليون دينار مع موفى أكتوبر 2025    وزير الدفاع يلتقي قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا    الرئيس الجزائري يوافق على طلب نظيره الألماني بالعفو عن الكاتب بوعلام صنصال    مشروع السدّ يتحرّك: مفاوضات جديدة لإنهاء ملف انتزاع الأراضي بجندوبة!    كاس افريقيا للامم لكرة اليد - المنتخب التونسي في المستوى الاول    عاجل/ صدور أحكام سجنية في قضية هجوم أكودة الارهابي    مباراة تونس وموريتانيا الودية : وقتاش و القناة الناقلة ؟    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    عاجل: 8 سنين حبس لفتاة تروّج في المخدّرات قدّام مدرسة في الجبل الأحمر!    الترجي الرياضي: توغاي يعود إلى تونس.. ورحة بأيام ل"بن سعيد"    انطلاق معرض الموبيليا بمركز المعارض بالشرقية الجمعة 14 نوفمبر 2025    النجم الساحلي: زبير بية يكشف عن أسباب الإستقالة.. ويتوجه برسالة إلى الأحباء    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي بمصر من 27 الى 30 نوفمبر بخمسة عناصر    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    قفصة: وفاة مساعد سائق في حادث جنوح قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    تحب تسهّل معاملاتك مع الديوانة؟ شوف الحل    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضَياع بوصلة الأمة بين الإمام الذهبي والنَسائي
نشر في الحوار نت يوم 01 - 06 - 2014

الحقُّ أَحَقُّ أن يُتَّبَع من غيره، ويُعرفُ الرجالُ بالحقِّ ولا يُعرفُ الحقُّ بالرجال.....

أريد أن أذكر إخواني بأن ما أنشره هو عبارة عن محاولات من عبد ضعيف يسعى للوصول إلى الحقيقة الربانية بعيداً عن أي تمذهب أو تحزب أو طائفية، لأن الله قد بَرَأَ رسوله الكريم من هؤلاء جميعاً حين أصدر إليه حكمه بقوله: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" إنها براءة من الرسول الأعظم من كل من فرق دينه ويكفي بهذا ضلال مبين. وأما الجدل البيزنطي في موضوع أي الطوائف أو الفرق على الحق، فذاك علمه عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ولا ينازعه فيه أحد من العالمين والآية واضحة وبسيطة..

وإذا رغبنا جادّين في البحث للوصول إلى أسباب انحطاط هذه الأمة بعد أن كانت خير أمة اُخرجت للناس، يَتَحَتَّم علينا العودة إلى نقطة الإنحراف، إن لم يكن إلى نقطة "بداية" الانحراف أو الانعطاف، ومُحاولة تصحيح أو تدارك تلك الأخطاء التي أدت إلى النتيجة "الحتمية" الحالية والوضع المزري والمُذِل للأمة.......

وردت آية في القرآن الكريم اشترك فيها وفي "معناها" جميع الأمم والأقوام التي جاءها نذير وبالتالي تشملنا كذلك، وهذه الآية ستبقى مستمرة إلى يوم الدين، بمعنى أو بآخر.. شكلاً أو مضموناً. إنها رَدُّ المُعرضين عن الرسل بثباتهم على ما وجدوا عليه آباءهم. ومن أعظم هذه الآيات والتي تُثبت استمرارية الحدث بديمومة الحياة، هي الآية 104 من سورة المائدة:
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ"
والآباء هنا لها معان متعددة وكثيرة ولكن نكتفي بالمعنى الظاهر العام هم "الوالدان والأجداد فالأسرة والمجتمع والبيئة".
وأحد معانيها المجازية أو تأويلاتها "السَلَفُ" بكل طوائفه ومراكزه ووظائفه، وعلى رأس هؤلاء العلماء والسلاطين (الدين والسياسة) لأن المُتَنَفِّذ والقوي هو الذي يكتب التاريخ على مقاسه وبما يخدم مصالحه ويضمن استمراريتها. وبما أن مصيبة هذه الأمة في جعل "الدين في خدمة السياسة" وليس العكس، فإننا سنناقش الموضوع من هذه الزاوية والنقطة الهامة.
فلا يخفى على عاقل في هذا الزمان قيمة السلطة والنفوذ والمال في توجيه بوصلة الدين من خلال الإعلام، وهذا ليس جديداً أو وليد العصر، لأننا بتتبع حلقاته سيُعيدنا إلى نقطة بداية الانعطاف في مسار هذه الأمة، حيث تم استخدام الثالوث الجهنمي من قبل بني أمية لتحريف هذا الدين ووضعه كأداة في خدمة السلاطين والعروش. هذا المثلث هو "السلطة، المال، الإعلام".....
لن يناقشنا أحد في امتلاك بني أمية للعنصرين الأساسيين السلطة والمال، وبالتالي وجدوا أنفسهم بحاجة إلى إعلام لنشر دين سُلبت منه جميع أركانه التي قام عليها وبُعث من أجلها الرُسل وخَتَمَ بها وأرساها إلى يوم الدين حبيبنا محمد عليه وآله الصلاة والسلام، على رأسها العدل، فالشهادة لله ولو على النفس أو الأقربين، ثم الرحمة والرأفة....
بدأت الآلة الإعلامية الأموية باللجوء إلى رواة حديث الرسول عليه وآله السلام، ثم استغلال بعضهم ممن ضعفت نفوسهم، لكتم أحاديث، حدَّث بها الحبيب وحَذَّرَ بها الأمة، لخدمة السلطة والسياسة ثم أصبح "ميزان العدالة" في الدين والعلم والنفس هو الولاء لمعاوية والملوك من بعده، ومن شذ عن ذلك واتبع عليّاً وولده كان مطعوناً فيه، ولو بخرم إبرة، هذا في حال أثبت ذاته وفرَضَ مكانته العلمية.
أي أن "المعيار" الرئيسي والأساسي هو اتباع السلطان من عدمه، وهذا عكس ما أقره الله ورسوله تماماً، فإن العالِم الذي يوضع في خدمة السطان مُتَّهّمٌ في "دينه" فما بالك بما تبقى من صفات وسجايا، فكيف ينقلب الميزان وتختل المعايير لتؤسس لأمر نقيض لما أنزل الله؟؟؟!!!
وأحد الأدلة على ما نقول، وهي بالآلاف، ما أورده الإمام الذهبي في سِيَرْ أعلام النبلاء، عند ترجمته للإمام "النسائي" رحمه الله وغفر له، سوف أنقلها بالحرف الواحد لتكون "تذكرة" لكل ذي لب، يسعى للبحث عن الحقيقة المُنجية من عذاب الجحيم، يوم لا ينفع زعيم ولا رئيس ولا عالم ولا شيخ ولازعيم طائفة ولا إمام مذهب، إلا من أتى اللهَ بقلب سليم، وثبت على الصراط المستقيم، حيث الحبيب واقف ليطلع على أمته.
يقول الذهبي: (ولم يكن أحدٌ في رأس الثلاث مئة "أحفَظْ" من النسائي، هو "أَحذَقُ بالحديث وعِلَلِه ورجاله" من "مُسلم" ومن "أبي داوود" ومن "أبي عيسى"، وهو "جارٍ في مضمار" "البخاري" و "أبي زُرعة"، إلا أن فيه قليل "تَشَيُّع" و"انحراف" عن "خصوم" الإمام عليّ، كمُعاوية وعمرو بن العاص، والله يُسامِحُهُ!!!!!!)
ويقول الذهبي في الجزء الرابع عشر من السير عن النسائي: (الإمام الحافظ الثبت، "شيخ الإسلام" ناقد الحديث).
قبل أن ندخل في تحليل هذا التصريح الخطير والمعيار المُخزي والفاسد يتوجبُ علينا تقديم توضيح بسيط حول المقصود من كلمة "تشَيُّع" في ذلك العصر وبقلم الحافظ بن حجر العسقلاني في هدي الساري مقدمة فتح الباري، الجزء الثاني صفحة 1228 يقول ("التشيع" هو محبة عليّ بن أبي طالب وتَقديمه على الصحابة، ومن قَدَّمَهُ على الشيخين أبي بكر وعمر، فهو غالٍ في تَشَيُعه ويُطلقُ عليه رافضي).

ثلاث شهادات في مطلع ترجمة الذهبي تَضَعن النسائي في قمة هرم المُحَدِّثين؛ أولاً اعتراف صريح من الإمام الذهبي بأن الإمام النسائي هو "أحفظ" أقرانه في رأس الثلاث مئة، إذا هو في المقدمة من هذا الجانب الأساسي لدى المُحَدِّثين، و"أحذَقُ" بالحديث وعلله ورجاله من "مسلم" وهذا وحده يكفي ليبقى في القمة، ثم في الأخير يقول الذهبي أن الإمام النسائي "جار" في مضمار "البخاري" إذا فلا يزال في القمة، وإن شريكاً، فما الذي دحرجه إذاً ليوضَعَ حيث هو الآن؟؟؟
الجواب يأتينا من الذهبي نفسه، حين يُبين لنا "عِلَّة" من وَصَفه قبل لحظات بالحاذق بالعلل التي جعلته يُزاح عن الريادة لينتقل إلى الصف الثاني أو الثالث أو الرابع بحسب المذاهب والأهواء، فيقول كان فيه "قليل" "تشيُّع" و"انحراف" عن خصوم عليّ كمعاوية وعمرو بن العاص!!!
لنُبَسِّطْ كلام الذهبي أكثر لتتضح الصورة لمن لا يزال يراها مُغبَّشة، ونقول: كان لدى النسائي عيب كبير جعله يفقد ريادته وسيادته في عالم الحديث وهو "قليل" من الحب يحمله بين جنبتيه لعليّ بن أبي طالب (على قول بن حجر العسقلاني)، وهذه بذاتها "الطّامّة الكبرى"، وأما "الصاخّة"، ولله المثل الأعلى، فقد كان فيه "إنحراف" عن "خصوم" الإمام عليّ كمعاوية وعمرو بن العاص، ولكن عمرو هنا إضافة غير ذات أهمية لأن الأصل هو معاوية وهذا ما سنثبته في خاتمة هذا المقال، فحتى عمرو بن العاص نفسه لم يسلم من معاوية!!!
ولما كان الإمام النسائي قد اقترف ذنباً يعلم الله أيُغفر له أم لا، فقد دعى له الإمام الذهبي بأن "يسامحه" الله على فعلته الشنيعة..
لن نناقش الموضوع من باب الرجال، لأن المقارنة غير واردة إطلاقاً، فالإمام عليّ بصُحبته، ناهيك عن قرابته و"تأخيته" لرسول الله صلى الله عليه وآله، من جنس، ومعاوية من جنس آخر، وإقرار هذا الأمر من عالم جليل وإمام عادل كالنسائي هوالذي تسبب في قتله.
ما يهمنا هنا "بوصلة الأمة" و"معاييرها" في تحديد الصالح من الطالح والحق من الباطل، والتجانس الذي تقوم عليه هذه المعايير التي من المفروض أن تكون مُستمدة من القرآن أولاً، ثم ما ثبتت صحته وأجمع عليه "المسلمون" وليس طائفة أو جماعة أو مذهب بعينه..
فإذا كان الإمام النسائي "أحفظ رجل" في ذاك القرن أو في رأسه، وأحذق مِن صاحِب "صحيح" مسلم وأعلم منه بالحديث وعلله ورجاله، ويجاري الإمام البخاري صاحب "الصحيح" الآخر، فمن أراد، عادلاً ومقسطاً، أن يطعن فيه أو يبرر سبب إزاحته عن القمة، عليه أن يبين أسباباً يعرفها أهل الحديث وطلاب العلم تَجعل من المحدث في درجات متفاوتة كالصدق والأمانة والتقوى وسلامة الذاكرة إلى ما هنالك نقاط أخرى، أما مجرد حبه "القليل" للإمام عليّ، الذي لم يختلف اثنان من البشر من جميع الطوائف والملل والنحل في أنه كان على الحق، كما لم يُنكر أكبر غلاة بني أمية بأن معاوية كان على الباطل، ففي أي ميزان وبأية معايير يُصبح حب الحق وبُغض الباطل ذنباً لا يُغتفر يستدعي الدعاء لصاحبة بالمسامحة؟؟؟؟ من رأى منكم إخساراً للميزان أوضح من هذا فليهدنا له وله منا خالص الدعاء!!!
وإذا أردنا أن نكون أكثر ميوعة وتهاوناً في أمر الله تجاه معاوية واكتفينا بمناقشة الموضوع من الناحية الدنيوية أو السياسية، فنقول بأن انحراف الإمام النسائي عن "السطان الجائر" هو جريمة عظمى تَطعن في علمه وتَسَيُّده لفَنِّهِ في عصره، واستمر ذلك عبر العصور ولدينا في عصرنا الحالي الكثير من النسخ المُطابقة والأفلام المُشابهة. فهل هناك تكريس أوضح من هذا للظلم والاستبداد، وإسكات كل صوتٍ معارضٍ أو مُحتج؟؟؟

إن خسارة الميزان وانقلاب المعايير رأساً على عقب هي إحدى النتائج الحتمية لتفرقة الدين، فيُصبح الحق ما والى الفرقة وخَدَمها سواء أتَوافق مع القرآن والسنة أو خالفهما، وهذا ما يُسمى ب"الهوى" ولذلك سمّاه الله، أي الهوى، إلها يُعبد من دونه، لأنه يُشرع لنفسه ولا مُشَرِّعَ إلا الله.. "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا"، وبالتالي فهو الضلال البعيد والخسران المبين، وما وضعنا وحالنا من ذاك ببعيد..

وكعادة الحكام الظلمة والمُستبدين من فرعون موسى إلى فراعنة العصر مروراً بفرعون أمة محمد عليه وآله السلام، عند عجزهم عن إستمالة الصوت المعارض الداعي إلى الحق والصراط المستقيم، أو عجزهم عن إسكاته، تأتي الخطوة الأخيرة وهي التخلص منه إلى الأبد، أليس ذاك ما عشناه ونعايشه يومياً منذ وعينا على هذه الدنيا؟؟ فتعالوا لنعود إلى الإمام النسائي وكيف كانت نهايته المؤلمة والمؤسفة والمُخزية في حق أمّة ادَّعت ولا تزال تَدَّعي أنها المقصودة بخير الأمم لمجرد قولها "لا إله إلا الله" ولمّا يَدخل الإيمان في قلبها..

يروي المؤرخون أن النسائي خرج من مصر إلى دمشق والمُنْحَرِفْ بها عن عليّ كثير، فصنف كتاب خصائص الإمام عليّ رجاء أن يهديهم الله عز وجل، فَسُئِلَ عن فضائل معاوية فقال: أي شيء أُخَرِّجْ؟! ما أعرف له من فضيلة إلاّ حديث: لا أشبَعَ الله بَطنَه!، وفي رواية: لا يرضى رأساً برأس حتى يُفَضَّل؟ فضربوه في الجامع على خصيتيه وداسوه حتى أُخرِج من الجامع، ثمّ حُمل إلى الرملة فمات، وفي رواية أخرى إلى مكة فمات فيها.
(تذكرة الحفاظ للذهبي ص699 ووفيات الأعيان لابن خلكان ج1 ص77 والمقفى الكبير للمقريزي ج1 ص402 والبداية والنهاية لابن كثير ج11 ص124، وغيرها كثير وكثير)

لا يُمكن لذي قلب سليم مهما كان دينه أومذهبه أو طائفته أن يُبرر هذه الوحشية وهذا الاستعباد في عالم الإنسانية، فما بالك في إطار دين محمد عليه وآله السلام!!
إن السلطة هي التي تُحدِّد الحقل المعرفي والإيديولوجي للفرقة أو الطائفة، وبالتالي يُصبح المعيار قائماً على مدى ولاء الشخص وانصهاره في هذه البوتقة، لا بناءً على ولائه للحق واتباعه، ومن هنا تم التأسيس للنظام الاستبدادي في العالم الإسلامي واستمر عبر العصور مع شذوذ قليل بين الحين والآخر، لحكام عدلوا أو حاولوا أن يعدلوا فكان مصيرهم القتل والاغتيال أو العزل والانقلاب، والتاريخ والواقع ثريّ بهذه النماذج والأمثلة.
ولما سبق وأن وضحنا كيف أن محاولة طمس الحق وإظهار الباطل لا بد أن يقود صاحبه إلى التناقض الصارخ والضلال المبين، نرى في الكثير من التراجم لأقطاب المُحدثين الذين يحملون في قلوبهم حباً للإمام عليّ، قَلَّ أو كَثُرْ، نرى في هذه التراجم ما يتناقض مع كلام الله، ويَجمَعُ ما لا يُمكنُ جَمعُه، مثل قولهم عن بعض المُحدثين: مُحدثٌ ثقة صدوق، رافضي خبيث!!!
كيف يُمكن أن يَجتمع الطيب والخبيث في الشخص نفسه والله سبحانه وتعالى يفرق بينها بصورة لا يُمكن معها التأويل أو التفسير:
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً "كَلِمَةً طَيِّبَةً" كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ "أَصْلُهَا ثَابِتٌ" وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء @ تُؤْتِي أُكُلَهَا "كُلَّ حِينٍ" بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
"وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ"

فأذا أردنا أن نُقيِّمَ هذا المُحدث بكتاب الله وكلامه أين يُمكننا تصنيفه؟ ضمن خانة الشجرة الطيبة "ثابتة الأصل" أم في خانة الشجرة الخبيثة التي "ليس لها قرار"!!!؟؟؟ لأن الاجتماع مستحيل والآية واضحة.....
فماذا ننتظر بربكم من أمة بوصلتها التناقض ومعيارها الهوى سوى الذُل والمَهانة والوَهن.
وختاماً أقول لسنا بالأمة التي يقصدها الله ورسوله في كلامهما، لأن المقصود بها كل من قال "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" صلى الله عليه وآله وسلم، ويُخطئ من يعتقد بأن "أهل السنة والجماعة" أو "الشيعة" أو "المتصوفة" أو "المعتزلة" أو.... كل منهم يُشكل الأمة المقصودة، بل تلك فرقٌ مذمومة في القرآن والسنة، وإن هي إلا أسماءٌ سميتموها "أنتم" و"آباؤكم" ما أنزل الله بها من سلطان.

ومَن يعتذر ويُبرر ويُرخص لمعاوية قتل خيّار الصحابة وقتال الإمام الحق، ومحاربة آل بيت النبي ومخالفة الله ورسوله، لا يحقُ له أبداً أن ينتقد أو يعارض ما يقوم به فراعنة اليوم من الحكام الظلمة، لأن الله سبحانه وتعالى لم يُرخص "للأنبياء والرسل" بأن يُزهقوا الأرواح ويطغوا في الأرض ويبغوا فيها الفساد، ناهيك عن الصحابة، فما بالك بالطلقاء!!!
أحمد محمد أبو نزهة
31/5/2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.