و الجواب عندي نعم، لقد انتهى ، ليس لأنه حصد 4 مقاعد في المجلس النيابي و هو في ذلك ليس أسوأ حال من الجمهوري و المحبة و التحالف و غيرهم من الأحزاب التي اختفت تماما من المشهد البرلماني كالمسار و المجد و التكتل و لكن لان الهدف الذي رسمه الحزب لنفسه منذ البداية قد تحقق و تجاوزته الأحداث و في كل الأحول فان المؤتمر من اجل الجمهورية لم يكن حزبا تقليديا أنشأ ليدوم و يبقى و لكن كان مؤقتا بغرض تحقيق وظيفة محددة . انتهى حزب المؤتمر من اجل الجمهورية لأنه أراد لنفسه أن يكون مؤتمرا و المؤتمر بطبيعته مهما طال لابد ان يأتي اليوم الذي يرفع فيه أشغاله. و انتهى لأنه منذ البداية ربط وجوده بتحقيق هدف الجمهورية و قد تحقق ذلك بشكل مدهش فمؤسس الحزب كان نفسه المعبر الذي من خلاله مرت الجمهورية و كان الفتيل الذي احترق من اجل تحقق التداول السلمي على السلطة. و بات من الأولى بالاهتمام اليوم هو حماية المسار الديمقراطي ، لاسيما و ان المؤسسات لم تستكمل بعد و المسار الانتقالي لم ينتهِ . من هذا المنطلق فان المرحلة القادمة تتطلب بروز حزب جديد – يمكن للمؤتمر أن يكون جزءا فيه، بل المبادر إلى جانب أحزاب أخرى على غرار التيار و حركة الشعب و التنمية و الإصلاح...، إذا ما استطاع التخلص من بعض الوجوه المثيرة للجدل و الخطابات غير الموفقة و المواقف المرتكبة و استطاعت بعض الأحزاب الأخرى التخلص من أنانيتها الضيقة و تصوراتها الظرفية و الارتجال المبالغ فيه، على ان يقوم هذا الحزب على اساس تحقيق الأهداف التالية : أولا : حماية المسار الديمقراطي الذي لم يستكمل بعد من الارتداد و الانتكاس. ثانيا : التعاطي مع الإسلاميين بوصفهم شركاء في الوطن و ليسو أعداء ينبغي إقصائهم. ثالثا : التعبير عن شريحة واسعة من الشعب التونسي التي لا تجد نفسها ممثلة في الأحزاب التجميعية وريثة الاستبداد و الفساد و الانتهازية و لا في حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية الفضفاضة التي تحاول أن تنتصر لتوجه على حساب توجهات فكرية أخرى ، كما لا تجد نفسها في الجبهة الشعبية القائمة بالأساس على معاداة الإسلاميين بل و معاداة الإسلام في حد ذاته و على الدفاع بشراسة عن الديكتاتوريات القومية و الدموية. رابعا : العمل على تحقيق إجراءات ثورية في المنظومة القانونية تضرب بقوة شبكات الفساد و الإفساد في كل القطاعات و تضع المسالة التعليمية و الصحية و القضائية في سلم أولويات الدولة . خامسا : الاعتماد على مرجعية حقوق الإنسان و الإسلام في مختلف أبعاده المتنوعة و المختلفة و على العدالة الاجتماعية و الاقتصاد التضامني كمقاربة إيديولوجية تقوم على أساسها الدولة . و لا شك عندي إن الساحة السياسية اليوم في اشد الحاجة إلى حزب جديد يحتل موقعه في المشهد السياسي بوصفه حزبا حقيقيا و ليس مجرد جمعية تريد أن تستثمر في السياسة و لا مجرد تيار قد لا يصمد أمام الأمواج العاتية و الرياح العاصفة و لا حركة لا ندري متى تتوقف ... و أنا اقترح أن يكون اسم هذا الحزب " بالحزب الديمقراطي ". و لعله ليس من الصدفة إن الساحة الحزبية بعد أربع سنوات تخلو - رغم تعدد الأحزاب التي قاربت عن المائتين - من حزب بهذا الاسم و كأن الأقدار تشاء أن يكون موعده الآن . و لكن الإشكال هو إن هذا الحزب متى اختار أن يعمل ضمن المنظومة السائدة (السيستام) فلن يستطيع أن يكون ثوريا و كل ادعاءً بالثورة سيكون بمثابة الدعوة إلى الانقلاب على الحكم و حتى رفض الدولة و متى اختار أن يعمل داخل المنظومة ، سيكون على الأرجح مثله مثل بقية الأحزاب الضعيفة و المبتذلة . أما إذا بقي خارج المنظومة فسيكون بوسعه القفز على كل الأحزاب و استقطاب شرائح واسعة من الغاضبين عن الحكومة و على الحكم و من ممارسة ضغط حقيقي على المنظومة السائدة و ممارسة العمل السياسي متحررا من كل القيود و الالتزامات و لكن سيسهل استهدافه و النيل منه و سيحرم من الضمانات التي يوفرها له القانون و الدستور . و لعل هذا ما يفسر التذبذب الذي حصل في استعمال عبارتي حركة أو حراك اثر الإعلان عن حركة/حراك شعب المواطنين. فكيف السبيل إذن للتوفيق بين هذين الخيارين ؟.