اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستُحدد لاحقًا وفق العرض والطلب    صور: رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى معتمدية الدهماني: التفاصيل    قيس سعيد يزور مطحنة أبة قصور بالدهماني ويتعهد بإصلاحها (صور + فيديو)    كيف سيكون طقس الجمعة 2 ماي؟    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة أمطار بهذه المناطق    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاة العشاء فى صيف أوربا
نشر في الحوار نت يوم 07 - 06 - 2015

حظيت مسألة وقت العشاء عند انعدام علامتها الشرعية أو اضطرابها أو تأخر وقتها في صيف أوربا باهتمام الفقهاء المعاصرين ومعهم علماء الفلك، وتواصلت الدراسات والبحوث منذ قرابة عام 1978م ، ويجد المسلمون فى أوربا حرجا كبيرا فى أداء الصلاة والعبادة فى فصل الصيف، ذلك لأنهم يعيشون فى بلد ومجتمع غير إسلامى لا تنظم الحياة والأعمال فيه وفق العبادة، والمشقة والحرج يقعان على مسلمى أوربا بوضوح خاصة فى تربية أبنائهم على العبادة والصلاة؛ فالأبناء اعتادوا على النوم الساعة الثامنة وصلاة المغرب التاسعة والنصف، يضاف إلى ذلك أن الوجود الإسلامى فى الغرب يشكل بوابة للتعريف بالإسلام، ولزاما علينا لهذا ان ننحاز إلى الاجتهاد الفقهى الذي ييسر على الناس حياتهم بالدين فى الغرب، وحفظ هويتهم وهوية أبنائهم والذي يقدم الإسلام بصورة أقرب إلى العقلية والشخصية الأوربية، ما دام هذا الاختيار الفقهى قد صح دليله، وكان اجتهادا فقهيا معتبرا، وإن لم يكن راجحا.
ويمكن تلخيص النازلة فى الآتى:
1- تنعدم العلامة الشرعية لصلاة العشاء –وهى غياب الشفق الأحمر آخر شعاع للشمس- في ألمانيا ابتداء من 18/5 وحتى 7/8 (على اختلاف فى المدن والمناطق تقديما وتأخيرا)، وهو ما فتح باب الاجتهاد أمام المجامع الفقهية والعلماء فى النازلة.
2- رأي أكثر الفقهاء المعاصرين أن الحل الفقهي لوقت صلاة العشاء عند انعدام علامتها هو التقدير لها، وقد اختلفوا في كيفية التقدير على أقوال: فمنهم من قدر على الفاصل الزمني بين وقت المغرب والعشاء في مكة، ومنهم من قدره قياسا على أقرب بلد تنضبط فيه العلامة، ومنهم من قال يوقت للعشاء حسب آخر يوم ظهرت فيه العلامة الشرعية في ذات البلد، ومنهم من قال: نقسم الليل إلى سبعة أسباع فنصلي العشاء بعد انتهاء السبع الأول من الليل، وغير ذلك من الأقوال في التقدير، لكن اللجنة المشكلة من طائفة من علماء الفلك في المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي رفضت كل هذه الاجتهادات المقدِّرة لوقت العشاء لكونها تتعارض مع الظواهر الفلكية وتوقع الحرج والمشقة على المسلمين.
وانتهت اللجنة إلى أن التقدير الذي يتوافق مع الظواهر الفلكية ويقلل المشقة والحرج على المسلمين هو القياس على خط عرض 45 ، فكل مدينة تخرج عن هذه الدرجة تعود في تقدير وقت العشاء إليها، وعليه وضعت مواقيت صلاة العشاء في التقويم الذي بين أيدينا، والذي يصل وقت العشاء فيه إلى منتصف الليل تقريبا.
3- تذهب بعض المساجد إلى أداء صلاة العشاء بعد المغرب بساعة أو ساعة ونصف، وهو اجتهاد ينتهى فى واقع الأمر إلى الجمع بفاصل كبير بين الصلاتين، على رأى من لم يشترط عدم الفصل بين الصلاتين فى الجمع، لأن هذا الشرط لا دليل عليه سوى اللغة.
4- الرأى الذى أرجحه وأفتى به هو الجمع بين المغرب والعشاء تقديما فى هذه الفترة تحديدا، وقد أخذت به عدة مساجد فى ألمانيا، وبريطانيا، وبلجيكا، وهولندا، وذلك لما يلى:
أولا: أن الجمع منصوص عليه ففى صحيح مسلم عن ابن عباس قال: صلّى رسول اللّه صلَّى الله عليه وسلَّم الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير: فسألت سعيداً :لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحداً من أُمّته.
وجه الدلالة من الحديث
إذا كانت الشريعة قد أباحت الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما دفعا للحرج ورفعا للمشقة مع العلم بالوقت أو كونه في الحد الطبيعي الذي لا يترتب عليه عنت أو مشقة للمسلم، فلأن يجوز الجمع في وقت إحداهما مع عدم معرفة الوقت أو تأخره تأخرا شديدا من باب أولى، وهذا هو ما يسمى عند الأصولييين بفحوى الخطاب أو القياس الجلى.
إشكال ودفعه في الاستدلال بالحديث (النبي صلى الله عليه وسلم جمع مرة واحدة ونحن سنجمع لثلاثة أشهر فهل خالفنا السنة)؟
لقد حدد ابن عباس في الحديث المذكور علة الجمع بقوله أراد أن لا يحرج أحدا من أمته، وقد قرر الأصوليون: أن من أقوى الطرق في معرفة سبب الفعل هو قول الصحابي؛ لأنه يري الفعل ويشاهد ما يحتف به من القرائن الدالة على سببه، وهو عدل عارف باللغة فالظاهر أن ما أخبر بسببيته هو السبب حقا. بل لا يبعد أن يكون سمع من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قولا يدل على السببية فنقل إلينا السبب ولم ينسبه إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ويحتمل أن الصحابي ظن ما ليس بسبب سببا ولكنه احتمال ضئيل لا يصح الذهاب إليه ما لم يتبين أن الصحابي في فهمه ذاك كان مخطئا.
ونحن أمام تعليل من صحابي معروف بالفقه مشهود له من النبي والصحابة، واقره على فهمه وتعليله باقي الصحابة بل مارسوا عمليا ما فهمه دون نكير من أحد فصار إجماعا على صحة تعليل ابن عباس لجمع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم برفع الحرج ودفع المشقة. إذا اتفقنا على صحة تعليل ابن عباس جمع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم برفع الحرج وهو ما ينطبق في حالتنا بقي التساؤل: نحن لا ننكر صحة الجمع إنما ننكر استمراريته وهو ما لم يفعله النبي ولا ابن عباس؟
الجواب: قال علماء الأصول إن عدم تكرار الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤثر في الحكم إذا كان له سبب، فإذا علم للفعل سبب ارتبط به، فكثر الفعل أو قل تبعا لكثرة وجود السبب أو قلته فالاقتداء به يكون عند ورود سببه فإن عمل النبي به قليلا مع معرفة سبب قلته فيعلم حكمه بذلك ومن أمثلته:
أ‌- صلاته قيام رمضان بالمسجد فإنه فعلها ثم تركها خشية أن تفرض فدل ذلك على مشروعية فعلها بالمسجد لزوال السبب ولا بأس بالإكثار منها فيه بل السنة المحافظة عليها في المساجد بدليل فعل الصحابة والتابعين.
ب‌- وفي " الموطأ " عن عائشة قالت:"ما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحة الضحى قط وإني لأسبحها وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" إذا النبي ما حافظ على صلاة الضحى ورغم ذلك حافظت السيدة عائشة عليها فقالت."لو نشر لي أبواي ما تركتها"
وعليه فلا يقدح في استمرار جمعنا أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يفعله إنما يقدح فيه جمعنا دون عذر أو حرج وهو موجود مؤكد بضياع العلامة، وتأخر الوقت، وتفويت مصالح العمل، وإزعاج الجيران غير المسلمين، والإرهاق البدني لقلة النوم، وأهم من كل ذلك تفويت صلاة العشاء أو إضاعتها من قبل البعض لتأخر وقتها، وكذا صلاة الصبح بعد خروج وقتها.
على أنه ينبغي أن يدرك أن الرخصة تبقى ما استمر سببها، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على قصر الصلاة ما دام مسافرا حتى يرجع إلى المدينة؟ ولو استمر المطر بالناس شهورا لبقيت لهم رخصة الجمع بين الصلاتين، ولو استمر بالمرأة حمل ورضاع سنين طويلة لبقيت لها رخصة الفطر في رمضان وهكذا الشأن في كل رخصة ما دام العذر قائما حتى يزول.
ثانيا: قوله تعالى: { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} الإسراء: 78
ذهب جمهور المفسرين إلى أن هذه الآية تشير إلى الصلوات المفروضة، قال ابن عمر وابن عباس وأبو بردة والحسن والجمهور: دلوك الشمس زوالها والإشارة إلى الظهر والعصر، وغسق الليل أشير به إلى المغرب والعشاء وقرآن الفجر أريد به صلاة الصبح، فالآية على هذا تعم جميع الصلوات، ثم جاءت السنة وثبتت وقتا محددا لكل صلاة ومنها العشاء، فإذا عدمت علامتها عدنا إلى مواقيت القرآن للعذر والحاجة أى أننا نعتبر دخول الليل وقتا للمغرب والعشاء، وهو شبيه بقول عائشة رضي الله عنها في عدد ركعات الصلوات: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيدت في صلاة الحضر . رواه البخارى ومسلم
فكما أن المسافر يعود في سفره إلى أصل الصلاة حين فرضت ركعتين للتخفيف ورفع الحرج، كذلك هنا نعود إلى أصل وقت المغرب والعشاء بدخول الليل رفعا للحرج لانعدام العلامة الشرعية.
ثالثاً: القياس على الجمع لأجل المطر
إذا كان القصد من الجمع بين الصلاتين لأجل المطر، هو عدم تفويت صلاة الجماعة فى الصلاة التالية؛ ولهذا شرط بعض الفقهاء استمرار الوحل إلى الصلاة التالية، فلأن يجوز الجمع فى نازلتنا لتمكين الناس من صلاة العشاء جماعة من باب أولى، فهل الأصعب أن أقصد المسجد فى منتصف الليل لشهرين أو يزيد، أم أن أعود إليه مع نزول المطر!
رابعاً: القول بالجمع محقق للمقاصد الكلية العامة والجزئية الخاصة
من مقاصد الشريعة في تحديد وقت الفجر والعشاء أن يبقي وقت كاف للنوم والراحة في الليل حتى يستطيع الإنسان القيام بواجباته في اليوم التالي فتحديد وقتي العشاء والفجر ينسجم مع الفطرة فالإنسان محتاج إلى النوم والراحة اليومية بمقدار 6 ساعات إلى ثماني ساعات وحلول الليل يوميا ليمنح له الوقت الأفضل للنوم والراحة والله تعالى وصف الاسلام كله بأنه دين الفطرة {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]
كما ينسجم مع مصالح الناس الذين يحتاجون إلى النوم والراحة في الليل حتى يتمنكوا من العمل في النهار وحتى يستطيعوا تأدية العبادة المفروضة عليهم، ولا يغنى عن النوم بالليل النوم بالنهار، وهو ما أكدته بحوث طبية مختلفة تنتهى إلى إصابة من يعملون بالليل وينامون بالنهار لفترات طويلة بأمراض مزمنة منها الاكتئاب، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 10، 11] وقال جل شأنه: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [النمل: 86]
وواضح أن القول بالجمع يتحقق معه هذا المقصد هذا أولا
ثانياً: الشريعة الإسلامية مبنية على التخفيف والتيسير ورفع الحرج قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وقال: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16]
فهذه الآيات وإن تعددت سياقاتها وتنوعت عباراتها تصب كلها في معنى مشترك هو أن الله تعالى لا يريد بتكاليفه عسرا ولا ضيقا ولا مشقة بل يريد اليسر والتخفيف والتوسعة وأما ما قد يتطلبه الالتزام ببعض أحكام الشريعة من كلفة وجهد وصبر وتحمل فإنما هو على العموم في متناول الناس ومعهودهم.
وبين كذلك أن هذا المقصد يتحقق مع القول بالجمع أكثر من التقدير سيما ونحن نعيش بين أظهر غير المسلمين الذين نتطلع إلى تعريفهم بالإسلام، ونؤكد لهم دائما أن العبادات في الإسلام لا مشقة ولا كلفة فيها وتتناغم مع ظروف وفطرة وحياة الإنسان وهو بعد لا يجب إغفاله عند الاختيار الفقهى.
خامساً: من مرجحات الجمع تمكين الناس من صلاة الجماعة لمدة ثلاثة أشهر
تكاد تخلو المساجد من المصلين في هذه الفترة في صلاتى العشاء والفجر وربما المغرب، باستثناء من لا يعمل من المصلين، بل إن البعض يصلى العشاء مع صلاة الصبح بعد وقتهما والبعض الآخر ينام عن صلاة العشاء ويكسل عنها، أو يتركها بالكلية، والقول بالجمع يمكن أعدادا كبيرة من الناس من صلاة الجماعة التي أولاها الشارع اهتماما كبيرا ولها مقاصد وأهداف كبرى تتجلى وتتضح في مجتمع المسلمين في الغرب خاصة في الجانب الاجتماعي.
لنتأمل هذه النصوص عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ. أخرجه البخاري، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ أخرجه مسلم
والقول بالتقدير يوقعنا في إشكال التوفيق بين هذه النصوص والنصوص السابقة المبينة لمعنى التخفيف ورفع الحرج، والقول بالجمع بين الصلاتين تقديما يعمل كل الأدلة، وإعمال الدليل أولى من إهماله.
سادساً: التجربة العملية ترجح الجمع
فإن المساجد التى تجمع يقصدها العدد الأكبر من الناس، وأعرف بعض المساجد التى تغلق تماما فى صلاة العشاء على الوقت المقدر؛ لأنه لا يصلى فيها أحد!
على أن القول الأقوى فى التقدير لا يقدر عليه أحد؛ لأنه يعنى أن صلاة العشاء تدخل بعد منتصف الليل بساعة وصلاة الفجر بعدها بساعة ونصف.
فلماذا نصير إلى قول مرجوح فى التقدير ترد عليه احتمالات كثيرة، ونترك الرأى المنصوص عليه الأرفق بالناس.
وأخيرا أقول: إن الخلاف في الفروع يجب أن يوحد المسلمين لا أن يفرقهم ويحدث الفتن بينهم، ولا يصح أن ينكر أحد على أحد فى الاختيار الفقهى الذي أخذ به، وحسبنا أنا اجتهدنا لرفع الحرج عن المسلمين مع الالتزام بما أمر الله ورسوله فإن أصبنا فذلك محض فضل الله، وإن أخطأنا فنستغفر الله وندعوه (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا). وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د/ خالد حنفي
عضو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.