أن يبلغك موت العبد المريض شيء، وأن يبلغك موت العبد الصحيح الشديد شيء آخر، لا ولن تستطيع أن تقدر الفارق بينهما، لأن الفارق لا ينتمي لعالم الحس، وإنما لعالم التجريد، عالم المشاعر والعواطف والأحاسيس، التي تتأبى على التقدير والتكييف، مهما ما حاولت فعل ذلك كتابة أو كلاما، هذا يا أخي، أنا وأنت والآخر، فكيف بوالديه، وزوجته، وأبنائه، وذويه. هكذا نزل علي خبر وفاة أخي الحبيب عبدالله الزواري، فلم أجد له في نفسي للوهلة الأولى هضما لهول الصدمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لقد فقدت الحركة والبلاد بترجله، فارسا لا ككل الفرسان، وأسدا لا ككل الأسود..آخيته في ساعة اليسر كما في ساعة العسر، فما وجدت فيه إلا ما يشدني إلى الأعلى : عزة، وشهامة، ورجولة، وصبرا، وبذلا، وعطاء، ونكرانا للذات، وانصهارا في المشروع.. أحب كل إخوانه، وأحبه كل إخوانه، لأنه زاهد في كل ما في يد الجميع... خصلتان عزيزتان لا تجدهما إلا عند العظام من الرجال، هما الجرأة في الصدع بكلمة الحق بدون حساب، و الإنضباط التام لقرار المؤسسات، وهما ما توفر عليهما الأخ الحبيب عبدالله عليه رضوان الله. ماذا عسانا أن نقول أخي الحبيب عبدالله إلا كما كان يقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم إن لله ما أعطى وله ما أخذ فلنصبر ولنحتسب وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. مصاب عظيم والله..