الثلاثاء والأربعاء: جلستان عامتان للنظر في 5 مشاريع قوانين    القيروان: إنتشال جثة مُسنّة سبعينية من ماجل (فيديو+صور)    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    سنية الدهماني تمثل اليوم أمام القضاء..    وزارة التشغيل تصدر بلاغا يهم المؤسسات الصغرى المتعثرة    عاجل/ بسبب أسعار الاضاحي: منظمة ارشاد المستهلك تدعو رئيس الدولة للتدخل..    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    سوريا تعلن الحداد 3 أيام على الرئيس الإيراني    مع نتنياهو وغالانت: بطاقة اعتقال دولية ضد هؤلاء القادة بحماس    'رئيسي' ليس الوحيد.. رؤساء حول العالم لقوا حتفهم بحوادث في الجو    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة الثامنة    علي معلول يخضع لعملية جراحية ناجحة.    كرة اليد: الهلالي يرفض تأجيل نهائي كأس كرة اليد ويحمل المسؤولية لجامعة كرة القدم    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة الحادية عشرة    إعطاء إشارة انطلاق عملية التعداد العام للسكان والسكنى بولاية بنزرت    جندوبة: هلاك تلميذين توفيا غرقا في بحيرتين..    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي    الحكومة تتطلع إلى الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    حاول سرقة محل تجاري بأسلحة بيضاء ...فوقع في قبضة أمن قرطاج    قبلي: الإطاحة بمروج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    ليلى عبد اللطيف توقّعت سقوط طائرة الرئيس الإيراني    قريبا: انخفاض في أسعار الدجاج والبيض    أنس جابر تحافظ على مركزها في التصنيف العالمي الجديد    هذه تأثيرات الأمطار الأخيرة على المراعي و الموارد المائية.. إتحاد الفلاحة يوضح    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    التجاري بنك يوقع اتفاقية شراكة استراتيجية لمدة 3 سنوات مع الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا..    إصابة معلول تُثير مخاوف «كولر»    فيديو وصور يوثّقان المشاهد الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    فقدان 23 تونسيا في سواحل قربة ما القصة ؟    عصابة الاستيلاء على الأراضي الاشتراكية بقبلي .. تعود من جديد والنيابة العمومية تضرب بقوة    سمير ماجول : ''القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد''    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    %70 معاملات في السوق الموازية.. قانون جديد لتنظيم التجارة الالكترونية    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    بداية من اليوم : إنطلاق تحيين السجل الإنتخابي للتونسيين المقيمين بالخارج    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    في رحلة "الموت" .. السيراليوني "حاجي" مهاجر كألف وألف في البحر (بورتريه)    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    من هو المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    المرصد الوطني للفلاحة: انخفاض أسعار الدجاج والبيض    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المال السياسي وخراب الدولة
نشر في الحوار نت يوم 10 - 08 - 2015

ليس هناك من شك أن المال يعد في وقتنا الحاضر من ضرورات الحياة بحيث تتمكن الدولة من تصريف أعمالها وتقديم خدماتها العديدة في أحسن الظروف ودفع أجور موظفيها وعملتها والاستثمار في شتى المجالات. كما يمكن المال الأفراد من العيش الكريم ومواجهة صروف الدهر وعلل الزمان وحاجيات العيال.
فالمال بالنسبة للدولة كالسائل الحيوي في جسم الانسان فبدونه يتوقف النبض وتضمحل الحياة وتنعدم وكذلك تتوقف دواليب الدولة عن العمل وتتجمد عجلة الاقتصاد ويحل الكساد والخراب بدونه. لكن السؤال الجوهري كيف يتم الحصول على المال وكيف يقع صرفه ؟
فالمال بالنسبة للدولة يتأتى أساسا عن طريق الجباية ثم الموارد الخاصة فالقروض أما بالنسبة للأفراد فيتم ذلك عن طريق العمل والمضاربات والقروض البنكية والمواريث والهبات.
وعملية الحصول على الأموال والقروض تخضع لميزانية ورقابة صارمة وكذلك عملية صرفه لكن الشفافية المالية غير متوفرة بالحد المطلوب حتى يعرف المواطن ما له وما عليه وقد تصعب عليه لغة الأرقام وكلام الخبراء في الشأن المالي والاقتصادي.
كما يصعب على الموطن البسيط تتبع مآل القروض والأموال المتحصل عليها وطرق صرفها وهل كانت خاضعة لمبدأ الحوكمة الرشيدة وقوانين تعظيم المنفعة العامة أم لا؟ فالأموال يمكن أن تذهب بجرة قلم إلى غير مستحقيها كما يمكن أن تستثمر في مشاريع لا جدوى ولا منفعة منها.
ولذلك فالمال بدون استعمالات هادفة ونافعة للمجموعة الوطنية يعد هدرا للموارد خاصة في ظل انتشار الفساد والتهريب والمحسوبية وضعف أداء الدولة من الناحية المؤسساتية.
وقد شاهدنا بأم العين أن المال السياسي كان له دور بارز في نتائج الانتخابات بجميع أصنافها والدليل على ذلك أن أحزابا تأسست بين عشية وضحاها برزت بصفة مفاجئة وحققت نتائج مبهرة وكذلك بروز أشخاص كانوا نكرة في المشهد السياسي وخاصة رجال الأعمال وأصحاب المهن الحرة حيث الكشف عن ثرواتهم وخضوعهم للأداء الجبائي الحقيقي محل شك وريبة ومن شبه الممنوعات والمحرمات.
وهكذا في ظل فترة المخاض والبحث عن مخرج توافقي كانت فيه التجاذبات شديدة الوقع والبلاد أبوابها مشرعة ونوافذها مفتوحة لكل الرياح فاستغل كل طرف لصالحه ما استطاع إليه سبيلا فتسرب المال السياسي المجهول المنشأ إلى البلاد وتم تبييض المليارات في فترة وجيزة دون أن يعلم أي أحد مصادره ومشروعيته.
فتم بناء الأحزاب والجمعيات والمنظمات على عجل لتدوير المال المتدفق من كل الجهات من أجل وضع قدم في الساحة السياسية والوصول إلى منطقة الحكم بسرعة البرق للتحكم في القرارات وتوجيه السياسات وخاصة الاقتصادية والمالية لأن الوعود بالاستثمارات ذهبت مع أدراج الرياح بعد الوصول إلى المبتغى المنشود ولم يتحقق أي شيء تقريبا على أرض الواقع.
فالدولة بقيت مواردها بائسة بفعل الاضرابات الشعبية بحكم أن جميع الوعود كانت كاذبة وتفصي أصحاب الأموال والمشاريع من دفع مستحقاتهم الضريبية فهرول الحكام الجدد إلى استجداء القروض الخارجية لتنصيب مريديهم في دواليب الدولة من أجل التحكم والسيطرة وعينهم على السلطة والانتخابات القادمة وتمكين أصحاب العفو المستعجل من التعويضات المجزية.
وهذه التصرفات التي كانت توجه الطبقة السياسية لم تكن منشغلة البتة بأهداف الثورة بل لتعظيم المنفعة الشخصية والحزبية ليس إلا مما نتج عنه صراعا مريرا وتكالبا على السلطة وتقاسم المغانم حتى كادت في فترة معينة أن تغرق السفينة بمن فيها.
وبهذا فقد كان المال السياسي هو عنوان المرحة بامتياز ولذلك فلم تحصد بلادنا إلا الحصرم والنتائج المخيبة للآمال في كل المجالات هي خير دليل على ما نقول ونحلل بحيث لم تقع استثمارات حقيقية في المجالات الانتاجية بل كل الاستثمارات كانت سياسية وذلك للتحكم في القرار السياسي والتحصين والتمكين.
فغالبية النخب السياسية الحاكمة الآن تنتمي إلى طبقة سياسية معينة وهي طبقة رجال الأعمال وأصحاب الأعمال الحرة الذين لم تكن لهم في زمن قريب علاقة وثيقة بالسياسة. ولذلك نجد هناك تداخلا فجا وتضاربا في المصالح بين الفعل السياسي العمومي والفعل الاقتصادي الخاص مما نتج عنه توجها معينا في السياسة الاقتصادية والاستثمارية للدولة نحو الليبرالية المتوحشة وتعظيم شأن الرأس المال المادي على حساب الرأس المال البشري.
وهذه السياسة الغير عادلة في ظل التهميش المتصاعد للطبقات الضعيفة والمتوسطة ومساعدة المتهربين من الأداءات المستحقة والمصالحة مع الفاسدين والناهبين للمال العام ستزيد الأوضاع تأزما والبلاد إفلاسا. فمن واجبات الدولة أن تعطي لكل حق حقة وتحاسب المذنبين مهما علا شأنهم ولا تنحاز لطبقة دون غيرها حتى تكون منصفة وعادلة فتحترمها الرعية فتعود لها هيبتها المفقودة.
وأزمة البلاد هي أزمة سببها المباشر المال السياسي المنفلت الموظف للاستحواذ على الدولة بالحيلة والنفوذ بحيث يتم شراء الذمم والأصوات وافتعال التجاذبات والتغطية على الفاسدين دون الاستثمار في المعرفة والاقتصاد الحقيقي المنتج للثروة والمدر للعمالة. فلا مناص للتخلص من هذه الآفة من سن ضوابط قانونية وقيمية رادعة تقنن حركية الأموال المشبوهة ومتابعة أصحابها وذلك بحصر الثروات والتثبت من مصادرها وجذورها.
وأهل الحكمة يعرفون دون شك أن المال إذا اختلط بالسياسة يفسدها لأن صاحب المال لا يفكر إلا في ربحية مشروعه أولا وأخيرا ولذلك يستعمل الإغراء المالي لتعظيم المنفعة الشخصية ولا يهمه في شيء الشأن العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.