ردا على دعوة رئيس هيئة القضاء العدلي الموجهة للمرصد التونسي لاستقلال القضاء لتقديم إثباتات حول ما صرح به عن وجود ضغوطات سياسية على عمل الهيئة، قال المرصد أنه يمتنع من الدخول في أيّ جدل علنيّ يمكن أن يؤدّي إلى تبادل الاتهامات ومخالفة التقاليد القضائية والمساس من اعتبار القضاء. كما أكد المرصد أنه يحتفظ لنفسه بالصيغ التي يراها مناسبة لكشف التفاصيل المرتبطة بالضغوطات السياسية التي تحدث عنها سابقا. ودعا المرصد التونسي لاستقلال القضاء في بيان له أمس ،الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إلى إعادة تقييم الحركة القضائية الأخيرة في ضوء الانتقادات الجدّية المثارة سواء من عموم القضاة أو الهياكل الممثلة لهم وغيرها من الجمعيات المعنية وذلك ترسيخا لممارسة تشاركيّة تعمل على ضمان مقومات استقلال القضاء وشفافية التعيينات القضائية. عبر مرصد القضاء أيضا عن استغرابه من التصريحات الموجهة من رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وعدد من أعضائها ضد المرصد التونسي لاستقلال القضاء ورئيسه ،و» إضفائهم الصبغة الشخصية على مسائل عامة تتعلق بحسن سير القضاء واحترام استقلاله زيادة على التلويح باتخاذ إجراءات قانونية..». ويأتي بيان مرصد القضاء على اثر الندوة الصحفية التي عقدتها هيئة القضاء العدلي خلال الأسبوع الفارط لتقديم توضحياتها حول الحركة القضائية الأخيرة والرد على ما أثير من جدل في الأوساط القضائية والهياكل الممثلة للقضاة ،حيث د دعا رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي خالد العياري رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني إلى تقديم إثباتات حول ما تحدث عنه من وجود ضغوطات مسلطة على الهيئة.واعتبر العياري تصريحات المرصد خطيرة وتتطلب توضيحا نافيا وجود ضغوطات على الهيئة من أية جهة كانت. الهيئة ترفض النقد وأشار نص البيان الصادر عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء إلى أن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي تنتهج منذ احداثها نفس الأسلوب في الردّ على منتقديها «..من ذلك تمسكها بخطاب مطلق ورفضها لكلّ انتقاد مهما كانمأتاه.والانتقاص من الأراء المخالفة..» في المقابل أعلن المرصد عن تمسكه بأهدافه التي أحدث من أجلها والرامية إلى إخضاع النظام القضائي بمختلف مكوناته ومؤسساته إلى رقابة المجتمع المدني وخصوصا كما ينص على ذلك الفصل الخامس من النظام الأساسي للمرصد : «رصد مختلف التهديدات والتأثيرات والضغوط والاعتداءات والانتهاكات مهما كان مصدرها الموجهة ضدّ المحاكم والهيئات والمؤسسات القضائية والملحقين القضائيين والقضاة عند أدائهم للعمل القضائي أو خارجه». ويعتبر المرصد أن متابعة عمل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي يندرج صلب الأهداف العامة والمعلنة للمرصد التونسي لاستقلال القضاء.. «كجمعية مستقلة غير حكومية تنأى بنفسها عن الأغراض الخاصة والخفية..» وفقا لنص البيان. كما ذكر المرصد في السياق ذاته أنه سعى منذ إنشاء الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إلى مراقبة أعمالها ورصد توجهاتها والعمل على توطيد استقلاليتها وخوض التحركات الداعمة لها فضلا عن إصدار التقارير والمواقف المتعلقة بإعداد الحركة القضائية ويضيف المرصد أن «..الملاحظات الأخيرة المتعلقة بالحركة القضائية لسنة 2015/2016 لا تخرج عن سياق التنبيه إلى الضغوطات الداخلية والخارجية التي تستهدف الهيئة اعتمادا على مصادر قضائية وغيرها بقصد ترسيخ الضمانات الضرورية لقضاء مستقل..» المرصد يتمسك بتصريحاته وجدد مرصد القضاء تمسّكه بأن إقرار نقلة السيدة رجاء الشواشي - دون الإعلام المسبق عن شغور وظيفتها كرئيسة للمحكمة الابتدائية بتونس يتضمّن مساسا بمقتضيات الشفافية وشروط الاستقلالية التي تستوجب احترام قائمة الشغورات الوظيفية والتقييم المهني النزيه للقاضي ومراعاة المعايير المعلنة لإعداد الحركة القضائية كالكفاءة والنزاهة، وهو ما ينسحب كذلك على عدد من الوضعيات الأخرى التي أثارت تساؤلات بعد إقرار الحركة القضائيةالأخيرة. وتمسك المرصد أيضا بما تضمّنه البيان الصادر عنه في 06 أوت 2015 وما ورد على لسان أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء بشأن الضغوطات السياسية التي أدّت إلى إزاحة رئيسة المحكمة الابتدائية بتونس وكذلك محاولة إقصاء وكيل الجمهورية لدى نفس المحكمة. كما يذكّر بما سبق التنبيه إليه من محاولة أحد وزراء العدل السابقين تنحية رئيسة المحكمة الابتدائية بنابل قصد تعويضها بأحد القضاة المقربين من وزير العدل وذلك بمناسبة النظر في الحركة القضائية لسنة 2013/2014 وهي من جملة الوقائع التي لم يقع البحث فيها أو التحقيق في ملابساتها إلى الآن. ولاحظ المرصد تناقض الهيئة بشأن قرارها المتعلق بإقالة رئيسة المحكمة الابتدائية بتونس وذلك بقولها « أنّ الأمر تمّ في نطاق سعي الهيئة إلى تحسين الأداء القضائي وأنّ استبدالها لم يكن بسبب التقصير أو الخلل في أدائها الوظيفي بلمقتضيات العمل استوجبت ذلك»وهو ما يتنافى مع معايير استقلال القضاء الواجب اعتمادها في إجراء الحركة القضائية. وعبر المرصد عن خيبة أمله من إقرار نقلة رئيسة المحكمة الابتدائية بتونس وعدم استجابة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إلى دعوة المرصد التونسي لاستقلال القضاء الرامية إلى مراجعة القرار المذكور ومراعاة الشفافية في إسناد الخطط الوظيفية