التونسية (تونس) أكد أمس احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء ان أعضاء المرصد سيخضعون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي إلى رقابة مشددة لأنها تخضع إلى حسابات ومصالح مضيقة وتعمل في ظل ضغوطات داخلية وخارجية ساهمت في الحد من نجاعتها واستقلاليتها» على حد قوله متهما وزير العدل الحالي بالتضييق والضغط على القضاة ومساومتهم لتنحيتهم وتنصيب القضاة المقربين منه على حدّ تعبيره. واقر الرحموني خلال الندوة التي نظمها المرصد التونسي لاستقلال القضاء بالعاصمة أن حركة القضاة المعدة من الهيئة الوقتية للقضاء العدلي والتي تم إعلانها بتاريخ 13 سبتمبر الجاري وما تضمنته من نقل وترقيات للرتب القضائية الثلاث ومن تسمية للملحقين القضائيين تعكس خضوع الهيئة إلى ضغوطات داخلية وخارجية على حد تعبيره معلقا « لقد سبق التنبيه إلى تلك الضغوطات منذ انعقاد أول اجتماع للهيئة بتاريخ 19 جويلية 2013 بمقر محكمة التعقيب بسبب تأخر السلطة التنفيذية في تخصيص مقر مستقل لها وهو ما يعكس بصفة جلية طبيعة التعامل السلبي مع هيئة ناشئة ممثلة للسلطة القضائية وقد أكدت الهيئة في بلاغها الأخير استمرار الصعوبات المادية رغم مكاتبتها لرئاسة الحكومة قصد تفعيل القانون الأساسي المحدث للهيئة بخصوص تمكينها من مقر خاص بها والعمل على توفير الحاجات المادية والإمكانيات البشرية التي يقتضيها سير عملها حسبما تولت ضبطه لجنة تركيز الهيئة , زد على ذلك فقد أشارت الهيئة إلى صعوبات الحصول على المعلومة او الاطلاع على المعلومات الخاصة بالمسار المهني للقضاة وذلك بسبب غياب منظومة معلوماتية محينة تتضمن معطيات عن جميع القضاة», و لاحظ الرحموني أن تركيبة الهيئة تضم في رئاستها وعضويتها خمسة من القضاة «الكبار» معينين بصفتهم هم الرئيس الأول لمحكمة التعقيب ووكيل الدولة العام لديها ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية بوزارة العدل والمتفقد العام بها ورئيس المحكمة العقارية مبينا أن وزارة العدل لم تحرص منذ بداية إنشاء الهيئة الوقتية للقضاء العدلي على مدها بيد المساعدة حسب قوله. وتابع قائلا « لقد رفضت وزارة العدل تمكين الهيئة من الملفات الشخصية للقضاة وبقية المعطيات الخاصة بأوضاعهم المهنية ويضاف إلى ذلك ما بلغ المرصد من تشكيات جدية من بعض القضاة تمت مساومتهم للتنحي عن وظائفهم تحت تأثير احد القضاة المعينين بالصفة ومثالنا في ذلك محاولة وزير العدل الحالي تنحية رئيسة المحكمة الابتدائية بنابل التي مورست عليها ضغوطات قصد تعويضها بأحد القضاة المقربين منه كما نشير إلى محاولات بعض الأطراف من الحكومة تعيين بعض رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب وذلك باقتراح أسماء على الهيئة خارج أي اختصاص». و أشار الرحموني إلى أن الحركة التي شملت جميع القضاة من الصنف العدلي قد استثنت على غير المعتاد في الحركات السابقة المعهد الأعلى للقضاء نظرا لتمسك وزارة العدل بان تكون التعيينات القضائية المتعلقة به من اقتراحها على حد قوله مبينا أن الهيئة اعتمدت في ترقية عدد من القضاة على مبدإ أساسي هو الترقية الآلية من رتبة إلى أخرى دون اعتماد المفاضلة بينهم طبق مقاييس الكفاءة الموضوعية من ذلك إقرارها ترسيم جميع المترشحين بالرتبة الثالثة وعددهم 133 وبالرتبة الثانية وعددهم 176 بجدول الكفاءة لسنة 2013 وترقية كل القضاة الذين قضوا 11 سنة فما فوق بالرتبة الأولى إلى الرتبة الثانية بصورة آلية وعددهم 83 قاضيا وترقية كل من قضى 7 سنوات فما فوق من العمل الفعلي في الرتبة الثانية الى الرتبة الثالثة بصورة آلية وهو ما أدى الى ترقيات جماعية تسببت في شغورات عامة بجميع المحاكم واختلال في عدد القضاة المنتسبين إلى كل رتبة وتسمية قضاة من الرتبتين الثانية والثالثة في مختلف المحاكم الابتدائية والاستئنافية دون وظائف تتوافق مع مستوياتهم حسب تعبيره. القضاء والإرهاب من جهته تحدث عمر الوسلاتي، قاض وعضو الهيئة المديرة للمرصد التونسي لاستقلال القضاء عن دور القضاء في مجابهة الإرهاب داعيا إلى توفير الضمانات القانونية لدعم استقلال القضاء طبق المعايير الدولية وذلك بفصل النيابة العمومية عن السلطة التنفيذية الممثلة في وزير العدل وتنقيح أحكام مجلة الإجراءات الجزائية مشددا على ضرورة إلغاء القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وعلى سن قانون يجرم الأعمال الموصوفة بالإرهابية ووضع الأحكام الزاجرة مع ضمان السلامة الجسدية للمتهم وحقه في الدفاع. كما طالب القاضي عمر الوسلاتي بضرورة الكف عن ممارسة الضغوط المباشرة وغير المباشرة على القضاة من قبل الأفراد أو الجماعات أثناء نشر القضايا الإرهابية لما يترتب عن ذلك من تأثيرات تخل باستقلال القضاء وإلى عدم التدخل في صلاحيات السلطة القضائية مضيفا « وجب العمل على إيجاد الإطار القضائي المتخصص في الجرائم الإرهابية سواء في مستوى أعضاء النيابة العمومية أو في مستوى قضاة التحقيق أو في مستوى القضاء المجلسي والعمل على تدريبهم وتكوينهم بصفة دورية ومنتظمة كما وجب تعزيز دور النيابة العمومية في تتبع الجريمة الإرهابية والكشف عن مرتكبيها وضبطهم وتقديمهم للمحاكمة وإيجاد جهاز للشرطة العدلية تحت الإشراف المباشر للقضاء تدعيما لاستقلاليته إضافة إلى ذلك وجب تمكين قضاة التحقيق من ممارسة سلطة وظيفية حقيقية على مصالح الضابطة العدلية ورجال الأمن التابعين لها ضمانا لنجاعة الأبحاث واستقلال القضاة المكلفين بها». و دعا عضو المرصد إلى إحداث غرفة مختصة بكل محكمة ابتدائية تختص بالنظر في ملائمة إحالة القضايا على مكاتب التحقيق أو الإذن بأبحاث تكميلية وإلى تزويد مكاتب التحقيق المتعهدة بالقضايا الإرهابية بقاعدة بيانات تسمح بالاطلاع الحيني على السجل العدلي للمظنون فيهم مع كفالة الحق في حماية المعطيات الشخصية وتوفير حماية قانونية للشهود أثناء إدلائهم بإفاداتهم في القضايا الإرهابية دون المساس بحق المتهم في مكافحة الشاهد طبق ضمانات حق المواجهة على حد تعبيره.